تفسير قوله تعالى : (( فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيزٌ حكيمٌ )) حفظ
ثم قال الله عز وجل: (( فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم )) (( إن زللتم )) قال بعض العلماء إن عدلتم ، وقال آخرون: أي ملتم ، وهذا الأخير أقرب إلى معنى اللفظ، لأن الزلل مثل الزلق في الدحر، زلت به قدمه يعني هوت به ، زلت به من دحر أو من عال من درج وما أشبه ذلك، وهذا أبلغ من عدل ، يعني: إذا ملتم عن الحق واتبعتم خطوات الشيطان (( من بعد ما جاءتكم البينات )) البينات يعني صفة، هذه صفة من موصوف محذوف ، أي الآيات البينات والنصائح الظاهرات ، إذا زللتم عن الحق وملتم ، وسمى الله تعالى ذلك زللا لأن في الميل والعدول عن الحق فيه هلكة ولا لا؟ نعم ، مثل ما لو زل الإنسان وسقط في بئر مثلا ، أو زل الإنسان و زلق وطاح في الشارع نعم؟ وقوله: (( من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم )) هذا جواب الأمر، جواب إن فاعلموا ، فالمراد بالعلم ليس أن يبلغ إلى قلوبنا ولكن أن نحذر ممن له العزة (( فاعلموا أن الله عزيز حكيم )) والختم بهذين الاسمين يدل على أن الإنسان معرض للعقوبة أو واقع في العقوبة ، وهنا يكون معرضا للعقوبة ولا لا ؟ نعم إذا زل بعد أن جاءته البينة فقد عرض نفسه للعقوبة ، وأما كونه كون ما ختمت به الآية عقوبة فمثل قوله تعالى: (( فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم )) . يقال إن أعرابيا كان عند قارئ يقرأ هذه الآية وكان القارئ يقول: (( جزاء بما كسبا نكالا من الله والله غفور رحيم )) قال له الأعرابي ما هو صحيحة اقرأ قال : فاقطعوا أيدهما نكالا من الله والله غفور رحيم ، قال ما يصح ، قال الأعرابي ما يمكن هذا، فلما قرأها للثالثة قال: (( نكالا من الله والله عزيز حكيم )) قال الآن أقمت لأنه عز وحكم فقطع ولو غفر ورحم ما قطع نعم ؟ وهذا استنتاج صحيح ، ولهذا قال الله في الذين يسعون في الأرض فسادا قال: (( إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم )) ولهذا قال العلماء إذا تاب قطاع الطريق قبل القدرة عليهم سقطت عنهم العقوبة ، فهنا يقول: (( فاعلموا أن الله عزيز حكيم )) إذا فأنتم قد عرضتم أنفسكم بعد الزلل الذي زللتم به من بعد ما جاءتكم البينات عرضتموها للهلاك .