وعنه أن عمر رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبدالمطلب ، قال : اللهم إنا كنا نستسقي إليك بنبينا فتسقينا ، و إنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا ، فيسقون . رواه البخاري . حفظ
الشيخ : في البخاري قال : ( كان عمر رضي الله عنه إذا قحطوا استسقى بالعباس ) قحطوا يعني امتنع المطر عندهم والقحط هو امتناع المطر ( إذا قحطوا ) يعني امتنع المطر عنهم ( استسقى بالعباس بن عبد المطلب ) .
لأن العباس بن عبد المطلب أقرب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه عمه ، علي بن أبي طالب أفضل من العباس لكنه ابن عمه ولهذا كان يستسقي بالعباس .
يقول : ( اللهم إنا كنا نستسقي إليك بنبينا ) يعني أننا نطلب السقيا منك بواسطة النبي عليه الصلاة والسلام بواسطة أي شيء ؟ بواسطة دعائه لنا هذا ما كنا يفعلونه مع الرسول عليه الصلاة والسلام .
ثم قال : ( وإنا نتوسل إليك بعم نبينا ) يعني نتوسل إليك التوسل الذي عدم بوفاة الرسول عليه الصلاة والسلام وهو التوسل الموجود في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام ، والتوسل الموجود في حياته بماذا ؟ بدعاء الرسول عليه الصلاة والسلام كما فعل الرجل الذي دخل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب .
وهذا من حسن صنيع ابن حجر رحمه الله أنه أتى بحديث ابن عمر هذا بعد حديث أنس بن مالك ليبين أن الاستسقاء بالرسول عليه الصلاة والسلام هو أن يطلب منه أن يدعو الله تعالى نعم في السقيا وعلى هذا جاء قول أبي طالب في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم :
" وأبيض يستسقى الغمام بوجهه *** ثمال اليتامى عصمة للأرامل "
يعني معناه أن الناس يسألون النبي عليه الصلاة والسلام لحسن خلقه وسماحته يسألونه أن يدعو الله لهم بالسقيا فيسقيهم والتوسل في قوله : ( إنا نتوسل ) .
التوسل فعل مضارع مأخوذ من الوسيلة وهو التوصل إلى الشيء بالشيء فكأن السين والصاد هنا متعاورتان يعني أن كل واحد منهما يكون في مكان الآخر فالتوسل هو التوصل بالشيء إلى شيء آخر ، وهو أقسام :
الأول : التوسل إلى الوصول إلى رضوان الله تعالى وجنته وهذا يكون بالأعمال الصالحة فإن الأعمال الصالحة وسيلة إلى الوصول إلى دار كرامة الله عز وجل قال الله تعالى : (( أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب )) ، فهذه هي الوسيلة الحقيقية التي هي فرض على كل أحد أن يقوم بها وهي ما يوصل إلى رضوان الله والجنة .
والقسم الثاني من الوسيلة أن يُجعل الشيء وسيلة لإجابة الدعاء وهذا تحته أقسام كما سيأتي .
أن يتوسل الإنسان بما يوصله للجنة وينجيه من النار وهذا إنما يكون بالإيمان والعمل الصالح فإن الإيمان والعمل الصالح وسيلة يوصل بهما الإنسان إلى دار كرامة الله عز وجل وينجي بهما من النار ودليل ذلك قوله تعالى : (( أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب )) يعني أولئك الذين يدعوهم هؤلاء ويتخذونهم أربابا من دون الله هم بأنفسهم محتاجون إلى الله (( يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب )) يعني يطلبون الطريق الذي يجعلهم أقرب إلى الله ولا طريق يجعل الإنسان أقرب إلى الله إلا بالإيمان والعمل الصالح .
القسم الثاني : أن يتوسل الإنسان بالشيء بين يدي دعائه ليكون سببا في إجابة الدعاء يعني التوسل في الدعاء لا في العبادة لا التوسل في الدعاء لا في العبادة لأن الأول يتعلق بالعبادة فهي وسيلة ينجو بها الإنسان من النار ويدخل بها الجنة .
أما هذا التوسل في الدعاء بأن يتخذ الإنسان وسيلة يقدمها بين يدي دعائه لتكون سببا في إجابته لتكون سببا في إجابته هذا أقسام ، أو هذا أنواع في الحقيقة لأنه قسم والقسم يبي ينوعه إلى أنواع :
النوع الأول : أن يتوسل بالعمل الصالح أن يتوسل بالعمل الصالح ، بمعنى أن يسأل الله شيئًا متوسِّلًا إليه سبحانه وتعالى بعمله الصالح وهذا في القرآن كثير ، وهو مشروع ومنه قوله تعالى : (( إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب )) ، إلى أن قال : (( ربنا إننا سمعنا مناديًا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا )) ويش بعده ؟ (( ربنا فاغفر لنا )) أي : بسبب إيماننا اغفر لنا ، فتوسلوا الآن بماذا ؟ بالإيمان .
