باب : " باب العفو والصفح عن الناس " شرح حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما : ( يقول على المنبر : (( خذ العفو وامر بالعرف وأعرض عن الجاهلين )) قال: والله ما أَمر بها أن تؤخذ إلا من أخلاق الناس والله لآخذنها منهم ما صحبتهم ) .
وصل بنا الدرس الماضي إلى الحاديث الرابع والأربعين بعد المئتين .
من " باب العفو والصفح عن الناس ".
روى المصنف رحمه الله بإسناده الصحيح .
عن وهب بن كيسان قال : سمعت عبد الله بن الزبير: ( يقول على المنبر : (( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين )) قال: والله ما أَمر بها أن تؤخذ إلا من أخلاق الناس والله لآخذنها منهم ما صحبتهم ).
هذا الحديث من الأحاديث الموقوفة على عبد الله بن الزبير معروف أنه من أصحاب الرسول عليه السلام ولكنه حين مات رسول الله صلى الله عليه وسلم كان صغير السن فهو في طبقة ابن عباس من بين أصحاب الرسول عليه السلام سناً، فهو خطب ذات يوم على المنبر فتلا هذه الآية الكريمة ألا وهي قوله تبارك وتعالى : (( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين )) فقال مبيناً معنى قوله: (( خذ العفو )) قال : ( والله ما أمر بها أن تؤخذ إلا من أخلاق الناس، والله لآخذنها منهم ما صحبتهم ) فهو رضي الله عنه يبين بهذه الجملة أن المقصود بقوله تعالى: (( خذ العفو )) ليس ما اشتهر عند المفسرينمن ان المقصود من العفو هنا في هذه الآية إنما هو الفاضل من أموال الناس، أي إن العلماء اختلفوا في تفسير هذه اللفظة بخصوص هذه الآية: (( خذ العفو )) ما هو العفو؟ فهناك قولان : القول الأول : المال الفاضل الزايد على حاجة صاحبه فهذا المال الفاضل الزايد عن حاجة مالكه هو الذي أمر الله تبارك وتعالى نبيه عليه الصلاة والسلام في هذه الآية أن يأخذه من الصحابة من المسلمين ، هذا بناء على القول الأول ، خذ العفو أي الفاضل من المال ، وعلى هذا القول يقول أهله ، هذا كان في أول الإسلام أي كان يجب في أول الإسلام على المال زكاة ما فضل عن حاجته، فلما فرض الله عز وجل الزكاة المعروفة حينذاك نسخ هذا الأمر لأن الأمر كان خاصاً بالزائد من المال، أما لما فرض الله عز وجل الزكاة فوجب عليهم أن يدفعوا شيئاً معيناً على رأس المال بالمئة اثنين ونصف كما هو معلوم.
الخلاصة : أن القول الأول في تفسير هذه الآية: (( خذ العفو )) أي: الفاضل من أموال الناس.
القول الثاني : وهو الذي ذهب إليه ودندن حوله عبد الله بن الزبير (( خذ العفو )) أي: الصفح ففيه فرق كبير بين القولين ، القول الأول : (( خذ العفو )) أي: الفاضل من أموال الناس.
القول الثاني : (( خذ العفو )) أي: تمسك بالصفح عن الناس فيما إذا أخطؤوا معك، وهذا القول هو الذي ذهب إليه أو فهمه عبد الله بن الزبير من هذه الآية الكريمة وهو الذي اعتمده الحافظ ابن كثير الدمشقي في تفسيره فقال إنه هو الأشهر ويعني الأرجح من قولي العلماء، بناء على ذلك فإيراد المصنف من هذا الحديث إنما فيه بيان لما عقد لهذا الحديث من الباب ألا وهو قوله : " باب العفو والصفح عن الناس " فالمصنف يشير إلى أنه يختار هذا التفسير في هذه الآية الكريمة (( خذ العفو )) أي: خذ بالصفح عن الناس فيما إذا أخطؤوا معك ، يقول عبد الله بن الزبير مشيراً إلى أن القول الأول مرجوح ليس مراداً في هذه الآية لأنه يحلف فيقول : ( والله ما أمر بها أن تؤخذ إلا من أخلاق الناس ) أي: لا من أموالهم ، (( خذ العفو )) على القول الأول أي الفاضل من أموال الناس ، ابن الزبير يحلف بالله عز وجل وهو صادق بإذن الله بأن الله عز وجل حينما قال : (( خذ العفو )) ما أمر بها أن تؤخذ إلا من أخلاق الناس، فإذن في الآية قولان : خذ العفو من أموال الناس، والقول الثاني : خذ العفو من أموال الناس، وعلى هذا فما معنى خذ العفو أي الفاضل من أخلاق الناس؟ يعني، أن الناس ليسوا كملاً في الأخلاق فقليل منهم من يكون كامل الأخلاق، فمن كان كذلك كان خلقه سيئاً قد يرتكب معك أمراً مخلاً مما يزعجك ويغضبك فماذا تفعل أنت؟ خذ بالصفح عن مثل هذا الخلق ، هذا هو المقصود من هذه الآية كما بينها عبد الله بن الزبير رضي الله عنه حالفاً بالله عز وجل، ثم أتبع ذلك بإلزامه نفسه بأن يعامل الناس على هذا الأمر الإلهي ، خذ العفو أي الصفح لهذا قال حالفاً أيضاً : " والله لآخذنها منهم ما صحبتهم " أي لأعاملن الناس بمقتضى هذا الأمر الإلهي فآخذ بالصفح عنهم فيما إذا أخطؤوا معي.
