كتاب الأطعمة.
في الحديث الذي قبله بل الذي قبل الذي قبله، هل يمكن أن نقيس على الخُفّ الذي هو الإبل ما يشبهها من معدات الحرب اليوم؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم يجوز، مثل الدّبابات وشبهها، وهل نقيس على النّصل ما يشبهه اليوم؟ نعم، وكذلك يقاس الحافر، فما الذي يشبه الحافر؟ أشبه به على ما أظنّ الطائرات، لأنها هي أسبق ما يعدى به في الوقت الحاضر.
فيه أشياء ما ذكرها المؤلف رحمه الله مثل السّباحة فهي من أي الأقسام التي تكلّمنا عليها؟ ...
الطالب : ...
الشيخ : ... لأنها من الأعمال المباحة لكنها لا تدخل في قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا سبق إلاّ في نصل أو خفّ أو حافر ).
ثم قال المؤلف: " كتاب الأطعمة " الأطعمة جمع طعام وهي ما يؤكل ويشرب، كل ما يؤكل أو يشرب فهو طعام، فإن قال قائل: ما يؤكل واضح أنه طعام، ولكن ما يشرب هل يسمّى طعامًا؟ الجواب، يُطعم، الذي يشرب يُطعم فيكون طعامًا من هذه النّاحية لقول الله تبارك وتعالى: (( ومن شرب منه فليس منّي ومن لم يطعمه فإنه منّي )) إذن الأطعمة هنا تشمل إيش؟ الأكل والشّرب، واعلم أن الأصل في الأطعمة أكلًا أو شربًا هو الحلّ لقول الله تعالى: (( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا )) ولقوله تبارك وتعالى: (( وأنزلنا من السّماء ماء طهورًا * لنحيي به بلدة ميتة ونسقيه مما خلقنا أنعامًا وأناسيّ كثيرًا )) وهذا الماء النازل من السّماء، ولقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم في البحر: ( هو الطّهور ماؤه الحلّ ميتته ) فالأصل هو إيش؟ الحلّ، وقد أنكر الله عزّ وجلّ على من حرّم ذلك بغير دليل فقال: (( قل من حرّم زينة الله التي أخرج لعباده والطّيّبات من الرّزق )) وعليه فإذا اختلف اثنان في حلّ شيء مأكول فمن الذي يطالب بالدّليل؟
الطالب : الذي يمنع.
الشيخ : الذي يمنع ويحرّم هو الذي يطالب بالدّليل، وكذلك يقال في المشروبات، إذا تنازع اثنان في شراب فقال أحدهما حلال وقال الثاني حرام فالذي يطالب بالدّليل هو القائل بأنه حرام، إذن فالأصل الحلّ، وهل الأصل الطهارة؟ نعم ما دمنا نقول الأصل الحلّ فالأصل الطهارة في كلّ شيء، وسنبيّن إن شاء الله مستقبلًا الأصول التي يدور عليها التّحريم، فمنها ما كان ضارًّا، ما كان ضارًّا فهو حرام لكنّ الضّارّ ينقسم إلى قسمين: ضارّ لذاته وضارّ لعارض.
الضّارّ لذاته مثل السّمّ، هذا حرام لأنه ضارّ، قاتل وقد قال الله تعالى: (( ولا تقتلوا أنفسكم )).
والضارّ لعارض مثل الحَلى لمن أصيب بالسّكّر وكان يضرّه فإنه يحرم عليه أن يأكله، وإن كان في الأصل حلالًا بل قال شيخ الإسلام رحمه الله: " إنه يحرم أن يأكل الإنسان شيئًا يتأذّى به وإن لم يضرّ " كيف يتأذّى به؟ يعني يملأ بطنه من الطّعام ولا سيما إن كان مالحًا حينئذ يحتاج إلى إيش؟ إلى ماء وإذا شرب ماء وقد ملأ بطنه من الطّعام فإنه على خطر أن ينفجر أو على الأقلّ يتأذّى، يتأذّى والعجيب أنّنا نأكل كثيرًا ثمّ نطلب مهضّمات، طيب وليش تأكل كثيرًا؟! كل قليلًا واسلم من أن تبذل دراهمك في المهضّمات لكن طبيعة الإنسان هكذا، ولهذا كان دعاء النّبيّ صلى الله عليه وسلم لمعاوية رضي الله عنه أن يأكل في سبعة أمعاء ليس هذا للقدح فيه بل هذا لأجل أن تطيب له الحياة، لأنّ معاوية صار ملكًا أو خليفة يؤتى إليه بكلّ شيء، فإذا وسّع الله بطنه وأكثر أكله صار هذا من جملة التنعم في الدّنيا.
طيب إذن الضّارّ سواء كان ضارًّا بنفسه أو لعارض فإنه يكون حرامًا.
النجس كل نجس حرام، حتى لو قيل أو تصوّر أحد أنه ليس بضارّ فإنه حرام، لأنه إذا كان يجب التخلي عن النجس ظاهرًا فالتخلي عنه باطنًا من باب أولى.
فإن قال قائل: ألا نقول له كل هذا النجس واغسل فمك ويديك إن تلوثت به؟ نقول له: لا، لأن الله تعالى لم يجعله نجسًا يجب التحرّز منه إلاّ لضرر فيه، لكن الضّرر قد يحصل وقد يكون الضرر بطيئًا لا تظهر أعراضه إلاّ بعد حين.
الحيوان الأصل فيه الحلّ أو التحريم؟
الطالب : الحل.
الشيخ : الأصل فيه الحلّ لأنه مما خلق الله لنا في الأرض لكن قد يحرم لسبب.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: - ( كل ذي ناب من السباع, فأكله حرام ) - رواه مسلم. وأخرجه: من حديث ابن عباس بلفظ: نهى. وزاد: - ( وكل ذي مخلب من الطير ).
طيب ما هي الحكمة من التحريم؟ الحكمة أن الإنسان إذا تغذّى بهذا النّوع من الطعام فإنه يكتسب طبيعة منه فيكون محبًّا للعدوان على الغير فلذلك منع منه، ولهذا قال العلماء في الرّضاع لا ينبغي أن يسترضع امرأة حمقاء أو سيّئة الخلق لأن ذلك يؤثّر على مَن؟
الطالب : الرّضيع.
الشيخ : على الرّضيع، كذلك أيضًا إذا أكل من هذه السّباع فإن ذلك يؤثّر في طباعه، وأخرجه مسلم من حديث ابن عبّاس رضي الله عنه بلفظ: ( نهى ) وأيهما أبلغ في التّحريم؟
الطالب : الأول.
الشيخ : الأوّل لأنه قال: ( فأكله حرام )، وزاد: ( وكل ذي مخلب من الطير ) يعني: ونهى عن كلّ ذي مخلب من الطّير، فكلّ ذي مخلب من الطّير فإنه حرام، والمراد بالمخلب المخلب الذي يصيد به وأما ما لا يصيد به فلا بأس، والمخلب هنا الظّفر لأنه مأخوذ من الخلب وهو الإمساك والجذب، وليس المخلب الذي يظهر في ساق الدّيكة إذا تقدّم بها السّنّ فإن هذا ليس بمخلب، الظّفر مخلب لكن إذا كان يصيد به فهو حرام مثل؟
الطالب : الصّقر.
الشيخ : الصّقر، والعقاب، والبازي، والنسر وأشياء كثيرة، وأما ما ذهب إليه بعض العامّة من أن كلّ ذي منقار معقوف فهو حرام هذا ليس بصحيح، وليست قاعدة شرعيّة وما رأيتها حتى في كتب الفقهاء ما رأيت هذا، قد يكون الشيء مباحًا ومنقاره معقوفًا أو حرام ومنقاره مستقيم، المدار على ما بيّنه النبيّ عليه الصّلاة والسّلام: ( كلّ ذي مخلب من الطّير )، طيب ذا كان له مخلب لا يصيد به فهو حلال ولهذا الحمام لها مخلب، والدّجاج لها مخلب، وأكثر الطّيور لها مخلب لكن لا تصيد به، فلذلك كان حلالًا وإذا شككنا فيه؟
الطالب : الأصل الحِلّ.
الشيخ : فالأصل الحِلّ، نعم؟
الطالب : ...
الشيخ : ما جاء وقت الأسئلة.
2 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: - ( كل ذي ناب من السباع, فأكله حرام ) - رواه مسلم. وأخرجه: من حديث ابن عباس بلفظ: نهى. وزاد: - ( وكل ذي مخلب من الطير ). أستمع حفظ
الأمور المباحة كالسباحة وغيرها إذا بذل العوض عن أحد الطرفين فما حكم ذلك ؟
الطالب : جاء.
الشيخ : جاء؟ إيه نعم زهير؟
الطالب : في الأمور المباحة كالسّباحة وغيرها إذا بذل العوض عن أحد الطرفين مثلًا والآخر...
