فوائد حديث: ( أيما صبي حج ، ثم بلغ الحنث ... ). حفظ
الشيخ : طيب لننظر الآن من فوائد هذا الحديث ونشرح الفوائد :
يستفاد من هذا الحديث صحة حج الصبي لقوله : ( فعليه حجة أخرى ) : تبين بقوله : حجة أخرى أن الأولى صحيحة ، لأن أخرى مؤنث آخر ، وعليه فيفيد صحة حج الصبي .
وقد أفاده حديث ابن عباس السابق : الذي فيه : ( أن امرأة رفعت يديها إلى النبي صلى الله عليه وسلم صبيا فقالت : ألهذا حج ؟ قال : نعم ولك أجر ) . ومن فوائد الحديث : أن هذا الصبي لو بلغ في أثناء الحج فإن الحكم يختلف ، كيف ؟
إذا بلغ في أثناء الحج فإن بلغ قبل فوات الوقوف ووقف بعرفة أجزأه الحج عن فريضة الإسلام ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الحج عرفة ) ، أعرفت ؟
الطالب : إي .
الشيخ : هاه كيف ؟
الطالب : والنية ؟
الشيخ : النية تنقلب ما يهم .
الطالب : يعني تنقلب قبل الوقوف ؟
الشيخ : دقيقة ، إذا بلغ قبل فوات الوقوف بأن بلغ يوم عرفة وهو في عرفة ، أو بلغ ليلة العيد ثم رجع فوقف بعرفة ، فإن حجه يجزئه عن فريضة الإسلام .
إلا أن الفقهاء -رحمهم الله- استثنوا من ذلك مسألة وهي : ما إذا كان مفردا أو قارنا وسعى بعد طواف القدوم ، فإنه حينئذ لا تجزئه عن حجة الإسلام ، لأن السعي ركن ، وقد تم قبل أن يكون هذا من أهل الوجوب ، فوقع إيش ؟ فوقع نفلاً .
طيب وقيل : بل يجزئه وإن كان قد سعى بعد طواف القدوم ، لكنه يعيد السعي .
وأظن هناك قولا ثالثا يقول : إنه يجزئ وإن سعى بعد طواف القدوم ، ويكون السعي هذا تابعا للوقوف .
لكن المذهب هو الأول : أنه إذا سعى بعد طواف القدوم فإنه لا ينقلب فرضًا.
طيب الذي قبل البلوغ هل نقول: إنه نفل انقلب فرضًا أو إنه بقي نفلا وما بعد البلوغ صار فرضًا؟
فيها قولان للعلماء :
القول الأول : أن ما قبله ينقلب فرضًا ، وليس هذا بغريب ، فإن الحج له عدة مخالفات في النية ، فنجد الرجل مثلا يأتي إلى مكة قارنًا فيطوف طواف القدوم على أنه نفل ولا ركن ؟
الطالب : ركن .
الشيخ : لا يا أخي ! طواف القدوم نفل على أنه نفل ، ويسعى بين الصفا والمروة على أنه ركن الحج والعمرة ، عرفت ؟
ثم نقول له : اجعله عمرة ، اجعل ذلك عمرة ، فيجعله عمرة ليصير متمتعًا ، فنجد الآن أن الطواف الذي كان نفلا انقلب ركناً ، صار طواف عمرة الآن.
ونجد أن هذا السعي الذي كان للحج والعمرة صار الآن للعمرة ، بل لو قدّرنا أن هذا الرجل قدم مكة مفردًا ، وطاف ، الطواف إيش ؟
نفل لأنه طواف قدوم ، وسعى للحج ، السعي ركن وللحج فقط ، ثم نقول له : اجعل ذلك عمرة لتكون متمتعًا فيجعله عمرة فينقلب طواف القدوم ركنًا ، وبعد أن كان طواف قدوم الحج صار الآن ركن عمرة وينقلب سعي الحج سعي عمرة ، واضح ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : إي نعم ، بل يصح أن يقع الإحرام بالحج مجهولاً فتقول : " لبيك اللهم بما أحرم به فلان " ، وأنت ما تدري وش أحرم به ، ثم صادفته مثلا في مكة أو في عرفة قلت : وش أحرمت به قال بالحج ، يكون إحرامك بالعمرة !
الطالب : بالعمرة !
الشيخ : لا هو قال : أحرمت بالعمرة يكون بالعمرة، بالحج والعمرة قرانًا يكون بالحج والعمرة قرانًا ، ولهذا لما قدم علي من اليمن قال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( بم أهللت ، قال : بما أهلّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فإن معي الهدي فلا تحل ) : وصح إحرامه مع إنه مجهول .