إذن المعنى الصحيح في هذه الآية : (( خذ العفو )) أي: خذ الصفح وليس خذ العفو أي الفاضل من أموال الناس، ويؤيد هذا المعنى آخر الآية حيث قال تعالى: (( وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين )) الجاهل هو الذي يخطئ معك ويثير غضبك فقد تستجيب لهذه الإثارة فتحاول أن تنتقم منه أو أن تثأر منه فإذا ما تذكرت مثل هذه الآية أو ذكرت بها أحجمت عن مقابلة الجاهل بمؤاخذته وإنما قابلته بالعفو والصفح كما قال تعالى في هذه الآية : (( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين )) ومن واقع سيرة السلف الصالح الذي يدل على أنهم كانوا سباقين إلى العمل بكتاب الله عز وجل حينما يقع معهم ما يثير نفوسهم ويزعجهم .
1 - باب : " باب العفو والصفح عن الناس " شرح حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما : ( يقول على المنبر : (( خذ العفو وامر بالعرف وأعرض عن الجاهلين )) قال: والله ما أَمر بها أن تؤخذ إلا من أخلاق الناس والله لآخذنها منهم ما صحبتهم ) . أستمع حفظ
ذكر مثال فيه تطبيق عملي من أمير المؤمنين عمر الخطاب لآية: (( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين )).
هكذا كان موقف السلف في الاستجابة لآداب القرآن ومن ذلك هذه الآية الكريمة : (( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين )) عرفنا معنى العرف وأنه الصفح العفو وبقي علينا أن نعرف معنى العرف ما هو ، الآية تقول: (( خذ العفو )) فعرفنا أن العفو هو الصفح، والعرف ما هو ؟ قالوا علماء التفسير جميعاً : هو المعروف (( خذ العفو )) أي الصفح (( وأمر بالعرف )) أي: المعروف أي المعروف شرعاً صلاحه وأنه من مما شرعه الله تبارك وتعالى فتمسك به كما يجب عليك أن تتمسك بالصفح عن الناس فيما إذا أخطؤوا معك ، هذه هي معاني هذه الآية الكريمة على ضوء ما فسره عبد الله بن الزبير في هذا الحديث الصحيح.
2 - ذكر مثال فيه تطبيق عملي من أمير المؤمنين عمر الخطاب لآية: (( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين )). أستمع حفظ
شرح حديث ابن عباس رضي الله عنهما : ( علموا ويسروا ولا تعسروا وإذا غضب أحدكم فليسكت ).
عن ابن عباس قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( علموا ويسروا ولا تعسروا وإذا غضب أحدكم فليسكت ) .
هذا حديث فيه أيضاً توجيه كريم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للمؤمنين المسلمين المتبعين له عليه الصلاة والسلام حقاً، فقد أمر في هذا الحديث المسلم بأن يقوم بواجب التعليم فقال عليه الصلاة والسلام : ( علموا ) ذلك لأن نشر العلم هو من الواجبات الدينية التي يجب على كل عالم أن يقوم بنشر العلم بين الناس احتساباً لوجه الله تبارك وتعالى لا يبتغي من وراء ذلك جزاءً ولا شكوراً فلذلك قال عليه السلام : ( علموا ) ولكن كثيراً من الناس حينما يستلمون أو يتولون طريق تعليم الناس لا يحسنون تعليمهم، فقد يشددون عليهم وقد يحجرون عليهم وقد ينفرونهم ولذلك أمر الرسول عليه الصلاة والسلام من تولى تعليم الناس بأن يكون سمحاً ميسراً غير متشدد عليهم كما وقع في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام قصة فيها عبرة لمن يعتبر، ذلك أن أعرابياً والأعراب في الغالب يغلب عليهم الجهل لبعدهم عن المدن التي فيها الثقافة والعلم فوقف ذلك الأعرابي في مسجد الرسول عليه السلام وكشف عن ثوبه وأخذ يتبول في المسجد، فلما رآه الصحابة هموا أي بضربه ذلك لأنه يأتي في المسجد في مسجد الرسول عليه السلام أمراً مكرهاً لأن المساجد بنيت لعبادة الله عز وجل وبالتالي أمر المسلمون بتطهيرها بل وبتطييبها فكيف يفعل هذا الأعرابي خلاف ذلك فيهم بأن يبول في المسجد فينجس المسجد الطاهر، فكان طبيعياً جداً أن يهم الصحابة بضربه فقال لهم عليه الصلاة والسلام : ( دعوه لا تزرموه ) اتركوه خليه يقضي حاجته ولا تقطعوا عليه بوله ( دعوه لا تزرموه ) أي لا تقطعوا عليه بطوله حتى قضى الرجل حاجته، وقال الرسول عليه السلام في تمام هذه النصيحة التي وجهها إلى المعلمين لا إلى الجاهل وسيأتي دور الجاهل في التعليم، ولكن الرسول عليه السلام بادر المعلمين الناهرين الذين هموا بضرب ذلك الجاهل فقال لهم عليه الصلاة والسلام : ( دعوه لا تزرموه إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين ) ثم التفت عليه الصلاة والسلام إلى ذلك الأعرابي فقال له : ( إن هذه المساجد لم تبن لشيء من هذا البول أو الغائط إنما بنيت للصلاة وذكر الله تبارك وتعالى ) وبس ونحن نجد هاهنا بأن أسلوب الرسول عليه السلام كان مع كل من الطائفتين أسلوباً لطيفاً ولكن لعله كان أشد على المعلمين منه على ذلك الجاهل حيث قال : للذين هموا به : ( دعوه لا تزرموه ) أما بالذي أتى بالأمر المنكر ما أمره بشيء ولكنه أدبه فأحسن تأديبه وعلمه فأحسن تعليمه وقال له : ( إن هذه المساجد لم تبن لشيء من هذا البول والغائط إنما بنيت للصلاة وذكر الله ) فقط ، هناك أمرهم وهاهنا عرض له ما ينبغي أن يتأدب به مرة أخرى، ومن الطرائف أن هذا الأعرابي الذي فعل ما فعل في مسجده عليه الصلاة والسلام ما كاد يصلي خلفه عليه السلام حتى بادر إلى الدعاء ، فقال: ( اللهم ارحمني ومحمداً ولا تشرك معنا أحدا )ً ، اللهم ارحمني ومحمداً ولا تشرك معنا أحداً فقال عليه الصلاة والسلام لمن حوله من الأصحاب الكرام أترون هذا أضل أم بعيره ؟ ثم قال للأعرابي انظرن أسلوبه عليه السلام مع الجاهلين مع الناس قال له أيضاً عليه الصلاة والسلام : ( لقد حجرت واسعاً من رحمة الله ) ما فعل معه أيضاً شيئاً وإنما قال : ( لقد حجرت ) أي ضيقت واسعاً من رحمة الله يعني ما في داعي أنك تحصر نفسك ونبيك فقط في أن تطلب لهما رحمة الله دون الناس أجمعين، كأنه يقول له : إذا دعوت بالخير فعمم ولا تخصص لأن رحمة الله وسعت كل شيء ، فإذن هذا فيه تحقيق عملي من الرسول عليه السلام لهذا الأمر النبوي الذي جاء في هذا الحديث حديث ابن عباس : ( علموا ويسروا ولا تعسروا ).
