ما حكم الإبن الذي عند أبيه بقالة فيها بيع الدخان والصور بحجة أن الدولة لم تمنع الدخان فكيف ينصح أباه.؟ حفظ
السائل : السلام عليكم .
الشيخ : عليكم السلام ورحمة الله .
السائل : شيخ الله يحسن إليك شاب قد هداه الله سبحانه وتعالى وعند أبيه بقالة وهذه البقالة تحتوي على بعض المنكرات كبيع دخان وصور وقد قام بالنصح لأبيه ولكن أبيه يحتج يقول : ما دامت الحكومة أدخلت هذا والناس يبيعون هذا هذا ليس فيه شيء وأبيه كبير في السن وطبيعة الحال بعض كبار السن يا شيخ يعني ما يتقبلون من أولادهم إلا قليل ما توجيهكم بارك الله فيك يا شيخ ؟
الشيخ : أولا : نهنئ هذا الشاب الذي هداه الله فالتزم لأن أكبر نعمة يمن الله بها على العبد أن يهديه ويوفقه لالتزامه شريعة الله فإن هذا خير له من كل نعيم الدنيا .
وثانيا : نوجه النصيحة لأبيه ولاسيما وهو في آخر عمره أن يتقي الله عز وجل وأن يخشاه وأن يعلم أن رزق الله لا يجلب بالمعاصي وأن الرزق الذي يأتي بالمعصية رزق لا خير فيه ولا بركة بل إنه وبال على صاحبه .
وقد جاءت السنة بالتحذير الشديد من الكسب الحرام فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى : (( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ )) وقال تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ )) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يده إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك ؟! ) هكذا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( فأنى يستجاب لذلك ) وأنى هنا استفهام بمعنى الاستبعاد يعني يبعد أن الله عز وجل يجيب لهذا الرجل الذي يأكل الحرام وكذلك جاء في حديث ابن مسعود : ( من اكتسب مالا يعني محرما إنه إن تصدق به لم يقبل منه وإن أنفقه لم يبارك له فيه وإن خلفه كان زاده إلى النار ) .
وأرجو من أخينا الشيخ الكبير أبي هذا الملتزم أن يقبل منا هذه النصيحة وهذه الهدية فإننا لم نسقها له إلا من أجل مصلحته ومصلحة أولاده من بعده .
أما بالنسبة للشاب الذي يأمره أبوه أن يتولى البيع في هذه البقالة التي فيها ما هو محرم فإني أقول له : لا تطع أباك في هذا اجلس في البقالة وبع الشيء المباح ، ولا تبع الشيء المحرم لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
وأما قول أبيك لك : إن هذا شيء لا بأس به لأن الحكومة قد أذنت فيه وسمحت به فإني أقول : أولا : العبرة بما في الكتاب والسنة لا بعمل الحكومة ولا بعمل الناس لأن الله قال : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ )) إن تنازعتم حتى مع أولي الأمر في شيء (( فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً )) وهذه الحجة لا تنفعه يوم القيامة عند الله لأن الله يقول : (( وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ )) ولا تنفعه أيضا في الدنيا عند العقلاء من الناس المؤمنين بالله لأن كل مؤمن لا يمكن أن يقبل عمل الناس أو عمل ولاة الأمور حجة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فلا حجة لأبيه في هذا ويخشى أن يكون من يحتج بعمل الحكومة مشابها لقوله تعالى مشابها لمن قال الله فيهم : (( إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ )) .
وخلاصة الجواب أربعة أشياء : أولا : تهنئة هذا الذي من الله عليه بالالتزام .
وثانيا : نصيحة الأب عن هذا العمل .
وثالثا : أن الابن إذا أمره أبوه أن يبقى في هذا الدكان فإنه يبيع الحلال ولا يبيع الحرام ورابعا : أن المرجع في الأحكام الشرعية ليس إلى إقرار الحكومة أو عدم إقرارها أو عمل الناس أو عدم عملهم وإنما المرجع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم نعم لا واحد واحد عشان .