كلمة للشيخ عن أهمية العلم و كيفية طلبه والترقي فيه. حفظ
الشيخ : ورثة الأنبياء، والوارث يجب عليه أن يكون مُطبقاً لمن ورثه، أو آخذاً بتركة من ورثه.
والنبي عليه الصلاة والسلام ورث العلم وورث العمل وورث الدعوة إلى الله، فلا بد لطالب العلم أن يحرص على هذه الأمور الثلاثة :
على العلم ، والاستزادة منه ، وأن يكرس جهوده البصرية والسمعية والعقلية من أجل الاستزادة من العلم ، " ومن طلب العلا سهر الليالي " ، وكما قال بعضهم :
" إنك إذا أعطيت بعضك العلم فاتك العلم كله ، وإن أعطيته كلك أدركت بعضه " ، وهذا صحيح .
ثم اعلم أن العلم يتتابع كلما حرصت وتعاهدته ازددت منه ، وكلما غفلت نقص وتلاشى وتضائل ، وصرت لا تصبر على طلبه ولا على الجد والاجتهاد فيه .
واعلم كذلك أنه ينبغي لطالب العلم أن يحرص على أُمهات العلم وقواعده وضوابطه وأدلته مِن الكتاب والسنة ، والدليل من الكتاب والسنة قد لا يكون دليلاً على المسألة التي تريد وحدها ، بل قد يكون دليلاً على أشياء كثيرة يستنبطها الإنسان ، ومن أحسن ما مر بي اليوم استنباط بعض الإخوة : أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا ينزلون ثيابهم إلى الكعبين مِن حديث أبي بكر رضي الله عنه ، لما قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( مَن جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه ، قال : يا رسول الله : إن أحد شقي إزاري يسترخي عليّ ) ، قال : لو كان إزاره إلى نصف الساق ثم استرخى عليه حتى يضرب على الأرض لظهرت عورته ، وهذا يدل على أن الصحابة رضي الله عنهم لم يروا هذا شيئاً لازماً -أعني رفع الثوب إلى نصف الساق- حتى يشكوا في إخلاص من لم يفعل ذلك أو في تدينه ، حتى إن بعض الغلاة في هذا الباب : يشكون في طالب العلم إذا لم يرفع ثوبه إلى نصف الساق، ويقول : هذا هاجر للسنة ، وهذا لم يتمسك بها ، مع أن أفضل هذه الأمة الصحابة وأفضل الصحابة أبو بكر بلا شك : كان كما سمعتم أن إزاره يضرب إلى عند الكعب ، ومرَّ بي في البخاري لكن نسيت موضعه الآن وربما إن شاء الله تسادعوني على طلبه أن الصحابة كانت إزرهم إلى الكعبين ، يعني أنها لا تتجاوزه ، وعلى هذا فمثل هذه المسائل استنباطات الأحكام من النصوص قد تكون واضحة لبعض الناس وخفية على البعض فينغي لطالب العلم أن يركز على هذا الأمر ، ولهذا قال عمر رضي الله عنه لأبي موسى في الكتاب الذي كتبه إليه في القضاء قال : " الفهم الفهم فيما أدلى إليك " ، الفهم الفهم يحثه على الفهم لأن الفهم نصف العلم أو ثلاثة أرباع العلم كم من إنسان يحفظ نصوصاً كثيرة ولكن لا يفهم . وكذلك أيضاً ينبغي أن يحرص على ضوابط العلم وقواعده سواء في التوحيد أو في الفقه أو في الحديث أو في غيرها ، الضوابط هي العلم ، أما حفظ المسائل الجزئية مثل ما حكم كذا ، رجل صلى مثلاً بدون وضوء ناسيا ، ما حكم صلاته ؟ هذه مسألة فردية ، لكن طالب العلم لا يجعل همه أن يجمع المسائل فقط يجعل همه أن يحرص على إيش؟
الطالب : الضوابط .
الشيخ : الضوابط والقواعد والأصول حتى يبني عليها المسائل الجزئية سواء في هذا يعني سواء في الفقه أو في التوحيد أو غيره .
مثلاً في التوحيد عندنا ضابط في باب صفات الله وهو إجراؤها ، إجراء النصوص على ظاهرها من غير تمثيل ، خذ هذا قاعدة في كل شيء ، ولا تقل : يلزم من أجراء هذا الظاهر كذا وكذا لأنه لا يمكن أن يلزم من ظاهر كتاب الله وسنة رسوله باطل أبداً ، وإذا مشينا على هذا في طلبنا للعلم ، على الاعتناء بالقواعد والضوابط والأصول حصلنا خيراً كثيراً في مدة وجيزة ، أما إذا كان الإنسان ليس همه إلا جمع المسائل فإنه سيبقى زمناً طويلاً ما حصل العلم .