شرح حديث معاوية بن الحكم السلمي عندما كان في الصلاة وعطس رجل بجانبه فقال له يرحمك الله، وبيان ما يدل عليه من حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم للناس.
ومن ذلك أيضاً أن الرجل كان إذا أتى الرجل يصلي وسلم عليه رد عليه السلام لفظاً، رجل وهو يصلي يأتيه آخر يقول: السلام عليكم، فيقول المصلي: وعليكم السلام ولم يكن أمراً منكراً في أول الإسلام ، إلى أن رفع هذا الحكم وعدل برد السلام إشارة ونسخ رده لفظاً، وذلك ( حينما جاء عبد الله بن مسعود رضي الله عنه من الحبشة فلقي النبي عليه الصلاة والسلام وهو يصلي فقال : السلام عليك يا رسول الله ، قال : فما رد علي السلام ، إنما أشار برأسه ، قال ابن مسعود : فأخذني ما قرب وما بعد )، فأخذني ما قرب وما بعد من التفكير يعني صار يقرب ويبعد ترى ما صنعت ما فعلت ما الذي أخطأته مع الرسول عليه السلام حتى حرمني من رد السلام علي أي كما كان يفعل من قبل كان يرد السلام من المصلي على من سلم عليه لفظاً قال : ( فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال : إن الله يحدث في أمره -أي في دينه- ما يشاء وإن مما أحدث أن لا كلام في الصلاة ) فنسخ الكلام الذي كان جائزاً في أول الإسلام ومن ذلك رد السلام على المسلم وتشميت العاطس ورد الشامت يهديكم الله ويصلح بالكم هذا كان مقرراً في أول الإسلام.
فيبدوا أن معاوية بن الحكم السلمي كان قد طرق سمعه هذا الحكم السابق فحينما عطس الرجل بجابه قال له : يرحمك الله وهو يصلي ، أما الذين حوله فكانوا على علم أن مثل هذا تبادل الكلام في الصلاة لا يجوز فنظروا إليه هكذا بأطراف أعينهم مسكتين له ولكنه ازداد ثورة وغضباً فقال وهو في الصلاة رفع عقيرته قائلاً : وا ثكلى أمياه ما لكم تنظرون إلي ، هو ما حاسس المسكين بعد أنه كل ما له يغرق في الخطأ ويغمق فيه ما حاسس فلذلك لما شعر أن الجماعة عميغمزوه بأعينهم تسكيتاً له عظم عليه الأمر ورفع صوته وبقول: واثكلى أمياه تعبير عربي يعني دفنتني أمي مثل ما بقول العامة اليوم تؤبرني على سبيل هذا دعاء بالخير، أما هو قال : ثكلتني أمي واثكلى أمياه ما لكم تنظرون إلي هذه النظرة المقرونة بالاستنكار بما فعل وما فعلت إلا خيراً كما يظن، قال : فأخذوا ضرباً بأيديهم على أفخاذهم تسكيتاً له اسكت قال : فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة والشاهد هنا أقبل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فوالله ما قهرني ولا كهرني ولا ضربني ولا شتمني وإنما قال لي : مثل ما قال لذاك الأعرابي الي بال في المسجد بالرغم أنه بال في المسجد قال له : ( إن هذه المساجد لم تبن لشيء من هذا البول أو الغائط أو قال الخلاء وإنما بنيت للصلاة وذكر الله ) كذلك هنا قال الرسول عليه السلام لمعاوية بن الحكم السلمي بعد أن تكلم بكلام مبطل للصلاة قال : ( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هي تسبيح وتكبير وتحميد ) بس أي كما قال هو ونزيد عليه هو قال لما رأى الرسول مقبل عليه ، لنتصور حادثة تقع اليوم في مسجد كبير أو صغير مع رجل جاهل تقع مثل هذه الحادثة فماذا يكون موقف الناس وفي مقدمتهم إمام المسجد ، ليس هو إلا القهر والنهر والتوبيخ والازدراء به ويا جاهل يا كذا يا كذا إلى آخره ، هو كان يتصور أن الرسول عليه السلام حينما قضى صلاته أنه سيقبل عليه بمثل هذا الإنكار الشديد وإذا به يتفاجأ بخلاف ذلك فهو يقول : فوالله ( فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل إلي فوالله ما قهرني ولا كهرني ولا صربني ولا شتمني وإنما قال لي : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هي تسبيح وتكبير وتحميد ).
