تتمة تفسير قوله تعالى : (( ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم )) حفظ
الداعي يريد حصول شيء، وحصول الأشياء من باب التقدير، والتقدير ألصق بالربوبية منه بالألوهية، مفهوم الكلام ؟ (( ربنا )) أنت تقول رب أعطني، العطاء يتعلق بالربوبية ولا بالألوهية ؟ بالربوبية، بالربوبية لأنه فعل، وكل ما يتعلق بأفعال الله فهو من بالربوبية، فإذا كان فعلا فإنه يناسب أن ينادى الله تعالى بالوصف الذي يكون هذا الفعل ألصق به من الوصف الآخر، (( ربنا )) لأن الربوبية هي التي بها الفعل يفعل بها الله تبارك وتعالى ما يشاء
وقوله: ((ربنا تقبل منا )) هل هما يقولان ذلك بألسنتهما؟ يعني كل واحد يقول ربنا تقبل منا أو أن أحدهما يقول والثاني يؤمن؟ احتمال، يحتمل المعنيين، لكن ظاهر اللفظ أنهما كلهما يقول، فإما أن يكون إبراهيم يقول ربنا تقبل منا ويتبعه إسماعيل وإما أن يقول هذا مرة وهذا يقول مرة، ولا يقال إن أحدهما يقول والثاني يؤمن مثل قصة موسى وهارون، ما نقول هكذا، لأن موسى وهارون ذكر الله أن القائل موسى (( وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم قال قد أجيبت دعوتكما )) هل هارون كان داعيا؟ لا، ولكن قال أهل العلم: إنه كان يؤمن وموسى يدعوا وموسى هو الذي يدعوا صريح في الآية، أما هذه فظاهر الآية أن كلا منهما يقول: (( ربنا تقبل منا )) وقوله: (( تقبل منا )) ما معنى القبول؟ القبول أخذ الشيء والرضا به ومنهما يذكره الفقهاء في قولهم ينعقد البيع بالإيجاب والقبول، تقبل الله تعالى للعمل أن يتلقاه بالرضا فيرضى عن فاعله، وإذا رضي الله تعالى عن فاعله فلابد أن يثيبه ثوابه، فلابد أن يثيبه الثواب الذي وعده إياه، وقوله: (( ربنا تقبل منا )) هذا هو المدار في الحقيقة، المدار على القبول وليس على العمل، وكم من إنسان عمل أعمالا كثيرة ولم تقبل منه فلم تنفعها، وكم من إنسان عمل أعمالا قليلا قبل منه فنفعه الله بها، فالمدار على القبول.