التوسل بالعمل الصالح كتوسل أصحاب الغار الثلاثة ، الذين انطبق عليهم الغار توسلوا إلى الله تعالى لإجابة دعائهم بماذا ؟ بعملهم الصالح وإخلاصهم لله ، لأن كل واحد منهم ذكر عملًا وقال : ( اللهم إن كنت فعلت ذلك من أجلك فافرج عنا ما نحن فيه ) فتوسلوا إلى الله عز وجل بالأعمال الصالحة ، فالتوسل بالإيمان والعمل الصالح من دأب الصالحين ، فهو مشروع ووجه كون الإيمان والعمل الصالح وسيلة ظاهر جدًا لأن الله عز وجل يجيب دعوة المؤمن العامل فمن كان لله عبدًا كان الله له ربًا نعم ، فإذا كان هذا الإنسان عابدا لله بالإيمان به سبحانه وتعالى وبطاعته كان ذلك من أسباب إجابة دعائه واضح أنه وسيلة ولا لا ؟ واضح .
الثاني النوع الثاني : أن يتوسل إلى الله تعالى بصفاته بأسمائه ، أن يتوسل إلى الله تعالى بأسمائه صفاته أن يتوسل بأسمائه صفاته ، ومنه حديث ابن مسعود رضي الله عنه الحديث المشهور عن النبي عليه الصلاة والسلام : ( أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك ) ، هذه وسيلة المقصود ما هو ؟ ( أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب غمي وهمي ) .
إذًا توسل بماذا ؟ بأسماء الله توسل إلى الله تعالى بأسمائه الحسنى .
فالتوسل إلى الله بأسمائه سواء كان على سبيل العموم كما في قوله : ( أسألك بكل اسم هو لك ) أو على سبيل الخصوص كما لو قلت : اللهم يا غفور اغفر لي توسلت بهذا الاسم إلى ما يقتضيه من المغفرة فقلت : اللهم يا غفور اغفر لي يا رحيم ارحمني وما أشبه ذلك فصار التوسل بالأسماء الحسنى له وجهان :
الوجه الأول : على سبيل العموم فيقول : اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى أو ( بكل اسم هو لك ) كما في الحديث ، والثاني : يتوسل باسم خاص معين يناسب ما دعا به مثل تقول : اللهم يا غفور اغفر لي ويا رحيم ارحمني وما أشبه ذلك .
طيب ودليل هذا قوله تعالى : (( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها )) فقد أمرنا الله عز وجل أن ندعوه بأسمائه ومعنى ذلك أن نجعلها وسيلة لنا في دعائنا .
التوسل بالصفات مثاله أو دليله : ( اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرًا لي ، وتوفني إذا علمت الوفاة خيرًا لي ) ما هي الوسيلة ؟ صفة من صفات الله ما هي ؟ العلم والقدرة ، ( اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي ) .
وربما يستدل لذلك أيضا ويجعل مثالًا في حديث الاستخارة : ( اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك ) ، يعني أستخيرك : أسالك خير الأمرين بما تعلمه فإنك تعلم ولا أعلم وأستقدرك : أسألك أن تقدر لي أو أن تقدرني عليه وجهان .
المهم التوسل بالأسماء والصفات مشروع مشروع لأن الله تعالى أمر به ولأن النبي صلى الله عليه وسلم استعمله فهو من سنته .
النوع الثالث : أن يتوسل إلى الله عز وجل بذكر حاله التي تستجلب الرحمة أن يتوسل الداعي بذكر حاله التي تستجلب الرحمة ، ومنه قوله تعالى عن موسى صلى الله عليه وسلم : (( رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير )) ، نعم (( رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير )) أو لا طيب . ومنه قولنا : لا حول ولا قوة إلا بالله فإن هذا تبرؤ من الحول والقوة إلا بالله ، فهو استعانة بالله عز وجل ، ومنه قولك : اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ، ومنه قوله تعالى : (( لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين )) . المهم هذا النوع الثالث بذكر إيش ؟ حال الداعي إيش ؟ التي تستجلب الرحمة ، لأن ذكر حال الداعي لا شك أنها تستجلب وتستعطف المسؤول ، حتى يعطف ويرحم هذا السائل .
