تفسير قوله تعالى : (( كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم )) حفظ
قال الله تعالى: (( وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم )) (( كذلك )) الكاف المعربون يقولون إن الكاف في مثل هذا التركيب اسم بمعنى مثل، وأنها منصوبة على المفعولية المطلقة، وأن ذا الذي هو اسم إشارة يشير إلى المصدر أي مثل ذلك القول مثل ذلك القول قال الذين نعم؟ مثل ذلك القول قال الذين من قبلهم، ومنه أيضا قوله تعالى: (( قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون )) يعني: ومثل ذلك يفعلون، كلما جاء مثل هذه التركيب فإنهم يقولون إن الكاف اسم بمعنى مثل وأنها مفعول مطلق مضافة إلى اسم الإشارة الذي يشار به إلى المصدر العامل، عامل الفعل الذي بعده، طيب إذا قلت أنا مثلا: قلت كذلك، ويش المعنى؟ قلت مثل هذا القول، فعلت كذلك، أي فعلت مثل ذلك الفعل، قرأت مثل ذلك، أي قرأت مثل ذلك القراءة وهكذا، وقوله: (( كذلك قال الذين من قبلهم لا يعلمون مثل قولهم )) (( لا يعلمون )) نفى الله عنهم العلم يعني كذلك قال الذين لا يعلمون يعني لم يقرءوا كتابا (( مثل قولهم )) أي مثل قول هؤلاء، وكلمة: (( مثل قولهم )) يقولون إنها تأكيد لـ(( كذلك )) لأننا قلنا لكم إن (( كذلك )) قال معناها مثل ذلك القول فاعل ومعلوم أن العامل الواحد ما يسمى عاملين بمعنى واحد معمولين بمعنى واحد فقالوا إن مثل قولهم توكيد لـ(( كذلك قال ))، وقوله: (( لا يعلمون )) من الذين لا يعلمون؟ قال بعض المفسرين لا يعلمون إنهم أمم سابقة كقوله في الآية السابقة: (( كذلك قال الذين من قبلهم )) فهم أمم سابقة لا يعلمون، وقال بعض المفسرين: (( لا يعلمون )) أي من هؤلاء يعني الذين يتلون الكتاب من اليهود النصارى قالوا مثل قول الذين لا يعلمون منهم فاستوى قول عالمهم و جاهلهم، وقال بعض المفسرين: المراد بـ(( لا يعلمون )) كفار قريش أهل الجاهلية، فإنهم قالوا إن محمدا صلى الله عليه وسلم ليس على دين وليس على شيء، والأحسن من هذا الأحسن أن نقول؟ أي نعم نقول بالعموم، الأحسن أن يقال بالعموم كما اختاره ابن جرير وغيره، فإن القرآن إذا تضمنت الآية معاني متعددة لا يتناقض بعضها مع بعض فالواجب حملها على هذه الاحتمالات كلها وهذا من سعة كلام الله عزوجل وشمول معناه وهذه قاعدة مقررة في التفسير ينبغي أن يحتفل بها الإنسان أنه إذا فسرت الآية بالأقاويل المتعددة وكان بعضها لا ينافي بعضا بالنسبة للآية الكريمة فإنها تحمل عليها، (( كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم )) يعني أنهم أنكروا الحق، فقالوا مثلا في الرسول صلى الله عليه وسلم ليسوا على شيء وقال المكذبون للرسل أيضا ليس الرسل على شيء وقالوا أيضا لأهل العلم والإيمان ليسوا على شيء وهكذا إلى يوم القيامة أيضا ربما يقال هذا الشيء وإلى الآن يقول الجاهلون لأهل العلم إنهم ليسوا على شيء .