ما حكم الإكتحال بالنسبة للصائم وهل ينشر هذا الحكم بين الناس وما حكم التعزية مع أن فيها شيئا من صلة الرحم.؟ حفظ
السائل : فضيلة الشيخ قرأت كتابكم * شرح بلوغ المرام * وكان في كتاب الصيام وكان الموضوع في الاكتحال ومال فضيلتكم إلى أنه لا يفسد الصوم على ترجيح شيخ الإسلام ابن تيمية .
واعترض علي قاضي في هذا المجلس فقال : كيف على أن الشيخ ينشر مثل هذا على عامة الناس ؟! كأنه الأحوط أن الاكتحال يفسد الصوم وتكلم في هذا الموضوع قال : مثل قوله وأنا لا أحب أن أثير مثل هذه الأشياء ولكن ، مثل قوله : إن التعزية بدعة مع أن فيها شيء من وصل التراحم بين الناس فما ردكم على هذا جزاكم الله خير أنا لا أحب الإثارات ولكن يعني ؟
الشيخ : لا لا بأس طيب هذا طيب .
السائل : ليس المفروض أنه يكلمني وحدي يعني .
الشيخ : أقول : لا بأس لا بأس جزاك الله خير
أما مسألة الاكتحال فلا بد من بيانها للناس لا بد لأن الاكتحال مما تدعو الحاجة إليه أحيانا فإذا قلنا للصائم لا تكتحل حرمناه مما أحل الله له وهو محتاج إليه ، فضيقنا على الناس ما هو واسع .
وأما قوله : إن الاحتياط اتباعه أولى فنقول : ما هو الاحتياط ؟ الاحتياط اتباع ما دلت عليه السنة ، وليس الاحتياط الأخذ بالأشد قد يكون الأخذ بالأيسر هو الاحتياط .
فالاحتياط موافقة الشرع ونحن يلزمنا إذا علمنا من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم حكما أن نبينه للناس : (( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ )) لاسيما في المسائل التي يحتاج الناس إليها .
والكحل يحتاج إليه الناس خصوصا الذين اعتادوه وصارت أعينهم لا يستقيم نظرها إلا به فما ظنك برجل يحتاج إلى الكحل أو امرأة ولكنه نسي حتى طلع الفجر وصار صائما إن قلنا : لا تكتحل تعب في نظره وإن قلنا : اكتحل وأفطر أفسدنا صومه وليس هناك دليل .
فهذا جوابنا على هذه المسألة وعلى غيرها أيضا كل شيء يحتاج الناس إلى بيانه يجب على العالم أن يبين ما يتبين له الحق فيه لأنه مسؤول عن ذلك .
وأما مسألة العزاء : فالعزاء إنما كان تركه قطيعة رحم لأن الناس اعتادوه فصار الذي يتخلف عنه عندهم قاطع رحم لكن لو أن الناس تركوه كما تركه الصحابة والتابعون ما صار تركه قطيعة رحم صار تركه عادة .
ولهذا لو أن طلبة العلم بينوا للناس هذا الأمر وبدؤوا بأنفسهم هم كما بدأنا بأنفسنا والدنا توفي ولم نجلس للعزاء ووالداتنا توفيت ولم نجلس للعزاء ، لو أن أهل العلم فعلوا ذلك لكان فيه خير كثير ولترك الناس هذه العادات لاسيما في بعض البلاد إذا مررت بالبيت الذي مات فيه الميت تقول هذا بيت زواج من الأنوار والداخل والخارج والكراسي والأشياء ما تنافي الشرع وفيها إسراف وفيها بذخ .
فالواجب أن الإنسان يعرف الحق من الكتاب والسنة لا من عادات الناس لو أن الناس تركوا هذه العادات وصار العزاء إن وجده في السوق أو في المسجد عزاه وأيضا يعزيه إذا كان مصابا لا إذا كان قريبا بعض الأقارب لا يهتم بموت قريبه وربما يفرح إذا مات قريبه قد يكون بينه وبين قريبه مشادات ومنازعات وخصومات فإذا مات قال : الحمد لله الذي أراحني منه .
فالتعزية للمصاب فقط كما جاء في الحديث : ( من عزى مصابا فله مثل أجره ) ( مصابا ) ما قال : من عزى من مات له ميت .
فمثل هذه المسائل يجب على طلبة العلم أن يبينوا للناس الحق فيها حتى يسير الناس فيها على الهدى لا على الهوى نعم .
السائل : الاعتراض.
الشيخ : على كل حال كل له رأيه لكن لكن الواجب .
السائل : ... .
الشيخ : أقول : أقول : بارك الله فيك الواجب لمن كان ناصحا لله ولأئمة المسلمين إذا رأى من أخيه شيئا يراه أنه خطأ فعليه نعم أن يكلم أخاه مباشرة يقول له : أنت قلت كذا وكذا وأشكل علينا حتى لا يحصل البلبلة في العامة .
وأيضا إذا رجع المخطئ من نفسه أحسن مما إذا رجع إذا رُد عليه وربما إذا رُد عليه يركب رأسه ويرتكب الخطأ وقد تبين له الخطأ تأخذه العزة . بالإثم فالواجب على العلماء إذا رأوا من إخوانهم خطأ أن يكلموهم قد يكون الخطأ في فهمهم وهو صواب ويرجعون إليه .
ولذلك أنا أود أن تقول لهذا الأخ الذي قال : الاحتياط أن تبين له أن الاحتياط اتباع ما جاء في الكتاب والسنة هذا هو الاحتياط .
فأين في كتاب الله أو سنة رسوله أن الكحل مفطر أين هذا ؟ إذا كان عنده نص من القرآن أو السنة فعلى العين والرأس ، إذا لم يكن عنده نص فالأصل أن الصوم صحيح منعقد بمقتضى دليل الشرع ولا يمكن أن نضيق على عباد الله وأن نحرم عليهم ما أحل الله لهم إلا بدليل .
الله بيسألنا : لماذا حرمتم على عبادي هذا الشيء بغير إذن مني ؟ فالمسألة ما هي هينة تحريم الحلال كتحليل الحرام بل أشد لأن تحليل الحرام فيه تسهيل بكن تحريم الحلال فيه تشديد والدين الإسلامي يميل إلى السهولة واليسر أكثر مما يميل إلى التضييق والعسر .
فالمسألة هذا وهذا كلاهما (( وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ )) نعم .