وعنه : أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أمي نذرت أن تحج ، فلم تحج حتى ماتت ، أفأحج عنها ؟ قال : ( نعم ، حجي عنها ، أرأيت لو كان على أمك دين ، أكنت قاضيته ؟ أقضوا الله فالله أحق بالوفاء ) . رواه البخاري . حفظ
الشيخ : طيب بسم الله الرحمن الرحيم :
قال : " وعنه رضي الله عنه : ( أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها ؟ قال : نعم حجي عنها ، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟! ) -وش الجواب ؟
نعم ،- ( أقضوا الله فالله أحق بالوفاء ) رواه البخاري "
:
هذا الحديث أيضا عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما يقول : ( إن امرأة من جهينة ) : قبيلة مشهورة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر أين جاءته ، هل هو في الحج أو في المدينة لم يذكره.
قالت : ( إن أمي نذرت ) : وسبق تعريف النذر أنه في اللغة الإلزام ، وفي الشرع : " إلزام المكلف نفسه طاعة لله عز وجل " .
( فلم تحج حتى ماتت ) : قولها فلم تحج حتى ماتت يحتمل أن المعنى فماتت قبل أن تحج أي قبل أن يدركها الحج .
ويحتمل أنها لم تحج يعني : أدركها الحج ولكنها لم تحج حتى ماتت .
وسيأتي بيان الفرق بين الأمرين .
وقوله : ( حجي عنها ) : هذا أمر ، لكنه أمر بعد السؤال عن الإباحة ، والأمر بعد السؤال عن الإباحة للجواز ، لأن الأمر بعد السؤال عن الإباحة أو بعد الاستئذان يكون للجواز .
لو استأذن عليك رجل البيت فقلت ادخل فليس هذا أمرا بل هو إذن وإباحة ، وإن سألك سائل يقول : هل أفعل كذا وهو جائز فقلت أنت : افعل ، فهو للإباحة .
يقول : ( أرأيت ) يعني أخبريني ( لو كان على أمك دين أكنت قاضيته ؟ قالت : نعم ) : ستقول هكذا فهذا الاستفهام للتقرير يعني يقرّر النبي عليه الصلاة والسلام هذه المرأة بأمر تقرّ به ولا تنكره أنه لو كان على أبيها دين لقضته .
وقوله : ( أرأيت ) : يمرنا كثيرا مثل هذا التعبير ، ونقول : إنه بمعنى أخبريني ، لكن كيف يتفق مع تصريفها ؟
يقول : إذا قال أرأيتَ أو أرأيتِ يستفهم هل رأى ، ثم يطلب منه أن يخبره بما رأى في قوله : أكنتِ قاضيته مثلا في هذا الحديث ، (( أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم )) إيش ؟
(( من إله )) يعني : أخبروني بعد أن تروا هذا الشيء أخبروني : (( من إله غير الله يأتيكم به )) ، فلهذا يقول العلماء : إن أرأيت بمعنى أخبرني .
الواقع أنه ليس معناها بالتحديد ، لأن الرؤية لا تأتي بمعنى الإخبار ، لكن لأنه إذا جاء الاستفهام بعد أرأيت فهو طلب الإخبار ، يعني هل رأيت هذا أخبرني عنه ؟
فيفسرونها -رحمهم الله- بما يلزم أو بما يطلب من هذه الرؤية .
وقوله : ( اقضوا الله ) هذا أمر .
( فالله أحق بالوفاء ) يعني : إذا كان الآدمي يوفى حقه فالله أحق بالوفاء .
طيب هذا الحديث كما نرى امرأة جاءت تسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أمها أنها نذرت أن تحج بأن قالت : لله علي نذر أن أحج ، ولكن هذه المرأة ماتت قبل أن تحج ، فهل يحج عنها أو لا ؟
فبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يحج عنها ، وأن ذلك دَيْن عليها ، والدين كما يقضى إذا كان للآدمي فإنه يقضى إذا كان لله : ( والله أحق بالوفاء ) طيب .