معنى قوله:( ولا نـرد ذاك بالـعـقـول لـقـول مـفـتـر به جـهـول ) هل المرجع في إثبات الصفات ونفيها هو العقل؟ والرد على من قال ذلك. حفظ
الشيخ : طيب (( الرحمن على العرش استوى )) كيف نطبّق على هذه القاعدة؟
الطالب : نثبت أن الله عز وجل مستوٍ على العرش بدون كيف.
الشيخ : أو نقرأ (( الرحمن على العرش استوى )) ولا نتعرّض لمعناها؟
الطالب : لا، المعنى معلوم، لكن الكيف مجهول.
الشيخ : من الذين يقرؤونه ولا يتعرّضون للمعنى؟
الطالب : المفوضّة.
الشيخ : هاه؟
الطالب : أهل التفويض.
الشيخ : أهل التفويض. طيب.
إذن نحن نقول: (( الرحمن على العرش استوى )) نمرّه كما جاء، وهو لفظ جاء لمعنى، ما هذا المعنى؟ هو أنه عزّ وجلّ علا على عرشه علوا يليق بجلاله وعظمته، لا نكيّفه ولا نمثّله، واضح؟ طيب. أثبت الله عزّ وجلّ عن نفسه أنه يجيء، فقال: (( وجاء ربّك والملك صفّا صفّا )) هاه؟
الطالب : نقول نثبتها ... أن الله سبحانه وتعالى ..
الشيخ : يجيء حقّا.
الطالب : مجيئا يليق به سبحانه وتعالى ولا نقول كيف، بل نثبت المعنى.
الشيخ : طيب. من الذين يقولون نقرأ (( وجاء ربّك )) ولا نتعرّض للمعنى؟
الطالب : أهل التفويض.
الشيخ : أهل التفويض، تمام.
طيب. قال المؤلف رحمه الله: " ولا نرد ذاك بالعقول " " ولا نرد ذاك " أي: ما جاءت به النّصوص من الآيات والأحاديث لا نردّه بالعقول، لا نردّه بالعقول، وإنما قال ذلك إشارة إلى قول من يقول إن المرجع في إثبات الصفات أو نفيها هو العقل، فما اقتضى العقل ثبوته أثبتناه، وما اقتضى العقل نفيه نفيناه، سواء كان موجودا في القرآن والسنة أم غير موجود، وما لا يقتضي العقل إثباته ولا نفيه فإما أن نتوقّف فيه، وإما أن ننفيه وأكثرهم نفى ذلك، فالأقسام عندهم ثلاثة، الأول: ما اقتضته العقول فيثبتونه سواء كان ثابتا في الكتاب والسنة أم لا. الثاني: ما اقتضى العقل نفيه أيش؟ فينفونه سواء كان ذلك موجودا في الكتاب والسنة أم لا. الثالث: ما لا يقتضي العقل إثباته ولا نفيه فانقسموا فيه إلى قسمين: قسم نفاه وهم الأكثر، وقسم توقّف فيه، وقال: لا نثبت ولا ننفي، لأن العقل لا يقتضي إثباته ولا نفيه، فالذين نفوه وهو الأكثر، قالوا: لأن العقل لم يدلّ عليه، وما لم يدل عليه الدليل فالواجب نفيه، والذين توقّفوا فيه قالوا: إن العقل لم يدل على نفيه ولم يدل على إثباته فالواجب التوقّف.
لكن كل هذه القاعدة قاعدة مبنية على شفا جرف هار، لأنها قاعدة تقتضي تقديم المعقول على المنقول، والعقل يقتضي تقديم المنقول على المعقول، وهذا من العجب أن يقولوا نحن نتبع العقل وهم يهدمون العقل بما يدّعونه عقلا.
العقل يقتضي أن هذه الأمور الغيبية نقتصر فيها على الخبر المجرّد، لأن العقل لا يمكن أن يتحكّم فيها أو يدركها، فكان مقتضى العقل الصريح أن أيش؟ أن يرجع فيها إلى النقل، خبر محض ما تدركه بعقلك، كيف ترجع إلى عقلك فيه؟ الآن إلى رجعت إلى عقلك بالنسبة إلى حال شخص من البشر، هل يمكن أن تحكم بعقلك على أحواله؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا يمكن، لكن إنما تعتمد في أحواله على ما نقله عن نفسه أو نُقل عنه بالخبر الصادق، أما أن تتحكم عليه بعقلك ما هو صحيح، كلّ له تصرّف يختص به، أنت ربما في بيتك أنك تقوم وتفطر وتروح إلى عملك، هو ما يقوم ولا يفطر، يروح إلى العمل قبل أن يفطر، أليس كذلك؟ يختلف عنك هذا وهو بشر، حاله قريبة من حالك، فكيف بالله عزّ وجلّ؟ كيف تحكم على الله بعقلك، والعقل يقتضي أن تعتمد في ذلك على أيش؟ على النقل، لأن هذا لا يثبت إلا بالخبر المحض، ولهذا نقول أنتم يا أصحاب العقول هدمتم العقول، لأنكم تقولون العقل يقتضي أن لا يوصف الله بذلك، وهو قد وصف به نفسه، وهو خبر، خبر عن أمر لا يدركه العقل فالواجب فيه الاعتماد على؟
الطالب : النقل.
الشيخ : النقل. تقولون: هذا ثابت لله والله لم يثبته لنفسه، هذا أيضا إثبات للعقل بما ينافي العقل، لأن الذي يقتضيه العقل أن ما لم يبلغك خبره في أمر غائب عنك أن أيش؟ أن تتوقّف فيه، أما أن تثبته مع نفي الله له فهذا زيادة في العدوان.