تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وقاربهم طائفة ثالثة من أهل الكلام من المعتزلة ومن اتبعهم ; فأثبتوا لله الأسماء دون ما تتضمنه من الصفات فمنهم من جعل العليم والقدير ; والسميع ; والبصير ; كالأعلام المحضة المترادفات . ومنهم من قال عليم بلا علم قدير بلا قدرة سميع بصير بلا سمع ولا بصر فأثبتوا الاسم دون ما تضمنه من الصفات , والكلام على فساد مقالة هؤلاء وبيان تناقضها بصريح المعقول المطابق لصحيح المنقول مذكور في غير هذه الكلمات .". حفظ
الشيخ : " وقاربهم طائفة ثالثة من أهل الكلام من المعتزلة ومن اتبعهم ، فأثبتوا لله الأسماء دون ما تضمنته من الصفات " .
الطالب : عندنا : " تتضمنه ".
الشيخ : أي ما يخالف ... هؤلاء طائفة أهون من السابقة لكنها قريبة جدا ، أهون من السابقتين ، طائفة من .؟ يقول : " من أهل الكلام من المعتزلة ومن اتبعهم " أهل الكلام هم الذين يتكلمون في العقائد والطرق النظرية دون الطرق النقلية ، يعني الذين يحاولون أن يثبتوا العقيدة بطريق النظر لا بطريق الأثر ، فهؤلاء هم اهل الكلام ، يعني بنوا عقيدتهم لا على الكتاب والسنة ، ولكن على الأمور النظريات التي يزعمونها عقلاً وليست بعقل ... .
وقوله : " من المعتزلة " من هم المعتزلة .؟ أصحاب واصل بن عطاء الذي اعتزل الحسن البصري رحمه الله لما ذكر حكم الإسلام أو عقيدة أهل السنة والجماعة في المؤمن والكافر ، وإن فاعل الكبيرة مؤمن ناقص الإيمان ، واصل بن عطاء قال أن فاعل الكبيرة في منزلة بين المنزلتين ، وحصل بينه وبين الحسن مشادة ثم قام فاعتزل مجلس الحسن مع أنه بالأول في مجلسه ، فلهذا سموا معتزلة .
" فأثبتوا لله الأسماء دون ما تضمنته من الصفات " الله تعالى سمى نفسه بالعليم والحكيم والعزيز والرحيم والرحمن والخبير واللطيف ... إلخ . هؤلاء أقروا بالأسماء ، وطبعاً هم إذا أقروا بالأسماء فقد أقروا بالمسمى ، يقولون أن الله موجود وأنه متسمى بهذه الأسماء ، لكن الخطأ منهم .؟
" فمنهم من جعل العليم والقدير والسميع والبصير كالأعلام المحضة المترادفات " يعني جعلوا هذه الأسماء أسماء جامدة مترادفة ، ما تدل إلا على العين فقط ما تدل على المعنى . أرجوا الانتباه يا جماعة .
يقولون مثلاً الاسم مثل القدير والسميع والبصير ... أن الله له سمعا أو بصرا أو ما أشبه ذلك ، أو ما تدل أصلاً على معنى متغاير ، هي أعلام مترادفة فقط ما تدل على معنى متغاير ، تسمي الأسد أسداً وتسميه .؟ الأسد وش أسماءه .؟ نسميه الليث ونسميه هزبر ونسميه ضيرم إلى آخره ، هذه الأسماء مترادفة ، أعلام مترادفة وليس كل واحد منها يدل على شيء ، هؤلاء قوم .
