فوائد قوله تعالى : << قال نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لايهتدون >> حفظ
(( قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ ))[النمل:41].
يستفاد من هذا أيضاً: امتحان الغير بما يعرف به ذكاؤه وفطنته، لقوله: (( نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا ))[النمل:41] وقد سبق أن المراد بتنكيره؟
الطالب: تغييره.
الشيخ : تغييره، نعم. والعلة في ذلك قوله: (( نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ ))[النمل:41] أتهتدي أتعرف أم تكون من الذين لا يعرفون. وكيف تعرف أو لا تعرف؟ لأنه لو بقي العرش على ما هو عليه لعرفته، نعم. ولو غُيِّر نهائياً لكان لها العذر في أن لا تعرفه، ولكنه إذا غُيِّرت صفته وبقي أصله حينئذٍ يعرف به ذكاؤها هل تعرفه، والمقام في الحقيقة هنا مقام مدهش، ليس مقاماً عادياً طبيعياً، لأنها هي سوف تستبعد أن يؤتى بعرشها وهو محفوظ في مكانه ومحروس ثم يؤتى به إلى سليمان.
ثم أيضاً لعلها حسب الطبيعة والعادة تستبعد جداً أن يسبقها العرش، مع أن الظاهر أنها أتت إلى سليمان بأسرع ما يمكن من السير. فعلى كل حال! هذا التنكير سوف يدل على دهائها وعقلها، والأمر سيأتي بيانه إن شاء الله قريباً.
وقوله: (( أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ ))[النمل:41] مثل قوله للهدهد: (( أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ))[النمل:27] ما قال أم لا تهتدي، بل قال: (( أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ ))[النمل:41].
وفيه أيضاً في هذا الامتحان إشارة إلى أنها إذا كانت تعرف عرشها مع تغييره فكيف لا تعرف أن الذي يستحق العبادة هو الله؟ لأنها هي وقومها يسجدون للشمس من دون الله، كما مر. فإذا كانت هي تعرف عرشها مع تنكيره فإنه لا شك أن معرفتها بأن الله تعالى هو المستحق للعبادة من باب أولى، فهذا وجه من أوجه الاختلاف في هذه القصة.(( أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ ))[النمل:41] نعم.