توضيح الشيخ لمسألة اختلاف المحدثين في أحكامهم ، وكيف أنها تشبه اختلاف الفقهاء في المسائل الفقهية ، وضربه للأمثلة في ذلك .
هذا مثاله تماما مثال من يثير الإشكالات في الفقه المتوارث ، والذي لا يخلو الكثير مِن مسائله من الاختلاف فيها : إما إيجابًا أو سلبًا للإيجاب ، أو تحريمًا أو كراهة أو إباحة إلى آخره ، فيقول : أن المسألة فيها قولان ، لكن ما هو المعتمد مِن هذين القولين في الفقه ؟! كذلك نحن نقول في علم الحديث ،
والآن ما دامت أن المسألة ليس من المتفق عليها عند علماء الحديث ، لا بالنسبة لما ذكرت آنفا عن الإمام الشافعي ، أو ما ذكرتَه عن المليباري ، إنما المسألة فيها نوع من الاختلاف ، ولكن ما هو الذي اعتمده حفاظ الحديث ونقاده ؟!
لا يشك أيُّ باحث في علم الحديث أنَّ الإعلال بمجرد التفرد من الثقة ليس علةً قادحة ، وإنما قد تكون علة قادحة فيما إذا قابله رواية أخرى عن ثقة أوثق منه ، أو عن جماعة من الثقات ، لا شك أن الحالة حين ذاك تكون العلة قائمة بالنسبة لذاك الثقة الذي تفرد بما خالف فيه الأوثقَ منه أو الثقات .
ثم نحن نقول : بالنسبة للشبهة التي حكيتها منسوبة إلى الإمام البخاري : على افتراض أنها صحت النسبة إلى البخاري ، لأني كما قلت لك آنفًا : لا أستحضر هذا كعلة في الحديث المذكور آنفا : ( إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير ، وليضع كفيه قبل يديه ) ، إذا صح هذا عن الإمام البخاري !
الطالب : عفوًا ، قلتم : ( وليضع كفيه قبل يديه )
الشيخ : كيف ؟
الطالب : قلتم : ( وليضع كفيه قبل يديه ) !!
الشيخ : ( وليضع يديه قبل ركبتيه ) ، جزاك الله خيرا .
فالذي أريد أن أقوله بهذه المناسبة : لعلك تعلم أن كثيرا من الحفاظ قد صححوا أو حسنوا هذا الحديث ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : أقول : لعلك تعلم !
الطالب : إي نعم .
الشيخ : طيب ، هؤلاء لا يعلمون قول الإمام البخاري إن كان مرويا عنه وصحيحا ، لا شك .
الطالب : بلى .
الشيخ : طيب ، إذن ما معنى تصحيحهم أو تحسينهم للحديث ؟ معناه ولازمه أن ذلك الإعلال هو رأي شخصي للإمام الذي نُسب إليه هذا الإعلال ، ولا ضير عليه في ذلك فالمسألة كالمسائل الفقهية التي يقول الإمام القول ، ثم يخالفه آخر ، والمرجع في ذلك إلى الترجيح .
الطالب : نعم .
الشيخ : إذن التلبيس عن أقوال قد يمكننا أن نقول : إنها أقوال شاذة بالنسبة لما جرى عليه النقاد من الحفاظ بعد صدور ذلك القول .
1 - توضيح الشيخ لمسألة اختلاف المحدثين في أحكامهم ، وكيف أنها تشبه اختلاف الفقهاء في المسائل الفقهية ، وضربه للأمثلة في ذلك . أستمع حفظ
توضيح الشيخ لشرط الإمام البخاري في الصحيح ، وبيان قول الجمهور في ذلك الشرط .
الطالب : نعم .
الشيخ : هذا قاله الإمام البخاري ، وذلك مشهور عنه ، فما موقف الحفاظ الذين جاؤوا من بعده ؟!
لعلك تعلم مِن علم أصول الحديث أن جمهور المحدثين خاصة من المتأخرين ، أن مذهب البخاري مذهبٌ مرجوح ، وأعني ما أقول مرجوح ، من حيث جعله علة في رأيه ، يقولون : هذا الشرط ليس شرطًا ملزِمًا للآخرين .
وعلى ذلك جرى كل العلماء الذين لهم : إما لهم كتب تسمى بالصحاح ، كصحيح مثلاً ابن خزيمة ، وابن حبان ، وابن الجارود ، ومستدرك الحاكم ونحو ذلك ، فضلا عن العلماء المتأخرين الذين جروا على أن يصححوا وأن يحسنوا مفردات مِن الأحاديث في كتب التخريج ، كالحافظ مثلاً ابن حجر العسقلاني ، وابن الملقن ، ونحو ذلك ، فهؤلاء كلهم يصححون مكتفين بالمعاصرة ، طيب !