ولهذا جاء في قصة الثلاثة الأبرص والأقرع والأعمى ماذا قال الملك لهما ؟ ( إني فقير ، وابن سبيل قد انقطعت بي الحبال في سفري ) هذه الأوصاف ويش تستوجب ؟ تستوجب أن نعطف عليه أن يعطف عليه ، ولهذا إذا قدم إليك إنسان بطاقة قال : والله أنا فقير وصاحب عائلة ولا أستطيع أن أشتغل ويش المعنى ويش المراد يعني ؟ المراد أنه يريد منك أن تعطيه .
إذًا هذه الوسيلة هذه جائزة ولا لا ؟ جائزة فيها دليل من القرآن ولا لا ؟ فيها من القرآن في قوله تعالى : (( رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير )) ومن السنة .
الطالب : ( اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ) .
الشيخ : من السنة هذه من السنة أيضا لأن الرسول قال لأبي بكر لما قال : ( علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال : قل : اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ) ، وإن كان الحديث هذا مشتمل على ذكر حال الداعي وحال المدعو والتوسل إلى الله تعالى بأسمائه وصفاته يعني حديث أبي بكر جامع بين الأنواع الثلاثة ، طيب إذًا التوسل إلى الله تعالى بذكر حال الداعي .
الرابع : أن يتوسل إلى الله عز وجل بدعاء أحد من عباد الله الصالحين أن يتوسل إلى الله تعالى بدعاء أحد من عباد الله الصالحين ويش مثاله ؟ كحديث الاستسقاء اللي معنا ، فإن الصحابي الذي جاء إلى الرسول عليه الصلاة والسلام قال : ( يا رسول الله ادع الله يغيثنا ) هذا التوسل بدعاء الرسول عليه الصلاة والسلام بدعاء الصالحين نعم وكذلك قول عكاشة بن محصن : ( ادع الله أن يجعلني منهم فقال : أنتم منهم ) وأمثلة هذا كثيرة التوسل بدعاء الصالحين .
ومنه أيضا فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه فإن عمر توسل بدعاء العباس بن عبد المطلب لقربه من الرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيم الرسول صلى الله عليه سلم له لأن الرسول قد جعل العباس بمنزلة الوالد له عليه الصلاة والسلام لأن العباس أكبر من الرسول بسنتين نعم إذًا نقول : التوسل بدعاء الصالحين هذا جائز لأن النبي عليه الصلاة والسلام أقره ولكن هل هو مشروع أم لا ؟ نعم هو من قسم الجائز أما المشروع فليس بمشروع لأن فيه نوعا من التذلل للخلق إذا قلت : يا فلان ادع الله لي فهذا فيه شيء من الخضوع للخلق وسؤال الخلق ولا ينبغي للإنسان أن يسأل أحدا من المخلوقين لكنه والحمد لله لا بأس به لأن الإنسان قد يرى من نفسه أنه ليس أهلا يعني يدعو الله عز وجل بنفسه يرى في نفسه تقصيرا فيخجل من الله عز وجل فيطلب من غيره من عباد الله الصالحين أن يدعو الله له نقول هذا جائز ولا لا ؟ هذا جائز لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أقره طيب هذه أربعة.
الخامس : أن يتوسل بذات الخلق بذات أحد من المخلوقين بذات أحد من المخلوقين مثل أن يقول : اللهم إني أسألك بنبيك بنبيك بذاته فما حكمه ؟ هذا لا يجوز هذا لا يجوز لماذا ؟ لأننا سبق أن قلنا : إن الوسيلة هي ما يتوصل به إلى الشيء ، وذات النبي عليه الصلاة والسلام ليست موصلة لك إلى مقصودك وعلى هذا فلا يجوز التوسل إلى الله تعالى بنبيه .
وما ورد في ذلك من حديث ضعيف : ( أسألك بنبيك نبي الرحمة ) فإنه محمول على واحد من أمور ثلاثة : إما أن المعنى أسألك بنبيك أي : بإرسالك نبيك فيكون هذا من باب التوسل بماذا ؟ بأفعال الله التي هي من صفاته ، أو أن المعنى أسألك بنبيك أي : بإيماني به وعلى هذا فيكون التوسل بماذا ؟ بالأعمال الصالحة بالإيمان بالله والرسول عليه الصلاة والسلام ، أو أن المعنى أسألك بنبيك أي : بدعائه بأن يدعو الله لي فيكون من باب التوسل بدعاء الصالحين .
وهذا على تقدير صحة الحديث نعم ، إذا صح فإن لم يصح فقد كفينا إياه .
وإنما أولناه إلى أحد هذه الوجوه الثلاثة لأجل أن يطابق المعنى الذي شُرعَت من أجله الوسيلة وهي أن تكون موصلة للمقصود .
