شرح قول الناظم: تراهم على الأنضاء شعثا رؤوسهم ... وغبرا وهم فيها أسروا وأنعـم وقد فارقوا الأوطان والأهل رغبة .... ولم يثنهم لذاتهم والتنــــــــــعم يسيرون من أقطارها وفجاجها.... رجالا وركبانا ولله أسلمــــــــــوا حفظ
الشيخ : قال : " ترَاهُمْ على الأنضاءِ شُعْثًا رؤوسُهُمْ *** وغُبْرًا "
يعني مع مشقة السفر وطول السفر، لاسيما في الزمن السابق لما كانوا يسيرون على الإبل وعلى الأرجل يكونون على هذا الوصف نعم على الإبل التي قد هزلت من طول السير والمشقة ، " شُعْثًا رؤوسُهُمْ وغُبْرًا " ولكن " وهُمْ فيها " أي في هذه الحال " أسَرُّ وأنْعَمُ " ،لأنهم إنما شعثت رؤوسهم لمن؟ لله عز وجل.
" وَقدْ فارَقوا الأوطانَ والأهلَ رغبةً *** ولم يُثنِهِمْ لذَّاتُهُمْ والتَّنَعُّمُ "
فهم فارقوا أوطانهم ، وأهلهم ، وتنعمهم ، ولذاتهم كل ذلك رغبة في ما عند الله عز وجل. لهذا كان الحج نوعا من الجهاد.
" يَسِيرونَ مِن أقطارِها وفِجاجِها *** رِجالاً ورُكْباناً ولله أسْلمُوا "
من كل الأقطار ، يأتون من أقصى شرق آسيا ، ويأتون من أقصى المغرب ، يؤمّون هذا البيت ،يبقى الإنسان ستة أشهر حتى يصل إلى البيت. ولقد حدثنا الركبان، المشاة الذين كانوا يمرون بنا، ويسمّون عند العامة الدراويش يأتون ينتقلون من أقصى شرق آسيا ستة أشهر ، ينـزلون من قرية إلى قرية ومن مدينة إلى مدينة حتى يصلون إلى مكة. نعم. كما قال المؤلف رحمه الله :
" مِن أقطارِها وفِجاجِها *** رِجالا ورُكْبانا ولله أسْلمُوا "
، انقادوا محبة وتعظيما ورجاء لما عنده ، حتى وصلوا إلى مناهم.