الشيخ : أي نعم.
الطالب : فما الحكم؟
الشيخ : يعني مثلا قال إذا سبقتني فلك كذا؟
الطالب : وإن سبقتك ...
الشيخ : أي نعم، هذا لا يدخل في القمار لأنه ما فيه ضامن أو غارم لأن الطرف الثاني إما غانم وإما سالم فخرج عن القمار. نعم.
ذكرنا أن إباحة النبي صلى الله عليه وسلم للسبق في هذه الأمور الثلاثة لأجل المصلحة والآن في عصرنا كثر في كثير من البلدان سباق الخيل والمصلحة هنا منتفية لأنه لا يجاهد بها الآن فهل نقول بالتحريم لانتفاء هذه العلة ؟
الطالب : شيخ ذكرنا أن إباحة النبيّ صلى الله عليه وسلم للسبق في هذه الأمور الثلاثة، لهذه الأشياء الثلاثة لأجل المصلحة، والآن في عصرنا قد كثر في كثير من البلدان سباق الخيل ...
الشيخ : كيف؟
الطالب : يكثر في بعض البلدان سبق في الحوافر أي: في الخيل.
الشيخ : نعم.
الطالب : سبق في الحوافر أي: في الخيل والمصلحة هنا منتفية.
الشيخ : نعم.
الطالب : وفي هذا الوقت لا يجاهد عليها.
الشيخ : نعم.
الطالب : فهل نقول بالتحريم لانتفاء علّة الإباحة؟
الشيخ : سمعتم كلامه؟
الطالب : نعم.
الشيخ : يقول: إن العلة في إباحة العوض في هذه أنها تقوّي على الجهاد ففيها هذه المصلحة التي تربو على المفسدة، إذا قدّرنا أننا في بلد لا يندب فيها إلى الجهاد فهل تنتفي العلّة أو لا؟ هذا ينبني على أن المنصوص عليه إذا كانت علّته مستنبطة وتخلّفت فهل يتخلّف الحكم؟ فيه خلاف، فبعض العلماء يقول نأخذ بظاهر اللّفظ ولا يمكن أن نرفع الحكم عن الشّيء الملفوظ به من أجل أن علّته مستنبطة، ومنهم من قال بل إذا تخلّفت العلّة تخلّف الحكم، ومن ذلك الشّعير مثلًا في زكاة الفطر كان في عهد الرّسول عليه الصّلاة والسّلام يخرج أليس كذلك؟ قال ابن عمر رضي الله عنهما: " فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر، -أو قال- صدقة الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير "، لأن الطعام في ذاك الوقت أو لأن الشّعير في ذلك الوقت كان من طعامهم، فهل نقول في وقتنا هذا يجوز إخراج الفطرة من الشّعير والآدميّون لا يأكلونها الآن؟ ينبني على هذا إذا أخذنا بظاهر اللفظ قلنا هذا منصوص عليه ولا يمكن أن نرفع الحكم فيه من أجل علّة، ومن قال إن الحكم يدور مع علّته قال بأن الشّعير في وقتنا لا يجزئ، وربما يكون عند ناس آخرين قوتًا فيجزئ فهذه المسألة من هذا الباب، وأنا في نفسي حرج من جواز المسابقة بعوض على الخيل في بلد لا ينتفعون بها في الجهاد، لكن سمعنا أنّهم ينتفعون بها في بلاد أخرى ولا سيما البلاد الجبليّة فإنهم ينتفعون بها كثيرًا، طيب ما هو الأصل في الأطعمة أو ما ... ؟
الطالب : أخذنا مقدمة.
الشيخ : يعني: نناقش فيها مناقشة درس مو مناقشة مراجعة هاه؟ كيف؟ لا بأس، إذن نأخذ درس جديد الآن، أحمد؟
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " وعن جابر رضي الله عنه تعالى ".
الشيخ : في كتاب؟
القارئ : في كتاب الأطعمة، من كتاب بلوغ المرام: " وعن جابر ".
الشيخ : عن، عن جابر، ما نقول وعن جابر، نقل عن جابر.
القارئ : عن جابر رضي الله عنه قال ..
الشيخ : لكن إذا شئت أن تجعل للواو محلًّا فقل ونقل المؤلّف عن جابر، نعم.
القارئ : " عن جابر رضي الله عنه قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل ) متفق عليه، وفي لفظ للبخاري: ( ورخص ).
وعن ابن أبي أوفى رضي الله عنه قال: ( غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزواتٍ نأكل الجراد ) متفقٌ عليه ".
الشيخ : أحسنت، بسم الله الرحمن الرحيم، الآن يا أخ عادل بدأ الدّرس.
الطالب : جزاك الله خيرًا يا شيخ ...
الشيخ : إيش؟
الطالب : صوت الطالب غير واضح.
الشيخ : الطالب بعيد عن التلفون، لكن يفوتنا بعض الأحيان أن ننقل سؤاله ونحن نناقش الآن نسأله نحن، السؤال منّا له، الآن نبدأ الدّرس، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلّم على نبيّنا محمّد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
4 - ذكرنا أن إباحة النبي صلى الله عليه وسلم للسبق في هذه الأمور الثلاثة لأجل المصلحة والآن في عصرنا كثر في كثير من البلدان سباق الخيل والمصلحة هنا منتفية لأنه لا يجاهد بها الآن فهل نقول بالتحريم لانتفاء هذه العلة ؟ أستمع حفظ
مناقشة ماسبق.
الطالب : أنا؟
الشيخ : أي أنت.
الطالب : الأصل ...
الشيخ : لا، ما هو الأصل فيها من حيث الحكم الشّرعي.
الطالب : الحلّ والإباحة.
الشيخ : هاه؟
الطالب : الحلّ والإباحة.
الشيخ : الدّليل؟ نعم عبيد؟
الطالب : قوله تعالى: (( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا )).
الشيخ : وجه الدلالة؟
الطالب : الله خلق كل ما في الأرض.
الشيخ : وجه الدّلالة؟ وجه الدّلالة من الآية؟
الطالب : وجه الدلالة أن الله خلقها للانتفاع بها.
الشيخ : (( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا )) وجه الدلالة؟
الطالب : عام.
الشيخ : لا.
الطالب : كل ما في الأرض.
الشيخ : ياسر؟
الطالب : وجه الدلالة من هذه الآية أن الله عزّ وجلّ ... أثبتها بلام الملكية قال: (( لكم )).
الشيخ : هذه لام ملك؟
الطالب : تفيد الملكية والإباحة.
الشيخ : طيب أنه قال: (( خلق لكم )) واللام هنا للإباحة كذا؟ أما العموم نستفيده من قوله (( ما في الأرض جميعًا )) هذه اسم موصول طيب، دليل آخر عبد المنان؟
الطالب : ...
الشيخ : لا غير الآية، دليل آخر، نعم؟
الطالب : (( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيّبات ما رزقناكم ))
الشيخ : لا يصلح هذا، الأخ؟
الطالب : (( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم )).
الشيخ : ما هي بواضحة لأن مِن قد تكون للتبعيض، نعم؟
الطالب : لأن الله سبحانه وتعالى أنكر على الذين يحرّمون بغير دليل.
الشيخ : نعم.
الطالب : قال تعالى: (( قل من حرّم زينة الله التي أخرج لعباده والطّيبات من الرّزق )).
الشيخ : أحسنت، طيب تنازع رجلان في حلّ حيوان فقال أحدهما إنه حلال وقال الثاني إنه حرام عبد الرحمن؟ ثمّ ترافعا إليك فلمن تحكم؟
الطالب : حلال.
الشيخ : تحكم لمن قال أنه حلال؟ هل عندك دليل؟
الطالب : الأصل الحلّ.
الشيخ : هاه؟
الطالب : الأصل الحلّ.
الشيخ : الدليل؟ ما أقول التّعليل.
الطالب : قوله تعالى: (( هو الذي خلق لكم ما في الأرض )).
الشيخ : وهذا مما في الأرض، توافقون على هذا؟ يقول: إني أحكم بأن من قال هو حلال هو المصيب لقوله تعالى: (( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا )) وهذا صحيح، إذن إذا شككنا في حلّ طير أو حيوان ... أو شيء فالأصل؟
الطالب : الحلّ.
الشيخ : الحلّ، حتى يقوم دليل على المنع، هناك قواعد في المحرّمات من الحيوانات، يعني الآن أخذنا في القواعد من الأول غير الحيوان، القاعدة في غير الحيوان أن كلّ شيء مباح ما لم يثبت ضرره، هذه قاعدة في غير الحيوان، كلّ شيء مباح ما لم يثبت ضرره، في الحيوان كلّ شيء مباح ما لم يثبت تحريمه لأنه قد يحرّمه الشارع ولا ندري عن ضرره. طيب السّمّ؟ عبيد الله؟
الطالب : حرام.