السادس : التوسل إلى الله بجاه الرسول عليه الصلاة والسلام ومنزلته عند الله التوسل بجاهه ومنزلته بأن يقول : أتوسل إليك يا رب بجاه نبيك ومنزلته عندك فهذا الصحيح أنه لا يجوز ، ذلك لأن هذا ليس بوسيلة في الواقع والوسيلة هي ما يوصل إلى المقصود وهذا لا يوصل إلى المقصود لأن جاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الله لا شك فيه وهو أعظم الناس جاها عنده سبحانه وتعالى ، ولكن جاهه لا ينفعني أنا لا ينفعني لأن جاهه إنما يكون نافعًا له هو بنفسه أما أنا فماذا يفيدني ؟ لا يفيدني شيئًا ، وعلى هذا فالصحيح أن التوسل بجاه الرسول عليه الصلاة والسلام محرم ولا يجوز لأنه ليس من الأمور الموصلة إلى المقصود .
ولا شك أنك إذا قدمت بين يدي دعاء ربك شيئا ليس وسيلة أنه من باب الاعتداء في الدعاء ، وقد نتجاوز قليلًا ونقول : إنه من باب الاستهزاء بالله عز وجل لأن كونك تقدم شيء تريد من الله عز وجل أن يجيب دعاءك به وهو ليس بوسيلة ويش معنى ذلك إلا الاستهزاء والتهكم نعم ولكننا قد لا نتجاوز حتى نقول هذا القول حتى نقول : إنه استهزاء .
لكنه بالنسبة للمخلوقين لو أن أحدا توسل إلي بشيء لا يفيد لعددت ذلك منه استهزاء بي نعم فدل هذه ستة أنواع من التوسل .
طيب التوسل إلى الله عز وجل بأشخاص غير صالحين السابع أعظم ماللي قبله لماذا ؟ لأنه إذا كان التوسل بالصالحين بذواتهم حراما فغير الصالحين من باب أولى ، يكون أشد ولهذا الأنبياء الكرام صلوات الله وسلامه عليهم حين طلب منهم الشفاعة اعتذروا بما فعلوا من الأمور التي تابوا منها آدم اعتذر بأكله من الشجرة ونوح اعتذر بأنه سأل ما ليس به علم وإبراهيم اعتذر بأنه كذب ثلاث كَذِبَات وموسى اعتذر بأنه قتل نفسا لم يؤمر بقتلها نعم ؟ لأن من لم يكن عابدا قانتا لله ليس أهلا للشفاعة حتى لو طلبت أن يدعو لك وهو ليس من الصالحين فهذا غلط لأنه ليس محلا لأن يكون مجاب الدعوة لكونه غير صالح والله تعالى إنما يتقبل من المتقين ، ولكن مع هذا قد يتقبل من غير المتقين لحكمة يريدها سبحانه وتعالى والحاصل أن هذه الأنواع منها جائز ومنها ومنها ما هو ممنوع ومنها ما هو ممنوع وكل هذا بمقتضى الأدلة الشرعية .
فإن قلت : ما نوع التوسل في قوله صلى الله عليه وسلم : ( اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ) ؟ لأن هذا لا شك توسل ، كما صليت توسل بماذا ؟ بفعل الله عز وجل فهو من التوسل بصفات الله نعم ، أفعاله من صفاته لكن بس إن أفعاله صفات غير ذاتية يسمونها صفات فعلية بخلاف صفاته الذاتية الدائمة التي لم يزل ولا يزال متصفا بها .
وعلى هذا فتوسل عمر رضي الله عنه لو تمسك به متمسك وقال إن عمر يقول : ( نتوسل إليك بنبينا وإننا نتوسل إليك بعم نبينا فأسقنا فيسقون ) ولا فيه أن العباس دعا ؟ نعم قلنا : الجواب على ذلك من وجهين : الأول : أنه قد روي في غير البخاري أن العباس قام فدعا الله نعم وأن عمر قال : ( قم يا عباس فادع الله فقام فدعا ) هذا واحد الوجه الثاني : أن نقول في رواية البخاري اللي معنا ما يدل على أن عمر رضي الله عنه أراد أن العباس يدعو الله كيف ؟ لأنه قال : نتوسل إليك بنبيك وقد عُلِم أنهم لا يتوسلون بالنبي عليه الصلاة والسلام إلا بدعائه إلا بدعائه يسألونه أن يدعو الله فيكون توسل عمر بالعباس بدعاء العباس كما كانوا يتوسلون بالنبي عليه الصلاة والسلام ، فيكون الحديث الذي في البخاري فيه إشارة إلى أن التوسل بالعباس ليس بذاته ولكن بدعائه .
طيب فإن قلت : لماذا خص العباس مع أن في القوم من هو أفضل منه ؟ أجبنا على ذلك فيما سبق بأنه أقرب الناس إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وأنه عليه الصلاة والسلام كان يعظم العباس حتى كان له بمنزلة الوالد فلهذا - يرحمك الله - استسقى ، توسل به عمر رضي الله عنه طيب .
