شرح قول المصنف رحمه الله تعالى : " ... و لا يكون الحال إلا نكرة , و لا يكون إلا بعد تمام الكلام , و لا يكون صاحبها إلا معرفة ... " . حفظ
الشيخ : قال : " ولا يكون الحال إلا نكرة " ، هذه أيضا فائدة، قاعدة، " لا يكون الحال إلا نكرة " ، كذا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : النكرة هل نحن عرفناها؟ يعني مرّت علينا من قبل أو ستأتي؟
الطالب : مرّت.
الشيخ : انتبهوا يا جماعة، لا تقولوا شيئًا حتى تيقَّنوه.
الطالب : مرّت.
الشيخ : هيه، ولم تعرفوا أنها مرّت إلا بعد مراجعة الكتاب؟ معناها الآن ما حصّلتم فائدة! معناها ما حصّلنا فائدة، ما دام ما ندري هل النكرة مرّت علينا ولا ما مرّت إلا بعد أن نرجع للكتاب، إذن كل ما في أدمغتنا قد طار!
الطالب : ههههه.
الشيخ : طيب، المعرفة مرَّت وإلا ما مرّت؟
الطالب : مرّت، مرّت.
الشيخ : نعم؟
الطالب : مرّت في أول الكتاب.
الشيخ : نعم ؟
الطالب : مرّت في أول الكتاب.
الشيخ : المهم على كلّ حال هي مرّت، المعرفة والنكرة، " النكرة : كل اسم شائع في جنسه لا يختص به واحد دون الآخر " ، هذا ضبط المؤلف ، أنتم قرأتموها وحفظتموها، لكن ما شاء الله ما أسرع ما يطير منكم العلم، إذن لا يكون إلا نكرة ، لو قلت : جاء زيد الفاضلَ، ما يصح ، لأن الفاضل معرفة، جاء زيدٌ فاضلًا، صحيح؟
الطالب : صحيح.
الشيخ : تكون فاضلا إيش؟
الطالب : حالًا.
الشيخ : تكون حالا، واضح، إذن لا تكون الحال إلا نكرة، طيب تقول : جاء زيد الفاضلَ؟
الطالب : ما يصح.
الشيخ : ليش ؟
الطالب : لأنها معرفة .
الشيخ : لا ما يصحّ، حوّلها إلى نكرة، تقول : فاضلا، يكون حالا، طيب رأيتُ رجلا فاضلا؟
الطالب : صحيح.
الشيخ : أي لكن هذه صفة، إذن إذا جاءت النّكرة بعد نكرة فهو صفة، وإن جاءت النكرة بعد معرفة فهو حال، تمام؟ طيب، الثاني يقول رحمه الله : " ولا يكون إلا بعد تمام الكلام " ، يعني لا يكون إلا بعد تمام الجملة، الكلام المراد به الجملة، فلو قلت : جاء فاضلًا ، جاء فاضلًا بس ما يصحّ، لأن فاضلا في محلّ الفاعل ، فلا تكون الحال في محلّ الفاعل، طيب ، رجلٌ قائمٌ؟ هاه؟ قائم هل يمكن أن نقول : رجل قائما ونجعل قائما حال؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، لأن المؤلف يقول لا يكون إلا بعد تمام الكلام، وتمام الجملة فلو قلت : رجل قائما ما صحّ، لو قلت زيدٌ قائما كذلك.
الطالب : ماذا ؟
الشيخ : زيدٌ قائمٌ .
الطالب : إعرابها ؟
الشيخ : زيد مبتدأ، وقائما حال.
الطالب : خطأ ، ما يصح.
الشيخ : ما يصحّ، ليش؟
الطالب : ما تمّ الكلام.
الشيخ : لأنه ما تمّ الكلام، طيب ، زيد قائما قلتم : لا يصحّ، كيف نحوّله إلى عبارة صحيحة؟ نجيب جاء قبل فنقول : جاء زيد قائما ، كذا؟ إذن صحّ إذا قلت جاء زيد فعل وفاعل وتمّت الجملة، إذن الحال لا تكون إلا بعد تمام الكلام، يعني بعد تمام الجملة، طيب ، زيد راجلا.
الطالب : ما يصحّ.
الشيخ : ليش؟
الطالب : ما تمّ الكلام.
الشيخ : ما تمّ الكلام، وش معنى راجل؟
الطالب : يعني يمشي على رجليه.
