تتمة شرح حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما : ( ... أي الرقاب أفضل ؟ قال : أغلاها ثمنا، وأنفسها عند أهلها ... ) حفظ
الشيخ : فقد كان درسنا الأخير في شرح قوله عليه السلام في حديث أبي ذر: ( إيمان بالله وجهاد في سبيله ) وبقي علينا بيان الفقرات التالية من هذا الحديث الصحيح، لكن لا بد من إعادة قراءة الحديث من أوله، فقال المصنف بإسناده .
عن أبي ذر: ( سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال خير؟ قال : إيمان بالله، وجهاد في سبيله، قيل: فأي الرقاب أفضل؟ قال : أغلاها ثمنا، وأنفسها عند أهلها، قال : أفرأيت إن لم أستطع بعض العمل ؟ قال : فتعين ضائعا، أو تصنع لأخرق، قال : أفرأيت إن ضعفت ؟ قال : تدع الناس من الشر، فإنها صدقة تصدقها على نفسك ).
فقوله عليه السلام جوابًا على سؤال السائل أي الرقاب أفضل ؟ قال: ( أغلاها ثمنا، وأنفسها عند أهلها ) هذا الجواب في الواقع كأنه مقتبس ومستقاً من قوله تبارك وتعالى : (( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )) حيث قال عليه السلام: ( أغلاها ثمنا، وأنفسها عند أهلها ) وهذه قاعدة وهي أن أفضل الصدقة إنما هي التي يتعلق بها نفس الإنسان وقلبه، ولذلك قال عليه السلام جوابا عن سؤال سأل عن أفضل الرقاب: ( أغلاها ثمنا، وأنفسها عند أهلها ) وهذا هو تمام البر كما أشارت الآية السابقة حين قال تعالى : (( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )) أي: لن تنالوا البر الكامل هذا هو معنى الآية ، وإلا فكل نفقة ينفقها صاحبها فله على ذلك أجرها اللائق بها، فإذا أنفق الإنسان شيئًا مكروها عنده لكن له وقعه في نفس المتصدَّق عليه فله أجر ذلك، ولكن الأجر الكامل والأتم أن يتصدق الإنسان بما يحبه وبما نفسه تتعلق به، فهذه الصدقة هي الأفضل.
كذلك إذا كان الإنسان يوم كان المسلمون ليس يومنا هذا يوم كان المسلمون يجاهدون في سبيل الله عز وجل ويتحقق عندهم الأسرى بطريق الحرب الإسلامية الشرعية، فيسترِقُّ المسلمون أبناءهم ونساءهم من الأرقّاء ويستعينون بهؤلاء على خدمة أنفسهم وخدمة أزواجهم وأولادهم، فإذا ما شعر السيّد بحاجتهم إلى هذا العبد فالأفضل له أن يعتق هذا الذي تعلقت حاجته به، فهذا معنى قول الرسول عليه السلام جوابا على سؤال.