الشيخ : السّمّ حرام؟ لماذا؟
الطالب : لأنه مضر.
الشيخ : لأنه مضرّ، ما هو الدّليل على أن كلّ مضرّ حرام؟
الطالب : الأدلة كثيرة.
الشيخ : هاه؟
الطالب : (( ولا تقتلوا أنفسكم )).
الشيخ : ... كثيرة (( ولا تقتلوا أنفسكم )) وجه الدّلالة؟
الطالب : نهى عن قتل النفس.
الشيخ : والنهي عن قتل النّفس نهي عن جميع الوسائل التي تؤدّي إلى قتل النّفس، طيب إذا قرّر الأطباء أنه لا بدّ أن يضاف إلى هذا الدّواء شيء من السّمّ؟ الأخ؟ أي نعم الذي عند العمود، ارفع يدك أشوف طيب، أقول قرّر الأطباء أنه لا بدّ من إدخال شيء من السّمّ على هذا الدّواء.
الطالب : لا يجوز.
الشيخ : الذي قرّره الأطباء؟
الطالب : لأنه غير نافع.
الشيخ : هل يقرر الأطباء ما ليس بنافع؟ إيش تقول يا رشاد؟
الطالب : ...
الشيخ : يلاّ.
الطالب : ...
الشيخ : طيب.
الطالب : ...
الشيخ : أي، لكن الظاهر أن الأطبّاء باعتبار أن تركيب الأدوية من صناعتهم لا يمكن أن يقرّروا شيئًا ضارًّا لأنه يشوّه سمعتهم ويزجي بضاعتهم ولا يثق الناس في أقوالهم، ولهذا قد يكون بعض الأدوية فيها شيء من هذا النوع ممن لو انفرد لأهلك لكن يكون فيه مصلحة.
الطالب : غير المسلمين يا شيخ يبيعون السّمّ يا شيخ.
الشيخ : نعم؟
الطالب : غير المسلمين الآن يبيعون دم يا شيخ.
الشيخ : نعم.
الطالب : فيه ...
الشيخ : نعم.
الطالب : ...
الشيخ : أي هذا لا يقال لهم أطباء هؤلاء غششة.
الطالب : هم أطباء يا شيخ.
الشيخ : ما أعتقد، ما أعتقد، الطّبيب يعني الذي يمارس الطب حقيقة ما يفعل هذا، طيب.
الطالب : فيه بعض الأدوية ...
الشيخ : نعم.
الطالب : ...
الشيخ : نعم.
الطالب : ... لكن فيه سمّ ...
الشيخ : طيب أنا أقول الأخ ... لكن لا بدّ في بعض الأشياء مثل ما ذكر الفقهاء السّقمونيا وأشياء يعدّوها ما نعرفها الآن وهذا قد تكون تخلط مع الأدوية ولا تضرّ، طيب الأصل في الحيوان الحلّ إلاّ ما نصّ الشّرع على تحريمه، مما نصّ الشّرع على تحريمه ما أفاده حديث أبي هريرة الذي صدّر به المؤلّف الباب، فما هو؟
الطالب : ( كلّ ذي ناب من السّباع ).
الشيخ : نهى؟
الطالب : ( عن كل ذي ناب من السباع ).
الشيخ : طيّب، مثّل؟
الطالب : ...
الشيخ : كالأسد والنّمر والذّئب والكلب، طيب ما هي الحكمة في أن الله حرّم هذا؟
الطالب : الطبيعة، لأن الآكل قد يأخذ منها.
الشيخ : الحكمة من ذلك أنّ هذه السّباع التي من طبيعتها العدوان إذا أكلها الإنسان وتغذّى بها فقد يكتسب العدوان، طيب بارك الله فيك، شيء آخر من القواعد آدم؟
الطالب : ( كل ذي مخلب من الطير ).
الشيخ : كلّ ذي مخلب من الطير، ما المراد بالمخلب؟
الطالب : الظفر الذي يفترس به.
الشيخ : نعم، الظفر الذي يفترس به، مثل؟
الطالب : الصقر.
الشيخ : نعم، كالنسر والصّقر، إذن قاعدة: كلّ ذي ناب من السباع، والثانية كلّ ذي مخلب من الطير.
وعن جابر رضي الله عنه قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، وأذن في لحوم الخيل ). متفق عليه، وفي لفظ للبخاري: ( ورخص ).
الطالب : حُمُر.
الشيخ : حُمُر بضمّ الميم وهذا غلط، إذن الحُمْر جمع حمراء، والحُمُر جمع حمار، وقوله: ( الأهليّة ) وصف مقيّد يخرج به الحُمُر الوحشيّة التي لا تألف الناس وليست أهلية، وهي ما يكون في البراري وقوله: ( يوم خيبر ) يعني: يوم فتح خيبر وذلك في السّنة السّادسة للهجرة، فإن الناس كانوا في مجاعة وخرجت الحمير فأخذوها وذبحوها وطبخوها حتى كانت القدور تغلي فيها، فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإراقتها ونهى عن أكلها، ( وأذن في لحوم الخيل ) متّفق عليه، وفي لفظ البخاري: ( رخّص ) وهي بمعنى أذن فهنا منع وهنا ترخيص، المنع في لحوم الحمر الأهلية والترخيص في الخيل، والخيل معروفة أذن فيها عليه الصّلاة والسّلام، فهاتان قاعدتان: أما الأولى: فقاعدة تحريم لحوم الحمر الأهلية فهي مستثناة من الحِلّ، وأما الإذن في لحوم الخيل فهل نقول إنها مستثناة من التحريم أو نقول إنها على الأصل؟
الطالب : من التحريم.
الشيخ : نعم الصّحيح أنها على الأصل، الصّحيح أنها على الأصل لأنه لم يسبق أن منعت، وأما لفظ رخّص فهو في مقابل نهى، وليس المعنى أنه كان محرّمًا ثمّ رخّص فيه لا، هو في الأصل حلال، أما لحوم الحمر الأهلية الظاهر أن الإجماع انعقد عليها وأنها حرام وكان فيها خلاف عن بعض السّلف في جواز أكلها مطلقًا، أو في جواز أكلها عند الحاجة، أو في جواز أكلها إذا كثرت ولم نحتج إلى ظهرها، والصّحيح أنها حرام مطلقًا لأنّ الأدلّة عامّة، لكن من المعلوم أنّ الحرام إذا اضطرّ إليه صار حلالًا، حتى الخنزير وهو أخبث من الحمير إذا اضطرّ إليه الإنسان أكله، أما لحوم الخيل فالصّحيح الذي عليه الجمهور أنّ لحمها حلال لأنّ النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أذن فيها، وقالت أسماء: " نحرنا فرسًا في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ونحن في المدينة فأكلناه " ففيه السّنّة القوليّة والسّنّة الإقراريّة أنه أقرّ أكل لحوم الخيل، وهذا هو الذي عليه الجمهور جمهور العلماء أنّ لحم الخيل حلال، وذهب بعض العلماء إلى أن لحم الخيل حرام واستدلوا بدلالة ضعيفة وهي قوله تعالى: (( والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة )) بعد قوله: (( والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون * ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون * وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلاّ بشقّ الأنفس إن ربّكم لرؤوف رحيم * والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة )) فقالوا: إن الله قسّم هذه الحيوانات إلى قسمين: قسم لنا فيه دفء ومنافع وحمل أثقال وأكل، وقسم آخر الخيل والبغال والحمير لشيئين فقط هما الركوب والزّينة، فدلّ ذلك على تحريمها، ولكنّ هذا الاستدلال بعيد من وجهين: الوجه الأول أنه مخالف للنّصوص الدّالّة على إيش؟
الطالب : التحريم.
الشيخ : على التحريم.
الطالب : لا لا الدّالّة على الحلّ.
الشيخ : مخالف للنّصوص الدّالّة على التحريم، نتكلّم عن أيّها؟
الطالب : الخيل.
الشيخ : الخيل، فهو مخالف للنّصوص الدّالّة على الحلّ، ثانيًا: أن الآية في سورة النّحل مكّيّة، والحِلّ في لحوم الخيل في المدينة فعلى فرض أنّ الآية تدلّ على ذلك فإنه نسخ التحريم، ثالثًا: أن الذين يستدلّون بذلك أي بالآية على تحريم لحوم الخيل إنما استدلالهم مبني على دلالة الاقتران وهي ضعيفة، لأن الشّيئين قد يشتركان في أمر ويختلفان في أمر آخر أو أمور، فليست دلالة الاقتران ملزمة لكون القرين مساويًا لقرينه في كلّ شيء، رابعًا: أنهم لا يقولون بمقتضى الآية لأننا لو قلنا بأنّ الله قسّم الحيوانات إلى قسمين ما يحمل الأثقال وما يركب وما يؤكل قلنا إذن لا تحملوا الأثقال على البغال ولا على الحمير، لأن الله تعالى لم يذكر من منافعها إلاّ الرّكوب والزّينة، وعلى هذا فالآية لا دلالة فيها وعلى أعلى تقدير أنها تدلّ على تحريم الخيل فإننا نقول إنه ما جاء في حِلّ الخيل متأخّر ويكون ناسخًا لما تقتضيه الآية من التحريم.