وجاء أبو موسى فقال : ( بم أهللت ، قال : بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمره أن يجعله عمرة وألغى أن يكون قارنا ) ، لأن أبا موسى ليس معه هدي .
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه الذين ليس معهم هدي أن يجعلوها عمرة ، فتجد الآن أن الحج يختلف عن غيره ، فهذا الصبي الذي بلغ في عرفة ينقلب إحرامه من النفل إلى الفرض ، ولكن هل السابق يكون فرضًا أو هو نفل ؟
في هذا خلاف بين العلماء ، وهذا الخلاف ينبني عليه الثواب ، هل يثاب على السابق ثواب الفريضة ، أو يثاب ثواب النافلة ؟
إن قلنا : إنه ينقلب فرضاً أثيب ثواب الفريضة ، وإذا قلنا : لا يبقى على ما هو عليه ويكون ابتداء الفرض من البلوغ أثيب على الأول ثواب نافلة .
طيب العبد أيضًا يستفاد منه : أن العبد إذا حج وهو رقيق فحجه صحيح . وفائدة ثانية ولا رابعة والله ما أدري الآن !
الطالب : رابعة .
الشيخ : رابعة : أنه إذا حج في حال رقه ثم عَتق وجب عليه أن يحج حجة أخرى ، لماذا ؟
لأن الأولى وقعت نفلاً حيث لا يلزمه الحج ، لأنه لا مال له ، فلا يستطيع إليه السبيل.
فلذلك قلنا : يجب عليه أن يعيد الحج مع أن العبد هذا كان بالغا عاقلا فاهما واعيا ليس كالصغير الذي لم يبلغ ، وهذه المسألة الثانية اختلف فيها العلماء : منهم من يرى -بل والأولى أيضا اختلفوا فيها لكن الخلاف في الثانية أبين وأظهر- من العلماء من يرى أن العبد إذا حج في حال رقه بنية الفريضة فإنه لا يلزمه أن يحج حجة أخرى ، وذلك لأن سقوط الحج عنه ليس لخلل فيه ذاته ، يعني ليس لأن الرجل ليس من أهل الوجوب ، ولكن لأنه لا يستطيع ، لأنه مملوك ، فليس عنده مال ، وليس مالكا لنفعه ما يقدر يحج إلا بإذن سيده ، فلهذا نقول : إنه ليس عدم وجوب الحج عليه لخلل في نفسه وأنه ليس من أهل الوجوب ولكن لأنه غير مستطيع ، وهذا لا يمنع من إجزاء الحج عن الفريضة ، بدليل أن الفقير لا يلزمه الحج ولا لا ؟
هاه لا يلزمه الحج ، ولكن لو حج ، لو تكلف الحج وحج على قدميه أجزأ ولا لا ؟
الطالب : بلى .
الشيخ : أجزأ حتى عن الفريضة، حتى عن الفريضة لأن ذلك ليس لمعنى يعود إلى الشخص نفسه ولكنه يعود إلى شيء خارج وهو عدم القدرة المالية ، فلهذا كان القول الراجح في هذه المسألة : أن العبد إذا حج قبل عتقه ونوى به الفرض فهو فرض ويجزئ عن الفريضة ولا يلزمه أن يحج حجة أخرى ، لأن هذا العبد من أهل التكليف ، وسقوط الحج عنه ليس لمعنى في نفسه ولكن لمعنى خارج وهو عدم القدرة عليه ، فإذا تكلف وأذن له سيده وحج فنعم .
طيب لكن لو حج بغير إذن سيده، سيده يقول : لا تحج ، ولكنه قال : ما عليّ منك أبي أحج وحج ، يجزئه ولا لا ؟
هذا لا يجزئه، لأن زمنه مغصوب، فإن زمنه كان مملوكا لمن ؟
لسيده ، فإذا غصب نفسه فإنه لا يجزئه.
فإن قلت : ألم يقل الفقهاء إن العبد الآبق من سيده تصح منه صلاة الفريضة ولا تصح منه صلاة النافلة ! فاهمين هذه ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : فالجواب : أن بينهما فرقاً ، لأن الحج في هذه الحال أي قبل أن يعتق نفل وليس بفريضة ، بخلاف الصلاة الفريضة ، فإنها فريضة عليه حتى في حال رقه ، فحصل الفرق ، نعم هو جاء وقت الأسئلة نعم ؟