4 - شرح حديث معاوية بن الحكم السلمي عندما كان في الصلاة وعطس رجل بجانبه فقال له يرحمك الله، وبيان ما يدل عليه من حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم للناس. أستمع حفظ
بيان حكم صلاة من تكلم ناسياً أو جاهلاً
لهذا قال عليه السلام : ( علموا ويسروا ولا تعسروا ) وفي هذه الجملة ( يسروا ولا تعسروا ) تأكيد من النبي عليه الصلاة والسلام بقاعدة شرعية هامة ألا وهي أن الإسلام بني على اليسر لا على العسر (( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر )) وقال أيضاً: (( وما جعل عليكم في الدين من حرج )) لذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتنم المناسبة تلو المناسبة ليؤكد هذه القاعدة ويثبتها في أذهان أصحابه فمثلاً حينما أرسل معاذاً وأبا موسى الأشعري إلى اليمن قال : ( اذهبا وتطاوعا ويسرا ولا تعسراً ) أرسلهما معلمين للناس في اليمن فهو عليه السلام حينما يقول في هذا الحديث تعليماً للناس عامة : ( علموا ويسروا ولا تعسروا ) كان أيضاً يخص بمثل هذا التذكير خواص الناس كأبي موسى ومعاذ حينما أرسلهما إلى اليمن قال لهما : ( اذهبا وتطاوعا ويسرا ولا تعسرا ) وتأكيداً لهذا كان منطلق الرسول عليه السلام في حياته فقد قالت السيدة عائشة رضي الله عنها : ( ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ) ومن هاهنا نفهم أن الذين يتشددون في الدين بأفكارهم وآرائهم أنهم يخالفون هذه القاعدة الإسلامية العظيمة ألا وهي أن الأصل في الدين التيسير وليس التعسير لذلك قال عليه السلام في هذا الحديث: ( علموا ويسروا ولا تعسروا ).
تتمة شرح حديث ابن عباس رضي الله عنهما : ( ... وإذا غضب أحدكم فليسكت ).
باب " باب الانبساط إلى الناس " شرح حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : ( أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة قال فقال أجل نعم والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن (( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً )) )
يعني معاملة الناس برحابة الصدر وبالهشاشة والبش في وجوههم.
روى هاهنا المصنف حديثاً بإسناده الصحيح .
عن عطاء بن يسار ، قال لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص فقلت : ( أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة ).
( أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في التوراة ) عطاء بن يسار تابعي مشهور ، يسأل عبد الله بن عمرو بن العاص صحابي مشهور ، فيقول عطاء لعبد الله بن عمرو بن العاص ( أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة قال فقال أجل نعم والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن (( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً )) ) هذه آية في سورة الأحزاب معروفة جاءت هذه الصفات الثلاث جاء وصف الرسول عليه السلام بها في التوراة كما وصف في القرآن: (( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً )) هكذا وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة بأن الله عز وجل سيبعثه شاهداً ومبشراً ونذيراً ، جاء أيضاً في التوراة عطفاً على هذه الأوصاف الثلاثة " وحرزاً للأميين أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفوا ويغفر، ولن يقبضه الله تعالى حتى يقيم الله به الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله ويفتحوا بها أعيناً عمياً وآذاناً صماً وقلوباً غلفاً ".
هذه الأوصاف مما وصف بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة كبيان لليهود وللنصارى بأنه سيأتي من بعدهم رجل هو أحمد بن عبد الله هو رسول الله وهو من أوصافه هذه الأوصاف ، فالله عز وجل وصف الرسول قبل بعثته لأهل الكتاب ، حتى إذا أدركوا بعثته ووجدوا تلك الأوصاف متحققة فيه آمنوا به فإذا لم يؤمنوا فقد كفروا، لأن الحجة قامت عليهم بهذه الصفات التي تقدمت مجيء الرسول عليه السلام والتي أوحى بها ربنا تبارك وتعالى إلى موسى عليه السلام في التوراة فجاء وصف الرسول عليه السلام في التوراة بهذه الصفات.
الصفات الثلاثة الأولى مذكورة في كتابنا اليوم (( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً )) ما معنى شاهداً ومبشراً ونذيراً ؟ شاهداً أي لله عز وجل بالألوهية ، وشاهداً على الناس يوم القيامة كما تشير إلى ذلك الآية الكريمة: (( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً )) فمعنى قوله تعالى : (( إنا أرسلناك شاهداً )) لله بالوحدانية وشاهداً على أمتك بصورة عامة وعلى قومك بصورة خاصة بأنك دعوتهم إلى عبادة الله وحده فأنت تشهد عليهم بذلك.
ولهذا لما أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعض أصحابه أبي بن كعب أو عبد الله بن مسعود -أنا أشك الآن- والراجح أنه ابن مسعود قال: ( اقرأ علي القرآن، قال: يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل ! قال: اقرأ فإني أحب أن أسمعه من غيري، فقرأ حتى إذا بلغ هذه الآية (( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً )) ) قال كان يقرأ هكذا عبد الله بن مسعود رامياً ببصره إلى الأرض ، أدباً أولاً في التلاوة وأدباً في الجلوس بين يدي الرسول عليه الصلاة والسلام ، قال: ( فلما وصلت إلى هذه الآية: (( وجئنا بك على هؤلاء شهيداً )) رفعت بصري وإذا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عيناه تدمعان ) لأنه سيشهد على قومه بما شهد منهم من عصيان ومن طغيان وكفر بالله ورسوله كما وقع من كثير من بني قومه فهذا شيء يحزن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما تذكر ذلك الموقف بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم ودمعت عيناه لأنه لا بد أن يؤدي الشهادة كما شهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
فإذن (( إنا أرسلناك شاهداً )) أي: لله بالوحدانية وشاهداً على أمتك يوم القيامة.
(( ومبشراً ونذيراً )) مبشراً للمؤمنين بالنعيم بالمقيم ومنذراً للكافرين بالعذاب والجحيم هذا معنى هذه الصفاة الثلاثة.
