الدلالة الأولى على وجود الخالق: وهي دلالة الحوادث على وجود الله وأنها دلالة حسية عقلية فقط. حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمّد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
سبق أن المؤلف رحمه استدل على وجود الخالق بالحوادث، وقال: " دلت على وجوده الحوادث " ولا شك أن وجود الحوادث دليل على المحدث، لأنه ما من حادث إلا وله محدث، لقوله تعالى: (( أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون ))، فكل حادث لا بد له من محدث.
والحقيقة أن دلالة الحوادث على المحدث دلالة حسية عقلية، أما كونها حسية فلأنها مشاهدة بالحس، وأما كونها عقلية فلأن العقل يدل على أن كل حادث لا بد له من محدث.
ولهذا سئل أعرابي بم عرفت ربّك؟ فقال: " الأثر يدل على المسير، والبعرة تدل على البعير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، ألا تدل على السميع البصير " الجواب: بلى، هذا أعرابي استدل بعقله الفطري على أن هذه الحوادث العظيمة تدل على خالق عظيم عزّ وجلّ هو السميع البصير.
فالحوادث دليل على وجود المحدث، ثم كل حادث منها يدل على صفة غير الوجود، على صفة مناسبة غير الوجود، فنزول المطر يدل لا شك على وجود الخالق ويدل على رحمته، وهذه دلالة غير الدلالة على الوجود، وجود الجدب والخوف والحروب تدل على وجود الخالق ولا لا؟ وتدل على أمر ثانٍ وهو غضب الله عزّ وجلّ وانتقامه.
فكل حادث فله دلالتان، دلالة كلية عامة تشترك فيها كل الحوادث، وهي أيش؟ وهي وجود الخالق وجود المحدث، ودلالة خاصة في كل حادث بما يختص به كدلالة الغيث على الرحمة، ودلالة الجدب على الغضب، وهكذا.