ما حكم التصوير بالنحت والرسم باليد والكاميرا والفيديو . وهل بينهما فرق ؟ حفظ
السائل : بالنسبة للصور السؤال الأول صور النحت التي ينحت الإنسان بالإزميل والشاكوش ، ثم صور الرسم التي يرسمها الإنسان بالقلم والفرشاة ، ثم الصور بالكاميرا التي يصورها الإنسان مرة واحدة ، والسؤال الأخير بالنسبة لصور الفيديو التي قد يكون فيها الإنسان في معزلٍ تمامًا عنها ، تكون أوتوماتيك ، كل هذه الصور لاشك أن هناك فرق عندي في تصوري بين أن يكون المصور له من وجدانه سعة الفن والمضاهاة ، والفرق الآخر : أنه ليس له في تكوين الصورة أي سبب ، لأن تكوين الصورة يتم من خلال العدسات ومن خلال الأضواء المختلفة ، فهناك لا شك فرق بين المصور الذي يرسم بيده أو ينحت بإزميله ، والمصور الذي بالكاميرا سواء الفوتوغرافية أو الكاميرا الفيديو ، نرجو التوضيح ؟
الشيخ : أنت لما تقول الفرق تتكلم عن الفرق الشرعي أو الفرق الصنعي ؟
السائل : الصنعي .
الشيخ : وما يهمنا الآن ؟ أنت تعرف أن الفنانين زعموا أو النحاتين كان أحدهم يمكث ليالي أو أيامًا طوالا حتى يخرج الصور في الهيئة التي تعجبه ، بالشاكوش والإزميل ، ولعلك أنت تذكرني بذاك الطلياني الذي استمر ينحت صنمًا له ، ثم لما يعجبه حطمه ، ما اسمه ؟ هل تدري ؟
السائل : ما أدري
الشيخ : المهم ... اليوم مثل الكاميرا كبسة زر مع توجيهها إلى الهدف تطلع الصورة بلحظة ، صح ؟
السائل : صح .
الشيخ : هذا غير جهد ، أنا أذكر معلم الرسم في المدرسة الابتدائية أنا كنت فيها كانوا الطلاب يخرجوا إلى الفسحة إلى الفرصة ويركضوا يلعبوا إلى آخره ، يقعدون في جانب ، ينادي طالب من الطلاب هو جالس بجانب اللوح ، يا فلان ، تعالى ، يمسك الطبشورة هذه ويعمل صورة الولد كما هو تماما بسرعة ، لكن الكاميرا أسرع بكثير ، فالوسائل إذًا اختلفت تمامًا عن ذي قبل .
الآن تعرف أنت يمكن في أوروبا تأتي أصنام من رخام ، أو من النحاس ، وقد يكون من فضة وقد يكون من ذهب على حسب البطر ، هذا ما نُحت بالإزميل ، ولا استمر الذي أخرجها بهذه الصورة التي تُعجب الفنانين حقيقةً ، إلا بكبسة زر ، عرفت هذا ؟ لكن هذا الجهاز الضخم الذي ركب على عدة آلات ومسننات وإلى آخره ، ووصل بالكهرباء بضغطة زر يكرر لك عشرات الأصنام ، سواء من الحديد أو النحاس أو الفضة إلى آخره ، ما يهمنا نحن من حيث أن هذه الصورة تختلف عن الصورة من حيث الصنع ، أليست النتيجة واحدة ؟ أليس هذا صنمًا ؟
السائل : صح ، لكن النية في القلب نية المضاهاة ... .
