تفسير قوله تعالى : (( وإذ قال إبراهيم رب اجعل هـذا بلداً آمناً وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر )) وتعريف الإيمان لغة واصطلاحا وأركانه حفظ
(( وإذ قال إبراهيم )) يعني واذكر (( إذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا )) [اسكت يا ....اسكتوا أو اخرجوا جزاكم الله خيرا تسننوا أو.. ] (( وإذ قال إبراهيم )) ونقول فيها كما قلنا في الأول القراءة إبراهام، (( وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا )) (( اجعل )) صير نعم؟ (( هذا )) المشار إليه مكة وقوله: بلدا، البلد اسم لكل مكان مسكون، سواء كان ذلك مدينة كبيرة أو مدينة صغيرة كله يسمى بلد، وقد سمى الله تعالى مكة بلدا كما في قوله: (( وهذا البلد الأمين )) وسماه الله تعالى قرية كما في قوله: (( و كأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم )) وقوله: (( آمنا )) قال بعض المفسرين أي آمنا من فيه، لأن البلد نفسه ما يوصف بالأمن والخوف البلد أرض وبناء فلا يوصف بالأمن والخوف وإنما الذي يكون آمنا أهله أما هو فيكون أمنا يكون أمنا، والذي ينبغي أن يجعل على ظاهره وأن يكون البلد نفسه آمنا، وإذا أمن البلد أمن من فيه وهو أبلغ، لأنه مثلا لو جاء أحد يهدم البناء ما كان البناء آمن، صار البناء عرضة لأن يتسلط عليه فيتلفه، فكونه آمنا أبلغ من أن يفسره بآمنا أهله، لأنه يشمل البلد ومن فيه، ولهذا قال: (( وارزق أهله )) فرق ما قال: ارزقه، لأنه ما يرزق (( وارزق أهله من الثمرات من آمن )) (( ارزق )) فعل أمر أو فعل دعاء؟ دعاء، و(( أهله )) مفعول أول، و(( من الثمرات )) مفعول ثاني. وقوله عليه الصلاة والسلام: (( من آمن )) هذه بدل من قوله: (( أهله ))، وارزق أهله من آمن عرفتم؟ وإنما احترز إبراهيم عليه الصلاة والسلام من العموم تأدبا بتأديب الله عزوجل، لأنه قال: (( ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين )) فتأدب في طلب الرزق أن يكون للمؤمنين فقط من أهل هذا البلد عرفتم؟ إذا (( من آمن )) محلها من الإعراب؟ النصب بدلا من أهله بدل بعض من كل؟ ولا بدل كل من كل؟ بعض من كل طيب. (( من آمن منهم بالله واليوم الآخر )) أجاب الله دعاءه فقال: (( ومن كفر )) يعني وأرزق من كفر أيضا، (( ومن كفر )) لكن (( فأمتعه قليلا ))إلى آخره، وقوله سبحانه وتعالى عن إبراهيم : (( من آمن منهم بالله واليوم الآخر )) ما هو الإيمان؟ فالإيمان في اللغة: التصديق، وفي الشرع: التصديق المقرون بالقبول والإذعان، هذا في الشرع، تصديق المقرون بالقبول والإذعان، لأن مجرد التصديق ليس إيمانا شرعا، فأبو طالب كان مصدقا بلرسول صلى الله عليه وسلم لكنه ليس بمؤمن به، لأنه لم يقبل ما جاء به ولم يذعن له وينقاد، فالإيمان شرعا ؟ التصديق المقرون بالقبول والإذعان يعني الانقياد، ولهذا قال أهل السنة والجماعة الإيمان قول باللسان وعمل بالأركان وتصديق بالجنان، فهو مركب من هذه الثلاثة ولا يمكن يكون الإيمان شرعا بدونه. وقوله: (( من آمن بالله )) الإيمان بالله يتضمن كما سبق كم؟ ثلاثة، ثلاثة أو أربعة؟ يتضمن الإيمان بوجوده، وبربوبيته و ألوهيته، و أسمائه وصفاته، لابد من هذا، فالإيمان بوجوده لا يكفي عن البقية، ولهذا يقول أنا أعجب من بعض الناس لما أن أحد الروس صعد فوق الجاذبية ورأى ما حوله من النجوم والكواكب ورأى الأرض وأنها ككرة في يد الصبي قال: والله ما خلق هذا إلا قاهر عظيم، ولكنه ما آمن إلا بس إن هذا الشيء ما أنتج نفسه بعض الناس كانوا قام يطبل ويزمر قال: الحمد لله هذا آمن، وهل آمن هذا؟ ما آمن، ما آمن حتى يصدق بالله بوجوده وربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، الربوبية أن تؤمن بأن الله تعالى له الملك له الخلق والأمر (( ألا له الخلق والأمر )) فهو الخالق الذي له الأمر الكوني والشرعي، ولذلك بلا شك أن الحكم بغير ما أنزل الله يتضمن أو يدخل في توحيد الربوبية لا في توحيد الألوهية (( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله )) فالحاصل أن هذا الإيمان بالربوبية الإيمان بالخلق والأمر، أن الله هو الخالق وحده المالك وحده الذي له الأمر المطلق وحده، الإيمان بالألوهية أن تؤمن بأنه لا يستحق أحد أن يعبد إلا الله وحده سبحانه وتعالى لا أحد يستحق أن يعبد لا ملك ولا رسول ولا ولي ولا صالح ولا شقي ولا طالح، ما يستحق العبادة إلا الله سبحانه وتعالى الذي حلق، أما الإيمان بالأسماء والصفات فأن تؤمن بكل ما سمى الله به نفسه أو وصف به نفسه أو سماه به رسوله أو وصفه به رسوله سواء كانت من صفات الذاتية أو المعنوية أو الفعلية كلها يجب عليك أنك تؤمن بها نعم؟ وسواء كانت هذه الصفات مما يدركه العقل أو مما لا تثبت إلا بالسمع كلها يجب عليك أن تؤمن بها، على هذا جميع المحرفين لآيات الصفات غير مؤمنين بها إيمانا كاملا، ما آمنوا بها إيمانا كاملا، وجميع الممثلين لله بصفات خلقه لم يؤمنوا بالصفات إيمانا كاملا. طيب اليوم الآخر ما هو يوم الآخر؟ هو يوم القيامة وسمي آخرا لأنه لا يوم بعده ما فيه يوم بعده، الدنيا يوم أول يعني مرحلة تأتي بعدها؟ الآخرة ولا بعدها يوم، لأنها لا نهاية لها أبد الآبدين إما في جنة أو في نار، وإنما يقرن الله تعالى دائما بين الإيمان به واليوم الآخر دون الإيمان ببقية الأركان الستة، لأن الإيمان به يتضمن الإيمان بكتبه ورسله وملائكته والقدر خيره وشره، أفهمتم؟ كل يتضمن هذا، اليوم الآخر لأنه يوم الجزاء والإنسان إذا لم يؤمن باليوم الآخر ما هو بعامل أليس كذلك؟ نعم، إذا كان الإنسان ما يعتقد أنه سيحشر ويجازى فإنه لا يمكن أن يعمل، فالإيمان باليوم الآخر هو الذي يحدوا بالإنسان إلى العمل يعمل بأنه يؤمن بأن هذا العمل الذي يقوم به اليوم سوف يجازى به غدا في اليوم الآخر، ولهذا يعمل بالطاعات ويترك المعاصي، يعمل بالطاعات طلبا للثواب في ذلك اليوم ويدع المعاصي خوفا من العقاب في ذلك اليوم.