طيب وقوله في لحوم الخيل يشمل جميع أجزائه، وما اشتهر عن العوام أن مقدّمها حرام لأنه يتّقى به سهام المشركين في القتال فيكون محرّمًا لاحترامه بخلاف عجزها ومؤخّرها فإنه لا يكون إلاّ عند الإدبار فلا حرمة له، فهذا حكم باطل وتعليل عليل، وليس في الشّريعة الإسلاميّة ما تختلف أجزاؤه أبدًا حِلاًّ وحرمة، نجاسة وطهارة، إيجابًا ومنعًا أبدًا، الشريعة الإسلامية لا يمكن يوجد فيها هذا أبدًا، وانتبهوا لهذه القاعدة المفيدة، في غير الشّريعة الإسلامية حرّم الله على الذين هادوا كلّ ذي ظفر ومن البقر والغنم حرّم عليهم شحومهما إلاّ ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم، لكن الشّريعة الإسلامية لا يمكن يوجد فيها حيوان واحد تختلف أجزاؤه في الحكم أبدًا، وعلى هذه القاعدة يتبيّن أن القول الراجح في لحم الإبل أنّ جميع أجزاء البعير تنقض الوضوء، خلافًا لمن قال أن الكبد والكرش والمصران والرّئة وما أشبه ذلك لا ينقض الوضوء، نقول كلّها تنقض الوضوء إذن حكم العوام؟
الطالب : باطل.
الشيخ : نعم باطل، نعم سليم؟
الطالب : يا شيخ ...
الشيخ : إيش؟
6 - وعن جابر رضي الله عنه قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، وأذن في لحوم الخيل ). متفق عليه، وفي لفظ للبخاري: ( ورخص ). أستمع حفظ
مناقشة ما سبق.
الطالب : ...
الشيخ : الحكمة، ما هي الحكمة؟
الطالب : الحكمة أن الإنسان الذي يأكل لحم ...
الشيخ : أي.
الطالب : ...
الشيخ : أي نعم.
الطالب : ... الرسول صلى الله عليه وسلم ... يلغ فيه الكلب سبع غسلات وهذا يدلّ على ضرره يا شيخ.
الشيخ : نعم.
الطالب : ...
الشيخ : إي بس نحن ما نتكلّم عن الكلب.
الطالب : أنا فاهم بس ..
الشيخ : نتكلّم عن كلّ الحيوانات، لماذا؟
الطالب : ...
الشيخ : هذا ما فيه شكّ، وش عندك؟ ما هو الأصل في الأطعمة؟ عبد الوهاب الزياني ما هو الأصل في الأطعمة؟
الطالب : الحلّ يا شيخ.
الشيخ : ما الدّليل على أنّ الأصل الحلّ؟
الطالب : قوله تعالى: " هو الذي جعل لكم ما في الأرض جميعًا ".
الشيخ : ليست الآية كذلك.
الطالب : (( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا )).
الشيخ : (( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا ))، وجه الدلالة؟
الطالب : ...
الشيخ : أنه قال: (( لكم )) واللاّم إما للملك أو للإباحة يعني تشمل هذا وهذا، طيب هل هناك آية أخرى تدلّ على ذلك؟
الطالب : قوله تعالى: (( قل من حرّم زينة الله التي حرّم لعبادة والطّيّبات من الرّزق )).
الشيخ : أحسنت، هذه أيضًا تدلّ على أنه ينكر على من حرّم زينة الله التي أخرج لعباده والطّيّبات من الرّزق إلاّ بدليل، طيب تنازع رجلان يا عقيل في حلّ طير وجداه فذبحاه فأحدهما قال حلال والثاني قال حرام فبماذا تحكم؟
الطالب : ...
الشيخ : تحكم بأنّه حلال وأنت لا تدري؟
الطالب : الأصل.
الشيخ : نعم؟
الطالب : نتمسّك بالأصل.
الشيخ : إذن المطالب بالدّليل من؟
الطالب : ...
الشيخ : ... المخالف عندنا مخالفان؟
الطالب : ...
الشيخ : يعني القائل بالتّحريم هو الذي يطالب بالدّليل، طيّب توافقون على هذا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : لأنّ الأصل الحلّ، ما هو الذي خرج عن الأصل بدليل؟ عبد الله؟
الطالب : ( كلّ ذي ناب من السّباع ).
الشيخ : كلّ ذي ناب من السّباع خرج على الأصل بالدّليل مثل؟
الطالب : الكلب ...
الشيخ : ...
الطالب : ...
الشيخ : نعم، والذّئب، والهرّ، الهرّ.
الطالب : الهر؟
الشيخ : إي نعم، هو من السّباع هو يأكل الفأر والأوزاغ وما أشبهها، طيب كلّ ذي مخلب من الطير آدم؟
الطالب : نعم.
الشيخ : يعني ما له أظفار وإلاّ إيش؟
الطالب : ...
الشيخ : كلّ ذي ظفر هاه؟
الطالب : ... المخلب؟
الشيخ : هي الأظفار، المخلب الظفر، فهل كلّ ذي ظفر محرّم؟
الطالب : لا.
الشيخ : طيب، كلّ ذي مخلب من الطّير؟
الطالب : لا.
الشيخ : إيش لا؟
الطالب : الذي عنده مخلب ... هذا هو الذي محرم.
الشيخ : له مخلب من يوم ما خرج من البيضة!
الطالب : ما حضرت درس البارحة.
الشيخ : أي عجيب! فسّر الماء بعد الجهد بالماء! نعم؟
الطالب : المخلب الذي يصطاد به.
الشيخ : أحسنت، المخلب الذي يصيد به كذا؟ ليكون موازنًا لكلّ ذي ناب من السّباع، طيب هل لهذا مثال؟
الطالب : الصقر...
الشيخ : والعقاب، والبازي.
الطالب : كل ما يصيد بمخلبه.
الشيخ : كلّ ما له مخلب يخلب به طيب، هل خرج عن أصل الحلّ أشياء أخرى، الأخ أي نعم. غير كلّ ذي ناب من السّباع وكلّ ذي مخلب من الطّير؟
الطالب : ...
الشيخ : هاه؟
الطالب : لا.
الشيخ : ما فيه شيء؟ إذن أنت تأكل الحمير؟
الطالب : ...
الشيخ : كيف تقول بهذا الجزم؟ لو قلت لا أعلم أهون مع أنّك قرأت هذا الشّيء!
الطالب : الحديث فيه نهي عن لحوم الحمر الأهلية.
الشيخ : طيب إذن خرج عن الإباحة إيش؟
الطالب : لحوم الحمر الأهلية.
الشيخ : الحمر الأهليّة فإنها حرام، بارك الله فيك، هل عندك دليل على هذا الأصل؟
الطالب : عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: " نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهليّة وأذن في لحوم الخيل " متّفق عليه.
الشيخ : أحسنت، بارك الله فيك، صحيح هذا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : لو لم يأت الإذن في لحوم الخيل فما حكمها؟
الطالب : محرّمة.
الشيخ : حلال على الأصل، طيب بارك الله فيك.
وعن ابن أبي أوفى رضي الله عنهما قال: ( غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزواتٍ نأكل الجراد ) متفقٌ عليه.
الطالب : معروف.
