تفسير قوله تعالى : (( كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم )) حفظ
قال الله عزوجل: (( كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم )) كذلك أي مثل هذا القول قال الذين من قبلهم، وعلى هذا يكون (( مثل قولهم )) توكيدا لقوله: (( كذلك )) أي مثل هذا القول الذي قالوه واقترحوه اقترحوه من قبلهم قوم موسى (( قالوا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة )) قالوا أرنا الله عيانا وإلا ما نؤمن لك، فهذه دأب المكذبين للرسل، ينكرون ويقترحون وقد أوتوا من الآيات بأعظم مما اقترحوه، قال الله عزوجل: ((كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم )) والغرض من قوله: (( كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم )) الغرض من هذا تسلية الرسول عليه الصلاة والسلام ولا لا؟ لأن الإنسان المصاب إذا رأى أن غيره أصيب فإنه يتسلى بذلك وهذا أمر معلوم ولا لا؟ افرض مثلا لصوصا هاجموا على بيوت فسرقوا من إنسان مائة ريال فهو يحزن، لكن أصبح سمع الثاني يقول سرق منه مائتين ويش يصير؟ تهون عليه، تهون عليه كثيرا نعم؟ الخنساء لما مات أخوها صخر قالت: "ولو لا كثرة الباكين حولي على إخوانهم لقتلت نفسي
وما يبكون مثل أخي ولكن أسلي النفس عنه بالتأسي "
. فالله تعالى يسلي رسوله عليه الصلاة والسلام بأن هذا القول الذي قيل لك قد قيل للذين من قبلك (( كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم )) قال الله عزوجل: (( تشابهت قلوبهم )) شف الأولون والآخرون قلوبهم متشابهة في رد الحق وإبطاله والعناد والتعنت والجحود من أول ما بعثت الرسل إلى خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم بل وإلى يوم القيامة، القلوب قلوب أهل الكفر والعياذ بالله والعناد متشابهة إنما يختلف الأسلوب، الموضوع واحد لكن الأسلوب يختلف، قد يقترح هؤلاء شيئا وهؤلاء شيئا لكن الكلام على جنس الاقتراح وعدم القبول (( تشابهت قلوبهم )) ولهذا قال: (( تشابهت قلوبهم )) شف القول يقول: (( مثل قولهم )) والقلوب يقول تشابهت فهل معنى ذلك أن المشابهة هي المماثلة ولا لا؟ الذي نحن قررنا فيما سبق أن المشابهة ليست كالمماثلة، لأن المشابهة معناها المقاربة والمماثلة هي المساواة وإلا لا؟ نعم، و لاريب أن القلوب تتشابه وإن تطابقت الأقوال، إذ قد يكون في قلوب هؤلاء ما ليس في قلوب هؤلاء من شدة الكفر والعناد ولكن الأقوال تكون متطابقة.