هل قول الصحابي حجة ؟ وتعظيم أقوال السلف والتماس العذر لهم في حال الخطأ (الكلام على مسألة الزيادة على إحدى عشرة ركعة في قيام رمضان). حفظ
الشيخ : أن هذا لا يقال لأنه ليس فيه حديث عن الرسول. قول الصحابي خير من قولك. أنا لا أقول عيّن هذا القول، لكن أقول لا تنكر هذا القول، لأن الإنكار يحتاج إلى دليل، وقول الصحابي إذا لم يخالف الدليل دليل على قاعدة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وعلى ظاهر الأدلة العامّة ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ).
فالمهم أنني أحثّكم بارك الله فيكم على الحذر من هؤلاء وطريقتهم الذين لا يقيمون وزنا للسلف الصالح ولا يحترمونهم ويعدّون القول منهم كقول السوقة من الناس اليوم، فإن الواجب أن نحترم أقوالهم، وإذا رأيناها مخالفة للدليل نطلب لهم أيش؟
الطالب : العذر.
الشيخ : العذر، ونقول لعله لم يبلغه، لعلّه تأوّل، ولهذا الصحابة رضي الله عنهم علموا أن عثمان بإتمامه الصلاة في منى ليس على صواب، وهم مع ذلك ما شنّعوا عليه وما انفصلوا عنه في الصلاة، بل أتمّوا الصلاة.
من هذا الطراز أنا الحقيقة لو ضيّعت عليكم الدرس لكن هذا مفيد، من هذا الطراز أننا رأينا في المسجد الحرام أقواما إذا صلوا خمس تسليمات انصرفوا، لماذا؟ قال لأن هذا مبتدع، هذا الإمام مبتدع، السبب؟ قال قالت عائشة رضي الله عنها: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة ) إذن فما زاد على ذلك فهو بدعة، وكأنه نسي أن الذي كان لا يزيد على إحدى عشرة ركعة قال حين سأله السائل عن صلاة الليل، قال له: ( صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة ) ولم يحدّد ذلك بإيش؟
الطالب : بعدد.
الشيخ : بعدد، مع أن هذا السائل لا شك أنه يجهل العدد كما أنه يجهل الكيفية، ومع ذلك ما حدّد له الرسول عليه الصلاة والسلام، قال: ( إذا خشيت الصبخ ) لو أنت مصلي مائتي ركعة ( فصلّ ركعة توتر لك ما صليت )، ثم نسي أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: ( إنما جعل الإمام ليؤتمّ به ) وهذا إمام شرعي مجعول في المسجد الحرام أو المسجد النبوي أو غيره من المساجد، وكأنه نسي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ( من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ) لو كان نبينا عليه الصلاة والسلام قال: من زاد على إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة فلا تصلوا خلفه، لكان انصراف هذا الرجل على حق، لكن أنّى له ذلك، قال: ( من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ).
فأنا أحذّركم بارك الله فيكم من هؤلاء وطريقتهم، وأقول: إنه يجب علينا أن نحترم أقوال سلفنا الصالح، ولكننا لا نعتقد عصمتهم، بل نقول إن الخطأ جائز عليهم كما هو علينا أجوز، ولكن إذا رأينا خطأ بيّنا مخالفا للكتاب والسنة فإننا لا نقبله، ولكن نعتذر عن من علمنا حسن قصده حتى من بعد الصحابة، يعني في أئمة يخطؤون، في أتباع للأئمة لكنّهم أئمة في مذاهبهم يخطؤون، ولكن هل نتّخذ من هذا الخطأ الجفاء معهم والكلام الذي لا ينبغي؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، أبدا بل إذا أخطؤوا اعتذرنا عنهم، وقلنا والله نحن لا نتّبع إلا ما قام الدليل عليه، ولكن هؤلاء أخطؤوا وربما يكون لهم عذر، ومن قرأ كتاب شيخ الإسلام رحمه الله " رفع الملام عن الأئمة الأعلام " تبين له كيف يعامل الأئمة والعلماء، أما أن نستعزّ بأنفسنا ويرى الواحد منا كأنه رسول يوحى إليه فهذا خطأ عظيم.
والغالب أن هؤلاء يحرمون بركة العلم، ولا أعني ببركة العلم أن لا يكون عندهم علم واسع، قد يكون عندهم علم واسع، لكن يحرمون بركته من خشية الإنسان لربه عزّ وجلّ وإنابته إليه، والحقيقة أن العلم إذا لم يثمر خشية الله عزّ وجلّ والإنابة إليه والتعلق به سبحانه وتعالى واحترام المسلمين فإنه علم فاقد البركة، بل قد يختم لمن سلك هذا المسلك بخاتمة سيّئة، مثل ما علمنا أناسا علماء فطاحل لكنهم والعياذ بالله ختم لهم بسوء الخاتمة، لأنهم اعتزوا بأنفسهم وفخروا بأنفسهم وازدروا غيرهم، وهذا خطير جدّا نسأل الله أن يعافينا وإياكم منه، وأن يعافي بقيّة إخواننا المسلمين من ذلك.