الشيخ : معروف، طيب نأكل الجراد فيستفاد من هذا الحديث أوّلًا أن النبي صلّى الله عليه وسلّم جاهد بيده ولسانه وبدنه وقلبه أيضًا، فإنه يحزن إذا لم يؤمن الناس وهذا جهاد بالقلب، وجاهد عليه الصّلاة والسّلام بيده وجاهد بلسانه لبيان الحقّ لقوله: " غزونا مع رسول الله " ومن فوائد الحديث: حِلّ أكل الجراد لقوله: " نأكل الجراد " فإن قال قائل: لو لم يأت هذا الحديث أتحكمون بحلّ الجراد أو بتحريمه؟ بحلّه لأنه هو الأصل، لكن إذا جاءت هذه الأمثلة تكون كمثال للأصل، وقوله: " نأكل الجراد " لم يشترط شرطًا أن تكون حيّة والجراد قد يوجد حيًّا وهو الأكثر وقد يوجد ميّتًا، فهل نأخذ بالعموم أو نقول إنّ هذا فعل والفعل مطلق لا يدلّ على العموم؟ نقول يمكن أن نأخذ بالعموم لا على وجه الصّيغة الفعليّة، ولكنه في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ( أحلّ لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان فالجراد والحوت، وأما الدّمان فالطحال والكبد ) وهذا الحديث وإن كان ضعيفًا مرفوعًا لكنّه صحيح موقوفًا لأن قوله: " أحلّ لنا " في حكم المرفوع، وعلى هذا فالجراد حلال حيّه وميّته، وقيل: إن مات بسبب من الآدميّ فهو حلال، وإن مات بغير سبب فهو حرام لعموم قوله تعالى: (( حرّمت عليكم الميتة )) والصّحيح الأوّل أنه حلال سواء مات بسبب الإنسان أو مات بغير سبب، لعموم حديث عبد الله بن عمر، ولأنه ليس فيه دم وإذا لم يكن فيه دم فإنه لا يكون خبيثًا بالموت فيحلّ، والمحرّم بالموت هو الذي فيه دم لأنه يكون خبيثًا باحتقان الدّم فيه، وأما ما لا دم فيه فهو حلال، فإن قال قائل: أرأيتم لو مات بالمبيدات هل يحلّ؟ أجيبوا.
الطالب : فيه تفصيل.
الشيخ : إيش التفصيل؟ كمال؟
الطالب : إذا تمكن منه وقد أكله فلا يجوز أكله لأنه لا يجوز أكل شيء مضر.
الشيخ : نعم.
الطالب : أما إذا كان هذا المبيد لا يضر بالإنسان ولم يتمكّن منه وأكله ليس فيه ضرر فهذا على الإباحة الأولى.
الشيخ : إيه، إذن يأخذ حكم المباح أن كلّ مباح ترتّب عليه ضرر فهو حرام، لأننا نقول: أن المباح هو مباح في أصله لكن قد تجري فيه الأحكام الخمسة وأمثلة هذا كثيرة.
8 - وعن ابن أبي أوفى رضي الله عنهما قال: ( غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزواتٍ نأكل الجراد ) متفقٌ عليه. أستمع حفظ
وعن أنس رضي الله عنه في قصة الأرنب قال: ( فذبحها فبعث بوركها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبله ) متفقٌ عليه.
الطالب : معروف.
الشيخ : معروف، الأرنب معروف ولا حاجة لتعريفه وهذه القصّة قصّة الأرنب أنهم أنفجوا أرنبًا في مرّ الظهران فهربت منهم فلحقها القوم فتعبوا إلاّ أنس بن مالك رضي الله عنه فإنه أدركها وأمسكها ثم ذبحها وجاء بوركها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، الورك كم يجي من كيلو؟
الطالب : ...
الشيخ : صغير جدًّا، نعم جاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلّم فقبله وفي رواية: ( فأكله ) وهذه الرّواية كالتبيين فقط وإلاّ فإنه لم يقبله إلاّ ليأكله ما قبله ليلهو به.
9 - وعن أنس رضي الله عنه في قصة الأرنب قال: ( فذبحها فبعث بوركها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبله ) متفقٌ عليه. أستمع حفظ
فوائد حديث : ( أنس رضي الله عنه في قصة الأرنب قال: ( فذبحها فبعث بوركها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبله )
ومن فوائد هذا الحديث قوّة الصّحابة رضي الله عنهم وشدّتهم لأنهم لحقوا أرنبًا وأين الواحد منكم يلحق الأرنب؟! نعم؟ ما فيه أحد، لا أحد ومن وجه آخر أنهم أمسكوها ومعروف أنها إذا أمسكت ما هي ساكتة لا بدّ أن تدافع عن نفسها بأظفارها وربّما بأسنانها أيضًا ولكن لقوّتهم عرفوا كيف يصيدون.
ومن فوائد هذا الحديث توناضع سيّد المرسلين عليه الصّلاة والسّلام محمّد صلّى الله عليه وسلّم وجه التّواضع أنّ أصحابه أقدموا على أن يقّدموا إليه ورك أرنب وأظنّ أنه لو قدّمت لكم ورك الأرنب لكان؟
الطالب : ...
الشيخ : نعم؟
الطالب : نأكلها.
الشيخ : تأكلونها لكن ترون أن هذا الرجل أهدى إليكم ورك أرنب أنه احتقركم وش هذه؟ لكن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( لو أهدي إليّ كراع أو ذراع لقبلت، ولو دعيت إلى كراع أو ذراع لأجبت ) لأنه عليه الصّلاة والسّلام غاية المتواضعين فهو متواضع.
ومن فوائد هذا الحديث جواز الإهداء إلى الكبراء ولا يقال يخشى أن المهدي ممّن منّ ليستكثر والله تعالى قال لرسوله: (( ولا تمنن تستكثر )) يعني: لا تمنّ على أحد ليعطيك أكثر مما مننت به، لكن الإنسان هو ونيّته إذا أهديت إلى الأكابر كالملوك والرّؤساء والوزراء والأمراء والعلماء حتى وإن ظننت أنّهم سيردّون هديّتك بأكثر ما دمت لست مستشرفًا فلا بأس بذلك.
ومن فوائد هذا الحديث ما ساق المؤلف الحديث من أجله وهو حلّ الأرنب، أرأيتم لو لم يأت نصّ بحلّها فما حكمها؟
الطالب : حلال.
الشيخ : حلال على الأصل طيب.
10 - فوائد حديث : ( أنس رضي الله عنه في قصة الأرنب قال: ( فذبحها فبعث بوركها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبله ) أستمع حفظ
وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل أربع من الدواب: النملة والنحلة والهدهد والصرد ) رواه أحمد وأبو داود وصححه ابن حبان.
الطالب : على الأصل.
الشيخ : الأصل؟
الطالب : للتحريم.
الشيخ : الأصل للتحريم وقال بعض العلماء إنه للكراهة، لكن ما جوابنا يوم القيامة إذا قتلنا هذه الأربع من الدّوابّ وقد وردنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلّم أنه نهى عن ذلك نقول إنه للكراهة؟ إذن نقول ينهى عن هذا نهي تحريم، وما هو النهي؟ النهي في تعريفه عند البلاغيين والأصوليين هو: طلب الكفّ على وجه الاستعلاء، طلب الكفّ على وجه الاستعلاء، أي: أنّ الطالب يشعر بأنّه عالٍ على المطلوب، لأنه لو نهى وهو يعتقد أنه دون المطلوب لكان هذا من باب الدّعاء، ولو نهى وهو يعتقد أنه مثله لكان هذا من باب الالتماس، لكن لا بدّ أن يشعر الناهي بأنه أعلى حتى يتوجّه الأمر بالكف.
طيب يقول: ( نهى عن قتل أربع من الدّواب: النّملة ) معروفة؟ نعم النّملة معروفة، وظاهر الحديث أنه يشمل الصّغار منها والكبار، فالذرّ من النّمل وما هو أكبر هو أيضًا من النّمل نهي عن قتلها احترامًا لها وإلاّ استقباحًا لها؟
الطالب : احترامًا.
الشيخ : نعم؟
الطالب : احترامًا.
الشيخ : الأوّل احتراما لها، وذلك جزاء لما قامت به حين مرّ سليمان بقرية النّمل (( قالت نملة يا أيها النّمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنّكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون )) تضمّنت هذه الجملة إرشادًا وتوجيهًا وتعليلًا للحكم واعتذارًا ممّا يقع نعم وهي نملة، كلام بليغ أولًا: (( يا أيها النّمل )) دعتهم بنداء حتى ينتبهوا لما تقول (( ادخلوا مساكنكم )) هذا إرشاد وتوجيه أن يدخلوا الملاجئ لأن الإنسان عندما تقوم الحرب لا بدّ أن يدخل إلى الملاجئ لم يكن عنده ما يقاوم، العلّة (( لا يحطمنّكم سليمان وجنوده )) معلوم إذا مرت الخيول والإبل على النّمل ستحطمهم، ثم قالت لا يحطمنكم وما قالت لا يطأنّكم ليكون هذا أبلغ في التنفير حطم ما فيه (( وهم لا يشعرون )) هذا؟
الطالب : اعتذار.
الشيخ : اعتذار (( وهم لا يشعرون )) هذه النملة صارت بركة على النّمل أكرم النّمل من أجلها فنهي عن قتلها، فلا تقتل النملة لا في حرم ولا في حلّ ولا في إحرام ولا في إحلال.
الثاني: النحلة، النّحلة نهي عن قتلها لأنّ قتلها إضاعة مال وحرمان خير كثير، إذ أنّ النّحل يكون منها العسل الذي فيه شفاء للناس، فإذا قتلت واحدة ثمّ الثانية ثمّ الثالثة وهكذا فإن ذلك سبب لضياع ما ينتج منها من العسل المبارك.
