تتمة معنى قوله:( فـعقـدنـا الإثبات يا خليلي مـن غيـر تعطيـل ولا تـمثيـل ) حفظ
الشيخ : نفي ما نفاه عن نفسه.
الطالب : كالظلم.
الشيخ : كالظلم والجهل والغفلة والنسيان وما أشبه ذلك، ننفي ما نفاه الله عن نفسه، والعور أيضا، العور في العين، فننفي ما نفاه الله عن نفسه.
الثالث: ما لم يرد نفيه ولا إثباته يجب علينا أن نتوقّف فيه ما لم يتضمّن نقصا، فإن تضمّن نقصا محضا وجب ردّه وإن لم يرد نفيه، مثال ذلك فيما لم يرد إثباته ولا نفيه؟
الطالب : الجسم.
الشيخ : الجسم، لو قال لنا قائل: هل تقولون إن الله جسم؟ فالجواب: لا نقول إنه جسم، شف العبارة لا نقول إنه جسم، أو نقول إنه ليس بجسم، أيهما أصحّ؟
الطالب : الأول أصحّ.
الشيخ : هاه؟ يعني هل الصحيح نقول: ليس بجسم، أو الصحيح لا نقول إنه جسم، الثانية هي الصحيحة، يعني لا نقول إنه جسم، لأنك إذا قلت: نقول إنه ليس بجسم نفيت، يعني نفيت أنه جسم، أما إذا قلت لا نقول إنه جسم فقد نفيت القول بأنه جسم، وفرق بين النفيين، لأن الأول نقول إنه ليس بجسم حكم بانتفاء الجسمية عن الله، وهذا ليس عندنا علم فيه، والثاني لا نقول إنه جسم أيش؟
الطالب : ...
الشيخ : نفي للقول بذلك، ونعم نحن ننفي أن نقول بذلك لأننا لا نعلم. إذن الجسم نقول لا نثبته ولا ننفيه، لماذا؟ بسيط، لأن الله لم ينفه عن نفسه ولم يثبته، فإذا لم ينفه عن نفسه ولم يثبته فما لنا شغل نحن، نقف حيث وقف النص، ولكن نسأل عن المعنى المراد بالجسم، يعني اللفظ نتوقّف فيه، المعنى نسأل: ماذا تريد بالجسم؟ إن أردت بالجسم الشيء القائم بنفسه المتّصف بما يستحقّه من الصفات فهذا المعنى صحيح ولا خطأ؟
الطالب : صحيح.
الشيخ : صحيح، فإن الله تعالى شيء قائم بنفسه، متّصف بما يليق به من الصفات، يستوي ويأتي وينزل ويضحك ويفرح ويغضب ويرضى نؤمن بذلك.
وإن أردت بالجسم الشيء المركب من أجزاء يفتقر بعضها إلى بعض، ويجوز انفصال بعضها عن بعض كما في الأجسام المخلوقة، فهذا باطل ولا حق؟
الطالب : باطل.
الشيخ : هذا باطل، واضح؟ طيب.
كذلك أيضا الجهة، هل لله جهة؟ أو هل الله في جهة؟
الطالب : فيه تفصيل.
الشيخ : هذا نقول أما اللفظ فإننا نتوقف فيه، وما لنا وله، ولكن المعنى نستفصل: ماذا تريد بجهة أو في جهة؟ إن أردت أن الله تعالى في جهة تحيط به إحاطة الظرف بالمظروف فهذا ممتنع وباطل، وإن أردت بذلك جهة سفل ومخالطة للمخلوقات فهذا أيضا باطل ممتنع على الله، فليس الله في جهة السفل، وليس في جهة تحيط به إحاطة الظرف بالمظروف، وإن أردت أنه في جهة عليا عدمية لا تحيط به، ما ثم إلا الله عزّ وجلّ فهذا حق، والنبي عليه الصلاة والسلام أعلم الخلق بالله، قال للجارية: ( أين الله؟ قالت: في السماء ) فاستفهم بأين التي يستفهم بها عن المكان، والمرأة أجابت ب " في " الدالة على الظرفية، لكن الظرفية العدمية، يعني ما في شيء محيط بالله، ما ثمّ فوق المخلوقات إلا الله عزّ وجلّ. وفي خطبة يوم عرفة التي لم يشهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا المسلمون اجتماعا أكبر منها وأعظم منها في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام قال وهو يخطب الناس: ( ألا هل بلّغت؟ قالوا: نعم، فقال: اللهم اشهد، يشير إلى السماء وينكت بأصبعه إلى الناس. ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم -ففعلها مرة أخرى- ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم - ففعلها مرة ثالثة ) وش تعني هذه الإشارة؟ أن الله في جهة ولا لا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : أي جهة هي؟
الطالب : العلو.