السائل : شيخ .
الشيخ : نعم .
السائل : هل هناك ... بجاه الرسول .
الشيخ : لا .
السائل : ... .
الشيخ : نعم .
لأن العباس بن عبد المطلب أقرب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه عمه ، علي بن أبي طالب أفضل من العباس لكنه ابن عمه ولهذا كان يستسقي بالعباس .
يقول : ( اللهم إنا كنا نستسقي إليك بنبينا ) يعني أننا نطلب السقيا منك بواسطة النبي عليه الصلاة والسلام بواسطة أي شيء ؟ بواسطة دعائه لنا هذا ما كنا يفعلونه مع الرسول عليه الصلاة والسلام .
ثم قال : ( وإنا نتوسل إليك بعم نبينا ) يعني نتوسل إليك التوسل الذي عدم بوفاة الرسول عليه الصلاة والسلام وهو التوسل الموجود في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام ، والتوسل الموجود في حياته بماذا ؟ بدعاء الرسول عليه الصلاة والسلام كما فعل الرجل الذي دخل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب .
وهذا من حسن صنيع ابن حجر رحمه الله أنه أتى بحديث ابن عمر هذا بعد حديث أنس بن مالك ليبين أن الاستسقاء بالرسول عليه الصلاة والسلام هو أن يطلب منه أن يدعو الله تعالى نعم في السقيا وعلى هذا جاء قول أبي طالب في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم :
" وأبيض يستسقى الغمام بوجهه *** ثمال اليتامى عصمة للأرامل "
يعني معناه أن الناس يسألون النبي عليه الصلاة والسلام لحسن خلقه وسماحته يسألونه أن يدعو الله لهم بالسقيا فيسقيهم والتوسل في قوله : ( إنا نتوسل ) .
التوسل فعل مضارع مأخوذ من الوسيلة وهو التوصل إلى الشيء بالشيء فكأن السين والصاد هنا متعاورتان يعني أن كل واحد منهما يكون في مكان الآخر فالتوسل هو التوصل بالشيء إلى شيء آخر ، وهو أقسام :
الأول : التوسل إلى الوصول إلى رضوان الله تعالى وجنته وهذا يكون بالأعمال الصالحة فإن الأعمال الصالحة وسيلة إلى الوصول إلى دار كرامة الله عز وجل قال الله تعالى : (( أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب )) ، فهذه هي الوسيلة الحقيقية التي هي فرض على كل أحد أن يقوم بها وهي ما يوصل إلى رضوان الله والجنة .
والقسم الثاني من الوسيلة أن يُجعل الشيء وسيلة لإجابة الدعاء وهذا تحته أقسام كما سيأتي .
أن يتوسل الإنسان بما يوصله للجنة وينجيه من النار وهذا إنما يكون بالإيمان والعمل الصالح فإن الإيمان والعمل الصالح وسيلة يوصل بهما الإنسان إلى دار كرامة الله عز وجل وينجي بهما من النار ودليل ذلك قوله تعالى : (( أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب )) يعني أولئك الذين يدعوهم هؤلاء ويتخذونهم أربابا من دون الله هم بأنفسهم محتاجون إلى الله (( يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب )) يعني يطلبون الطريق الذي يجعلهم أقرب إلى الله ولا طريق يجعل الإنسان أقرب إلى الله إلا بالإيمان والعمل الصالح .
القسم الثاني : أن يتوسل الإنسان بالشيء بين يدي دعائه ليكون سببا في إجابة الدعاء يعني التوسل في الدعاء لا في العبادة لا التوسل في الدعاء لا في العبادة لأن الأول يتعلق بالعبادة فهي وسيلة ينجو بها الإنسان من النار ويدخل بها الجنة .
أما هذا التوسل في الدعاء بأن يتخذ الإنسان وسيلة يقدمها بين يدي دعائه لتكون سببا في إجابته لتكون سببا في إجابته هذا أقسام ، أو هذا أنواع في الحقيقة لأنه قسم والقسم يبي ينوعه إلى أنواع :
النوع الأول : أن يتوسل بالعمل الصالح أن يتوسل بالعمل الصالح ، بمعنى أن يسأل الله شيئًا متوسِّلًا إليه سبحانه وتعالى بعمله الصالح وهذا في القرآن كثير ، وهو مشروع ومنه قوله تعالى : (( إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب )) ، إلى أن قال : (( ربنا إننا سمعنا مناديًا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا )) ويش بعده ؟ (( ربنا فاغفر لنا )) أي : بسبب إيماننا اغفر لنا ، فتوسلوا الآن بماذا ؟ بالإيمان .