7 - باب " باب الانبساط إلى الناس " شرح حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : ( أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة قال فقال أجل نعم والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن (( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً )) ) أستمع حفظ
تتمة شرح حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : " وحرزاً للأميين " الذي فيه صفة النبي صلى الله عليه وسلم في التوراة.
... فابتلاهم الله بأن سلط عليهم من حولهم من الأعداء لذلك عاشوا وليست لهم دولة قائمة عاشوا قبائل شتى وطرائق قدداً يقتل بعضهم بعضاً ظلماً بغير إثم ولا حرج ولا أي شيء، فكان الروم يستعبدونهم وكان الفرس يستعبدونهم فلما جاء الإسلام بطريق محمد عليه الصلاة والسلام واستجاب له المؤمنون وهم أميون صار رسول الله صلى الله عليه وسلم حصناً لهم فلم يستطع بعد ذلك أن يستعبده الروم ولا الفرس، بل انقلبت الآية وانعكست فجعل الله كلمة هؤلاء المؤمنين الأميين هي العليا وجعل كلمة الكفار الذين هم فارس والروم يومئذٍ السفلى، فحين هذه الحقائق تشير هذه الكلمة الوجيزة التي كانت وحياً من السماء إلى موسى عليه السلام في كتابه التوراة فقالت وحرزاً للأميين، أي رسول الله يكون حصناً حصيناً لأصحابه المؤمنين به وهم من الأميين، وخاطب الله عز وجل نبيه عليه السلام كما جاء في التوراة : أنت عبدي ورسولي ، أنت عبدي ما في هذه المناداة إذا قال رب العالمين لنبيه أنت عبدي ؟ في هذا تشريف وأي تشريف لأن أي إنسان من البشر إذا انتسب لعظيم من العظماء ولو خائن تشرف وهو بشر مثله، فكيف لا يتشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بنسبة الله له إليه كعبد من عباده المصطفين الأخيار؟! فإذا لاحظنا هذا المعنى عرفنا أن خطاب الله تبارك وتعالى لنبيه عليه السلام بقوله : أنت عبدي هو تشريف له عليه الصلاة والسلام وأيما تشريف، ولذلك لما ذكر الله عز وجل في سورة الإسراء في مطلعها أن الله عز وجل أسرى به عليه السلام قال: (( سبحان الذي أسرى بعبده )) ما قال سبحان الله الذي أسرى بمحمد لأنه في هذه التسمية وصف ولكن ليس فيها تشريف كما هو في قوله تبارك وتعالى: (( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً )) إلى آخر الآية، هكذا أيضاً هاهنا في الآية الواردة في التوراة : " أنت عبدي " أي ورسولي " أنت عبدي المختار المصطفى من بين عبادي، ورسولي أرسلك إلى الناس جميعاً وكافة ورحمة للعالمين سميتك المتوكل " من أسماء الرسول عليه السلام : المتوكل على الله.
8 - تتمة شرح حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : " وحرزاً للأميين " الذي فيه صفة النبي صلى الله عليه وسلم في التوراة. أستمع حفظ
بيان معنى التوكل على الله تعالى وحقيقته.
إذن التوكل على الله عز وجل لا ينافي الأخذ بالأسباب، وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي الوقت الذي سماه ربه تبارك وتعالى المتوكل فهو لم يدع الأخذ بالأسباب، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام في ختام هذه الكلمة قال عليه السلام : ( بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي ) هذا سبب من أشرف الأسباب ألا وهو أن النبي عليه السلام كان يقاتل في سبيل الله الكفار وقد جعل الله له حصة الخمس، فكان ذلك سبباً للرسول عليه السلام لطلب الرزق، فقال عليه الصلاة والسلام: ( بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم ) وبهذا القدر كفاية، وفي الدرس الآتي إن شاء الله نتمم التعليق على بقية الحديث.
شرح حديث بريدة رضي الله عنه : ( نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ... )
أولاً : عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم، ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا في الأسقية كلها ولا تشربوا مسكر ) رواه مسلم.
السؤال : نرجو منكم شرح الحديث ؟
طبعاً شرح هذا الحديث يحتاج إلى محاضرة خاصة ولذلك فنحن نشرح هذه الفقرات من هذا الحديث بما يمكننا من الاختصار والإيجاز ، أولاً: يقول الرسول عليه السلام : ( نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ) كان الرسول عليه السلام نهى المسلمين في أول الإسلام نساءً ورجالاً عن زيارة القبور وذلك من باب سد الذريعة لأنهم كانوا حديثي عهد بالإسلام ومن جهة أخرى كانوا قريبي عهد بالكفر والشرك والوثنية، فخشي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه إن أذن لهم بزيارة القبور أن يفعلوا عندها من الشركيات والوثنيات ما كانوا يفعلونه قبل بعثة الرسول عليه السلام في الجاهلية.
فحسماً للشر وقطعاً لدابر الشرك قال : ( لا تزور القبور ) هذا في أول الإسلام نهى المسلمين نهياً عاماً نساءً ورجالاً عن زيارة القبور، وبعد أن مضى ما شاء الله من الزمن حتى تمكن الإيمان في قلوبهم وعرفوا ما يجوز الإتيان به إذا زاروا القبور إذا زاروا القبور من الأمور حينذاك أذن لهم عليه السلام أيضاً إذناً عاماً شاملاً للنساء والرجال على القول الصحيح فقال : ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها ) فبعد أن نهى الرسول عليه السلام نهياً عاماً عن زيارة القبور أذن إذناً عاماً في زيارة القبور وبين في أحاديث أخرى الحكمة من زيارة القبور فقال عليه الصلاة والسلام : ( فإنها تذكركم الآخرة ).