أنا شخصياً بدا لي شيء في هذا الخلاف أظنه بديعًا جدًا ويقاربُ بين وجهتي النظر المختلفتين وهو : أن شرط الإمام البخاري في اللقاء هو شرط كمال ، وليس شرط صحة ، ودليلي على هذا : أنني وجدت في سنن الترمذي ، ومعلوم عند طلاب العلم أن الإمامَ الترمذي هو مِن تلامذة الإمام البخاري العارفين بمذهبه وآرائه ، ولعلك أيضًا تعلم أنه في كثير مِن الأحيان يُصحح أحاديث يرويها الترمذي في سننه لم يروها شيخه في صحيحه ، وينقل التصحيح عن إمامه ، وتارة يُحسن الحديث وينقل أيضًا تحسينه عن الإمام البخاري ، فقد وجدت الإمام الترمذي في بعض هذه الأحاديث المحسَّنة نقل التحسين عن البخاري ، وليس فيه شرط اللقاء ، وقد ذكرتُ هذا في بعض ، لأنه في الواقع شيء مهم جدًا .
المعروف باسمه ، فمعروفٌ ومشهورٌ أن الإمام مسلم قد ردَّ في مقدمة صحيحه على الذين يشترطون اللقاء دون المعاصرة ، ويذهبُ وَهَلُ بعض الباحثين إلى أنه أراد بذلك الرد على الإمام البخاري نفسه ، وليس يهمني هل هو كذلك قصد الرد على البخاري نفسه ، أم على من قال بقوله ! الأمر كما يقال : "كل الدروب على الطاحون " ، لأنه ليس المقصود القائل ، وإنما المقصود هو المقول .
الطالب : نعم .
الشيخ : فإذا صحَّ ما نزعتُ إليه وما انتهيتُ إليه بالشاهد الذي أشرتُ إليه أن اشتراط الإمام البخاري ، انتقاها وأوردهها في صحيحه ، انتقاها من كذا ألف نسيت الآن الرقم من الأحاديث ، لعله مائتي ألف ، أو ما يشبه هذا الرقم الضخم من الأحاديث الصحيحة ، فانتقى الأحاديث التي أوردها في صحيحه ومجموعها لا يزيد على ستة آلاف ، انتقاها مِن مائتي ألف حديث .
إذن هذا شرط كمال في صحيحه بدليل : أنه يحسن -وقد يصحح لكني ما وقفت بعد- أنه يحسن بعض الأحاديث التي ينقل التحسين عنه تلميذه الترمذي ، وليس فيه ثبوت شرط اللقاء ، هذا ما عندي جوابًا .
هل يقال : إن تصحيح البخاري لحديث : ( هو الطهور ماؤه ....) كما نقله عنه الترمذي دليل على أن شرط البخاري في الصحة شرط كمال لا شرط صحة وثبوت ؟
السائل : قد يكون يعني كمثال على هذا على ما تفضلتم به ، حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( هو الطَّهور ماؤه الحل ميتته ) ، فذكره الترمذي وقال : لقد سألت أبا عبد الله فقال : هو حديث صحيح ، فصححه ؟
الشيخ : إي لكن نحن المهم أن ينقل مثل ذلك عن شيخه .
السائل : عن البخاري ؟
الشيخ : إي .
السائل : هو نقله عن البخاري .
الشيخ : نقل عن البخاري ماذا ؟
السائل : نقل عن البخاري تصحيح هذا الحديث !
الشيخ : تصحيح هذا الحديث !؟
السائل : نعم ، نقل عن البخاري تصحيح هذا الحديث !
الشيخ : هو الحديث : ( إذا سجد أحدكم ) ؟
السائل : لا يا شيخ .
الشيخ : إذن ؟
الحديث : ( هو الطهور ماؤه الحل ميتته ) ، تفضلتَ وقلت : بأن الشرط لعله شرط كمال وليس شرط صحة .
الشيخ : إي لكن هل ثبت في هذا الحديث عدم وجود شرط البخاري ؟
السائل : الخلاف الحاصل في سنده !!
الشيخ : أنا أشترط شيئين : أن يكون الحديث حسنه أو صححه البخاري ، ولا يكون شرط اللقاء الذي يشترطه موجودًا في الحديث .
السائل : نعم .
الشيخ : وليس البحث الآن -وقد ذكرتُ هذا !- ليس البحث الآن أن هناك أحاديث صحيحة صححها الترمذي ونقل تصحيحها عن البخاري .
السائل : نعم .
الشيخ : هذا منه كثير ، لكن البحث : هل هناك أحاديث صححها البخاري فيما نقله الترمذي مع عدم وجود شرط البخاري !!
السائل : إي نعم .
الشيخ : هذا منه ؟
السائل : هو كسؤال فقط ، للخلاف الحاصل في السند .
الشيخ : أنا ما أعرف هذا ، أنت تعرف هذا ؟
السائل : والله أنا قلت !
الشيخ : ما يكفي هذا ، بارك الله فيك .
السائل : أن السند ورد من طريق صفوان بن سليم ، عن المغيرة بن أبي بردة ، عن سعيد بن سلمة ، الحاصل : حصل خلاف في السند فما أدري !
الشيخ : معليش ، لكن المسألة فيها دقة ، يعني نحن لا نقول بالقول المريض لنقوي قولنا الصحيح ، لا ، هذا ليس سبيل أهل العلم الذين نحاول أن نقتدي بهم ، أنا وقفت عند بعض النماذج من الأحاديث التي حسنها الترمذي ونقل هو تحسينها عن البخاري ، مع أنني لاحظت أن شرط اللقاء غير متوفر .