الشيخ : العلو. إذن إذا أردت بذلك بالجهة جهة علوّ عدمية أي ليس فوق إلا الله وحده فهذا صحيح، لكن مع ذلك نظرا لكون البسطاء من الناس يفهمون من الجهة أنه في كل مكان مثلا نقول: لا تطلق أن الله في جهة أو في هذه الجهة، بل لا بد من التقييد على حسب التفصيل الذي ذكرنا.
طيب، الحيّز؟
الطالب : كذلك.
الشيخ : كذلك، اللفظ نتوقّف فيه، المعنى؟ نستفصل فإن أردت أن الله في حيّز يحيط به ويحوزه فهذا باطل وممتنع، لأن الله عزّ وجلّ لا يحيط به شيء من مخلوقاته، وإن أردت أنه منحاز عن المخلوقات بائن منها غير مختلط فيها ولا هي حالّة فيه فهذا حقّ.
طيب. قلنا في القسم الثالث الذي لم يرد نفيه ولا إثباته نتوقّف فيه إلا إذا تضمّن نقصا محضا، مثل لو قال لك قائل: هل لله أمعاء؟ وش تقول؟
الطالب : لا.
الشيخ : تقول لا أو تقول نتوقّف؟
الطالب : هذا نقص.
الشيخ : نقول لا، لأن الأمعاء إنما تكون للآكل، والله عزّ وجلّ يطعم ولا يطعم ولا يأكل، وقد يقول قائل: إن هناك دليلا من القرآن على أنه ليس له أمعاء، وهي الصمد.
لكن لو قال قائل: هل لله آلة تناسل مثلا؟ نسأل الله العافية، يعني لو قال قائل هذا، لأن أهل التعطيل يلجؤون أهل السنة بمثل هذه الافتراضات، وش نقول؟
الطالب : لا.
الشيخ : نقول لا ولا نتوقّف؟
الطالب : لا.
الشيخ : نقول لا، لأن هذه إنما يحتاج إليها من؟ يحتاج إلى الولد والله عزّ وجلّ (( لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد )) واضح؟ طيب. ذكرنا أن قول المؤلف " عقدنا الإثبات " فيه؟
الطالب : قصور.
الشيخ : قصور، لأن الواقع أن عقدنا إثبات ونفي وتوقّف، ولكن في باب النفي هل الله تعالى متّصف بصفات هي نفي محض؟ الجواب: لا، صفات الله سبحانه وتعالى المنفية متضمّنة لثبوت كمال، يجب أن نؤمن بأنها متضمّنة لثبوت كمال، لأنها يراد بها بيان كمال الصفة المضادة، فلا يظلم الله شيئا (( إن الله لا يظلم الناس شيئا )) لماذا؟ لكمال عدله، فهذا النفي إنما هو من أجل كمال الضدّ، قد يكون في الإنسان عدل، لكن يكون فيه أيضا ظلم، أليس كذلك؟ فيقال فلان عدل، لكن ظلم في القضية الفلانية، فلا ينتفي عنه الظلم، لكن الله عزّ وجلّ ينتفي عنه الظلم لماذا؟ لأن العدل لديه كامل، لا يمكن أن يرد في حفة الظلم لا في قليل ولا في كثير، انتفى الظلم عنه لكمال العدل في حقّه عزّ وجلّ.
لو قلت أنا أقول لا يظلم ولا أقول لكمال العدل، قلنا هذا ليس بصحيح، لأن صفات الله عزّ وجلّ كلها عليا، وظلم لا يتضمّن كمال العدل ليس من الصفات العليا، ولا لا؟ لأن الظلم إذا لم يكن لكمال العدل فقد يكون نقصا، وقد يكون لعدم القابلية فلا يمدح بنقص ولا كمال، نفي الظلم قد يكون نقصا، وقد يكون لعدم القابلية فلا يكون نقصا ولا مدحا، فإذا قلت: فلان رجل حبيب لا يظلم الناس، يضربونه يقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك! وأعني على الصبر! يأخذون ماله يقول: اللهم أغنني! يكسرون سيارته يقول: اللهم يسر لي من يصلّحها حتى لا تذهب إلى الفحص، وهكذا ليش؟ لأنه غير قادر ضعيف مرّة، ضعيف جدّا، بل يخاف إن تكلم أن يضرب زيادة، هل هذا يعتبر مدحا إذا قلنا إنه لا يظلم؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، ولهذا قال الشاعر: " قبيّلة لا يغدرون بذمّة *** ولا يظلمون الناس حبّة خردل " لو سمعت لا يغدرون بذمة ولا يظلمون الناس حبّة خردل قلت ما شاء الله هؤلاء ناس أهل وفاء وأهل عدل، لا يغدرون ولا يظلمون، لكن الواقع أنه يسبهم أنهم لا يقدرون على الغدر ولا على الظلم، وإلى زمن قريب أن البادية يرون أن الإنسان الشرير السروق الظالم يرون أنه هو الرجل، هو صاحب الشهامة، ولهذا بعضهم يقول لا نزوج هذا الرجل حتى يثبت أنه سرق أكثر من مرة!! لأنه هو الرجل.
