تتمة تفسير قوله تعالى : (( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى )) وإعراب الآية حفظ
كل من يصح عنه الخطاب، لأن من طلب عنك أيها المؤمن، وقوله: (( اليهود )) هم أتباع موسى الذين ينتسبون إليه، مأخوذة إما من يهوذا جدهم ينسب إليه، وإما من الهود وهو الرجوع، لقولهم: (( إنا هدنا إليك )) .
وأما النصارى فإنه مأخوذ من بلد يسمى نصران معروف في فلسطين ينتسبون إليه، وقيل: من النصرة لأنهم نصروا عيسى عليه الصلاة والسلام فسموا بهذا الاسم وهم الذين ينتسبون إلى عيسى بن مريم.
الطالب: اسم البلد شيخ؟
الشيخ : نصران، وفيه بلد يسمى ناصرة ما أدري هم ينسبوا إليها ولا إلى الثاني لكن المعروف ....أنه نصران، وهم ينتسبون إلى عيسى عليه الصلاة والسلام وتسموا أخيرا بالمسيحيين لأجل أن يعطوا أنفسهم صبغة المشروعية، ولكن المسيح عيسى بن مريم بريء منهم لو خرج لقاتلهم، لأنهم كافرون به كما هم كافرون بمحمد صلى الله عليه وسلم.
يقول: (( ولن ترضى عنك اليهود والنصارى )) وقوله: (( ولا النصارى )) لا هنا للتوكيد وليست مستقلة فإنه لو حذفت وقيل: ولن ترضى عنك اليهود والنصارى لاستقام الكلام لكنها زيدت للتوكيد لأجل أن لا يظن الظان أن المراد: أن الجميع لا يرضون مجتمعين، لأنه لو قال: ولن ترضى عنك اليهود والنصارى لظن الظان أنهم لن يرضوا بحال اجتماعهم مع أن الواقع أن كل طائفة لن ترضى.
(( حتى تتبع ملتهم )) حتى حرف غاية وهي تنصب المضارع بنفسها عند الكوفيين وعلى تقدير أن عند البصريين، (( تتبع ملتهم )) الملة الدين، أي دينهم الذي كانوا عليه، فاليهود لن ترضى عنك حتى تكون يهوديا والنصارى لن يرضوا عنك حتى تكون نصرانيا.
ولكن ما هو الجواب الوحيد لهؤلاء الذين يقولون إنك يا محمد لا نرضى بك حتى تتبع ملتنا؟ الجواب قوله (( قل )) مجيبا لهم في عدم رضاهم : (( إن هدى الله هو الهدى )) وليس الهدى ما أنتم عليه بل إن هدى الله وحده لا الهدى الذي تزعمون أنكم عليه، (( هو الهدى )) هو ضمير فصل فقد تكرر علينا أن لضمير الفصل ثلاث فوائد، الفائدة الأولى: التوكيد، والثانية: الحصر، والثالثة: بيان أن ما بعده خبر لا صفة، فعلى هذا يكون هذا الضمير لا محل له من الإعراب ويكون قوله: (( الهدى )) خبر إن، وأما اسمها فهو قوله: (( هدى الله )) (( قل إن هدى الله هو الهدى )) وما عداه فهو؟ ضلال، قال الله تعالى: (( فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون )) فكل ما لا يوافق هدى الله فهو ضلال وليس ثمة واسطة بين هدى الله الضلال.