التوسل بالعمل الصالح كتوسل أصحاب الغار الثلاثة ، الذين انطبق عليهم الغار توسلوا إلى الله تعالى لإجابة دعائهم بماذا ؟ بعملهم الصالح وإخلاصهم لله ، لأن كل واحد منهم ذكر عملًا وقال : ( اللهم إن كنت فعلت ذلك من أجلك فافرج عنا ما نحن فيه ) فتوسلوا إلى الله عز وجل بالأعمال الصالحة ، فالتوسل بالإيمان والعمل الصالح من دأب الصالحين ، فهو مشروع ووجه كون الإيمان والعمل الصالح وسيلة ظاهر جدًا لأن الله عز وجل يجيب دعوة المؤمن العامل فمن كان لله عبدًا كان الله له ربًا نعم ، فإذا كان هذا الإنسان عابدا لله بالإيمان به سبحانه وتعالى وبطاعته كان ذلك من أسباب إجابة دعائه واضح أنه وسيلة ولا لا ؟ واضح .
الثاني النوع الثاني : أن يتوسل إلى الله تعالى بصفاته بأسمائه ، أن يتوسل إلى الله تعالى بأسمائه صفاته أن يتوسل بأسمائه صفاته ، ومنه حديث ابن مسعود رضي الله عنه الحديث المشهور عن النبي عليه الصلاة والسلام : ( أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك ) ، هذه وسيلة المقصود ما هو ؟ ( أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب غمي وهمي ) .
إذًا توسل بماذا ؟ بأسماء الله توسل إلى الله تعالى بأسمائه الحسنى .
فالتوسل إلى الله بأسمائه سواء كان على سبيل العموم كما في قوله : ( أسألك بكل اسم هو لك ) أو على سبيل الخصوص كما لو قلت : اللهم يا غفور اغفر لي توسلت بهذا الاسم إلى ما يقتضيه من المغفرة فقلت : اللهم يا غفور اغفر لي يا رحيم ارحمني وما أشبه ذلك فصار التوسل بالأسماء الحسنى له وجهان :
الوجه الأول : على سبيل العموم فيقول : اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى أو ( بكل اسم هو لك ) كما في الحديث ، والثاني : يتوسل باسم خاص معين يناسب ما دعا به مثل تقول : اللهم يا غفور اغفر لي ويا رحيم ارحمني وما أشبه ذلك .
طيب ودليل هذا قوله تعالى : (( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها )) فقد أمرنا الله عز وجل أن ندعوه بأسمائه ومعنى ذلك أن نجعلها وسيلة لنا في دعائنا .
التوسل بالصفات مثاله أو دليله : ( اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرًا لي ، وتوفني إذا علمت الوفاة خيرًا لي ) ما هي الوسيلة ؟ صفة من صفات الله ما هي ؟ العلم والقدرة ، ( اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي ) .
وربما يستدل لذلك أيضا ويجعل مثالًا في حديث الاستخارة : ( اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك ) ، يعني أستخيرك : أسالك خير الأمرين بما تعلمه فإنك تعلم ولا أعلم وأستقدرك : أسألك أن تقدر لي أو أن تقدرني عليه وجهان .
المهم التوسل بالأسماء والصفات مشروع مشروع لأن الله تعالى أمر به ولأن النبي صلى الله عليه وسلم استعمله فهو من سنته .
النوع الثالث : أن يتوسل إلى الله عز وجل بذكر حاله التي تستجلب الرحمة أن يتوسل الداعي بذكر حاله التي تستجلب الرحمة ، ومنه قوله تعالى عن موسى صلى الله عليه وسلم : (( رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير )) ، نعم (( رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير )) أو لا طيب . ومنه قولنا : لا حول ولا قوة إلا بالله فإن هذا تبرؤ من الحول والقوة إلا بالله ، فهو استعانة بالله عز وجل ، ومنه قولك : اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ، ومنه قوله تعالى : (( لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين )) . المهم هذا النوع الثالث بذكر إيش ؟ حال الداعي إيش ؟ التي تستجلب الرحمة ، لأن ذكر حال الداعي لا شك أنها تستجلب وتستعطف المسؤول ، حتى يعطف ويرحم هذا السائل .
ولهذا جاء في قصة الثلاثة الأبرص والأقرع والأعمى ماذا قال الملك لهما ؟ ( إني فقير ، وابن سبيل قد انقطعت بي الحبال في سفري ) هذه الأوصاف ويش تستوجب ؟ تستوجب أن نعطف عليه أن يعطف عليه ، ولهذا إذا قدم إليك إنسان بطاقة قال : والله أنا فقير وصاحب عائلة ولا أستطيع أن أشتغل ويش المعنى ويش المراد يعني ؟ المراد أنه يريد منك أن تعطيه .
