تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وإذا كان من المعلوم بالضرورة أن في الوجود ما هو قديم واجب بنفسه وما هو محدث ممكن يقبل الوجود والعدم , فمعلوم أن هذا موجود وهذا موجود , ولا يلزم من اتفاقهما في مسمى الوجود أن يكون وجود هذا مثل وجود هذا , بل وجود هذا يخصه ووجود هذا يخصه , واتفاقهما في اسم عام لا يقتضي تماثلهما في مسمى ذلك الاسم عند الإضافة والتخصيص والتقييد ولا في غيره. فلا يقول عاقل إذا قيل أن العرش شيء موجود وأن البعوض شيء موجود إن هذا مثل هذا ; لاتفاقهما في مسمى الشيء والوجود , لأنه ليس في الخارج شيء موجود غيرهما يشتركان فيه , بل الذهن يأخذ معنى مشتركا كليا هو مسمى الاسم المطلق , وإذا قيل هذا موجود وهذا موجود فوجود كل منهما يخصه لا يشركه فيه غيره ; مع أن الاسم حقيقة في كل منهما ". حفظ
الشيخ : " وإذا كان من المعلوم بالضرورة أن في الوجود ما هو قديم واجب بنفسه ، وما هو محدث ممكن يقبل الوجود والعدم ، فمعلوم أن هذا موجود وهذا موجود " بعد المرحلة التي سبقت هذه نقول علمنا الآن بعد هذا التقرير السابق أن في الوجود ما هو موجود واجب الوجود ـ، وما هو ممكن الوجود ، الآن علمنا بعد أن قررنا ما سبق بأن المحدث لابد له من محدث ، وأن الجائز لابد له من واجب ، علمنا الآن أن في الوجود ما هو واجب الوجود وما هو جائز الوجود ، واضح .؟ واجب الوجود ما هو الله ، وجائز الوجود المخلوق ، طيب اتفقا في الوجود ، كل منهما موجود الواجب الوجود والجائز الوجود كلاهما موجود.
فيقول المؤلف رحمه الله : " فمعلوم أن هذا موجود وهذا موجود ، ولا يلزم من اتفاقهما في مسمى الوجود أن يكون وجود هذا مثل وجود هذا ، بل وجود هذا يخصه ، ووجود هذا يخصه ، واتفاقهما في اسم عام لا يقتضي تماثلهما في مسمى ذلك الاسم عند الإضافة والتخصيص والتقييد ، ولا في غيره " نعم ، اتفاقهما في اسم عام وهو الاسم العام الذي اتفقا فيه الوجود ، لا يلزم منه أن يتماثلا في ذلك الاسم عند الإضافة والتقييد . حطوا بالكم يا جماعة .
كلمة وجود لفظ مطلق لكن عند الإضافة والتقييد ، نقول وجود الخالق واجب ، ووجود المخلوق جائز ليس بواجب ، فتبين الآن أن مجرد اتفاق الاسم بين الشيئين لا يلزم منه اشتراكهما فيما يختص به كل واحد ، يتفقان في مسمى الوجود لكن يختلفان ، هذا وجوده يخصه وهذا وجوده يخصه ، فإذا كان كذلك فإنه ما المانع من أن نثبت لله صفات ثبوتية ونقول إنها تختص به ، ولا تشبه صفات المخلوقين ، ليس هناك مانع ، كما أننا اتفقنا جميعا ـ والكلام مع الذين يثبتون لله الوجود ـ على أن الوجود صفة ، وهي عند الإطلاق يشترك فيها الخالق والمخلوق ، لكن عند الإضافة والتقييد يكون وجود الخالق يخصه ووجود المخلوق يخصه .
" فلا يقول عاقل إذا قيل إن العرش شيء موجود وإن البعوض شيء موجود ، إن هذا مثل هذا لاتفاقهما في مسمى الشيء والوجود " نعم .
