تفسير قوله تعالى : (( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة )) وتعريف الزكاة لغة واصطلاحا وحكمتها وذكر أصنافها حفظ
ثم قال الله تعالى: (( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة )) هذا أيضا من أسباب النصر والعون، كما قال تعالى: (( واستعينوا بالصبر والصلاة )) (( أقيموا الصلاة )) يعني قولوا قد قامت الصلاة، لا، لا ويش معناها ؟ أدوا الصلاة على وجه الكمال يعني إقامة الشيء جعله قيما معتدلا مستقيما، فمعنى أقيموا الصلاة يعني ائتوا بها كاملة بشروطها وأركانها وواجباتها ومكملاتها، وقوله: (( الصلاة )) عام يشمل الفريضة والنافلة، ومن إقامة الفرائض كثرة النوافل، من إقامة الفرائض كثرة النوافل لأنه جاء في الحديث أن النوافل تكمل بها الفرائض يوم القيامة، ما من إنسان إلا وفي فريضته نقص لكن هذه النوافل تكملها وترقعها. وقوله: (( وآتوا الزكاة )) أي أعطوها (( آتوا )) بمعنى أعطوا وهنا حذف المفعول الثاني لأن الزكاة مفعول أول والمفعول الثاني محذوف يعني مستحقيها آتوا الزكاة مستحقيها، ومستحقيها قد بينهم الله في سورة براءة (( إنما الصدقات للفقراء )) إلى آخره.وقوله: آتوا الزكاة يعني الزكاة في اللغة النماء والزيادة ومنه قولهم: زكا الزرع إذا نما وزاد، وفي الشرع عبارة عن دفع مال مخصوص لطائفة مخصوصة تعبدا لله عزوجل هذا الزكاة، وسميت زكاة لأنها تزكي الإنسان تزكيه، قال الله تعالى: (( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها )) فهي تزكي الإنسان في أخلاقه وعقيدته لأنها تخرجه من حظيرة البخلاء إلى حظيرة الأجواد والكرماء، فهي تزكية للإنسان وتطهير له من الرذائل.وقوله: (( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة )) بعد أن أمر بالصبر والعفو والصفح يدل على أنه ينبغي للإنسان أن يتشاغل بمهمات دينه عن غيره مع الدعوة إلى الله، لكنه لكل مقام مقال إنما كون الإنسان يعرض عن إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وراء قوم قد لا ينتفعون بالدعوة فهذا ما ينبغي، ولهذا جاء في الحديث: ( إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العوام ) نعم؟ لا بأس به فهذا ينبغي أن الإنسان ما يتشاغل عما يعود لنفسه بالخير من أجل نفع غيره ويرتب المصالح والعبادات لأنها مرتبة. وقوله: (( وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله )) ما هذه شرطية وليست موصولة والدليل على ذلك أنها جزمت الفعل والجواب، الشرط والجواب (( وما تقدموا )) أصلها تقدمونه و(( تجدوه )) أصلها تجدونه . وقوله: (( وما تقدموا لأنفسكم )) قدموا لأنفسكم... لأن التقديم يكون بحسب اتباع الشرع. . .