إذًا هذه الوسيلة هذه جائزة ولا لا ؟ جائزة فيها دليل من القرآن ولا لا ؟ فيها من القرآن في قوله تعالى : (( رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير )) ومن السنة .
الطالب : ( اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ) .
الشيخ : من السنة هذه من السنة أيضا لأن الرسول قال لأبي بكر لما قال : ( علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال : قل : اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ) ، وإن كان الحديث هذا مشتمل على ذكر حال الداعي وحال المدعو والتوسل إلى الله تعالى بأسمائه وصفاته يعني حديث أبي بكر جامع بين الأنواع الثلاثة ، طيب إذًا التوسل إلى الله تعالى بذكر حال الداعي .
الرابع : أن يتوسل إلى الله عز وجل بدعاء أحد من عباد الله الصالحين أن يتوسل إلى الله تعالى بدعاء أحد من عباد الله الصالحين ويش مثاله ؟ كحديث الاستسقاء اللي معنا ، فإن الصحابي الذي جاء إلى الرسول عليه الصلاة والسلام قال : ( يا رسول الله ادع الله يغيثنا ) هذا التوسل بدعاء الرسول عليه الصلاة والسلام بدعاء الصالحين نعم وكذلك قول عكاشة بن محصن : ( ادع الله أن يجعلني منهم فقال : أنتم منهم ) وأمثلة هذا كثيرة التوسل بدعاء الصالحين .
ومنه أيضا فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه فإن عمر توسل بدعاء العباس بن عبد المطلب لقربه من الرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيم الرسول صلى الله عليه سلم له لأن الرسول قد جعل العباس بمنزلة الوالد له عليه الصلاة والسلام لأن العباس أكبر من الرسول بسنتين نعم إذًا نقول : التوسل بدعاء الصالحين هذا جائز لأن النبي عليه الصلاة والسلام أقره ولكن هل هو مشروع أم لا ؟ نعم هو من قسم الجائز أما المشروع فليس بمشروع لأن فيه نوعا من التذلل للخلق إذا قلت : يا فلان ادع الله لي فهذا فيه شيء من الخضوع للخلق وسؤال الخلق ولا ينبغي للإنسان أن يسأل أحدا من المخلوقين لكنه والحمد لله لا بأس به لأن الإنسان قد يرى من نفسه أنه ليس أهلا يعني يدعو الله عز وجل بنفسه يرى في نفسه تقصيرا فيخجل من الله عز وجل فيطلب من غيره من عباد الله الصالحين أن يدعو الله له نقول هذا جائز ولا لا ؟ هذا جائز لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أقره طيب هذه أربعة.
الخامس : أن يتوسل بذات الخلق بذات أحد من المخلوقين بذات أحد من المخلوقين مثل أن يقول : اللهم إني أسألك بنبيك بنبيك بذاته فما حكمه ؟ هذا لا يجوز هذا لا يجوز لماذا ؟ لأننا سبق أن قلنا : إن الوسيلة هي ما يتوصل به إلى الشيء ، وذات النبي عليه الصلاة والسلام ليست موصلة لك إلى مقصودك وعلى هذا فلا يجوز التوسل إلى الله تعالى بنبيه .
وما ورد في ذلك من حديث ضعيف : ( أسألك بنبيك نبي الرحمة ) فإنه محمول على واحد من أمور ثلاثة : إما أن المعنى أسألك بنبيك أي : بإرسالك نبيك فيكون هذا من باب التوسل بماذا ؟ بأفعال الله التي هي من صفاته ، أو أن المعنى أسألك بنبيك أي : بإيماني به وعلى هذا فيكون التوسل بماذا ؟ بالأعمال الصالحة بالإيمان بالله والرسول عليه الصلاة والسلام ، أو أن المعنى أسألك بنبيك أي : بدعائه بأن يدعو الله لي فيكون من باب التوسل بدعاء الصالحين .
وهذا على تقدير صحة الحديث نعم ، إذا صح فإن لم يصح فقد كفينا إياه .
وإنما أولناه إلى أحد هذه الوجوه الثلاثة لأجل أن يطابق المعنى الذي شُرعَت من أجله الوسيلة وهي أن تكون موصلة للمقصود .
السادس : التوسل إلى الله بجاه الرسول عليه الصلاة والسلام ومنزلته عند الله التوسل بجاهه ومنزلته بأن يقول : أتوسل إليك يا رب بجاه نبيك ومنزلته عندك فهذا الصحيح أنه لا يجوز ، ذلك لأن هذا ليس بوسيلة في الواقع والوسيلة هي ما يوصل إلى المقصود وهذا لا يوصل إلى المقصود لأن جاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الله لا شك فيه وهو أعظم الناس جاها عنده سبحانه وتعالى ، ولكن جاهه لا ينفعني أنا لا ينفعني لأن جاهه إنما يكون نافعًا له هو بنفسه أما أنا فماذا يفيدني ؟ لا يفيدني شيئًا ، وعلى هذا فالصحيح أن التوسل بجاه الرسول عليه الصلاة والسلام محرم ولا يجوز لأنه ليس من الأمور الموصلة إلى المقصود .
