ذكر مثال فيه تطبيق عملي من أمير المؤمنين عمر الخطاب لآية: (( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين )). حفظ
الشيخ : من ذلك ما رواه الإمام البخاري في *صحيحه * أن رجلاً من المسلمين من ذوي الأطباع الجلفة الغليظة اسمه حذيفة بن عيينة نزل ضيفاً على ابن أخ له، وكان ابن الأخ هذا مقرباً عند عمر بن الخطاب وكان من خواص جلسائه فقال حذيفة لابن أخيه استأذن لي على هذا الأمير يعني عمر ابن الخطاب لأدخل عليه قال سأفعل فأذن له عمر بن الخطاب، فكانت المفاجأة حيث بادر هذا الرجل حذيفة بن عيينة بادر عمر بن الخطاب بكلمة فجة غليظة جداً ، قال: " والله يا عمر ما تعطي الجزيل وما تحكم بيننا بالعدل " فرد بجة بج له إياها، " ما تعطي الجزيل " يعني إن أعطيت من بيت مال المسلمين أعطيت القليل الذي لا يسمن ولا يغني من جوع ولم تعط الجزل أي المال الكثير " وإذا حكمت بين الناس ما حكمت بينهم بالعدل " هكذا ، فغضب عمر رضي الله عنه غضباً شديداً حتى هم به فقال له أحد الجالسين مذكراً له : يا أمير المؤمنين يقول رب العالمين: (( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين )) وهذا من الجاهلين ، قال فسكن عمر وكان وقافاً عند كتاب الله ، حينما ذكر بأن الله عز وجل يأمر بالصفح والإعراض عن الجاهلين سكت عمر ولم يؤاخذ ذلك الرجل الجاهل الذي بغى عليه في كلامه ونسبه إلى الشح والبخل في تقسيم أموال المسلمين عليهم كما نسبه إلى الظلم وعدم العدل بالحكم بينهم.
هكذا كان موقف السلف في الاستجابة لآداب القرآن ومن ذلك هذه الآية الكريمة : (( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين )) عرفنا معنى العرف وأنه الصفح العفو وبقي علينا أن نعرف معنى العرف ما هو ، الآية تقول: (( خذ العفو )) فعرفنا أن العفو هو الصفح، والعرف ما هو ؟ قالوا علماء التفسير جميعاً : هو المعروف (( خذ العفو )) أي الصفح (( وأمر بالعرف )) أي: المعروف أي المعروف شرعاً صلاحه وأنه من مما شرعه الله تبارك وتعالى فتمسك به كما يجب عليك أن تتمسك بالصفح عن الناس فيما إذا أخطؤوا معك ، هذه هي معاني هذه الآية الكريمة على ضوء ما فسره عبد الله بن الزبير في هذا الحديث الصحيح.