السائل : نعم .
الشيخ : فإذا كان هذا الحديث الآخر ، أي : أنت لاحظت وقصدت التأمل بأن شرط اللقاء الذي يشترطه البخاري غير متوفر هذا نحن نضمه إلى المثال السابق .
السائل : يحتاج إلى مراجعة .
الشيخ : هذا هو .
3 - هل يقال : إن تصحيح البخاري لحديث : ( هو الطهور ماؤه ....) كما نقله عنه الترمذي دليل على أن شرط البخاري في الصحة شرط كمال لا شرط صحة وثبوت ؟ أستمع حفظ
إذا تعارض قول الإمام الواحد في توثيق وتجريح راو ، فما العمل حينئذ ؟
الشيخ : داوود بن أبي هند من الذي اختلف قوله فيه ؟
السائل : الإمام أحمد -رحمه الله- .
الشيخ : مرة وثقه !
السائل : ومرة وهنه .
الشيخ : هذا السؤال ورد في مجلس من بعض طلاب العلم الأقوياء وكان جوابي كالتالي : مثلُ هذا الاختلاف عن الإمام الواحد يصدر منه قولان مختلفان في الراوي الواحد ، شأنه فيه كما لو كان هذان القولان صدر أحدُهما مِن إمام والآخر من إمام آخر ، فكيف التوفيق بينهما ؟ إذا كانت القاعدة عندك ظاهرة في مثالي هذا ، فطبقه في مثالك المذكور ، تسترح ، أما إذا كان غير ظاهر ، فلا بد من الإظهار .
أنا أقول : لا يخفاك فيما أعتقد ، قاعدة علماء الحديث التي تقول : في مثل هذا الاختلاف : " الأصل فيه أن الجرح مقدم على التعديل " ، ولكن هذا القول على إطلاقه وعمومه وشموله غير مقصود ، ذلك لأنَ من أسباب الجرح ما لا يعتبر جرحًا .
فلنضرب على ذلك مثلاً مشهورًا بين العلماء وطلاب العلم ألا وهو : أنْ يُجرح الراوي بأن يكون مثلاً من أهل البدعة ، كأن يكون مثلاً من المرجئة ، أو أن يكون من الخوارج ، أو نحو ذلك ، هذا لا يعتبر جرحاً قادحاً في روايته ، ولكنه يكون جرحًا في فقهه وعقيدته .
من هنا نجد مثلاً إمام المحدثين البخاري يروي عن عمران بن حِطّان الخارجي !
السائل : نعم .
الشيخ : ذلك لأن الأمر كما يقول علماء الحديث في المصطلح : العبرة في الراوي للحديث هو : أولاً أن يكون مسلماً . وثانيًا : أن يكون عدلًا . وثالثًا وأَخيرًا : أن يكون ضابطًا وحافظًا .
فإذا توفرت هذه الشروط في الراوي كان حديثه على الجادة صحيحاً مستقيماً ، طبعًا إلا إذا لم يخالف الشروط الأخرى المعروفة : لم يعلّ ولم يشذ .
الآن إذن ننظر في القولين المختلفين : أحدهما وثق ، والآخر ضعف ، فإذا كان الجرح مبينًا ، وكان الجرح في نفسه علة قادحة ، قُدم الجرح على التوثيق .
السائل : نعم .
الشيخ : وإن كان الجرحُ مبينًا ولكنه ليس جرحًا فلا قيمة له ، وإن كان الجرح مجرد إطلاق التضعيف دون بيان السبب مطلقا ، قدم التوثيق على التضعبف ، وعلى هذا تحل المشكلة بالنسبة للإمام الواحد يوثق تارة ، ويضعف تارة .
إذا مثلا كان المضعِّف يقول : بأنه تبين لي أن الرجل منكر الحديث ، يكون هذا جرحًا مفسرًا وجرحًا مقبولًا ، حينئذٍ يقدم جرحه على توثيقه ، لأنه حينما وثقه لم يكن قد تبينت علته ، أمَا وقد تبينت له علته ، وتبين لنا أن هذه العلة هي قادحة وجارحة ، حينئذ نؤثر الجرح على التعديل ، هكذا ينبغي إزالة الخلاف ، نعم .
كيف أخرج البخاري لعمران بن حطان ، هل أخرج له في الأصول أم في المتابعات ؟
الشيخ : نعم .
السائل : يعني أخرج له في المتابعات فقط .
الشيخ : بس .
الشيخ : ولذلك لم يكن حديثه في مرتبة الصحة ، وإنما كان في مررتبة الحسن والحديث الحسن في الواقع معرض للقلقلة لأدنى مناسبة .
هل تقولون بأن سفر الحوالي وسلمان العودة من الخوارج والإخوان ؟
الشيخ : كيف ؟
السائل : عن الشيخ سفر والشيخ سلمان في المملكة ، فبعض الإخوان يقولون : أن هذا الكلام منسوخ ، وأن الشيخ يقول عنهم أنهم خوارج في مجالسه الخاصة ، وهذا الرأي منتشر جدًا في منطقة صويلح ، والشباب يتبنون هذا الرأي ، ومصرين على أن الشيخ في مجالسه الخاصة !
