معنى قوله:( وأن ما جـاء مع جبـريـل من مـحكـم القـرآن والتنـزيل ) وبيان أعمال جبريل وميكائيل وإسرافيل، وذكر الحكمة من افتتاح النبي صلى الله عليه وسلم صلاته في الليل بهؤلاء الملائكة الثلاث. حفظ
الشيخ : بس.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
لما ذكر المؤلف ما ذكر من صفات الله عز وجل، وهي الصفات التي اتفق عليها أهل السنة والأشاعرة، على خلاف بينهم في الإيمان بهذه الصفات، أي: في كيفية الإيمان بها، ذكر الكلام على القرآن الكريم، فقال: " وإن " ويجوز: " وأن "، " وإن ما جاء مع جبريل " أو " وأن ما جاء مع جبريل " عطفا على قوله: " بأنه واحد " يعني: ومن الواجب أن ما جاء مع جبريل من محكم الآيات كلامه، والكسر لعله أظهر.
" وإن ما جاء مع جبريل " من عند مَن؟ من عند الله، كما قال الله وتعالى: (( وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك )) وجبريل أحد الملائكة الكرام العظام، وهو موكل بالوحي ينزل به على الأنبياء، وربما وكل بغير ذلك كما في قوله تعالى في قصة مريم: (( أرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا )) لكن العمل الموكول إليه في الأصل هو نزول الوحي على الأنبياء، ولهذا يقال: ثلاثة من الملائكة علمنا أنهم موكلون بما فيه الحياة: جبريل وميكائيل وإسرافيل، فجبريل موكل بما فيه حياة القلوب، وميكائيل موكل بما فيه حياة النبات بالقطر، وإسرافيل موكل بما فيه بعث الأجساد بعد الموت وهو النفخ في الصور، وأشرفها وأعلاها ما فيه حياة القلوب، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يذكر هؤلاء الثلاثة في افتتاح صلاة الليل حيث يقول في افتتاح صلاة الليل: ( اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ). ووصف الله سبحانه وتعالى جبريل بأنه أمين، فقال: (( إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين ))، ووصفه بالقوة: (( علمه شديد القوى ذو مرة فاستوى )) إلى آخر الآية، فاجتمع في حقه، أي: في حق جبريل عليه السلام، اجتمع في حقه القوة والأمانة، فبأمانته نعلم أنه لا زيادة ولا نقص في القرآن الذي أوحاه الله إليه ليلقيه على قلب النبي عليه الصلاة والسلام، وبالقوة نعلم أنه لا أحد تسلط على القرآن حين نزول جبريل به أو غلبه عليه أو توانى جبريل في تنزيله، لأنه قوي يستطيع الدفع، ولا يقربه أحد، فجبريل عليه الصلاة والسلام نزل جاء بالوحي من الله عز وجل، ولهذا قال المؤلف: " *** من محكم القرآن والتنزيل "