ولا شك أن النساء بحاجة إلى أن يتذكرن الآخرة كالرجال إن لم نقل إنهن أحوج إلى ذلك من الرجال ، ولذلك فحصر الإذن بزيارة القبور للرجال دون النساء مع أنه مخالف لأحاديث وردت صريحة في جواز زيارة الإنسان للقبور فهو في الوقت نفسه ينافي الحكمة والغاية التي من أجلها أذن الرسول عليه السلام في زيارة القبور ألا وهي تذكر الآخرة ، فالنساء كما قال عليه السلام : ( شقائق الرجال ) فهن بحاجة إلى تذكر الآخرة كالرجال تماماً، ولذلك فبعد أن كان الرسول نهى عن زيارة القبور أجاز ذلك فيجوز للنساء والرجال زيارة القبور ولكن بشرط أن تكون الزيارة شرعية، فلا يجوز مثلاً للرجال أن يزوروا القبور ويتخذوا المقبرة مقهى كما يفعلون في كثير مما يسمونهم بثلاثة أيام وأربعين يوم إلى آخره، فنحن نرى الرجال يجلسون على الكراسي حول القبر وبيشتغل بقى طق الحنك والحديث مما يجوز ولا يجوز فهذا لا يجوز في الإسلام، وإنما شرعت زيارة القبور لما ذكرنا من حكمة تذكر الآخرة والسلام على الموتى الوارد .
فمن تمام زيارة القبور أن يسلم الزائر على المزور السلام الذي شرعه الرسول وفعله الرسول ألا وهو: ( السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون أنتم لنا فرط ونحن لكم تبع نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم اغفر لهم اللهم ارحمهم ).
كذلك النساء إذا زرن القبور لنفس الغاية يزرنها لتذكر الآخرة وللسلام على الميت، أما أن يزرن ذلك متبرجات بزينة ويجلسن أيضاً ويتحدثن ويصحن ويندبن فكل هذا حينذاك مما يجعل الزيارة محرمة، الزيارة المشروعة هي لقصدين اثنين ، أولاً: تذكر الآخرة، وثانياً: السلام على الميت.
السائلة : شيخ ؟
الشيخ : نعم .
السائلة : في بعض الروايات تقول ...
الشيخ : في عدة روايات.
السائلة : ...
الشيخ : نحن قلنا بدنا نعلق بإيجاز ما بدنا نفتح باب أسئلة هلأ من آداب زيارة القبور أن لا يدوس في المقابر بالنعال، يعني الذي يريد أن يمر بين القبور لازم يمشي حافي هذا من الآداب التي أهملها المسلمون كافة إلا قليلاً منهم فبنت أختي هذه تسألني عن هذا السؤال، وما أستطيع الآن أن أذكر لكم الجواب إلا أن أذكر لكم الدليل ويطول الحديث ويطول، ولذلك بعد ما ننتهي من الإجابة عن هذه الأسئلة والأسئلة التي قد تكون أسئلة أخرى هناك ممكن أن توجهوا أسئلة قبل أن ينتهي الوقت.
فأقول : من زار القبور فهو على الخيرة إما أن يزور من بعيد لا يمر بين القبور فيقول السلام عليكم إلى آخره، وإذا أراد أن يصل إلى قبر الحبيب الصديق الأم الأب إلى آخره فيجب أن يخلع نعليه، ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يمشي بين القبور في نعليه فقال: ( يا صاحب السبتيتين اخلع نعليك ) السبتيتين السبتية هي النعل التي لا شعر فيها.
كانوا قديماً الآن ترقينا كثير وما عاد نلبس مثل هذه النعال كانوا يلبسوا النعال من جلد طبعاً أصلها جلد لكن الشعر لا يزال في الجلد فبتشوف الرجل يمشي في نعل والنعل فيه هذا شعر كما خلقه الله في الأصل دبغ هذا الجلد ولم يستأصل الشعر ثم نعل فاتخذ منه نعل فهذا النعل نعل فإذا استؤصل الشعر من هذا النعل قبل أو بعد اسمه سبتية، فذاك الرجل الذي كان يمشي ين القبور كان متنعلاً مثل نعالنا اليوم التي لا شعر فيها فهي النعال السبتية فناده الرسول عليه الصلاة والسلام فقال: ( يا صحاب السبتيتين اخلع نعليك ) أي: إذا كنت مضطراً تمشي بين القبور فمن احترامك للقبور أن لا تطأها بنعالك فلو كان بضرورة أو بحاجة إلى أن يمر بين القبور حتى يصل إلى القبر المقصود بعينه فلا بد أن ينزع نعليه وإلا فنقتصر بالسلام من بعيد.
تتمة شرح حديث بريدة رضي الله عنه : ( ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاثة فأمسكوا ما بدا لكم ... ).
11 - تتمة شرح حديث بريدة رضي الله عنه : ( ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاثة فأمسكوا ما بدا لكم ... ). أستمع حفظ
تتمة شرح حديث بريدة رضي الله عنه : ( ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا في الأسقية كلها ولا تشربوا مسكراً )
لماذا فعل هذا الرسول عليه السلام؟ لكي لا يتورط المسلم فينبذ في الدباء فبجي بيشرب وهو غير منتبه أنه أزبد أو تخمر فبيسكر وهو يظن شو عميشرب ؟ النقوع ، فلما تمرنوا وعرفوا الغاية من النهي عن الانتباذ في الأوعية كلها قال لهم: ( كنت نهيتكم عن الأوعية إلا في سقاء ) الآن انتبذوا في كل الأوعية ولا تشربوا مسكراً، المهم أنك ما تشرب مسكر فإذا انتبذت في دباء أو في فخار أو نحو ذلك مما يخمر النبيذ بسرعة فانتبه أن المقصود من النهي هو أن لا تشرب مسكر، فإذا رأيته قد أزبد وتخمر فأرقه لأنه صار خمراً هذا معنى قوله عليه السلام: ( ونهتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا من الأسقية كلها ولا تشربوا مسكراً ).