الهدهد: الهدهد معروف؟
الطالب : لا.
الشيخ : هو طائر معروف، طائر معروف، نعم هذا الهدهد أيضًا نهي عن قتله احترامًا له وذلك في قصّته مع من؟ مع سليمان، مع سليمان فإن سليمان حشر له جنوده من الجنّ والإنس والطّير، فتفقّد الطير لأنه عليه الصّلاة والسّلام كان ملكًا وكان منظّمًا لملكه، تفقّد الطّير فقد الهدهد ومع ذلك لم يحكم عليه بأنه غائب قال: (( ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين )) يعني: بل أكان من الغائبين وهذا واقع أنت إذا تفقّدت جنودك أو أولادك ولم تقع عينك على أحد منهم لا تحكم بأنه غائب ربما أنك بصرك صرف عنه، ثمّ توعّده قال: (( لأعذبّنه عذابًا شديدًا أو لأذبحنّه )) إعدام بالكلّيّة (( أو ليأتينّي بسلطان مبين )) يعني: إمّا عذاب وهذا العذاب حدّ وإلاّ تعزير؟
الطالب : تعزير.
الشيخ : تعزير، أو لأذبحنّه إعدام، (( أو ليأتينّي بسلطان مبين )) يعني بحجّة قويّة تكون عذرًا له (( فمكث غير بعيد )) فقال الهدهد حين جاء بخبر لا يحيط به سليمان قال كلمة الإنسان الواثق، كلمة الطّير الواثق من نفسه قال له: (( أحطت بما لم تحط به )) يعني: أتعجّب كيف يقول الهدهد لسليمان هذا الكلام (( أحطت بما لم تحط به )) فجعل نفسه في هذه القضيّة أعلى من سليمان قال: (( أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبإ يقين )) ما فيه شكّ (( إنّي وجدت امرأة تملكهم )) إلى آخر القصّة، فمن أجل أنه كان سببًا في إسلام أمّة كان بركة على جنسه من الطّيور وهو الهدهد، فقد نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن قتله.
بقي لنا الرابع وهو الصّرد، الصّرد معروف؟
الطالب : نوع من الطير.
الشيخ : طائر معروف، ويمكن أن ترجعوا إلى المنجد المصوّر حتى تعرفوه بصورته، وهو طائر أكبر من العصفور قليلًا له منقار أحمر، لكن الناس أهل الطّيور اختلفوا عندي في ما هو؟ ولكن نرجع إلى كتب اللغة هذا الأخير المجهول الحال هو مجهول العلّة أيضًا لا ندري ما السّبب، وليس لنا إلاّ أن نقول نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن قتله وكفى، هذه أربع من الدّواب نهى النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن قتلها، والنّهي عن قتلها يتضمّن النّهي عن أكلها لأنها لم تؤكل إلاّ بعد أن تذبح أو تقتل، فيكون النّهي عن القتل مستلزمًا النّهي عن الأكل والنّتيجة أنها تكون حرامًا، النّتيجة أنها تكون حرامًا ولهذا يمكن أن نكوّن قاعدة فنقول: " كلّ ما أمر الشّرع بقتله فهو حرام، وكلّ ما نهى عن قتله فهو حرام ".
الطالب : ...
الشيخ : نعم؟ وكأن بعضكم يشرئب نعم؟
الطالب : ما وجه ذلك؟
الشيخ : ووجه ذلك أنه أمر بقتل الفواسق مثل الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور أمر بقتلها لفسقها، وإذا كانت فاسقة فإنه ربّما يتأثّر المتغذّي بها ويأخذ من فسقها وعدوانها، أما المنهي عن قتلها فظاهر أنه حرام لأنه لا يمكن أكله إلاّ بقتله فلهذا نأخذ قاعدتين الأولى: كلّ ما أمر الشّارع بقتله من الحيوان فهو حرام، وكلّ ما نهى عن قتله فهو حرام، طيب وحينئذ أيضًا نرجع إلى مسألة جواز قتل الحيوانات، هل يجوز أن نقتل الحيوانات كلّها أو لا؟ نقول أما من كان مباحًا إيش؟
الطالب : يجوز.
الشيخ : فقتله حلال أو حرام؟ انتبهوا للعبارة ما كان حلالًا فقتله حلال أو حرام؟
الطالب : حلال.
الشيخ : سبحانك اللهم وبحمدك!
الطالب : حرام يا شيخ.
الشيخ : ههه، قتله حرام بارك الله فيكم لأننا نقول قتله ولا نقول تذكيته، يعني: لو تأتي الآن إلى شاة وتقتلها تخنقها حتى تموت هذا قتل، حرام وإلاّ غير حرام؟
الطالب : حرام.
الشيخ : طيب ما أحلّه الله فأجزاؤه مثلًا حلال، أو قتله بمعنى تذكيته حلال وما أمر بقتله مما هو حرام، ما أمر بقتله من المحرّمات فقتله؟
الطالب : ...
الشيخ : ما أمر بقتله من المحرّمات؟
الطالب : حلال حلال.
الشيخ : فقتله؟ مشروع كلّه مشروع إما وجوبًا أو استحبابًا وما نهى عن قتله من المحرّمات فقتله حرام أو مكروه على حسب اختلاف العلماء في هذا، وما سكت عنه؟
الطالب : ...
الشيخ : ما هو الأصل؟
الطالب : الحلّ.
الشيخ : الحلّ معناه يجوز أن كلّ الصّوارير الي عندك في البيت اقتلها وكلّ الذّبّان اقتلها، نعم؟
الطالب : الضرر يا شيخ.
الشيخ : لا، دعنا من الضّرر، الضّرر والمؤذي هذا ما فيه شكّ يقتل مأمور به، لكن إذا كان ما فيه ضرر لا يخوّف الصّبيان ولا يوقظ النُّوَّم ولا يتلف الطّعام، نعم ولا يفسد البيت فقال بعض أهل العلم: إنه لا يجوز قتله وإن كان ممّا سكت عنه، لأن الله تعالى يقول: (( وما من دابّة في الأرض إلاّ على الله رزقها )) ويقول: (( وإن من شيء إلاّ يسبّح بحمده )) وأنت الآن قطعت رزقها وقطعت تسبيحها لله عزّ وجلّ فلا يحلّ لك، وقال بعض أهل العلم: بل يكره ولا يحرم، لأن الإنسان إذا قتل هذه الدّواب أو هذه الحشرات تعوّدت نفسه على انتهاك ذوات الأرواح وصار فيه شيء من العدوان وهذا أقرب الأحوال أن يكون مكروهًا، وقول ثالث: أنه حلال لأنه مما سكت عنه وقد قال الله تعالى: (( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا )) وأقرب الأقوال عندي أنه مكروه إلاّ لسبب إذا كان هناك سبب فلا بأس، طيب بقينا فيما نهي عن قتله إذا آذوا، فكانت النّملة تحفر الرّمل الذي تحت البلاط ويبقى البلاط في الهواء ويخرب هل تقتل؟
الطالب : نعم.
الشيخ : تقتل؟ نعم.
الطالب : دفعًا للأذى.
الشيخ : إيه طيب، لكن إن اندفعت بغير القتل فافعل، وإن لم تندفع إلاّ بالقتل فاقتلها، لأنه إذا كان المؤذي من بني آدم لا يندفع إلاّ بالقتل يجوز قتله فالنّمل من باب أولى، لكن قد تندفع بغير ذلك يعني بغير مبيد، فمن ذلك أن بعض الناس يحفظ قراءة للنمل، يجلس على كرسي بين النّمل الكثير ثمّ يقرأ آيات فإذا بها ترحل ما تبقى، فإذا وجد هذا الرّجل قلنا تعال جزاك الله خيرًا نعم عندنا نمل آذانا، ووجدنا أيضًا مما يخفف من ضررها أو يصرفها أن تصبّ على جحرها قاز، القاز معروف وإلاّ غير معروف؟
الطالب : معروف.
الشيخ : أي نعم.
الطالب : تموت.
الشيخ : لا ما تموت، يمكن الذي يصيبها القاز تموت، لكن إذا كان لا يصيبها ترحل وهذا شيء جرّبناه، على كلّ حال هي إذا آذت فلك قتلها إذا لم تندفع إلاّ بالقتل لأنّ كلّ مؤذٍ يجوز قتله.
الطالب : ...
الشيخ : نعم؟ على العموم، على العموم لأنك ما يمكن تعرف، وقد ذكر شيخ الإسلام قصّة أظنّ أنّي قد ذكرتها لكم، نعم؟
الطالب : ...