الشيخ : أين هو هذا الرأي ، يقول به غيرنا .
السائل : على شان صوتك تسجيل ، يكون لهم الشريط هذا مسجل ، نسخه .
الشيخ : لا ، ما في عندنا في المسألة ناسخ ومنسوخ ، ونحن من زمان نقول : بأن الشيخ سلمان والشيخ سفر هم من طلاب العلم الأقوياء ، وكثير من الناس يقولون بأنهم من الإخوان المسلمين ، ونقول نحن : بأن هذا لا يعني أننا نرضى عن كل أقوالهم ، وعن كل منطلقاتهم ، فنحن نثني في حدود ما تبين لنا ، وننقدُ أيضا في نفس الحدود التي تبينت لنا ، فنحن نجد في بعض .
إذن للحديث صلة - إن شاء الله - .
هل يصح أن يعزو المخرج للخطيب دون تحديد الكتاب ويكون قد قصد كتابا غير تاريخ الخطيب كالجامع لآداب الراوي مثلا ؟
الشيخ : إلى الخطيب ؟
السائل : إي نعم .
الشيخ : ولم أجده فيه ، ... -رحمه الله- لعل الذي يظهر استله من كتب الحنابلة المتقدمين ، لأن منصور البهوتي رحمه الله في *كشاف القناع ذكر الحديث وعزاه إلى الخطيب في الجامع ، فرجعت للجامع للخطيب .
الشيخ : الجامع في آداب الراوي والسامع ؟
السائل : إي نعم ، الخطيب في الجامع فرجعت إلى الجامع فوجدت الحديث بنصه .
الشيخ : هذا شيء جميل ولكن يبقى -وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته- أن في ذلك مخالفة للاصطلاح ، كما لو قيل : رواه البخاري مثلًا ، ثم يتبين أنه رواه في التاريخ ، ما ينبغي أن يقال : رواه البخاري إطلاقا ، ولكن لابد من تقييده بنسبته إلى الكتاب الذي رواه البخاري فيه .
السائل : نعم .
الشيخ : كذلك إذا قيل : رواه الخطيب ، يراد عند الإطلاق التاريخ ، فإذا كان العازي للحديث إلى الخطيب ، ولا يعني تاريخه ، إذن عليه أن يقيد العزو وأن يقول : رواه الخطيب في الجامع .
السائل : نعم .
الشيخ : على كل حال هذا يشار إليه -إن شاء الله- على الحاشية ولعله يتاح له أن يطبع طبعة ثانية .
السائل : نعم .
7 - هل يصح أن يعزو المخرج للخطيب دون تحديد الكتاب ويكون قد قصد كتابا غير تاريخ الخطيب كالجامع لآداب الراوي مثلا ؟ أستمع حفظ
اذا تفرد مختلط بالرواية فهل تقبل منه ؟
السائل : تفرد بالرواية ، ولكن بعد اختلاطه !
الشيخ : إي ، لا يكون حجة ، حدث بالحديث بعد اختلاطه ، فلا يُحتج به .
هل تقبل زيادات عبد الرزاق الصنعاني التي خالف فيها الثقات بسبب اختلاطه ؟
الشيخ : إي معروف الحكم في هذا ، لا تقبل المخالفة .
كيف يعرف زمن الاختلاط ، وما هي حالات الرواة عن المختلطين ؟
الشيخ : بمعرفة تاريخ الاختلاط ، وتاريخ الرواة عنه ، متى رووا ؟ هذا من جهة أَولية ، وأسهل من هذا من جهة أخرى : أنَّ العلماء الحفاظ يصرحون في بعض الأحيان في ترجمة المختلط بأسماء الذين رووا عنه قبل الاختلاط ، فمن لم يكن مِن هؤلاء يكون حديثه متوقَفًا عن تصحيحه ، لأنه إما أن يكون روى عنه بعد الاختلاط ، أو أنه لا يدرى هل روى عنه قبل الاختلاط أو بعد الاختلاط ، فهناك بعض الرواة رووا عن المختلِط في الحالتين .
السائل : نعم .
الشيخ : ففي هذه الحالة لا يحتج بهذا الراوي عن المختلِط إلا إذا ثبت بطريقة أو بأخرى أنَّ هذا الحديث بالذات حدث به المختلطُ هذا الراوي عنه الذي يروي عنه في حالة الاختلاط وما قبل الاختلاط ، إذا ثبت أنه حدث به قبل الاختلاط ، حينذاك يحتج به وإلا فلا .
يعني باختصار : المختلِط من حيث الرواة الذين يروون عنه له ست أحوال :
حالة يحتج بحديثه ، وهو : إذا كان الراوي عنه لا يروي عنه إلا قبل الاختلاط .
والحالتان الأخريان : فيمن روى عنه بعد الاختلاط ، أو لا يُدرى هل هو روى قبل أو بعد ؟ فهذان قسمان يلحقان بمن عرفنا أنه روى عنه بعد الاختلاط .
السائل : ويلحق بهذا ابن لهيعة بعد احتراق كتبه ؟
الشيخ : نعم ، لكن ابن لهيعة يلحق بهذا مِن حيث التفصيل الذي ذكرناه ، لا من حيث أنه مختلط .
