تفسير قوله تعالى : (( ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمةً مسلمةً لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم )) حفظ
ثم قال الله سبحانه وتعالى فيما حاكيا ما قاله إبراهيم وإسماعيل: (( ربنا واجعلنا مسلمين لك )) (( مسلمين )) لأيش قال مسلمين؟ لأنهما اثنين، (( ربنا واجعلنا مسلمين لك )) قوله: (( واجعلنا )) أتى بالواو لأنه عطف على قوله: (( ربنا تقبل منا )) يعني ربنا واجعلنا مع قبولك اجعلنا مسلمين لك، وقوله: (( اجعلنا مسلمين لك )) أي صيرنا مسلمين، وفي هذا إشكال وهو أن إبراهيم وإسماعيل لاشك أنهما كانا مسلمين، ومن إسلامهما رفع قواعد البيت، فكيف يسألان الله أن يجعلهما مسلمين وهما قد أسلما ؟ الجواب: المراد الثبات، أو تحقيق ذلك نعم؟ لأن الإنسان بقطع النظر عن إبراهيم وإسماعيل قد لا يتحقق الإسلام في نفسه، لأن المسلم من أسلم قلبه لله وجوارحه، إسلام الجوارح هين كل يقدره حتى المنافقين، لكن الصعب هو إسلام القلب، وقد أقسم الرسول عليه الصلاة والسلام أنه [ صل ركعتين لأنك ما صليت تحية المسجد ] لا يسلم أحد حتى يسلم قلبه نعم ؟ طيب إذا المراد بالإسلام هنا: الزيادة به والثبات عليه نعم، (( مسلمين لك )) واعلم أن الإسلام بالمعنى الأخص لا يراد به إلا ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، وبالمعنى الأعم يشمل كل ما جاءت به الرسل، كل ما جاءت به الرسل فهو إسلام، لكن بالمعنى الأخص الذي كان بعد بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام لا يعنى به إلا ما جاء به محمد صلى الله عليه وسل،، وإلا كما رأيتم الآن إبراهيم وإسماعيل يقول: (( اجعلنا مسلمين لك )) وكانت تقول ملكة سبأ: (( رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين )) وقال يعقوب لبنيه: (( يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون )) وقال الحواريون: (( وأشهد بأنا مسلمون )) إلى غير ذلك، فالإسلام بالمعنى العام يشمل كل ما جاءت به الرسل، ولهذا لو سألنا السائل : هل اليهود والنصارى مسلمون ؟ نعم نقول بالمعنى العام فيهم مسلمون نعم؟ لكن بالمعنى الأخص وهو الإسلام الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم لا ليسوا مسلمين ماداموا على اليهودية والنصرانية، فإذا عادوا فإذا دخلوا في الإسلام صاروا مسلمين
الطالب: ولو قالوا مسلمين؟
الشيخ : لا لا الآن ما يقال مسلمين، مسلمين بالمعنى العام ما هم الآن الموجودين كل من كان بعد بعثة الرسول فالمسلم من اتبع ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام، (( ومن ذريتنا أمة مسلمة لك )) شف الاحتراز، يعني واجعل من ذريتي، اجعل منها، ما قال: واجعل ذريتنا أمة مسلمة، قال: (( من ذريتنا أمة مسلمة لك )) وقوله: (( ذريتنا )) المراد بهم؟ من تفرعوا منهم، ذرية الإنسان من تفرعوا منه، وقوله: (( أمة مسلمة لك )) من هذه الأمة؟ هي أمة محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه ما يصدق على أحد أنه من ذرية إبراهيم وإسماعيل إلا أمة محمد صلى الله عليه وسلم، لأن اليهود النصارى مسلمون في حال قيام شرائعهم، لكنهم ما هم من ذرية إبراهيم وإسماعيل، من ذرية من؟ إبراهيم فقط نعم؟ أما إسماعيل فليسوا من ذريته، فعلى هذا يكون المراد بالأمة المسلمة أمة محمد صلى الله عليه وسلم.