ولا شك أنك إذا قدمت بين يدي دعاء ربك شيئا ليس وسيلة أنه من باب الاعتداء في الدعاء ، وقد نتجاوز قليلًا ونقول : إنه من باب الاستهزاء بالله عز وجل لأن كونك تقدم شيء تريد من الله عز وجل أن يجيب دعاءك به وهو ليس بوسيلة ويش معنى ذلك إلا الاستهزاء والتهكم نعم ولكننا قد لا نتجاوز حتى نقول هذا القول حتى نقول : إنه استهزاء .
لكنه بالنسبة للمخلوقين لو أن أحدا توسل إلي بشيء لا يفيد لعددت ذلك منه استهزاء بي نعم فدل هذه ستة أنواع من التوسل .
طيب التوسل إلى الله عز وجل بأشخاص غير صالحين السابع أعظم ماللي قبله لماذا ؟ لأنه إذا كان التوسل بالصالحين بذواتهم حراما فغير الصالحين من باب أولى ، يكون أشد ولهذا الأنبياء الكرام صلوات الله وسلامه عليهم حين طلب منهم الشفاعة اعتذروا بما فعلوا من الأمور التي تابوا منها آدم اعتذر بأكله من الشجرة ونوح اعتذر بأنه سأل ما ليس به علم وإبراهيم اعتذر بأنه كذب ثلاث كَذِبَات وموسى اعتذر بأنه قتل نفسا لم يؤمر بقتلها نعم ؟ لأن من لم يكن عابدا قانتا لله ليس أهلا للشفاعة حتى لو طلبت أن يدعو لك وهو ليس من الصالحين فهذا غلط لأنه ليس محلا لأن يكون مجاب الدعوة لكونه غير صالح والله تعالى إنما يتقبل من المتقين ، ولكن مع هذا قد يتقبل من غير المتقين لحكمة يريدها سبحانه وتعالى والحاصل أن هذه الأنواع منها جائز ومنها ومنها ما هو ممنوع ومنها ما هو ممنوع وكل هذا بمقتضى الأدلة الشرعية .
فإن قلت : ما نوع التوسل في قوله صلى الله عليه وسلم : ( اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ) ؟ لأن هذا لا شك توسل ، كما صليت توسل بماذا ؟ بفعل الله عز وجل فهو من التوسل بصفات الله نعم ، أفعاله من صفاته لكن بس إن أفعاله صفات غير ذاتية يسمونها صفات فعلية بخلاف صفاته الذاتية الدائمة التي لم يزل ولا يزال متصفا بها .
وعلى هذا فتوسل عمر رضي الله عنه لو تمسك به متمسك وقال إن عمر يقول : ( نتوسل إليك بنبينا وإننا نتوسل إليك بعم نبينا فأسقنا فيسقون ) ولا فيه أن العباس دعا ؟ نعم قلنا : الجواب على ذلك من وجهين : الأول : أنه قد روي في غير البخاري أن العباس قام فدعا الله نعم وأن عمر قال : ( قم يا عباس فادع الله فقام فدعا ) هذا واحد الوجه الثاني : أن نقول في رواية البخاري اللي معنا ما يدل على أن عمر رضي الله عنه أراد أن العباس يدعو الله كيف ؟ لأنه قال : نتوسل إليك بنبيك وقد عُلِم أنهم لا يتوسلون بالنبي عليه الصلاة والسلام إلا بدعائه إلا بدعائه يسألونه أن يدعو الله فيكون توسل عمر بالعباس بدعاء العباس كما كانوا يتوسلون بالنبي عليه الصلاة والسلام ، فيكون الحديث الذي في البخاري فيه إشارة إلى أن التوسل بالعباس ليس بذاته ولكن بدعائه .
طيب فإن قلت : لماذا خص العباس مع أن في القوم من هو أفضل منه ؟ أجبنا على ذلك فيما سبق بأنه أقرب الناس إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وأنه عليه الصلاة والسلام كان يعظم العباس حتى كان له بمنزلة الوالد فلهذا - يرحمك الله - استسقى ، توسل به عمر رضي الله عنه طيب .
السائل : شيخ .
الشيخ : نعم .
السائل : هل هناك ... بجاه الرسول .
الشيخ : لا .
السائل : ... .
الشيخ : نعم .