شرح كتاب البيوع-26
تتمة شرح " باب الحوالة والضمان ".
الشيخ : الحوالة هي في الحقيقة من عقود الإرفاق، لكل مِن المحيل، والمحال، والمحال عليه، ولا بد فيها من خمسة أركان: محيل، ومحال، ومحال عليه، وحق محال به، وحق محال عليه، فأركانها خمسة، نعم ؟
الطالب : الصيغة !
الشيخ : نعم الصيغة، خارجة عن هذا الصيغة في الحوالة فلا بد من هذه الأشياء إذن الحوالة تعريفها : " نقل الحق من ذمة إلى أخرى " ، وهي من عقود الإرفاق ، لأن فيها إرفاقاً بالطالب والمطلوب والمحال عليه ، ولا بد فيها من أركان خمسة : محال، ومحيل، ومحال عليه، وحق محال به، وحق محال عليه، ووضحنا لكم كونها من عقود الإرفاق .
أما الضمان: " فهي التزام الشخص ما وجب أو يجب على غيره مما يصح ضمانه، من الحقوق التي يصح ضمانها " ، التزام الشخص ما وجب أو يجب على غيره من الحقوق التي يصح ضمانها ، وهو أيضاً من عقود الإرفاق، وهو مشتق من الضِمن، لأن ذمة المضمون تكون ضمن ذمة الضامن، لأنها تدخل ذمة المضمون في ذمة الضامن ، وذمة الضامن في ذمة المضمون .
وهي من عقود الإرفاق أيضاً لما فيها من التيسير على كل من الطالب والمطلوب .
فإذن الضمان تعريفه : " التزام الشخص ما وجب أو يجب على غيره من الحقوق التي يدخلها الضمان أو يصح بها الضمان " .
مثال التزام ما وجب: أن ترى شخصاً ممسكاً بشخص يريد أن يحاكمه ويخاصمه ويرفعه إلى ولاة الأمور، فتأتي أنت وتحسن، وتقول لهذا الطالب: أنا ضامنٌ ما على فلان، هذا ضمن ما وجب أو ما يجب؟
الطالب : ما وجب .
الشيخ : ضمان ما وجب، ومثال ضمان ما يجب: أن يقول لك شخص: إني أُريد أن أَشترى من فلان سيارة، وهو لا يعرفني، فأريد أن تضمنني في قيمتها، فتكتب له وثيقة بأنني ضامن ما يجب على فلان من قيمة السيارة التي يشتريها من المعرض الفلاني، فهذا ضمان إيش ؟
الطالب : ما يجب .
الشيخ : ضمان ما يجب ، لأن الحق لم يجب بعد ، لكنه سوف يجب ، فالضمان إذن له صورتان :
ضمان ما وجب ، وضمان ما يجب ، وهو من عقود الإرفاق والإحسان ، لأن فيه إرفاقاً بالمضمون عنه.
حكم الحوالة وحكم الضمان سيذكرهما المؤلف .
الطالب : الصيغة !
الشيخ : نعم الصيغة، خارجة عن هذا الصيغة في الحوالة فلا بد من هذه الأشياء إذن الحوالة تعريفها : " نقل الحق من ذمة إلى أخرى " ، وهي من عقود الإرفاق ، لأن فيها إرفاقاً بالطالب والمطلوب والمحال عليه ، ولا بد فيها من أركان خمسة : محال، ومحيل، ومحال عليه، وحق محال به، وحق محال عليه، ووضحنا لكم كونها من عقود الإرفاق .
أما الضمان: " فهي التزام الشخص ما وجب أو يجب على غيره مما يصح ضمانه، من الحقوق التي يصح ضمانها " ، التزام الشخص ما وجب أو يجب على غيره من الحقوق التي يصح ضمانها ، وهو أيضاً من عقود الإرفاق، وهو مشتق من الضِمن، لأن ذمة المضمون تكون ضمن ذمة الضامن، لأنها تدخل ذمة المضمون في ذمة الضامن ، وذمة الضامن في ذمة المضمون .
وهي من عقود الإرفاق أيضاً لما فيها من التيسير على كل من الطالب والمطلوب .
فإذن الضمان تعريفه : " التزام الشخص ما وجب أو يجب على غيره من الحقوق التي يدخلها الضمان أو يصح بها الضمان " .