السائل : هو كان يحدث من قبله .
الشيخ : هو ما اختلط ، أي نعم ، لكن لما احترقت مكتبته ظهر الضعف في أَحاديثه ، فمن روى عنه قبل احتراق مكتبته كالعبادلة مثلاً وغيرهم فهو صحيح الحديث ، وإلا فلا .
ما قولكم فيمن نفى الاختلاط عن ابن لهيعة كابن معين ؟
الشيخ : " المثبِت مُقدَّم على النافي " ، مَن عَلِم حجة على من لم يعلم ، النافي مع المثبت لا وزن لكلامه ، لأنه تكلم في حدود ما وصل إليه علمه ، لكن الذي يحدث بشيء هو لا يعلمه لا نرفض علمه لأن غيره لم يعلمه ، هذا ... لم يحفظ غيره ، حينما تأتي بالمثال تعنيه بالذات ، بمعنى إذا قلت لك : نعم زيادة ثقة مقبولة ، إذن صح الحديث من طريق ابن عمر : ( عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يرفع يديه في تكبيرات الجنائز ) ،
إن كنت تعني هذا الثقة الذي زاد الرفع لم يُخالَف ؟
السائل : هذا ما أريدُ السؤالَ عنه ؟
الشيخ : لا هو مخالِفٌ ، ولذلك قلنا : بأن مثل هذا الفرع له حكم المرفوع عن ابن عمر الوقف عليه فمن اقتنع أن مثل هذا الفرع له حكم المرفوع عمل به وإلا فلا .
هل قول الصحابي أو فعله حجة بذاته ؟
الخلاف في هذا معروف ، في ذلك فيما أفهم أنه إذا كان لا مجال للرأي فيه والاجتهاد ، وأنه يكون مما لا يعرف إلا بطريق الإيقاف من الرسول -عليه الصلاة والسلام- للصحابي ، فحين ذاك يكون لهذا الحديث الموقوف حكم الرفع ، - سليمان - مثاله مثلاً مما لا نشك أنه مثلٌ صالحٌ لهذا الذي نقوله ألا وهو : حديث موقوف في حكم المرفوع ، المثال الصالح لهذا : حديث ابن عباس الذي قال : ( بأن القرآن نزل جملة واحدة إلى بيت العزة في سماء الدنيا ثم نزل أَنجمًا حسب الحوادث ) ، هذا موقوف لم يرد مرفوعا أبدًا ، وصح إسناد الموقوف ، فما حكمه ؟ نقول : هذا حكمه الرفع ، ذلك لأنه يتحدث عن أمر غيبي ، لا يمكن للعقل أن يخوض أو أن يجول فيه ، أو يقول : نزل القرآن جملة واحدة ، فيحدد الموضع تحديدًا دقيقاً ، فيقول : إلى بيت العزة ، ما يدريه بأن هناك بيتاً يُسمى ببيت العزة ؟! هذا أمر غيبي ، لا بد أنه تلقاه من الرسول -عليه السلام- ثم يقول : في السماء : سماء الدنيا ، لا يقول الثانية ، ولا يطلق ، وإنما يقيد ، ثم ثالثًا يقول : نزل بعد ذلك أنجما حسب الحوادث ، " هذا موقوف في حكم المرفوع " ، والأحاديث الموقوفة التي تساق هذا المساق قليلةٌ جدًا ، لكن ضابطها هو هذا ، لكن من تمام ضبط هذا الضابط : أن لا يكون الحديث الموقوف الذي يتحدث فيه عن أمر غيبي لا مجال للعقل فيه ، أن لا يحتمل أن يكون مِن الإسرائيليات ، وإذا تحدث الصحابي مثلاً عن أمرٍ غيبي يتعلق ببدء الخلق مثلاً : خلق الملائكة خلق الجن خلق بني آدم ، خلق السماوات والأرض ، إلى آخره ، هذا ممكن أن يكون من الإسرائيليات ، تلقاه هذا الصحابي أو ذاك عن بعض الذين أسلموا من أهل الكتاب ، فإذا ما طرأ مثل هذا الاحتمال على مثل ذلك الحديث الموقوف الذي ما فيه لا يقال بالرأي ، سقط الاستدلال به ، ولم يجز أن ينسب إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- .
السائل : بالمناسبة الشيخ أضاف إلى العبادلة اثنين جدد في ابن لهيعة : إسحاق بن عيسى ، ويحيى بن إسحاق الصُّلَيحي ؟
سائل آخر : نذكر أن الشيخ أبو إسحاق الحويني ذكر في *الإحسان ، ذكر ما يقرب من عشرة ، وكأنه أفرد هذا الرجل بكتاب .
الشيخ : -أكل طعامكم الأبرار ، وصلت عليكم الملائكة ، وأفطر عندكم الصائمون- .
السائل : أكرمكم الله ، حديث الثقفي مطلقًا ، الإمام أحمد بن صالح ؟
الشيخ : ما أستحضر .
السائل : نعم .
الشيخ : أو لا أعلم .
هل كتاب التعليقات الجياد موجود عندكم ؟
الشيخ : إيش هو ؟
السائل : التعليقات الجياد على زاد المعاد .
الشيخ : مفقود مع الأسف .