طيب ويقول الشاعر أيضا: " لكن قومي وإن كانوا ذوي حسب *** ليسوا من الشر في شيء وإن هانا
يجزون من ظلم أهل الظلم مغفرة *** ومن إساءة أهل السوء إحسانا
فليت لي بهم قوما إذا ركبوا *** شنوا الإغارة فرسانا وركبانا " هذا الرجل يمدح قومه ولا لا؟
الطالب : ...
الشيخ : يذمّهم، ولهذا قال ليت لي بدلهم " فليت لي بهم قوما " إذن نفي الظلم أو نفي النقص لعدم القدرة عليه يعتبر نقصا، وقد يكون نفي النقص لأن المحل غير قابل له، لا لكمال المحل، ولكن لأنه غير قابل، كما لو قلت والله جدارنا لا يظلم الناس، جدارنا لا يظلم، سيارتي لا تظلم أحدا، هل يعتبر هذا مدحا؟
الطالب : لا.
الشيخ : ليش؟
الطالب : ... .
الشيخ : لأنه لا يقبل لا الظلم ولا العدل، طيب لو قلت بعيري لا تظلم؟
الطالب : ...
الشيخ : يمكن، لأن بعض الإبل يكون شريرا ولا لا؟ يكون شريرا يأكل الناس ويأكل أطعمتهم، ولهذا لما قالوا خلعت القصواء، ناقة النبي عليه الصلاة والسلام في صلح الحديبية، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( والله ما خلعت القصواء، وما ذاك لها بخلق ) فدل على نفي النقص عنها، لأنها كاملة، ما خلعت وليس لها بخلق وإنما حبسها حابس الفيل، والله أعلم.
الطالب : كالظلم.
الشيخ : كالظلم والجهل والغفلة والنسيان وما أشبه ذلك، ننفي ما نفاه الله عن نفسه، والعور أيضا، العور في العين، فننفي ما نفاه الله عن نفسه.
الثالث: ما لم يرد نفيه ولا إثباته يجب علينا أن نتوقّف فيه ما لم يتضمّن نقصا، فإن تضمّن نقصا محضا وجب ردّه وإن لم يرد نفيه، مثال ذلك فيما لم يرد إثباته ولا نفيه؟
الطالب : الجسم.
الشيخ : الجسم، لو قال لنا قائل: هل تقولون إن الله جسم؟ فالجواب: لا نقول إنه جسم، شف العبارة لا نقول إنه جسم، أو نقول إنه ليس بجسم، أيهما أصحّ؟
الطالب : الأول أصحّ.
الشيخ : هاه؟ يعني هل الصحيح نقول: ليس بجسم، أو الصحيح لا نقول إنه جسم، الثانية هي الصحيحة، يعني لا نقول إنه جسم، لأنك إذا قلت: نقول إنه ليس بجسم نفيت، يعني نفيت أنه جسم، أما إذا قلت لا نقول إنه جسم فقد نفيت القول بأنه جسم، وفرق بين النفيين، لأن الأول نقول إنه ليس بجسم حكم بانتفاء الجسمية عن الله، وهذا ليس عندنا علم فيه، والثاني لا نقول إنه جسم أيش؟
الطالب : ...
الشيخ : نفي للقول بذلك، ونعم نحن ننفي أن نقول بذلك لأننا لا نعلم. إذن الجسم نقول لا نثبته ولا ننفيه، لماذا؟ بسيط، لأن الله لم ينفه عن نفسه ولم يثبته، فإذا لم ينفه عن نفسه ولم يثبته فما لنا شغل نحن، نقف حيث وقف النص، ولكن نسأل عن المعنى المراد بالجسم، يعني اللفظ نتوقّف فيه، المعنى نسأل: ماذا تريد بالجسم؟ إن أردت بالجسم الشيء القائم بنفسه المتّصف بما يستحقّه من الصفات فهذا المعنى صحيح ولا خطأ؟
الطالب : صحيح.