مثال التزام ما وجب: أن ترى شخصاً ممسكاً بشخص يريد أن يحاكمه ويخاصمه ويرفعه إلى ولاة الأمور، فتأتي أنت وتحسن، وتقول لهذا الطالب: أنا ضامنٌ ما على فلان، هذا ضمن ما وجب أو ما يجب؟
الطالب : ما وجب .
الشيخ : ضمان ما وجب، ومثال ضمان ما يجب: أن يقول لك شخص: إني أُريد أن أَشترى من فلان سيارة، وهو لا يعرفني، فأريد أن تضمنني في قيمتها، فتكتب له وثيقة بأنني ضامن ما يجب على فلان من قيمة السيارة التي يشتريها من المعرض الفلاني، فهذا ضمان إيش ؟
الطالب : ما يجب .
الشيخ : ضمان ما يجب ، لأن الحق لم يجب بعد ، لكنه سوف يجب ، فالضمان إذن له صورتان :
ضمان ما وجب ، وضمان ما يجب ، وهو من عقود الإرفاق والإحسان ، لأن فيه إرفاقاً بالمضمون عنه.
حكم الحوالة وحكم الضمان سيذكرهما المؤلف .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مطل الغني ظلم ، وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع ) . متفق عليه ، و في رواية لأحمد : ( ومن أحيل فليحتل ) .
الشيخ : قال: " عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مطل الغني ظلم، وإذا أُتبع أحدكم على مليء فليتبع ) متفق عليه.
وفي رواية لأحمد: ( من أُحيلَ فَليَحتَلْ ) " :
قوله: ( مطل الغني ظلم ) : المطل هو المنع، يعني مَنع ما يجب على الإنسان دفعه مِن دين يسمى مطلاً، والغني : هنا هو القادر على الوفاء، وإن كان قد يُسمى فقيراً في عُرف الناس ، كرجل عليه مئة درهم وهو لا يملك إلا مائة درهم ، فهذا في عرف الناس في وقتنا الحاضر فقير ، لكنه باعتبار قدرته على الوفاء غني ، فمطل هذا ظلم ، يعني منعه من وفاء الحق الذي عليه ظلم .
والظلم في الأصل في اللغة العربية بمعنى النقص، ومنه قوله تعالى : (( كلتا الجنتين أتت أُكُلها ولم تظلم منه شيئاً )) : أي لم تنقص منه شيئا، وقال تعالى: (( وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين )) : أي ما نقصناهم مما يجب لهم أو مما هو من حقوقهم، ولكن كانوا هم الظالمين .
ثم إن الظلم وإن كان بمعنى النقص إن كان في ترك ما يجب فهو ظلم في واجب، وإن كان في فعل محرم فهو ظلم في محرم ، ظلم في واجب ، لأنك نقصته إذا تركت الواجب ، ظلم في محرم ، لأنك إذا فعلته فقد نقصت الالتزام الذي يجب عليك لله عز وجل.
إذن ظلم نقص، النقص هنا نقص واجب ولا فعل محرم ؟ ( مطل الغني ظلم ) ؟
الطالب : واجب .
الشيخ : نقص واجب ، لأن الواجب على الغني أن يبادر بالوفاء ، فإن لم يفعل فقد نقص ما يجب عليه فكان ظالماً .
صورة المسألة : رجل مدين لشخص بألف درهم ، وهذا الشخص يطلبه : أعطني حقي ، والآخر يماطله يقول : غداً بعد غد بعد غد، نقول : هذا الرجل المطلوب يعتبر ظالماً، لأنه مطل الحق الذي عليه ، أي : منعه مع قدرته على القيام به.
قال: ( وإذا أُتبع أحدكم على مليء فليتبع ) : أُتبع فسرته رواية الإمام أحمد -رحمه الله- وهي قوله: ( مَن أُحيل ) : ومعنى أُتبع أي: طلب منه أن يتبع غيره، أي: أُحيل، يقول عليه الصلاة والسلام: ( مَن أُحيل على مليء ) : المليء مأخوذ من الملاءة أي : على قادر على الوفاء بماله وبدنه وحاله ، يعني معناه أن نقدر على الاستيفاء منه بماله وبدنه وحاله .
أما المال فهو أن يكون واجداً للمال الذي أُحيل به عليه، فإن كان فقيراً مُعدِماً ليس عنده مال فليس بمليء.