السائل : الله المستعان .
الشيخ : بهذه النقلة التي نقلناها من دمشق إلى هنا ضاعت بعض كتبي وآثاري .
السائل : الله المستعان .
الشيخ : تنتظر شيئًا ؟
السائل : أسكب للأخ .
هل كان ابن لهيعة مختلطًا أم عنده ضعف حافظة وسوء حفظ ؟
الشيخ : إيش ؟! لا لا ، ما يسمى اختلاط .
السائل : شعف ذاكرة ؟!
الشيخ : إي نعم .
السائل : سوء حفظ ؟
الشيخ : إي نعم ، ضعف حافظة.
توضيح الشيخ لفكر ومنهج الشيخ سفر الحوالي، وسلمان العودة .
فنحن نختلف مع كثيرين مِن الدعاة الذين يلتقون معنا ، ولا يكونون بعيدين عنا في وجوب اتباع الكتاب والسنة ، أو الأحزاب الأخرى الذين لا يهتمون بدعوتنا هذه إلا ربما لفظاً ظاهراً ، فلا .
نحن مثلا نعرف أنَّ الإخوان المسلمين منذ عشرات السنين : فهم من حيث الكلام يقولون : على الكتاب والسنة ، لكن عملهم لا يدل عليها .
أما الرجلان المشار إليهما آنفًا فهما على الخلاف ، فهم على منهج السلف الصالح في دعوة الجماهير إلى الوقوف عند الكتاب والسنة ، ومن ذلك عدم إثارة الجماهير على حكام المسلمين ، وبخاصة في زمن ضعف الوازع الديني من عامة المسلمين .
ذكر الشيخ لمناقشته لناصر العمر حول كتابه فقه الواقع في منزل الألباني في عمان .
السائل : نعم ، الدكتور ناصر العمر .
الشيخ : الذي سماه : *بفقه الواقع ، هو يعني رأيتُ مِن فضله ولعلَّ ذلك أيضًا من إنصافه : أنه جاء إليَّ في منزلي هنا ، وقرأ عليَّ هذا الكتاب وناقشته فيه ، واعترف بكثير مِن أخطائه التي وقعت له فيه ، ووعد بالنظر في أمور أخرى يومئذ توقف عن البتِّ فيها ، لكن المهم أنني قلت له يا أستاذ : فقه الواقع لا يصلح أن يكون مُشاعًا بين المسلمين كافة ، فقه الواقع هو مِن فروض الكفاية ، كسائر العلوم الأخرى ، أو أكثر العلوم الأخرى ، فنحن حينما نثير الجماهير بفقه الواقع كما لو كلفناهم أن يصبحوا كلهم علماء في الحديث ، علماء في الفقه ، علماء في االتفسير إلى خره ، وهذا لا يقوله عالم ، فما بالك بفقه الواقع الذي يحتاج ليس إلى معرفة فقط بالكتاب والسنة ، بل وبمعرفة الواقع الآن ، فما هو واقع المسلمين اليوم ؟! هل هم كمسلمين وكأمة تجمع الملايين المملينة كما يقولون ، ما هو فقه هذا ، ما هو واقع هؤلاء المسلمين وما بعدهم وقربهم مِن عملهم في الأحكام الإسلامية ؟!
توضيح الشيخ لواقع المسلمين اليوم من حكام ومحكومين ، وبيان حال بعض دعاة الثورات .
نحن نجد بعض الأحزاب ولا أقول الأفراد : ممن يدعون إلى إقامة الدولة المسلمة ، وممن يثورون على الحكام المسلمين ، إذا دخلت بيوتهم وجدتها خاوية على عروشها من الفقه الإسلامي الصحيح .
إذن ابدأ بنفسك ثم بمن تعول ، أنت تريد إقامة الدولة المسلمة في العالم الإسلامي كله ، وهذا العالم المصغر في دارك لم تُقِم دولتك فيه ، كما قال ذلك الداعية ، الذي كان المفروض أنَّ التابعين له أن يعتبرروا بكلمته وبمقولته ألا وهي : " أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم ، تُقم لكم على أرضكم " .
عودة الشيخ لبيان منهج سفر وسلمان فيما يقال عنهما من تثوير الناس على الحكام .
هذه الإثارة هو نوع ، لا أقول هو خروج ، هو نوع من الخروج ، وهذا بلا شك يثير فتنة ، ونحن بحاجة إلى أن نقلل من الفتن المحيطة بالمسلمين فضلا عن أن نزيد فتنة على فتن ، إلى آخره .
فإذن خلاصة الكلام ربنا يقول : (( ولا يجرمنكم شَنَئان قوم على أن لا تعلدلوا اعدلوا هو أقرب التقوى )) : فنحن لا ننسب هؤلاء الجماعة إلى أنهم خوارج ، كما قد يبالغ في ذلك بعض إخواننا أيضًا من الدعاة السلفيين ، لكن هذا هو نوع من الخروج ، وقد يكون له آثار سيئة كما فعل أولئك الذين يُعرفون بجماعة التكفير في كثير من البلاد الإسلامية ، أولهم الذي سن هذه السنة السيئة : الذي خرج في الحرم المكي ، المعروف بجهيمان ، هذا بلا شك سنَّ سنة سيئة ، ثمَّ تبعهم في ذلك جماعة التكفير في مصر ، ثم جماعة ما اسمه هذا السوري الحموي هذا ، الذي أثار الفتنة في سوريا ؟!