الشيخ : صحيح، فإن الله تعالى شيء قائم بنفسه، متّصف بما يليق به من الصفات، يستوي ويأتي وينزل ويضحك ويفرح ويغضب ويرضى نؤمن بذلك.
وإن أردت بالجسم الشيء المركب من أجزاء يفتقر بعضها إلى بعض، ويجوز انفصال بعضها عن بعض كما في الأجسام المخلوقة، فهذا باطل ولا حق؟
الطالب : باطل.
الشيخ : هذا باطل، واضح؟ طيب.
كذلك أيضا الجهة، هل لله جهة؟ أو هل الله في جهة؟
الطالب : فيه تفصيل.
الشيخ : هذا نقول أما اللفظ فإننا نتوقف فيه، وما لنا وله، ولكن المعنى نستفصل: ماذا تريد بجهة أو في جهة؟ إن أردت أن الله تعالى في جهة تحيط به إحاطة الظرف بالمظروف فهذا ممتنع وباطل، وإن أردت بذلك جهة سفل ومخالطة للمخلوقات فهذا أيضا باطل ممتنع على الله، فليس الله في جهة السفل، وليس في جهة تحيط به إحاطة الظرف بالمظروف، وإن أردت أنه في جهة عليا عدمية لا تحيط به، ما ثم إلا الله عزّ وجلّ فهذا حق، والنبي عليه الصلاة والسلام أعلم الخلق بالله، قال للجارية: ( أين الله؟ قالت: في السماء ) فاستفهم بأين التي يستفهم بها عن المكان، والمرأة أجابت ب " في " الدالة على الظرفية، لكن الظرفية العدمية، يعني ما في شيء محيط بالله، ما ثمّ فوق المخلوقات إلا الله عزّ وجلّ. وفي خطبة يوم عرفة التي لم يشهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا المسلمون اجتماعا أكبر منها وأعظم منها في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام قال وهو يخطب الناس: ( ألا هل بلّغت؟ قالوا: نعم، فقال: اللهم اشهد، يشير إلى السماء وينكت بأصبعه إلى الناس. ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم -ففعلها مرة أخرى- ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم - ففعلها مرة ثالثة ) وش تعني هذه الإشارة؟ أن الله في جهة ولا لا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : أي جهة هي؟
الطالب : العلو.
الشيخ : العلو. إذن إذا أردت بذلك بالجهة جهة علوّ عدمية أي ليس فوق إلا الله وحده فهذا صحيح، لكن مع ذلك نظرا لكون البسطاء من الناس يفهمون من الجهة أنه في كل مكان مثلا نقول: لا تطلق أن الله في جهة أو في هذه الجهة، بل لا بد من التقييد على حسب التفصيل الذي ذكرنا.
طيب، الحيّز؟
الطالب : كذلك.
الشيخ : كذلك، اللفظ نتوقّف فيه، المعنى؟ نستفصل فإن أردت أن الله في حيّز يحيط به ويحوزه فهذا باطل وممتنع، لأن الله عزّ وجلّ لا يحيط به شيء من مخلوقاته، وإن أردت أنه منحاز عن المخلوقات بائن منها غير مختلط فيها ولا هي حالّة فيه فهذا حقّ.
طيب. قلنا في القسم الثالث الذي لم يرد نفيه ولا إثباته نتوقّف فيه إلا إذا تضمّن نقصا محضا، مثل لو قال لك قائل: هل لله أمعاء؟ وش تقول؟
الطالب : لا.
الشيخ : تقول لا أو تقول نتوقّف؟
الطالب : هذا نقص.
الشيخ : نقول لا، لأن الأمعاء إنما تكون للآكل، والله عزّ وجلّ يطعم ولا يطعم ولا يأكل، وقد يقول قائل: إن هناك دليلا من القرآن على أنه ليس له أمعاء، وهي الصمد.
لكن لو قال قائل: هل لله آلة تناسل مثلا؟ نسأل الله العافية، يعني لو قال قائل هذا، لأن أهل التعطيل يلجؤون أهل السنة بمثل هذه الافتراضات، وش نقول؟
الطالب : لا.
الشيخ : نقول لا ولا نتوقّف؟
الطالب : لا.
الشيخ : نقول لا، لأن هذه إنما يحتاج إليها من؟ يحتاج إلى الولد والله عزّ وجلّ (( لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد )) واضح؟ طيب. ذكرنا أن قول المؤلف " عقدنا الإثبات " فيه؟
الطالب : قصور.
