وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأعطى الذي حجمه أجره ، ولو كان حراماً لم يعطه . رواه البخاري . حفظ
الشيخ : ثم قال المؤلف: وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ( احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطى الذي حجمه أجره، ولو كان حرامًا لم يعطه ).
قوله: ( احتجم ) أي طلب من يحجمه والحجامة عبارة عن إخراج الدم الفاسد في البدن وهي نافعة، قرنها النبي صلى الله عليه وسلم بالعسل والكي وقال: ( الشفاء في ثلاث ) وذكرها منها ( شَرطة محجم ) ولها أطباء معروفون يعرفون من أين يحجمون في أي موضع، ويعرفون هل الإنسان يحتاج إلى الحجامة أو لا يحتاج، وقد كان الناس يفعلونها كثيرًا، وإذا اعتادها الإنسان فإنه لابد أن يفعلها إذا لم يفعلها كثر عليه الدم وربما يؤثر عليه، حتى إن الإمام أحمد رحمه الله قال لو هاج به الدم وهو صائم في رمضان فله أن يحتجم ويفطر، ثم إن الحجامة لها مواضع معينة في البدن ولها أزمنة معينة من الشهر فلا تفعل في نصف الشهر ولا في أول الشهر ولا في آخر الشهر، يعني لا تفعل حين ضعف الهلال من أول الشهر أو آخره ولا حين امتلائه بالنور، لأن فوران الدم بالأجسام له صلة بنور القمر فهو يغار في أول الشهر وفي آخره وعند وسطه يزداد فورانه والحجامة في هذا وفي هذا ليست جيدة، لأنها في حال فوران الدم ربما يخرج دم كثير من الإنسان يضره، وفي حال انقباضه وغوره ربما تكون الحجامة مؤثرة، لأن الدم يكون أنقص، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد الأوقات التي ينبغي أن يحتجم فيها الإنسان فمن أراد أن يطلع عليه فليفعل.
يقول: " احتجم وأعطى الذي حجمه أجره " يعني لما حجمه الحاجم أعطاه الأجر ولم يبينه، لأنه لا فائدة لنا من بيانه سواء كان دينارًا أو درهمًا ليس لنا فائدة منه.
قال رضي الله عنه: " ولو كان حرامًا لم يعطه " رواه البخاري، يعني لو كان أجر الحاجم حرامًا لم يعطه النبي صلى الله عليه وسلم إياه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يفعل الحرام لأنه مشرّع ولأنه عليه الصلاة والسلام أتقى الناس لله عز وجل وأخشاهم له فلا يفعل.