" ومنهم من قال " العلم غير القدرة وغير السمع وغير البصر لكنه " عليم بلا علم وقدير بلا قدرة سميع وبصير بلا سمع ولا بصر فأثبتوا الاسم دون ما تضمنه من الصفات " أفهمتم الآن .؟ هؤلاء المعتزلة ، أثبتوا الأسماء لكن انحرفوا بها ، كيف انحرفوا .؟ منهم من جعلها أعلاما مجردة ، بس مجرد علم على الله ، ومنهم من قال لا ، ما هي أعلام ، إنما هي أسماء لها اشتقاق ، ما هي مجردة ، السميع غير العليم وغير الحكيم ، لهذا معنى جديد إلا أنه سميع بلا سمع ، وبصير بلا بصر إلى آخره ، طيب هل هذا معقول .؟ اسم مشتق يفصل بينه وبين المعنى المشتق منه ، يمكن هذا أو لا .؟
يعني ممكن تقول لهذا الشيء إنه سميع وهو ما له سمع .؟ يمكن تقول لهذا قدير وما له قدرة .؟ غير ممكن . ومع ذلك عرفنا الآن أن هؤلاء مخالفين للمعقول .
لكن ما شبهتهم يا جماعة .؟ شبهتهم باطلة ، يقولون لأننا إذا أثبتنا تعدد المعاني بتعدد الأسماء لزم من ذلك تعدد القدماء ، والقدماء عندهم الآلهة ، يعني يلزم أن تتعدد الآلهة ، إذا أثبت لله اسما وكل اسم له معنى ، وكل معنى الله متصف به لزم ، وش لزم .؟ أن تتعدد الآلهة ، مثل القدير كأنه رب واحد ، سميع كأنه ثان ، بصير كأنه ثالث وهكذا ، فيقال لهم أنتم حقيقة كلامكم هذا نرد عليكم بكل بساطة .
كابرتم المعقول ، لأن تعدد الصفة لا يزم منه تعدد الموصوف ، حتى الإنسان نفسه يقال هذا الرجل أبيض وطويل وعالم وسميع وبصير ، وكم من واحد .؟ أليس كذلك .؟ اجتماع الصفات أو تعدد الصفات لا يلزم منه تعدد الموصوف ، فلماذا تمنعون أن يكون الله جل وعلا متصفاً بالصفات لكنه واحد ... .
والعقل لا ينكر هذا ولا هذا ، فنقول لهم أنتم قلتم قولاً لا دليل عليه لأن مجرد كون السميع والبصير والقدير مجرد أعلام محضة ، أين الأسماء الحسنى من الأعلام المحضة .؟ فالعلم المحض هل هو اسم حسن .؟ علم محض بس ليدل على المسمى فقط ، لا يكون حسناً حتى يتضمن صفة ومعنى كاملاً يكون به حسناً .
الثاني يرون ، الذين قالوا منكم أنه عليم بلا علم ، كيف يمكن هذا أن يشتق اسم من معنى ثم يسلب عنه هذا المعنى هذا ممكن أو غير ممكن .؟ يعني أن يشتق اسم من معنى ولا يوجد فيه هذا المعنى .؟ لا يمكن ، لا يمكن أن تقول للأصم إنه سميع ، ولا يمكن أن تقول للأعمى إنه بصير ، ولا للعاجز أنه قادر ، بل لا يمكن أن تقول قادرا إلا لمن اتصف بالقدرة وعالم إلا لمن اتصف بالعلم إلى آخره .
وبهذا يتبين ضلال هؤلاء الذين يزعمون أنهم ذووا عقل ، لأنهم كابروا المعقول وخالفوا المنقول ، وخرجوا عن هدي الرسول صلى الله عليه وسلم .
قال المؤلف : " والكلام على فساد مقالة هؤلاء ، وبيان تناقضها بصريح المعقول المطابق لصحيح المنقول مذكور في غير هذه الكلمات " هذه التي أشرت إليها قريبا ، صحيح المنقول يعني .؟ النقل الثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو في كتاب الله ، وثانيا صريح المعقول .؟ العقل الصريح الخالص من الشبهات والشهوات ، لأن انحراف العقول يا جماعة ، انحراف العقول إما لشبهات تعرض للإنسان ، تكون عندك شبهة ، وإما من شهوة ، بمعنى إرادة سيئة يريد مخالفة الحق .
لو تأملت جميع المنحرفين عن الشرع لوجدت هذا أساس انحرافهم ، شبهه تعرض لهم إما نقص في العلم أو نقص في التصوير ، وإما شهوة بمعنى إرادة سيئة ، واضح .؟
هذا في الحقيقة هو الأسباب التي يضل بها من ضل من الناس .