معنى قوله:( فيعلم الواجب والمـحالا كـجائز في حقه تعالى ) بيان الواجب والمستحيل والجائز في حق الله وذكر الأمثلة على ذلك وهل هذه القسمة الثلاثية صحيحة ؟ حفظ
الشيخ : ثم قال المؤلف: " فيعلم الواجب " فيعلم يعني من جملة علم التوحيد أن به يعلم الواجب والمحال والجائز في حق الله تعالى، يعلم الواجب في حق الله، ويعلم المستحيل في حق الله، ويعلم الجائز في حق الله.
طيب، فالأقسام إذن ثلاثة: واجب، مستحيل، جائز. ويقال للواجب أحيانا اللازم، ويقال للمحال أحيانا الممنوع، ويقال للجائز الممكن، والمدار على المعنى، فما هو الواجب في حقّه؟ الواجب في حق الله تعالى ما لا يتصوّر عدمه بالنسبة إليه، كل شيء لا يتصوّر عدمه بالنسبة لله فهو واجب، فمثلا الحياة؟
الطالب : واجبة.
الشيخ : من الواجب، العلم من الواجب، القدرة من الواجب، القوة من الواجب، والأمثلة في هذا كثيرة، فكل ما لا يتصور عدمه فهو واجب.
طيب، المستحيل كل ما لا يتصور وجوده، الذي لا يتصور وجوده هو المستحيل، مثل: الموت والعجز والضعف والجهل والنسيان، وما أشبه ذلك، هذا ممتنع في حق الله عزّ وجلّ.
إذن ما هو الضابط في الأول والثاني؟ الضابط: كل كمال؟
الطالب : فهو واجب.
الشيخ : فهو من الواجب، كل نقص؟ فهو من الممتنع في حق الله عزّ وجلّ.
الجائز ما جاز وجوده وعدمه بالنسبة للخالق، مثل: النزول إلى السماء الدنيا، والاستواء على العرش وخلق شيء معيّن كخلق الذباب مثلا، خلق السماوات، خلق الأرض، هذا من الأمور الجائزة، لأنه يجوز أن لا يخلق الله هذا الشيء، ويجوز أن يخلقه، لو لم يخلقه لم يكن ذلك نقصا ولو خلقه لم يكن نقصا، الاستواء على العرش كذلك، النزول إلى السماء الدنيا كذلك من الأمور الجائزة.
فإذا قال قائل: إن إثبات الجائز ممنوع، لأنه إن كان وجوده كمالا كان عدمه نقصا، وإن كان عدمه كمالا كان وجوده نقصا، فلا يتصوّر شيء جائز في حقّ الله. انتبه لهذا المعنى، هذا مهمّ، يعني لو قال قائل: إثبات الجائز في حق الله تعالى غير صحيح لماذا؟ لأنه إن كان عدمه كمالا كان وجوده نقصا، وإن كان وجوده كمالا كان عدمه نقصا، وحينئذ لا بد أن يكون إما موجودا فيكون من الواجب، أو معدوما فيكون من المستحيل، أما أن تقولوا إنه جائز فلا يمكن.
جوابنا على هذا أن نقول: هو كمال في حال وجوده نقص في حال عدمه، إن كان من الموجودات، أو هو كمال في حال عدمه نقص في حال وجوده، واضح؟
فمثلا: إذا اقتضت الحكمة أن يوجد هذا الشيء فوجد صار كمالا، ووجوده قبل اقتضاء الحكمة وجوده نقص ولا لا؟ نقص، وإذا اقتضت الحكمة عدمه كان وجوده نقصا، كذا؟ ووجوده في حال اقتضاء الحكمة عدمه نقص نقص، فإذن نقول بهذا يمكن أن نقول إن هناك شيئا جائزا في حق الله، ويكون في حال اقتضاء الحكمة وجوده كمالا، ويكون في حال اقتضاء الحكمة عدمه هاه؟
الطالب : إذا وجد نقصا.
الشيخ : وجوده نقصا، يكون وجوده نقصا، أما عدمه فهو كمال.
طيب، نزول الله إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر في هذه الحال كمال، في غير هذه الحال لا يكون كمالا، لأن الله عزّ وجلّ اقتضت حكمته أن يكون نزوله في هذا الوقت فقط، ولو اقتضت الحكمة أن ينزل في غير هذا الوقت ولم ينزل كان عدم النزول نقصا وهذا شيء مستحيل في حق الله عزّ وجلّ.
فالحاصل الآن أنه لو أورد علينا إنسان إيرادا وقال: إن تقسيمكم الأشياء إلى ثلاثة: واجب ومستحيل وجائز، تقسيم غير صحيح، فالشيء إما واجب وإما مستحيل، أما فجائز فلا، لأنه إن كان وجوده كمالا وجب أن يكون موجودا دائما، إن كان عدمه كمالا وجب أن يكون معدوما دائما.
فنقول: هو كمال في حال وجوده إذا اقتضته الحكمة، وهو كمال في حال عدمه إذا اقتضت الحكمة عدمه، وحينئذ يصح هذا التقسيم.
نعم، قال: " كجائز في حقّه تعالى " مثلنا للواجب بماذا؟ بالحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر وأشياء كثيرة.
للممنوع؟ الموت والعجز والضّعف والجهل وما أشبه ذلك. الجائز؟ كالنزول إلى السماء الدنيا، وكذلك الاستواء على العرش، وكذلك الكلام باعتبار أفراده، فإن الله يجوز أن يتكلم بهذا وأن لا يتكلم به.