السائل : مرواد حديد .
الشيخ : موران حديد ، ثم فتنة الجزائر وما فتنة الجزائر ! هذا كله خروج لا ينبغي أن يكون ممن يدّعون تمسكًا بالكتاب والسنة .
توجيه الشيخ إلى وجوب ضميمة : وعلى منهج السلف الصالح ، لكل من يقول إنه على الكتاب والسنة .
نحن نقول : لا يكفي اليوم مِن الدعاة الإسلاميين أن يكتفوا في دعوتهم بالدعوة إلى الكتاب والسنة فقط ، ذلك لأن كل المذاهب الإسلامية والجماعات الإسلامية المعروفة قديماً ، والمعروفة حديثاً لا يوجد فيهم من يقول نحن لسنا على الكتاب والسنة ، كلهم يقولون هذه الكلمة : الكتاب والسنة ، مع ذلك أنا أقول : هذا لا يكفي اليوم ، ذلك لأن الكتاب والسنة يَضُم ضميمةً أخرى إلى الكتاب والسنة ، أشبه ما يكون ، ما عليه علماء أصول الفقه حينما يقولون : " إن مصادر التشريع أربعة : الكتاب ، والسنة ، والإجماع ، والقياس " ، إذن هي أربعة ، بينما كل المسلمين يقولون : القرآن والسنة ، ولا شيء وراء ذلك ، هذا صحيح ، ولا شيء وراء ذلك ، ولكن التفصيل والتوضيح والتبيين مِن ناحية أصول الفقه لابد أن يُضم إلى الكتاب والسنة : الإجماع والقياس الصحيح ، من باب التوضيح والبيان ، ومن حيث الدعوة أيضاً ينبغي أن يُضم إلى الكتاب والسنة : وعلى منهج السلف الصالح ، هذا المنهج اليوم الدعاة بالنسبة إليه على طرفين : منهم من لا يدعو إطلاقاً إلى هذا الخير ، ويكتفي بالقول : الكتاب والسنة ، وهؤلاء أكثر الدعاة ، القسم الآخر : هم الذين يشاركوننا في هذه الضميمة المهمة : وعلى منهج السلف الصالح ، لكن هؤلاء أيضًا قسمان : قسم عملي ، وقسم قولي ، يقولون بألسنتهم ما لا يظهر في أعمالهم ، لا أقول : ما ليس في قلوبهم ، من هنا يظهر الفرق بين بعض الدعاة السلفيين عقيدة لكنهم ليسوا سلفيين سلوكاً ومنهجاً .
أظن أن هذه الضميمة في مثل هذا المجلس الذي فيه طلاب علم -إن شاء الله- لا يحتاج إلى التدليل له وإثباته ، لأنه -إن شاء الله- ثابت لديكم ، أليس كذلك ؟
الطالب : بلى .
الشيخ : طيب ، لكني من باب التأكيد لما نعتقد جميعاً أولًا ، ثم من باب بيان كيف أن بعضهم يتبنى هذا ، ولكنه لا يعمل به ، ولا يتحمس أيضًا له .
19 - توجيه الشيخ إلى وجوب ضميمة : وعلى منهج السلف الصالح ، لكل من يقول إنه على الكتاب والسنة . أستمع حفظ
حديث الشيخ حول كتاب : تحرير المرأة في عهد النبوة والرسالة ، وما حصل بينه وبين مؤلفه .
الطالب : إي نعم : " تحرير المرأة في عهد النبوة والرسالة " .
الشيخ : آه : " تحرير المرأة في عهد النبوة والرسالة " ، هذا الرجل كان أرسل إليَّ المجلد الأول ، العنوان بالنسبة لمنهجنا أولاً غريب ، ثم لما قرأتُ مقدمة الكتاب وإذا هو يذكرني في المقدمة ، ويثني خيرا ، قال : ويذكر فيما يذكر لأنه تلقى الحض على التمسك بالكتاب والسنة ، لمـَّا أتيح له الذهاب إلى سوريا وحضور المجالس هناك ، يذكرني وأنا لا أذكره ، ذهب عن ذهني اسمه ، وقرأت ما تيسر لي من هذا الجزء ، فوجدته جمع بين النقيضين ، هو يثني على الألباني ، وأنه منه تلقى الدعوة إلى السنة ، ثم هو يذكر تقريظ محمد الغزالي لكتابه ، والشيخ يوسف القرضاوي ، فتعجبت من هذا الجمع ، جمعاً بين ننقيضين ، لكن أخذت أفكر من يكون هذا المؤلف الذي اسمه : إيش : عبد الحليم ؟
الطالب : أبو شقة .
الشيخ : أبو شقة ، ما تذكرت إلا بعدما اتصل بي هاتفياً مِن مصر ، قال لي: وصلك الجزء الأول من كتابي كذا ؟ قلت له : من أنت ؟ قال : فلان . هيي ساعة إذن تذكرته ، المهم قال : أنا سأرسل إليك الجزء الثاني لتقرأه ، قلت : إن شاء الله ، أفعل .