الشيخ : قصور، لأن الواقع أن عقدنا إثبات ونفي وتوقّف، ولكن في باب النفي هل الله تعالى متّصف بصفات هي نفي محض؟ الجواب: لا، صفات الله سبحانه وتعالى المنفية متضمّنة لثبوت كمال، يجب أن نؤمن بأنها متضمّنة لثبوت كمال، لأنها يراد بها بيان كمال الصفة المضادة، فلا يظلم الله شيئا (( إن الله لا يظلم الناس شيئا )) لماذا؟ لكمال عدله، فهذا النفي إنما هو من أجل كمال الضدّ، قد يكون في الإنسان عدل، لكن يكون فيه أيضا ظلم، أليس كذلك؟ فيقال فلان عدل، لكن ظلم في القضية الفلانية، فلا ينتفي عنه الظلم، لكن الله عزّ وجلّ ينتفي عنه الظلم لماذا؟ لأن العدل لديه كامل، لا يمكن أن يرد في حفة الظلم لا في قليل ولا في كثير، انتفى الظلم عنه لكمال العدل في حقّه عزّ وجلّ.
لو قلت أنا أقول لا يظلم ولا أقول لكمال العدل، قلنا هذا ليس بصحيح، لأن صفات الله عزّ وجلّ كلها عليا، وظلم لا يتضمّن كمال العدل ليس من الصفات العليا، ولا لا؟ لأن الظلم إذا لم يكن لكمال العدل فقد يكون نقصا، وقد يكون لعدم القابلية فلا يمدح بنقص ولا كمال، نفي الظلم قد يكون نقصا، وقد يكون لعدم القابلية فلا يكون نقصا ولا مدحا، فإذا قلت: فلان رجل حبيب لا يظلم الناس، يضربونه يقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك! وأعني على الصبر! يأخذون ماله يقول: اللهم أغنني! يكسرون سيارته يقول: اللهم يسر لي من يصلّحها حتى لا تذهب إلى الفحص، وهكذا ليش؟ لأنه غير قادر ضعيف مرّة، ضعيف جدّا، بل يخاف إن تكلم أن يضرب زيادة، هل هذا يعتبر مدحا إذا قلنا إنه لا يظلم؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، ولهذا قال الشاعر: " قبيّلة لا يغدرون بذمّة *** ولا يظلمون الناس حبّة خردل " لو سمعت لا يغدرون بذمة ولا يظلمون الناس حبّة خردل قلت ما شاء الله هؤلاء ناس أهل وفاء وأهل عدل، لا يغدرون ولا يظلمون، لكن الواقع أنه يسبهم أنهم لا يقدرون على الغدر ولا على الظلم، وإلى زمن قريب أن البادية يرون أن الإنسان الشرير السروق الظالم يرون أنه هو الرجل، هو صاحب الشهامة، ولهذا بعضهم يقول لا نزوج هذا الرجل حتى يثبت أنه سرق أكثر من مرة!! لأنه هو الرجل.
طيب ويقول الشاعر أيضا: " لكن قومي وإن كانوا ذوي حسب *** ليسوا من الشر في شيء وإن هانا
يجزون من ظلم أهل الظلم مغفرة *** ومن إساءة أهل السوء إحسانا
فليت لي بهم قوما إذا ركبوا *** شنوا الإغارة فرسانا وركبانا " هذا الرجل يمدح قومه ولا لا؟
الطالب : ...
الشيخ : يذمّهم، ولهذا قال ليت لي بدلهم " فليت لي بهم قوما " إذن نفي الظلم أو نفي النقص لعدم القدرة عليه يعتبر نقصا، وقد يكون نفي النقص لأن المحل غير قابل له، لا لكمال المحل، ولكن لأنه غير قابل، كما لو قلت والله جدارنا لا يظلم الناس، جدارنا لا يظلم، سيارتي لا تظلم أحدا، هل يعتبر هذا مدحا؟
الطالب : لا.
الشيخ : ليش؟
الطالب : ... .
الشيخ : لأنه لا يقبل لا الظلم ولا العدل، طيب لو قلت بعيري لا تظلم؟
الطالب : ...
الشيخ : يمكن، لأن بعض الإبل يكون شريرا ولا لا؟ يكون شريرا يأكل الناس ويأكل أطعمتهم، ولهذا لما قالوا خلعت القصواء، ناقة النبي عليه الصلاة والسلام في صلح الحديبية، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( والله ما خلعت القصواء، وما ذاك لها بخلق ) فدل على نفي النقص عنها، لأنها كاملة، ما خلعت وليس لها بخلق وإنما حبسها حابس الفيل، والله أعلم.