قادراً ببدنه أي يمكن أن يحضر لمجلس الحكم عند المحاكمة فيما لو امتنع من الوفاء ، فإن لم يكن إحضاره لسلطته أو قرابته فليس بمليء ، ليس بمليء ، لأنه لا يمكن استيفاء الحق منه.
الثالث: بحاله، بحاله : يعني ألا يكون مماطلاً ، فإن كان غنياً يمكن إحضاره لمجلس الحكم ، لكنه مماطل لا يوفي ، فإنه ليس بمليء ، إذن فالمليء من ؟ الطالب : المليء هو المستطيع .
الشيخ : من يمكن استيفاء الحق منه بماله إيش ؟
الطالب : بدنه.
الشيخ : نعم والثالث ؟
الطالب : حاله .
الشيخ : حاله، طيب بماله أن يكون عنده ما يوفي به، بدنه أي يمكن إحضاره إلى مجلس الحكم عند المحاكمة ، الثالث: حاله أن لا يكون مماطلاً .
فإن كان فقيرا فإنه لا يجب التحول عليه : مثل أن يحيلك شخص على آخر بدراهم تطلبه إياها ، لكن هذا المحال عليه فقير ما عنده مال ، فإنه لا يلزمك أن تتحول ، لأن في ذلك إضرار عليك.
طيب ببدنه : كأن يمكن إحضاره لمجلس الحكم فلو أحالك على أبيك ، قال: أنت تطلبني مائة ريال ، وأنا أطلب أباك مائة ريال ، فأنا حولتك على أبيك فإنه لا يلزمك أن تتحول لماذا ؟
لا يمكن أن تحاكم أباك، لا يمكن أن تحاكم أباك وتحضره إلى مجلس الحكم .
طيب لو أحالك على سلطان فإنه لا يلزمك أن تتحول، لماذا ؟
الطالب : لا يمكن مطالبته .
الشيخ : لأنه لا يمكن مطالبته وإحضاره لمجلس الحكم ، رجل أمير في القرية أو شيخ كبير ، شيخ القبيلة مثلا ما يمكن إحضاره لمجلس الحكم فلا يلزمك أن تتحول ، لو أحالك على شخص معروف بالمماطلة لا يمكن يوفي، يلعب على الناس فإنه لا يلزمك أن تتحول، لأن في ذلك إضراراً بك، إذ قد يستحيل عليك أن تستوفي مالك.
وقوله عليه الصلاة والسلام: ( فليتبع ) : اللام هنا للأمر ، ولام الأمر مكسورة إلا إذا وقعت بعد حرف من حروف العطف التالية : الواو والفاء وثم ، فإنها تكون ساكنة ، قال الله تعالى: (( لينفق ذو سعة من سعته )) : لِينفق مكسورة هنا، (( ومن قدر عليه رزقه فلينفق )) : ولم يقل: فلِينفق، لماذا؟
لأنها أتت بعد الفاء، (( فلينفق مما آتاه الله )) .
وقال تعالى: (( ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم )) : ثم ليقضوا ولم يقل: ثم لِيقضوا لأنها وقعت بعد ثم .
(( ولْيوفوا نذورهم )) ولم يقل: ولِيوفوا، لأنها وقعت بعد الواو .
هنا فلْيتبع : بسكون اللام، لأنها وقعت بعد الفاء ، ومعنى فليتبع أي: فليحتل كما تفسره رواية أحمد .
وهذه اللام قلنا: للأمر، ولكن هل الأمر للوجوب أو الأمر للاستحباب والإرشاد؟
اختلف في هذا أهل العلم :
فمنهم من قال: إن الأمر للاستحباب وليس للوجوب ، لأن صاحب الدين الذي أُحيل يقول: أنا لا أقبل إلا مَن لي عليه الدين، والآخر ليس لي عليه دين ولا سبيل ، فلا يلزمني أن أتحول .
وقال بعض العلماء: بل الأمر للوجوب ، لأنه ذُكر بعد قوله: ( مطل الغني ظلم ) ، فكأنه قال: وتحول المحال على المليء عدل ، والعدل واجب ، وهذا القول الثاني هو المشهور من مذهب الإمام أحمد : على أنه يجب أن يتحول إذا أحيل على مليء ، ولكن جمهور أهل العلم يرون أن التحول ليس بواجب، وأنه من باب حسن الاقتضاء، فإن فعله الإنسان وتحول كان ذلك خيراً ، وكان ذلك أجراً له ، وإن لم يفعل فهو حر، لأنه لا يلزمه أن يستوفي دينه من غير مطلوبه ، أنا مطلوبي فلان فكيف يلزمني أن أتحول وآخذ من زيد .