الشيخ : يقول ابن القيم رحمه الله في كتابه " مفتاح دار السّعادة ": إنه حكى لشيخه ابن تيمية رحمه الله قصّة رجل وجد ذرّة فوضع أمامها طعمًا لحمًا أو غيره طعمًا، فجاءت هذه الذّرّة تجرّه فعجزت فذهبت إلى صاحبتها في البيت فدعتهم هلمّوا إلى الطعام، فلما أقبل القوم، -ولا بأس أن نقول القوم- لما أقبل القوم نزع هذا الطّعم بحثوا لم يجدوا شيئا والنّملة التي ندبتهم لما انصرف قومها بقيت لعلّها تجد شيئًا، فوضع الطّعم مرّة ثانية فجاءت إليه وتيقّنت أنه موجود ولكن عجزت أن تحمله فذهبت إلى قومها ودعتهم هلمّوا إلى الطّعام جاؤوا، فلما أقبل القوم نزعه وجعلوا يطلبونه ما وجدوه فبقيت هي أيضًا تطلب وتبحث فوضع الطّعم فلمّا وضعته وتيقّنت ذهبت إلى قومها ودعتهم المرّة الثالثة، فلمّا أقبلوا نزعه فلما جاؤوا لم يجدوه يقول اجتمع النّمل عليها فأكلوها قتلوها، وهذا سبحان الله العظيم كيف لم يقتلوها لأوّل مرّة وإنما قتلوها بعد الثالثة كأن الحيوان مفطور على أن التكرار ثلاثًا يغني عما زاد عنه ولا ينقص عن التّكرار، وثانيًا: قال شيخ الإسلام: " هذا صحيح لأنّ كلّ شيء مفطور على كراهة الكذب وعقوبة الظّالم " لأنّ هذه كذبت عليهم باعتبار ما ظنوا وإلاّ فالمسكينة هي كانت تجد الطّعم، النّهاية على كلّ حال نقول إنّ النّمل منهي عن قتله، ولكن إذا لم يندفع أذاه إلاّ بقتله فلا بأس، طيب وكذلك البقيّة النحلة والهدهد والصّرد، ثمّ قال، نعم؟
السائل : ... لأمرت بقتلها...
الشيخ : نعم.
السائل : لا يدلّ على ...
11 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل أربع من الدواب: النملة والنحلة والهدهد والصرد ) رواه أحمد وأبو داود وصححه ابن حبان. أستمع حفظ
سؤال عن حكم قتل الكلاب ؟
الشيخ : نعم.
السائل : لا يدلّ على ...
الشيخ : ربّما يستدلّ بذلك، لكن هذا منصوص عليه والكلاب أمر النّبيّ صلى الله عليه وسلّم بقتلها ثمّ صار الصّحابة إذا جاءت البدويّة معها كلبها، كلب غنمها قتلوه، ثمّ بعد ذلك نهى عن قتله. نعم.
بعض الحيونات كالغراب جاءت السنة بجواز قتله ؟
الشيخ : كيف؟
السائل : ...
الشيخ : نعم أي لكن لوجود أذاه بارك الله فيك لأنّ الغراب بؤذي أذيّة عظيمة، من أذيّته أنه يقطع شماريخ النّخل وتسقط في الأرض وتفسد، ومن أذيّته أنهم لما كانوا يستعملون الإبل، الإبل يكون فيها الدّبر تتقرّح ظهروها من الحِمل ثمّ يأتي هو وينقّبها ويأكل لحمها فتتأذّى به فهو عادٍ يعني ممّن له عدوان، قاضي؟
السائل : العلة في تحريم قتل النحل؟
الشيخ : هاه؟
السائل : العلّة في تحريم قتل النّحل قلتم لفائدة العسل.
الشيخ : نعم.
السائل : ألا يقاس عليها كل حيوان سكت عن قتله ...
هل كل ما ينتفع به الناس يكون قتله إتلافا للمال ؟
السائل : ...
الشيخ : إيش؟
السائل : من المعلوم عند أهل النحل أنّ النّحل إذا ضربت بإبرتها... وفي بعض الأمراض يستشفى بإبر النحل فهل يجوز قتل النّحل لهذا الشّيء؟
سؤال عن حكم قتل النحل؟
الشيخ : بس تعرف أنّ الدّواء إذا كان محرّمًا لا يجوز التّداوي به، لا يجوز التّداوي به، وبهذه المناسبة قرصتني قبل كم ليلة هنا نحلة وأدمت أصبعي ... لا لا، لا تقتلها إلاّ إذا اعتدت عليك، إذا اعتدت عليك لا بأس.
السائل : ...
الشيخ : الدليل واقعي، ما هو من الشرع لكن من الواقع، حدثني من أثق به أنه يفعل هذا، يُدعى إلى البيوت التي فيها الذر الكثير ويدعو وينصرف.
السائل : ...
الشيخ : لا لا، الذي حدثني ثقة، ثقة من طلبة العلم، حمد؟
جاء أن الشوكة التي تصيب المؤمن تكون له كفارة لخطاياه فهل تكون قرصة النحلة تكفير للخطيئة كذلك ؟
الشيخ : نعم.
السائل : فهل يقال أن قرصة النّحلة تكفير للخطيئة؟
الشيخ : إن شاء الله، كلّ شيء يصيب الإنسان حتّى الشّوكة يشاكها.
السائل : أو عدوان.
الشيخ : هي معتدية لكن بالنّسبة للمعتدى عليه يكفّر عنه، نعم ناصر؟
السائل : ...
الشيخ : نعم.
السائل : ...
الشيخ : نعم.
السائل : ...
الشيخ : أبدا ما هي محرّمة، من قال محرّمة؟
السائل : ...
الشيخ : ... أبدًا ... أكلها.
السائل : ...
الشيخ : إيش؟ ما هو جزء، ما هو من الأجزاء ولهذا بعد التّذكية يكون حلالًا.
السائل : ...
الشيخ : مكسور ... نعم، حتى ما أبين من حيّ فهو حرام، نعم؟
الطالب : هل يصحّ أن يقال أنّ الصّرد ...
16 - جاء أن الشوكة التي تصيب المؤمن تكون له كفارة لخطاياه فهل تكون قرصة النحلة تكفير للخطيئة كذلك ؟ أستمع حفظ
أليس الصدر يأكل العصافير ؟
السائل : يقال في الصّرد ...
الشيخ : هيه.
السائل : يقال ... وصغار الطّير، هل هذه قاعدة لعلة التحريم لكونه يصيد ...
الشيخ : ما هو بالظاهر، هذا الذي قال ما هو الصرد حسب الذين يعرفون الطّيور، هذه يسمّونها عندنا ... هذه صحيح رأيناها تأكل العصافير في الليل ...
وش حكم إماطة الأذى عن الطّريق؟ هاه؟
الطالب : ...
الشيخ : وش تقول يا عقيل؟
الطالب : واجب.
الشيخ : ماذا قال الرسول؟
الطالب : ...
الشيخ : ( تميط الأذى عن الطريق صدقة ) أليس كذلك؟ هكذا جاء الحديث، ما رأيك في الذي يضع حذاءه في الدّرج في ممرّ الناس هل أزال الأذى عن الطريق أو وضع الأذى في الطريق؟
الطالب : وضع.
الشيخ : وضع الأذى في الطريق أي نعم، هذه مسألة لازم ننتبه لها، يعني كثير من الناس يأتي يخلع نعليه في الدّرج، الدرج لو ... الإنسان زلّت رجله والحمد لله الآن فيه رفوف نعم؟
الطالب : ما يقال فيها تفصيل؟
الشيخ : ما هو التفصيل؟
الطالب : أن الأذى إذا كان ...
الشيخ : صدقة، نحن نقول كما قال الرّسول: ( تميط الأذى عن الطّريق صدقة ).
الطالب : لكن هذا الحكم؟
الشيخ : أي حكمه أنه صدقة، هذا حكم ودليل، على كلّ حال هذه ينبغي أن تتفطنوا لها جزاكم الله خيرًا فالذي يأتي يضعه نعله في الرّفوف المعدّة لذلك أي نعم وإلاّ إذا كان معه سيارة يضعه في السّيارة ما هي مسافة بين السيارة والمسجد.
الطالب : ...
الشيخ : هاه؟ البحث وينه؟
الطالب : هذا هو.
الشيخ : طيّب، وأنا أشير عليك أنّك ما ... هذا طويل، خلاصة هذه المسألة؟
الطالب : ...
الشيخ : أجل لعلي أنا أراجعه لأنه طويل إن شاء الله تعالى، السلام عليكم يا أهل البحرين.
الطالب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا شيخ.
الشيخ : الله يحييك، الآن بدأ الدرس، تسميع، فيه تسميع يا أخي.
مناقشة ما سبق.
الطالب : ...
الشيخ : ما قلت شيء أنا، ما هو الأصل في ...
الطالب : الحلّ.
