قال المؤلف :" وإذا قامت البينة في أثناء النهار وجب الإمساك والقضاء " حفظ
الشيخ : ثم قال المؤلف " وإذا قامت البيّنة في أثناء النهار وجب الإمساك والقضاء على كل من صار في أثنائه أهلا لوجوبه " يعني وإن لم يكن حال الفطر من أهل الوجوبه ولهذا قال في أثنائه أي أثناء النهار أهلا للوجوب.
"إذا قامت البيّنة" البيّنة في دخول الشهر واحد أو متعدّد؟
السائل : متعدّد.
الشيخ : واحد، لا لا البيّنة، البيّنة، ما أقول متى يجب الصوم، واحد، إذا قامت البيّنة في أثناء النهار مثل أن يكون الذي رءاه في مكان بعيد فحضر إلى القاضي في أثناء النهار وشهد يقول المؤلف " وجب الإمساك والقضاء " أما وجوب الإمساك فلا شك فيه ودليله أن النبي صلى الله عليه وسلم حين وجب صوْم عاشوراء أمر المسلمين بالإمساك في أثناء النهار فأمسكوا ولأن هذا اليوم من رمضان فهو يوم محترم له حرمته فلا يُمكن أن يُنتهك بالفطر وأما القضاء فيلزم لأن من شرط صيام الفرض أن يُنوى قبل الفجر لأنه إذا لم يُنْوَ إلا في أثناء اليوم صار الصائم صائما نصف يوم إذا قام في نصف اليوم إذا نوى في نصف اليوم صار صائما نصف يوم فلا يُجزئ وعلى هذا فيلزمهم القضاء لهذه العلة، طيب.
أما وجوب الإمساك فلا أعلم هل فيه مُخالف أو لا لأنه لا شك قول جمهور العلماء ودليله واضح وأما وجوب القضاء فليس فيه دليل ولكن فيه تعليل وهو إيش؟ عدم النيّة قبل الفجر فإذا كانت النيّة من أثناء اليوم لم يصدُق عليه أنه صام يوما بل صام بعض اليوم لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أنه لا قضاء يجب الإمساك دون القضاء وعلّل ما ذهب إليه أن هؤلاء الذين كانوا يأكلون ويشربون قبل ثبوته بالبيّنة كانوا يأكلون ويشربون بأمر الله بإذن الله قد أحلّه الله لهم فهم لم ينتهكوا حرمة بل هم جاهلون بها لكوْن هذا اليوم من رمضان فيدخلون في عموم قوله تعالى (( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )) وبناءً على قوله لو لم تقم البيّنة إلا بعد الغروب غروب ذلك اليوم لم يلزمهم قضاؤه فإذا كان الشهر تسع وعشرين فقد صاموا بالفعل كم؟ ثمانية وعشرين يوما وأجاب عن قولنا باشتراط النيّة من قبل الفجر بأن النيّة تتبع العلم وأن الله لا يُكلّف أحدا أن ينويَ ما لم يعلم والعلم لم يحصل إلا في أثناء النهار فلو أنه نوى بعد العِلْم ولو بلحظة يعني لو أخّر النيّة بعد العلم لم يصح صومه لا شك لكن الرجل حين أن علِم نوى ولا يُكلَّف أن ينوي قبل أن يعلم ولا شك أن، نعم، وفيه أيضا القياس على من أكل قبل غروب الشمس ظانّا غروبها ثم تبيّن أنها لم تغرب أو من أكل شاكا في طلوع الفجر ثم تبيّن أنه قد خرج أو قد طلع الفجر فإن صومه صحيح، ولا شك أن تعليله قويّ رحمه الله لكن يُرجِّحُ قول جمهور عندي أن من أفطر قبل غروب الشمس ظانا غروبها أو أكل بعد طلوع الفجر ظانّا أن الليل باقي كان عنده نيّة، نيّة الصوم فأكل في أخر النهر ظنّا أن الوقت قد انقضى أما هؤلاء فليس عندهم نية أصلا ولهذا كان الخلاف في المسألتين الأخيرتين فيمن أكل قبل الغروب أو بعد طلوع الفجر كان أشهر من الخلاف في المسألة الأولى والمسألة الخَطْب فيها يسير فكوْن الإنسان يقضي يوما ويبرئ ذمته عن يقين خير من كوْنه يأخذ بقول شيخ الإسلام رحمه الله وإن كان له حظ قوي من النظر فيكون في الحقيقة مخاطرا.