الشيخ : معلش ، نحن الآن نحكي من حيث الصنع ، سواءً إنسان صور بقلم رصاص ، أو بقلم الحبر ، أو بالريش الصفراء أو الخضراء أو شكل أو أو ، إلى آخره ، أخيرًا بالكاميرا ، النتيجة واحدة هذه صورة وهذه صورة ، ونذكر بهذه المناسبة ولعل هذا يفيد بإبطال الجمود الظاهري العصري ، كنت معتاد شهريًا أذهب من دمشق إلى الشمال إلى حلب في سبيل الدعوة ولقاء الإخوان هناك ، فرجعت بسيارتي العجوز ، وركب معي شاب ، فيه شبه بينك وبينه من حيث أن لحيته كثة وسوداء ، ما بدنا نقطع هذا الطريق طبعًا بحديث وليس كما يقطعه سائر الناس ، وإنما بحديث مفيد ، فُتح هذا الموضوع بالذات موضوع الصور ، فهو سمع كما تسمعون أنه فيه فرق بين الصور اليدوية فهي محرمة ، و الصور الفوتوغرافية أو الشمسية فيها مباحة ، الله عزّ وجلّ في هذه اللحظة ألهمني أنه أتحدث بالحديث الآتي ، فقلت لصاحبي زعموا أن شيخًا فاضلاً زار تلميذًا له في بيته ، فلما جلس وقع بصره على صورته صورة الشيخ في صدر المكان ، فقال لتلميذه أنا يا بني ألم أدرس عليكم أن الصور اقتناءها حرام ، وأنها تمنع دخول الملائكة وأنت أعرفك من تلاميذي الأذكياء الصالحين ... إلى آخره ، قال يا سيدي الشيخ ، أنا علقتها لأتذكر أخلاقك وكمالك .. إلى آخره ، قال : لا ، ما يجوز ، فسارع التلميذ وأنزل الصورة ، راحت أيام وجاءت أيام ، فعاد الشيخ إلى زيارة تلميذه مرة أخرى ، وإذا هو يرى الصورة في مكانها ، قال له : ما هذا يا بني ؟ أليس أنكرت عليك في الزيارة السابقة ؟ قال : نعم يا سيدي ، لكن أنا فهمت منك التفريق بين الصورة اليدوية والصورة الشمسية ، فتلك كانت صورة يدوية ، أما هذه فهي صورة شمسية ، فقال له : بارك الله فيك ، أنت قد صرت فقيهًا .
هذه ظاهرية مقيتة ، لا ينبغي للمسلم أن يقف عند مثلها ، لأنها تشبه ظاهرية قديمة ، يقول فيها بعض العلماء الأفاضل ، لكن غلب عليهم مع الأسف الجمود الفقهي ، وفي ذلك العديد من الأمثلة مثلاً : المحرم ما يجوز يحلق شعر رأسه ، يدفع عليه فدية ، (( ففدية من صيام أو صدقة أو نسك )) قال : لكنه لو أزال الشعر بعلاج أو دواء ، وعمل هيك بيده فهذا ما حلق ، فإذًا هذا يجوز .
وأخرى ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البول في الماء الراكد ) الحديث صحيح قال : فلو أنه بال في إناءٍ ثم أراق ما في الإناء في الماء جاز ، لماذا ؟ لأنه ما صدق عليه لفظه لفظ الحديث( نهى النبي عن البول في الماء الراكد ) هذا ليس ماء راكدًا ، هذا بال في الإناء الفارغ وملأه ، وبعد ذلك فرغه في الماء الراكد ، هذا جاز ، لماذا ؟ لأنه لا يصدق عليه أنه بال في الماء الراكد ، لكن بقليل من الفقه والتفكر يفهم الإنسان أن المقصود من نهي الرسول عن البول في الماء الراكد هو المحافظة على الماء ، فقد لا يتنجس لأنه يكون ماء كثير مثلاً ، والبول بالنسبة للماء الكثير قليل ، لكن على الأقل سيتلوث ، فهو أراد المحافظة على نقاوة الماء ، وعادةً الناس كل الناس لما يبول يبول في الماء هذا ، ما يأتي ويتقصد هذه الصورة الخيالية التي تحدث عنها هذا الظاهري ، فقال : فلو أنه بال في إناءٍ فارغ ثم أراق هذا البول من الإناء هذا في الماء الراكد جاز ، ما تعرض الرسول عليه السلام لهذه الصورة لأنها غير عملية ، وإنما هي خيالية محضة ، لكن الغاية من نهيه الصريح في الحديث المحافظة على الماء ، نقاوةً أو طهارةً ، فهل حصلت هذه الغاية بالطريقة الأخرى ؟ الجواب : لا .
السائل : سؤال آخر .
الشيخ : تفضل .