12 - تتمة شرح حديث بريدة رضي الله عنه : ( ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا في الأسقية كلها ولا تشربوا مسكراً ) أستمع حفظ
هل الأموات يرون الأحياء عند زيارة القبور حتى تقول عائشة رضي الله عنها في الحديث : ( فلما دفن عمر رضي الله عنه فوالله ما دخلته إلا وأنا مشدودة علي ثيابي حياء من عمر ) ؟
السؤال هل الأموات يرون الأحياء عند زيارة القبور حتى تقول عائشة رضي الله عنها في الحديث : ( فلما دفن عمر رضي الله عنه فوالله ما دخلته إلا وأنا مشدودة علي ثيابي حياء من عمر ) ؟
الجواب: الأموات لا يرون الأحياء والأموات بينهم وبين الناس في الدنيا برزخ كما هو صريح القرآن إلى يوم يبعثون فلا صلة بين الأموات والأحياء ولا علم من الأموات بما يجري في الأحياء، أما هذه القصة التي تتحدث عنها السيدة عائشة فهي من الأمور التي إما أن يقال : إنه رأي للسيدة عائشة خاص بها وإما أن يكون هذا حكماً خاصاً بعمر بن الخطاب رضي الله عنه نفسه على اعتبار أنه أولاً من الخلفاء الراشدين وثانياً قتل غدراً من ذلك المجوسي اللعين، والقصة ربما من لم يسمعها إلا ي أول مرة لم يستوعبها فيجب أن نعيدها لنفهم الكلام المعلق عليها.
السيدة عائشة رضي الله عنها تقول : أنها كانت تدخل الحجرة التي كانت حجرتها في عهد الرسول عليه السلام وبيتها في هذه الحجرة دفن الرسول عليه السلام ثم دفن فيها بجانب الرسول أبوها أبو بكر الصديق فكانت هي باعتبارها في بيتها رافعة خمارها ما واضعة خمارها مبين شعرها مثلاً كانت تدخل إلى هذه الحجرة المدفون فيها أبوها وزوجها آخذة حريتها، فلما دفن عمر وهو غريب عنها، كانت ما تدخل الحجرة إلا وهي بخمارها ليش عملت هيك؟ قالت هي: " حياءً من عمر " فالسؤال جاء هذا يعني سأل عائشة يدل على أن الأموات بشوفي وإلا ليش احتجبت السيدة عائشة حينما دفن عمر؟ الجواب: هي احتجبت من باب أحد شيئين إما أنها تظن أن عمر بصورة خاصة لأنه شهيد ومن الخلفاء الراشدين بجوز يكون له هذا الانطلاق وهذه الرؤية الخاصة فهي تتغطى وتضع الخمار لكي لا يراها عمر بن الخطاب هذا الاحتمال الأول.
والاحتمال الثاني وهو الأرجح: أن هذا أمر ظني وليس هي تعتقد أن عمر بن الخطاب فعلاً يراها وإنما ما دام الرجل دفن في بيتها فهي ترى من الآداب الشكلية أن تختمر وأن لا ترفع الخمار كما كانت تفعل قبل عمر رضي الله عنها، ومما يؤيد هذا الوجه الثاني أي أن عائشة لم تضع الخمار لأنها تعلم أن عمر بن الخطاب يراها وإنما هذا من باب الأدب مما يؤيد هذا أنها لو كانت تعتقد أن عمر يراها لم تقتصر على وضع الخمار، لأن أمهات المؤمنين بعد أن فرض عليهن الحجاب لم ير الرجل الغريب وجه إحداهن إطلاقاً، لأن نساء الرسول كان من الواجب عليهم أن يسترن أيضاً وجوههن، فلو كانت السيدة عائشة تعني حياءً من عمر أي لأن هو بشوفها فهي لا يجوز لها أن تكشف أيضاً عن وجهها، فإذن هذا مجرد أدب من السيدة عائشة رضي الله عنها في ذلك المكان الذي دفن فيه عمر رضي الله عنه، وإذا عرفنا هذا التفسير فتبقى الأدلة العامة التي تدل على أن الموتى لا يسمعون وبالتالي لا يرون لأنهم بينهم وبين أهل الدنيا برزخ إلى يوم يبعثون.
السائلة : لكن ليش بنزورهم ؟
الشيخ : نعم؟ ما ذكرنا ليش بنزورهم ؟!
السائلة : لنفسنا ؟
الشيخ : لا ، مو بس لنفسنا ، لما بنقول في السلام : ( اللهم اغفر لهم اللهم ارحمهم ) هذا لصالحهم ، لذلك زيارة القبور لمنفعة الزائر والمزور ، زيارة القبور لمنفعة الزائر والمزور، الزائر يتعظ كما سبق في الحديث أذكركم الآخرة والمزور يعدعى له بالرحمة وبالمغفرة.
السائلة : ...
الشيخ : شلون ؟
السائلة : ...
الشيخ : بشوفنا بشوف الي ؟
السائلة : ... بشوف من اتبعه في الجنازة.
الشيخ : لا ما في هيك في الأحاديث إنما في حديث أنه حينما يوضع في القبر يسمع قرع نعليهم وهم مدبرون، هذا في حال وضعه في القبر وإجلاسه ليجيب عن سؤال الملكين، أي حديث فيه أن الميت يرى ويسمع فهو بلا شك حديث باطل لأن الله يقول صراحة في القرآن الكريم: (( وما أنت بمسمع من في القبور )) (( إنك لا تسمع الموتى )) (( ولا تسمع الصم الدعاء )).
السائلة : ...