الشيخ : طيب، الأصل في الأطعمة؟
الطالب : الحلّ.
الشيخ : الحلّ، الدّليل؟
الطالب : قوله تعالى: (( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا )).
الشيخ : طيب، ينبني على هذا الأصل لو تنازع رجلان في حلّ شيء معيّن ... فمن الذي يطالب بالدّليل؟ مدّعي الحلّ أو مدّعي الحرمة؟
الطالب : مدّعي الحرمة.
الشيخ : مدّعي الحرمة لأنّ الأصل؟
الطالب : الحلّ.
الشيخ : الحلّ، طيّب بارك الله فيك، تنازع رجلان في أكل لحوم الخيل يا عبد الرحمن أحدهما يقول إنّها حرام والثاني يقول إنها حلال فلمن تحكم؟
الطالب : ...
الشيخ : تحكم لمن قال إنّها حلال، ما دليلك؟
الطالب : ...
الشيخ : هاه؟
الطالب : لم يثبت التحريم.
الشيخ : يعني دليلك الأصل، أليس هناك دليل ينصّ عليها؟
الطالب : بلى.
الشيخ : ما هو؟
الطالب : الدليل أن يوم خيبر نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحمر الأهلية ورخّص في لحوم الخيل.
الشيخ : أحسنت، يعني فيها دليل خاصّ، طيب من القواعد المقرّرة عند العلماء أنّ ما نهي عن قتله فأكله حرام ما هو وجهه؟
الطالب : ...
الشيخ : لا، ما وجهه ما أقول ما هي.
الطالب : ...
الشيخ : كلّ ما نهى الشّرع عن قتله فأكله حرام.
الطالب : وجهه أنّه ...
الشيخ : فهمت السّؤال؟ قاعدة عند الفقهاء في الأطعمة كلّ ما نهى الشّرع عن قتله فأكله حرام.
الطالب : مثل ..
الشيخ : لا تجيب مثل على أيّ شيء بنوا هذا؟
الطالب : على حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ : لأنه لا يمكن أكله إلاّ؟
الطالب : بقتله.
الشيخ : إلاّ بقتله، وقتله؟
الطالب : حرام.
الشيخ : منهيّ عنه، واضح؟ طيب، عكس هذه القاعدة قالوا كلّ حيوان أمر الشّرع بقتله فأكله حرام كيف هذا؟ تناقض؟ هاه هذه القاعدة عندهم " كل حيوان أمر الشّرع بقتله فأكله حرام " وجهه يا حسن؟
الطالب : نص الحديث، قتل الفواسق.
الشيخ : لا لا، أقول ما وجه كون الذي يؤمر بقتله أكله حرام؟ سليم؟
الطالب : نعم لفسقه يا شيخ ...
الشيخ : طيب وكيف ... هذا قتلته ... آكله أيضًا.
الطالب : ... هذا حرام، ... هذا حلال.
الشيخ : تجاوزت الجواب عن السّؤال، أنا أسأل لماذا كان الذي أمر بقتله أكله حرام؟ رشاد؟
الطالب : لأنه غير مذكى بذكاة شرعية.
الشيخ : لا، يذكّيه بارك الله فيك بسكيّن حادّة ويقول بسم الله ...
الطالب : ...
الشيخ : ذكّاه كما يذكِّي البقرة.
الطالب : لأنه ...
الشيخ : كيف؟
الطالب : ...
الشيخ : من يوم شافه قال الحمد لله على هذه الغنيمة امسكه واذبحه.
الطالب : لأنه لو كان حلالًا...
الشيخ : سبحان الله!
الطالب : يا شيخ عفا الله عنك، الحلال أكله مباح والمباح لا يؤمر بأكله، يعني لا يجب ولا يستحب الأكل ولا الذبح وإنما يباح فلما أمر بقتله علم بأنه فيه هناك أمر زائد عن الإباحة فدل على أنه حرام.
الشيخ : إبراهيم؟
الطالب : إنما نهي عن قتله لخبثه ..
الشيخ : أمر بقتله.
الطالب : أمر بقتله لخبثه ..
الشيخ : لفسقه وأذاه.
الطالب : فيتعدى المغذي به فيأخذ طبعه.
الشيخ : فيشبه نهيه عن كلّ ذي ناب من السّباع وكلّ ذي مخلب من الطّير لأن الغذاء يؤثّر على المتغذّي، طيّب نعم؟
الطالب : ما اتضح يا شيخ.
الشيخ : وجهه أن هذه التي أمر بقتلها لأذيّتها فإذا أكل منها الإنسان وتغذّى بها ربّما يتأثّر بها فيكون من طبيعته الأذى ونظير هذا أنه نهى عن كلّ ذي مخلب من الطير وكلّ ذي ناب من السّباع، طيب.
الطالب : عندي سؤال يا شيخ؟
الشيخ : ما هو؟
الطالب : ...
الشيخ : الإبل، الإبل ... (( ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون * وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلاّ بشقّ الأنفس )) وقال: (( ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثًا ومتاعًا إلى حين )).
الطالب : ...
الشيخ : أبدًا، ما فيها من الطباع السّيّئة فهو منغمر في جانب المنافع العظيمة، يكون فيها دفء ومنافع، نعم.
قصّة الأرنب التي ذكرها أنس يستفاد منها تواضع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم ما وجه ذلك؟
الطالب : أنه قبل جزء صغير من الأرنب وهو الورك، فلو لم يكن متواضعًا لما قبله.
الشيخ : يعني إذن يؤخذ من هذا الحديث تواضع الرّسول عليه الصلاة والسّلام بكونه قبل أو لكون الصّحابة يهدون له مثل ذلك من غير خجل أو الأمرين جميعًا؟
الطالب : ...
الشيخ : إيش تقولون؟ يعني من الأمرين؟
الطالب : نعم.
الشيخ : طيّب، لماذا جاء به المؤلّف في كتاب الأطعمة؟
الطالب : للدلالة على الحِل.
الشيخ : حلّ إيش؟
الطالب : أكل الأرنب.
الشيخ : حلّ أكل الأرنب، طيّب لو قال قائل لا حاجة إلى ذلك لأنّ الأصل الحلّ؟
الطالب : ...
الشيخ : الأصل الحلّ هذا استدلال بدليل عامّ وهذا دليل خاصّ، والتنصيص على أفراد العموم حتّى لا يدّعي مدّع على أنه لا يدخل فيها، عرفت؟ لأن بعض العلماء بعض الأصوليّين من المتكلّمين المتعمّقين قالوا إن العام لا يدلّ على كلّ أفراده، العامّ لا يدلّ على كلّ أفراده ولكنّه يصدق بواحد من أفراده، وهذا القول لا شكّ أنّه باطل بنصّ الحديث عن الرّسول عليه الصّلاة والسّلام حيث قال في التّشهّد: ( إذا فعلتم ذلك فقد سلّمتم على كلّ عبد صالح في السّماء والأرض ) مع أن الذي يقول: " السّلام علينا وعلى عباد الله الصّالحين " قد لا يقصد بذلك أنه أراد الملائكة ومع ذلك أخذ بالعموم مع أنّ إرادة المتكلّم العموم بذلك قد تكون نادرة. طيب وقفنا وعن أبي عمّار؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نأخذ درس
بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله وسلّم على نبيّنا محمّد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وعن ابن أبي عمار رضي الله عنه قال: ( قلت لجابر: الضبع صيدٌ هو؟ قال: نعم، قلت: قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم ) رواه أحمد والأربعة وصححه البخاري وابن حبان.
الطالب : استفهاميّة.
الشيخ : استفهاميّة، الأول يعني: الضبع صيد هي أو لا؟ وإنما قال أصيد هي؟ لأن الضّبع معروفة أنها ليست من الحيوان الإنسي بل من الحيوان الوحشي، وكلّ حيوان وحشي صيد إذا كان حلالًا، قال: " نعم " أي: هي صيد، قلت: " قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم " قاله أي قال إنّها صيد، ولهذا وجب في صيدها على المحرم شاة ولو كانت غير حلال لم يجب فيها شيء لأنّ غير الحلال لا قيمة له.
فيستفاد من هذا الحديث أنّ عمل السّلف رحمهم الله هو التّساؤل عن الأحكام الشّرعية الأفعال والأعيان، وهذا أمر لا تكاد أدلّته تحصر قال ابن مسعود: ( سألت النّبيّ صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أحبّ إلى الله؟ قال: الصّلاة على وقتها ) والأمثلة على هذا كثيرة هذا سؤال عن الأعمال، وهنا سؤال ابن أبي عمّار عن الأعيان سأل جابرًا الضّبع صيد أم لا؟ وهكذا ينبغي الناس أن يكون همّهم البحث في معرفة حدود الله تعالى وأحكامه حتى يحصل العلم ...