الشيخ : يعني يمشي على رجليه، وليس كما يقول المصريون : راجل يعني رجل، نعم ، أظن أن المصريين يقولون في رجل : راجل، يا راجل، نعم ، إلا إذا كان يقصدون يا راجل يعني يا من يمشي على رجليه ، فهذا يكون صحيح، طيب على كلّ حال الآن نقول، لو قلت : زيد راجل يعني يمشي على رجليه، ونصبتَ راجلًا على أنها حال، لا يجوز ، لأنها لا تكون إلا بعد تمام الكلام، طيب ، إذا أردنا أن نحوّلها إلى حال نأتي بفعل لكي تتمّ الجملة، فنقول : جاء زيد راجلًا، طيب، يقول : " ولا يكون صاحبها إلا معرفة " ، لا يكون صاحبها : أي صاحب الحال إلا معرفة ، يعني لا تأتي الحال إلا من معرفة، وأنتم عرفتم المعرفة فيما سبق، فلا يكون صاحب الحال إلا معرفة، طيب كيف؟ يعني لو قلت : جاء رجلٌ راكبًا.
الطلاب : خطأ .
الشيخ : نعم .
الطالب : خطأ رجل نكرة .
الشيخ : جاء رجلٌ راكبًا، هذا لا يصحّ، ليش؟
الطالب : لأن راكب حال .
الشيخ : لأن راكب حال من رجل، ورجل نكرة ، ولا تكون الحال إلا من معرفة، طيب ، حوّل هذا المثال إلى مثال صحيح.
الطالب : جاء الرّجل راكبًا.
الشيخ : جاء الرجل راكبًا، طيب ، في المثال الأول، جاء رجلٌ راكبًا إذا أردنا أن نبقي العبارة كما هي ، وجب أن نجعل راكب مضمومة، جاء رجلٌ راكبٌ لتكون صفة، إذن هنا ثلاثة أمور، أولا : الحال لا تكون إلا بعد تمام الكلام، وثانيا : الحال لا يكون صاحبها إلا معرفة، وثالثا : هي لا تكون إلا نكرة، لا تكون معرفة أبدا، فلو قلت : جاء زيد الفاضل، نعم ، جاء زيد الراجل على أنك تريد أن تكون الراجل حالًا ، قلنا : هذا لا يصح، لأن الحال لا تكون إلا نكرة، طيب ، في بعض الأحوال جاءت عند العرب وهي معرفة مثل: اجتَهِد وحدَك، اجتَهِد وحدَك ، فإنَّ وحد هنا حال، مع أنها إيش؟
الطالب : معرفة.
الشيخ : معرفة، مضافة إلى ضمير، والمضاف إلى الضّمير معرفة، فكيف نجيب على كلام المؤلف؟ نقول : إن النحويين -رحمهم الله- كما قال أشياخنا لنا: " حججهم كبيت اليربوع " ، أو " كجحر اليربوع " ، إذا حجرته من بابٍ نَطق من الباب الثاني، نعم ، يقول : إن وحدك نؤوّلها إلى منفردا، اجتهد وحدك يعني بتقدير اجتهد منفردًا، ومنفردًا نكرة ولا معرفة؟
الطالب : نكرة .
الشيخ : نكرة شفت كيف ؟ تفرد ، قالوا : إن العرب يحكمون علينا ولا نحكم عليهم ، فإذا كانت العرب تعبّر فتقول : اجتهد وحدك، أو أتى فلان وحده فإننا لا نقول : أخطأتم ، ولكنّنا نوجّه كلامهم إلى ما يصحّ، فنقول : وحدك بمعنى منفردًا، نعم ، بمعنى منفردًا نؤوّلها ، والتأويل صحيح، لأنهم هم يقعّدون قواعدهم إذا جاء ما يخالفها أولوه على مقتضى هذه القواعد، ولهذا علوم العربية صار المـتأخرون يسمّونها إيش؟
الطالب : القواعد .
الشيخ : القواعد، يسمّونها القواعد، قواعد النحو ، لأنهم إذا أصّلوا القاعدة لا بد أن تكون منطبقة على جميع الكلام ، فإذا جاء ما يخالف القاعدة أوّلوه، لكن لو قال قائل : ألستم تنكرون التأويل؟ فماذا نقول؟ نقول : صحيح، ولكن في الأمور الشرعية، الأمور الشرعية ننكر فيها التأويل ، لأنه يجب إجراء كلام الشارع على ما هو عليه، لكن الأمور غير الشرعية لا بأس من التأويل فيها ، ولهذا قلنا : القاعدة المطّردة عندي ما أخبرتكم بها سابقًا : " أنه إذا تنازع الكوفيّون والبصريون في مسألة فاتّبع الأسهل "، اتّبع الأسهل، ولو قيل هذا في المسائل الفقهية يصح ولا لا؟
الطالب : لا يصح.
الشيخ : لأنه لا يجوز لنا أن نتتبع الرخص، لكن في باب النّحو ما فيه مانع تتبع الرخص ولا عليك، فإذن التأويل في باب النحو لا بأس به، لأنه ما دام ثبتت القواعد التي دلّ عليها عموم كلام العرب فما شذّ عنها نردّه إليه، تمام؟ طيب، أظن باقي وقت؟
الطالب : إيه باقي .
الشيخ : زين.