المهم جاء الرجل ونزل عندي ضيفاً ، وكما فعلنا مع صاحب *فقه الواقع جلسنا معه طويلاً ، صاحب فقه الواقع جلسة ، أما هذا أسبوعاً كاملاً عندي في داري ، المهم بينت له ملاحظاتي الكثيرة على كتابه ، الشاهد : ذات يوم -هنا الشاهد- قلت له يا فلان : لو قيل لك : ما مذهبك ؟ ماذا تقول ؟
قال : مسلم ، قلت له : هذا ليس جواب السؤال ، قال : لمَ ؟ قلت : لو سألك سائل ما دينك ؟ ستقول : مسلم ، إذن ينبغي أن يكون هناك فرقا بين الجوابين ، فانتبه لخطئه ورجع ليقول : إذن أقول : أنا مذهبي على الكتاب والسنة ، قلت له : -هنا الشاهد- هذا لا يكفي ، قال : لمَ ؟ قلت لك : لو سألنا أي مسلم لو كان إباضيًا أو كان شيعياً أو أو إلى آخره ، سيقول أيضاً : على الكتاب والسنة ، لم يسعه إلا الاعتراف ، قال : إذن سأقول : على الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح ، قلت: حسناً التقينا .
20 - حديث الشيخ حول كتاب : تحرير المرأة في عهد النبوة والرسالة ، وما حصل بينه وبين مؤلفه . أستمع حفظ
إخبار الشيخ عن النقاش الذي دار بينه وبين أحد طلبة العلم حول صحة نسبة الواحد منا الىالسلفية فيقول : أنا سلفي ، وأن ذلك اختصارا لقول : أنا على الكتاب والسنة وعلى منهج السلف .
الطالب : سمعنا بس التراجع لم نسمع بها ؟
الشيخ : نعم ؟
الطالب : أقول : لم نسمع بها ، فلعل الله عز وجل يكون قد هداه .
الشيخ : أسمعت بالأولى ولا لأ ؟
الطالب : سمعنا بها .
الشيخ : سمعت بها ، آه ، نحن نرجو أن يكون الخبر هذا الذي بلغنا صحيحًا ، المهم أنَّ هذا الذي قال ما قال من هذه الكلمة ثم تاب عنها -إن شاء الله- هو توهم أن قول المسلم : أنا سلفي ، كقول القائل الآخر : أنا حنفي ، أو شافعي ، أو مالكي أو حنبلي ، أو أنا إخواني ، أو تحريري أو ما شابه ذلك ، ليسوا سواءا أبدا .
21 - إخبار الشيخ عن النقاش الذي دار بينه وبين أحد طلبة العلم حول صحة نسبة الواحد منا الىالسلفية فيقول : أنا سلفي ، وأن ذلك اختصارا لقول : أنا على الكتاب والسنة وعلى منهج السلف . أستمع حفظ
توضيح الشيخ للفرق البين بين من ينتسب لجماعة ما وبين من ينتسب لمذهب من مذاهب الأئمة ، ثم بيان أن الانتساب لمنهج الصالح هو الحق لأنه انتساب للعصمة ، بخلاف الانتساب لمذهب معين .
فهذا الذي قال تلك الكلمة ، ولعله تاب منها كما قلنا ، يظن أن هذه النسب كلها متساوية ، فنقول : هذه غفلة شديدة جدا عن الفرق بين نسبة وأخرى .
نحن ذكرنا أنَّ هناك فرقاً كبيراً بين من يتنتسب إلى إمام مِن أئمة المسلمين وبين مَن ينتسب إلى جماعة ينتسبون إلى شخص لا يقرن مع إمام من أئمة المسلمين ، مثل هذا التفاوت بين النسبتين وأكثر من ذلك : التفاوت بين مَن ينتسب إلى إمام من هؤلاء الأئمة الأربعة ، وبين من ينتسب إلى السلف الصالح ، ذلك لأننا كما قلنا آنفاً : من ينتسب إلى الإمام أبي حنيفة مثلاً ، نعم انتسب إلى إمام ، لكنه لم ينتسب إلى العصمة ، أما مَن انتسب إلى السلف الصالح ، فقد انتسب إلى العصمة ، ذلك لأن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا تجتمع أمتي على ضلالة ) ، وقبل ذلك قال الله -عز وجل- في القرآن الكريم : (( ومن يشاقق الرسولَ من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نولِّهِ ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )) ، ليسوا سواءا هذه النسبة كتلك النسبة ؟! لا ، لو أن رجلاً قال : أنا لا أنتسب إلى الإمام فلان ما يكفر ، ولو كفراً لفظياً ، لكن الذي يقول : أنا لا أنتسب إلى السلف الصالح ، هو يكفر ولو كفراً لفظياً ، ذلك لأنه تبرأ ممن قال الله عز وجل فيمن يخالفهم : (( ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )) ، لذلك نحن في الوقت الذي نسعد ونفرح بأناس سواء عندكم أو عندنا ، أو في غير هذه البلاد كلها ، حينما يدعون .
الحجم ( 7.62 ميغابايت )
التنزيل ( 851 )
الإستماع ( 0 )