مثال ذلك: زيد يطلب من عمروً مئة ريال ، وعمرو يطلب بكراً مئة ريال، فقال عمرو لزيد: أحلتك بالمئة التي لك على المئة التي لي عند بكر ، وكان بكرٌ مليئاً فهل يلزم زيداً أن يتحول ؟ أجيبوا ؟
الطالب : على قولين .
الشيخ : على قولين ، على قول من قال: إن اللام في قوله: ( فلْيتبع ) : للوجوب يجب على زيد أن يتحول .
وعلى القول الثاني : لا يجب، ولكنه إذا تحول فله أجر بلا شك ، لأن هذا من حسن الاقتضاء، وربما تناله الرحمة التي دعا بها الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: ( رحم الله امرئً سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى، سمحًا إذا قضى، سمحاً إذا اقتضى ) .
وفي رواية لأحمد: ( من أُحيلَ فَليَحتَلْ ) " :
قوله: ( مطل الغني ظلم ) : المطل هو المنع، يعني مَنع ما يجب على الإنسان دفعه مِن دين يسمى مطلاً، والغني : هنا هو القادر على الوفاء، وإن كان قد يُسمى فقيراً في عُرف الناس ، كرجل عليه مئة درهم وهو لا يملك إلا مائة درهم ، فهذا في عرف الناس في وقتنا الحاضر فقير ، لكنه باعتبار قدرته على الوفاء غني ، فمطل هذا ظلم ، يعني منعه من وفاء الحق الذي عليه ظلم .
والظلم في الأصل في اللغة العربية بمعنى النقص، ومنه قوله تعالى : (( كلتا الجنتين أتت أُكُلها ولم تظلم منه شيئاً )) : أي لم تنقص منه شيئا، وقال تعالى: (( وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين )) : أي ما نقصناهم مما يجب لهم أو مما هو من حقوقهم، ولكن كانوا هم الظالمين .
ثم إن الظلم وإن كان بمعنى النقص إن كان في ترك ما يجب فهو ظلم في واجب، وإن كان في فعل محرم فهو ظلم في محرم ، ظلم في واجب ، لأنك نقصته إذا تركت الواجب ، ظلم في محرم ، لأنك إذا فعلته فقد نقصت الالتزام الذي يجب عليك لله عز وجل.
إذن ظلم نقص، النقص هنا نقص واجب ولا فعل محرم ؟ ( مطل الغني ظلم ) ؟
الطالب : واجب .
الشيخ : نقص واجب ، لأن الواجب على الغني أن يبادر بالوفاء ، فإن لم يفعل فقد نقص ما يجب عليه فكان ظالماً .
صورة المسألة : رجل مدين لشخص بألف درهم ، وهذا الشخص يطلبه : أعطني حقي ، والآخر يماطله يقول : غداً بعد غد بعد غد، نقول : هذا الرجل المطلوب يعتبر ظالماً، لأنه مطل الحق الذي عليه ، أي : منعه مع قدرته على القيام به.
قال: ( وإذا أُتبع أحدكم على مليء فليتبع ) : أُتبع فسرته رواية الإمام أحمد -رحمه الله- وهي قوله: ( مَن أُحيل ) : ومعنى أُتبع أي: طلب منه أن يتبع غيره، أي: أُحيل، يقول عليه الصلاة والسلام: ( مَن أُحيل على مليء ) : المليء مأخوذ من الملاءة أي : على قادر على الوفاء بماله وبدنه وحاله ، يعني معناه أن نقدر على الاستيفاء منه بماله وبدنه وحاله .
أما المال فهو أن يكون واجداً للمال الذي أُحيل به عليه، فإن كان فقيراً مُعدِماً ليس عنده مال فليس بمليء.
قادراً ببدنه أي يمكن أن يحضر لمجلس الحكم عند المحاكمة فيما لو امتنع من الوفاء ، فإن لم يكن إحضاره لسلطته أو قرابته فليس بمليء ، ليس بمليء ، لأنه لا يمكن استيفاء الحق منه.
الثالث: بحاله، بحاله : يعني ألا يكون مماطلاً ، فإن كان غنياً يمكن إحضاره لمجلس الحكم ، لكنه مماطل لا يوفي ، فإنه ليس بمليء ، إذن فالمليء من ؟ الطالب : المليء هو المستطيع .
