قراءة من الشرح مع تعليق الشيخ . حفظ
القارئ : " قوله : قال طاووس : قال معاذ لأهل اليمن : هذا التعليق صحيح الإسناد إلى طاووس لكن طاووس لم يسمع من معاذ فهو منقطع، فلا يغتر بقول من قال : ذكره البخاري بالتعليق الجازم فهو صحيح عنده، لأن ذلك لا يفيد إلا الصحة إلى من علق عنه، وأما باقي الإسناد فلا، إلا أن إيراده له في معرض الاحتجاج به يقتضي قوته عنده وكأنه عضده عنده الأحاديث التي ذكرها في الباب، وقد روينا أثر طاووس المذكور في كتاب الخراج ليحيى بن آدم من رواية ابن عيينة عن ابراهيم بن ميسرة وعمرو بن دينار فرقهما كلاهما عن طاووس .
وقوله : خميص، قال الداوودي والجوهري وغيرهما : ثوب خميس بسين مهملة هو ثوب طوله خمسة أذرع، وقيل : سمي بذلك لأن أول من عمله الخميس ملك من ملوك اليمن.
وقال عياض : ذكره البخاري بالصاد، وأما أبو عبيدة فذكره بالسين، قال أبو عبيدة : كأن معاذا عني الصفيق من الثياب، وقال عياض قد يكون المراد ثوب خميص أي خميصة، لكن ذكره على إرادة الثوب، وقوله : لبيس أي ملبوس، فعيل بمعنى مفعول ، وقوله : في الصدقة، يرد قول من قال : إن ذلك كان في الخراج.
وحكى البيهقي أن بعضهم قال فيه : من الجزية، بدل الصدقة، فإن ثبت ذلك سقط الاستدلال، لكن المشهور الأول، وقد رواه ابن أبي شيبة عن وكيع عن الثوري عن ابراهيم بن ميسرة عن طاووس أن معاذا كان يأخذ العروض في الصدقة، وأجاب الإسماعيلي باحتمال أن يكون المعنى : ائتوني به أخذه منكم مكان الشعير والذرة آخذه شراء بما آخذه فيكون بقبضه قد بلغ محله، ثم يأخذ مكانه ما يشتريه مما هو أوسع عندهم وأنفع للآخذ.
وقال : ويؤيده أنها لو كانت من الزكاة لم تكن مردودة على الصحابة، وقد أمره النبي صلّى الله عليه وسلم أن يأخذ الصدقة من أغنيائهم فيردها على فقرائهم، وأجيب بأنه لا مانع من أنه كان يحمل الزكاة إلى الأمام ليتولى قسمتها، وقد احتج به من يجيز نقل الزكاة من بلد إلى بلد، وهي مسألة خلافية أيضا، وقيل في الجواب عن قصة معاذ إنها اجتهاد منه فلا حجة فيه، وفيه نظر، لأنه كان أعلم الناس بالحلال والحرام، وقد بين له النبي صلّى الله عليه وسلم لما أرسله إلى اليمن ما يصنع، وقيل : كانت تلك واقعة حال لا دلالة فيها لاحتمال أن يكون علم بأهل المدينة حاجة لذلك، وقد قام الدليل على خلاف عمله ذلك. وقال القاضي عبد الوهاب المالكي : كانوا يطلقون على الجزية اسم الصدقة فلعل هذا منها، وتعقب بقوله : فكان الشعير والذرة، وما كانت الجزية حينئذ من أولئك من شعير ولا ذرة إلا من النقدين، وقوله : أهون عليكم، أراد معنى تسليط السهولة عليهم فلم يقل : أهون لكم، وقوله : وخير لأصحاب محمّد، أي أرفق بهم لأن مؤونة النقل ثقيلة، فرأى الأخف في ذلك خيرا من الأثقل "
.
الشيخ : شيخ الإسلام رحمه الله يحتج بهذا الأثر على جواز إخراج القيمة، وعلى جواز نقل الزكاة إلى غير بلد المال.