الشيخ : إي نعم بس السائد في البلد بدو تصويب السائد في البلد بدو تصويب وبدو تغيير والتغير يجب أن يكون على أساس الكتاب والسنة فالرسول عليه السلام وأصحابه الكرام كانوا إذا زاروا القبور ما بيقرؤوا الفاتحة ولا بيقرؤوا (( قل هوالله أحد )) ولا بيقرؤوا سورة يس ، إلا السلام الي سمعتموه آنفاً ، وإذا مات الميت لا بيجتمعوا لا في المسجد ولا في البيت مشان يقرؤوا ختمة أو يقرؤوا أي شيء هذا كله مما جد وحدث بعد الرسول عليه السلام بسنين طويلة ونحن دائماً نقول في مطلع دروسنا ومحاضراتنا : وخير الهدى هدى محمد، هذه الجملة يجب أن تنطبع بطابع من نور في قلوبنا وفي عقولنا حتى نهتدي بهادها ونتذكر دائماً وأدباً أن خير الهدى هدى محمد.
13 - هل الأموات يرون الأحياء عند زيارة القبور حتى تقول عائشة رضي الله عنها في الحديث : ( فلما دفن عمر رضي الله عنه فوالله ما دخلته إلا وأنا مشدودة علي ثيابي حياء من عمر ) ؟ أستمع حفظ
التحذير من أخذ الدين من واقع الحياة اليوم.
كيفية التعامل مع الرؤى والمنامات.
الشيخ : إذا شاف الحي منام إي شو علاقته بالميت ؟
السائلة : ...
الشيخ : شو عرفك مو بالمنام ؟
السائلة : بالمنام .
الشيخ : إي شو قيمته هذا المنام ؟!
السائلة : ما له علاقة ؟
الشيخ : سبحان الله ، هذا بيذكرنا بقصة ذاكرها الغزالي مع الأسف في * الإحياء * قال : أحد المريدين لبعض المشايخ الصوفية رأى في منامه أن شيخه يقول له : افعل كذا فقال المريد لشيخه في المنام لم ؟ في المنام ، لما أصبح الصباح ذهب المريد إلى الشيخ وقال له أنا شفتك في المنام تأمرني بكذا فقلت لك لم؟ قال الغزالي فهجر الشيخ مريده شهراً كاملاً ليه ؟ لأنه قال له في المنام: لم ؟ سبحان الله منام شو قيمته هذا المنام.
والمنامات الآن في منام شائع في الأردن مسيطر على أذهان الناس سيطرة عجيبة جداً، وأنا قضيت الثلاثة أيام الأخيرة يوم الجمعة والسبت والأحد يعني كل يوم بينحكى الموضوع أكثر من مرة وهذا مما يدل على ضعف أحلام الرجال فضلاً عن النساء ولا مؤاخذة لأن الرجال عميتورطوا بمنامات حتى بعض إخوانا السلفيين شو هو المنام قال رجل في الضف الغربية كمان ما شايفينه إنما نقلاً أن رجل في الضفة الغربية رأى مناماً شو هذا المنام طبعاً أنا ما حفظته أنا إذا حفظت لي حديث أو آية كتر خيري إنما خلاصة هذا المنام محددين التاريخ حتى سجلت أنا في المفكرة يمكن اليوم السابع الآتي بعد يومين اليوم قديش خمسة ؟
الطالبة : سبعة .
الشيخ : سبعة اليوم يمكن ، الخلاصة أن بدها اليهود تهاجم الدولة السورية من طريق لبنان بثمانين طائرة هيك يعني الرؤية مفصلة تماماً بثمانين طائرة، والهجوم ما بيكون من الأردن وإنما من لبنان وتتقدم الجيوش اليهودية وتحتل دمشق وثمانين طائرة ما بيسلم منها ولا طائرة ليش؟ لأن طبعاً بصير قتال بين الجيش السوري والجيش اليهودي وتأتي النجدة للجيش السوري احزروا من أين بقى ؟ قال من إيران من إيران اللي هي من يوم وجدت يهود اليهود سفاراتها موجودة وين ؟ في إيران فالنجدة بدها تجي من إيران، وبدها تتحطم هاي الطائرات اليهودية ما يسلم منها ولا طائرة وإلى آخر من هنالك من تفاصيل ما همتني كثير لأحفظها الشاهد وين بقا ؟ أنه دخل في عقول المسلمين أن هذا الجيش ... ودخل في عقول بعض إخواننا الطيبين، فأنا ما تركت الأمر إلا بحثت في الموضوع بالتفصيل وبهمني من هذا التفصيل بالمناسبة السابقة أن أذكر هالحقيقة الشرعية جاء عن الرسول عليه السلام أن المنامات ثلاثة يعني كل ما يراه الإنسان يكون نوع من ثلاثة : النوع الأول : رؤية من الرحمن ، والنوع الثاني : من تهاويل الشيطان تلاعب الشيطان ببني الإنسان ، والنوع الثالث : من تحديث النفس هذا اللي عنده شوية ثقافة بيفهم هذا المعنى يعني شو بيفكر الإنسان في أثناء النهار من شيء بيسره من شيء يزعجه يتخيله وين؟ في الليل فترى لما بيتخيل الإنسان شيء رهيب بشوفه في المنام ترى هذا منام صحيح شو الفرق؟ فأي منام بشوفه أي إنسان هو واحد من ثلاثة إما رؤية من الرحمان أو تلاعب الشيطان أو من تحديث النفس، فأنا قلت لهداك الرجل بعدين طلع الرجل من الضفة الغربية الحديث هذا يدلنا أن الرؤيا هذه واحد من ثلاثة بجوز تكون رحمانية لكن أنو أرجح؟ يا بتكون من تهاويل الشيطان أو بتكون من تهاويل النفس، وأنا قلت لهم هذه رؤيا من من شياطين الإنس والجن لأن الشياطين (( يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً )) هذا من أساليب الدعاية اليهودية لما يسمونه اليوم بتخدير الأعصاب تخدير الأعصاب بنشر مثل هذه المنامات حتى المسلمون تضعف معنوياتهم فما رأو يبعتوا لنا رؤيا إلا من الضفة الغربية فهذه الضفة الغربية التي يحدث منها ذلك الرجل بهذا المنام محتمل يكون من تلاعيب الشيطان وهذا هو الراجح عندي ومحتمل يكون.