فوائد الآية (( ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه )) وبيان أن الإيمان يتفاوت الناس فيه سواء الأمور الفعلية والأمور القلبية واليقينية، وذكر أقوال الناس في الإيمان هل يزيد وينقص وذكر الراجح في ذلك حفظ
ثم قال الله تعالى : (( ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم ))
في هذا دليل على أن المعاصي تختلف، لقوله: (( ومن أظلم )) وأظلم اسم التفضيل واسم التفضيل يقتضي مفضلا ومفضلا عليه، وكما أن المعاصي تختلف فكذلك الطاعات تختلف، بعضها أفضل من بعض، وإذا كانت الأعمال تختلف فالعامل نتيجة لها يختلف، فبعض الناس أقوى إيمانا من بعض، وبهذا نعرف أن القول الصحيح قول أهل السنة والجماعة في أن الإيمان يزيد وينقص، يتفاوت تفاوتا عظيما لا في الكسب القلبي ولا في الكسب البدني، يتفاوت، فإن الناس يتفاوتون في اليقين، ويتفاوتون في الأعمال الظاهرة من قول أو فعل، ولا لا؟ تفاوتهم في اليقين أظنه معروف حتى الإنسان نفسه تتفاوت أقواله بين حين وآخر، في بعض الأحيان يصفوا ذهنه وقلبه حتى كأنما يشاهد الآخرة رأي عين، وإلا لا؟ وفي بعض الأحيان تستولي عليه الغفلة، ولهذا قال الله تعالى لإبراهيم: (( أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي )) وتفاوت الناس في المعلوم أمر معلوم، الآن لو جاءني رجل وقال قدم فلان، والرجل عندي ثقة صار عندي علم به، فإذا جاء آخر وقال قدم فلان ازداد علمي، فإذا جاء الثالث ازداد علمي، فإذا رأيته أنا ازداد علمي فالأمور العلمية تتفاوت في إدراك القلوب لها، أيضا يتفاوت الناس في الأقوال الذي يسبح الله عشر مرات أكثر من الذي يسبحه خمس مرات اليس كذلك؟ وهذه الزيادة كمية الإيمان، كذلك تتفاوت بالأعمال، فالذي يصلي ست ركعات أكثر من الذي يصلي ركعتين، فبهذا يكون القول الراجح بلا ريب مذهب أهل السنة والجماعة في أن الإيمان يزيد وينقص، من خالفهم في هذا؟ خالفهم طائفتان المرجئة والخوارج والمعتزلة، المرجئة قالوا إن الإيمان ما يزيد ولا ينقص لأن الإيمان إقرار القلب والناس لا يتفاوتون فيه وأفسق الناس وأعدل الناس في الإيمان سواء نعم؟ حتى جعلوا إيمان جبريل مثل إيمان الشيطان ـ أعوذ بالله ـ قالوا لأن كل واحد منهم يقر بالله والإيمان إقرار الإنسان بالله ولا يتفاوت نعم؟ وابن القيم يقول:
" والناس في الإيمان عندهم والناس في الإيمان شيء واحد كالمشط عند تماثل الأسنان"
ثم قال: فاسأل.......... واسأل ثمود وعاد بل سل قبلهم ... أعداء نوح أمة الطوفان " إلى آخر ما قال، فعندهم الناس سوءا، رجل يزني ويسرق ويشرب الخمر ويقتل النفس المحرمة لكنه يؤمن بالله، ورجل مستقيم أبعد الناس عن المعاصي وأقواهم في طاعة الله فالإيمان في هذا وفي هذا على حد سواء هذا معقول؟ ما هو معقول، عاكسهم في ذلك الخوارج والمعتزلة قالوا الإيمان ما يزيد ولا ينقص لكن لو فات أصله فات كله، الزاني لو هو يصلي ويصوم ويزكي ويوحد ويشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله كافر نعم؟ ما هو مؤمن والمرجئة أيش يقولون مؤمن كامل الإيمان شف ـ أعوذ بالله ـ بدعا غريبة، إنما أهل السنة والجماعة يقولون إن الإيمان يزيد وينقص في الكمية وفي الكيفية في إقرار بالقلب وفي أقوال اللسان وفي أعمال الجوارح، والآية التي معنا تدل عليه، أيش وجه الدلالة من الآية؟ أن المعاصي تتفاوت فيلزم من ذلك تفاوت العاملين، لأن من عصى معصية أعظم صار أعظم جرما وإثما.
ومنها من فوائد الآية: تحريم منع المساجد من ذكر الله، من أن يذكر فيها اسمه، سواء كان ذلك بالصلاة أو قراءة القرآن أو تعليم العلم أو غير ذلك، ما يجوز أن تمنع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه .
ومنها من فوائد الآية: جواز منع المساجد لمصلحة المساجد، مثل أن تغلق خوفا عليه من الإفساد أو السرقة أو ما أشبه ذلك، لأن المحرم ما هو؟ أن يذكر فيها اسمه هذا محرم والظلم