يعني ما هناك أحد عاقل يقول العرش موجود ، وجود العرش من باب الوجود الواجب أو من باب الوجود الممكن .؟
الطالب : الممكن .
الشيخ : كل مخلوق فوجوده من باب الوجود الممكن ، قررنا هذا يا جماعة ، لأن وش معنى مخلوق أنه وجد بعد أن لم يكن ، لو كان واجب الوجود ما كان معلوما من قبل ، إذا فالعرش جائز الوجود ، والبعوض جائز الوجود ، أو لا وكل منها شيء موجود ، فإذا كانا هاذان الموجدان متفقين في الوجود ، وأن وجودهما من باب الجائز وليس من باب الواجب ، ومع ذلك هل يلزم من اتفاقهما في الوجود أن يكونا متفقين في الحقيقة والذات وكل شيء .؟ لا أبدا ، ما يمكن لعاقل أن يقول إن البعوض مثل العرش : (( وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ )) والعرش أكبر بكثير من الكرسي ، لأن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة ، فعليه أن يقول قائل إن هذه البعوض التي هي من أحقر المخلوقات تكون مثل العرش الذي هو أعظم الموجدات .؟ لا .
فإذا كانت المخلوقات وهي ممكنة وليست واجبة الوجود تتفق في اسم الوجود الممكن أيضا ، ولا يلزم من اتفاقهما في هذا أن يتفقا في غيره ، دل هذا على أنه لا يمكن أن يكون اتفاق الوجود في الله سبحانه وتعالى وفي غيره ، لا يلزم أن يكون الموجودان شيئاً واحداً .
يقول المؤلف رحمه الله : " إن هذا مثل هذا ، لاتفاقهما في مسمى الشيء والوجود " يعني لا يمكن أن نقول إنه مثله من أجل أنهما متفقان في مسمى الشيء والوجود " لأنه ليس في الخارج شيء موجود غيرهما يشتركان فيه " غيرهما الضمير يعود على الشيء والموجود ، يعني أن العرش والبعوضة ليس في الخارج شيء يشتركان فيه سوى كلمة شيء وموجود ، البعوضة شيء والعرش شيء ، والبعوضة موجودة والعرش موجود ، هما اتفقا في هذين الشيئين لكن في الخارج لا يتفقان فيما عدا ذلك . فيما عدى كلمة شيء وموجود ، ليس بين العرش وبين البعوض اشتراك ، بل بينهما من الفرق ما لا يمكن إدراكه أيضا ، لأن العرش ما يمكن إدراكه .طيب
" لأنه ليس في الخارج شيء موجود " كلمة في الخارج يعني في أمريكا وغيره .؟ وش معنى في الخارج .؟ الوجود العياني الذي يشاهد ويسمع مثلا ، لأن هناك شيء ذهني وشيء خارجي ، فالشيء الذهني هو ما يفرضه الذهن ، والشيء الخارجي هو ما هو موجود فعلاً .
فيقول المؤلف : " لأنه ليس في الخارج شيء موجود غيرهما " أي غير الشيء والموجود " يشتركان فيه ، بل الذهن يأخذ معنى مشتركا كليا هو مسمى الاسم المطلق " المشترك الكلي الذي يأخذه الذهن هو وجود شيء بالنسبة للعرش والكرسي ، يتصور مثلا أن هاتين الذاتين اشتركا ذهناً في شيء واحد هو شيء ووجود لكن فرقا لكن وجود هذا غير وجود هذا ، وجود هذا يخصه ووجود هذا يخصه .
" وإذا قيل هذا موجود، وهذا موجود، فوجود كل منهما يخصه، لا يشركه فيه غيره، مع أن الاسم حقيقة في كل منهما " إذا قيل العرش موجود والبعوض موجود صحيح أو لا .؟ الاسم حقيقة في كل منهما ، لكن وجود هذا يخصه ووجود هذا يخصه .