شرح حديث: مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: ( أتينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين ليلة ... ) . حفظ
الشيخ : الحديث الذي بعده برقم مئتين وثلاثة عشر وهو صحيح بإسناده .
عن أبي سليمان مالك بن الحويرث عن أبي سليمان مالك بن الحويرث قال : ( أتينا النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين ليلة فظن أنا اشتهينا أهلينا فسألنا عمن تركنا في أهلينا فأخبرناه وكان رفيقا رحيما فقال ارجعوا إلى أهليكم فعلموهم ومروهم وصلوا كما رأيتموني أصلي فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم ) .
وهذا الحديث من الأحاديث التي أخرجها المصنف في كتابه الصحيح أيضا وكذلك الإمام مسلم وفيه فوائد عديدة وإنما ساقه المصنف ها هنا لأجل هذه الفقرة في أوله ألا وهي قوله عليه الصلاة والسلام ( ارجعوا إلى أهليكم فعلموهم ومروهم ) فهذا مما يدخل تحت قوله عليه الصلاة والسلام ( والرجل راعٍ على أهله وهو مسؤول عن رعيته ) فما هي المسؤولية التي تعلقت بالرجل تجاه أهله أهي مسؤولية الإنفاق فقط أهي مسؤولية الإطعام والشراب والإسكان فقط لا ليس هذا فقط وإنما هناك مسؤوليات قد تكون في وزن المسؤوليات السابقة أو أهم منها .
فقد ساق المصنف رحمه الله تحت هذا الباب هذا الحديث ليبين أن المسؤولية الموكل عليها الرجل تجاه أهله ليست محصورة فقط بالأمور المادية بل هناك أيضا أمور أخرى تتعلق بتربية أهل الرجل يجب على الرجل من باب أنه راعٍ على أهله أن يتولى تعليم أهله بما هم جاهلون به ويجب على الرجل أن يأمر أهله بالقيام بما هم مقصرون به وإلا إن لم يفعل الرجل ذلك واقتصر على ما يقتصر عليه كثير من الآباء على القيام بواجب فقط الكسوة والطعام والشراب والإسكان والتعليم العصري المادي الذي لا يوجد الشاب المسلم إن اقتصر فقط على هذا فهو مقصر وتارك واجبا هاما سيسأل عنه أمام الله تبارك وتعالى .
كما أشار إلى ذلك ربنا عز وجل في قوله (( قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة )) فهذه الآية تأمر الرجال أن يحافظوا على أنفسهم وعلى أهليهم أن يكون مصيرهم النار وذلك يكون بأمرهم بما أوجب الله عليهم وبتعليمهم ماهم جاهلون له لذلك ساق المصنف هذه القصة التي فيها ( أن مالك بن الحويرث صحابي من أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام ورد وفد إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ) ليتعلم منه العلم ومعه وهو معه نحو عشرين من الرفاق فيصف هؤلاء بأنهم كانوا شببة ما كانوا رجالا كبارا شبابا فتيانا يقول فجلسوا عند الرسول عليه الصلاة والسلام وأقاموا ضيوفا لديه عشرين يوما وبعد ذلك قال مالك بن الحويرث ( فظن أنا اشتهينا أهلينا ) يعني اشتقنا إلى الرجوع إلى أهلينا إلى أولادنا ونسائنا وبناتنا فسألنا عمن تركنا في أهلينا وهذا من لطف الرسول عليه الصلاة والسلام من جهة واهتمامه بمصالح أصحابه حيث أنه سأل هؤلاء العشرين نفرا عمن تركوا خلفهم هل تركوا رجالا يستطيعون أن يقوموا بما يجب على هؤلاء الوافدين إلى الرسول عليه السلام فلا بأس من أن يتأخروا لديه لأن هناك في قومهم من ينوب عنهم أم تركوا نساء وأطفالا وهم بحاجة إلى هؤلاء الشباب فيسألهم ليطمئن على أحوالهم.
فيقول مالك بن الحويرث ( فأخبرناه ) والظاهر أن الخبر كان مما أشعر الرسول عليه الصلاة والسلام بأن هؤلاء النفر لابد من أن يرجعوا إلى بلدهم لأن هناك من هم مسؤولون عنهم قال ( وكان يعني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رقيقا رحيما ) يعني كان شفوقا على أصحابه رحيما يهتم بشؤونهم وبمراعاة عواطفهم .