الشيخ : من يمكن استيفاء الحق منه بماله إيش ؟
الطالب : بدنه.
الشيخ : نعم والثالث ؟
الطالب : حاله .
الشيخ : حاله، طيب بماله أن يكون عنده ما يوفي به، بدنه أي يمكن إحضاره إلى مجلس الحكم عند المحاكمة ، الثالث: حاله أن لا يكون مماطلاً .
فإن كان فقيرا فإنه لا يجب التحول عليه : مثل أن يحيلك شخص على آخر بدراهم تطلبه إياها ، لكن هذا المحال عليه فقير ما عنده مال ، فإنه لا يلزمك أن تتحول ، لأن في ذلك إضرار عليك.
طيب ببدنه : كأن يمكن إحضاره لمجلس الحكم فلو أحالك على أبيك ، قال: أنت تطلبني مائة ريال ، وأنا أطلب أباك مائة ريال ، فأنا حولتك على أبيك فإنه لا يلزمك أن تتحول لماذا ؟
لا يمكن أن تحاكم أباك، لا يمكن أن تحاكم أباك وتحضره إلى مجلس الحكم .
طيب لو أحالك على سلطان فإنه لا يلزمك أن تتحول، لماذا ؟
الطالب : لا يمكن مطالبته .
الشيخ : لأنه لا يمكن مطالبته وإحضاره لمجلس الحكم ، رجل أمير في القرية أو شيخ كبير ، شيخ القبيلة مثلا ما يمكن إحضاره لمجلس الحكم فلا يلزمك أن تتحول ، لو أحالك على شخص معروف بالمماطلة لا يمكن يوفي، يلعب على الناس فإنه لا يلزمك أن تتحول، لأن في ذلك إضراراً بك، إذ قد يستحيل عليك أن تستوفي مالك.
وقوله عليه الصلاة والسلام: ( فليتبع ) : اللام هنا للأمر ، ولام الأمر مكسورة إلا إذا وقعت بعد حرف من حروف العطف التالية : الواو والفاء وثم ، فإنها تكون ساكنة ، قال الله تعالى: (( لينفق ذو سعة من سعته )) : لِينفق مكسورة هنا، (( ومن قدر عليه رزقه فلينفق )) : ولم يقل: فلِينفق، لماذا؟
لأنها أتت بعد الفاء، (( فلينفق مما آتاه الله )) .
وقال تعالى: (( ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم )) : ثم ليقضوا ولم يقل: ثم لِيقضوا لأنها وقعت بعد ثم .
(( ولْيوفوا نذورهم )) ولم يقل: ولِيوفوا، لأنها وقعت بعد الواو .
هنا فلْيتبع : بسكون اللام، لأنها وقعت بعد الفاء ، ومعنى فليتبع أي: فليحتل كما تفسره رواية أحمد .
وهذه اللام قلنا: للأمر، ولكن هل الأمر للوجوب أو الأمر للاستحباب والإرشاد؟
اختلف في هذا أهل العلم :
فمنهم من قال: إن الأمر للاستحباب وليس للوجوب ، لأن صاحب الدين الذي أُحيل يقول: أنا لا أقبل إلا مَن لي عليه الدين، والآخر ليس لي عليه دين ولا سبيل ، فلا يلزمني أن أتحول .
وقال بعض العلماء: بل الأمر للوجوب ، لأنه ذُكر بعد قوله: ( مطل الغني ظلم ) ، فكأنه قال: وتحول المحال على المليء عدل ، والعدل واجب ، وهذا القول الثاني هو المشهور من مذهب الإمام أحمد : على أنه يجب أن يتحول إذا أحيل على مليء ، ولكن جمهور أهل العلم يرون أن التحول ليس بواجب، وأنه من باب حسن الاقتضاء، فإن فعله الإنسان وتحول كان ذلك خيراً ، وكان ذلك أجراً له ، وإن لم يفعل فهو حر، لأنه لا يلزمه أن يستوفي دينه من غير مطلوبه ، أنا مطلوبي فلان فكيف يلزمني أن أتحول وآخذ من زيد .
مثال ذلك: زيد يطلب من عمروً مئة ريال ، وعمرو يطلب بكراً مئة ريال، فقال عمرو لزيد: أحلتك بالمئة التي لك على المئة التي لي عند بكر ، وكان بكرٌ مليئاً فهل يلزم زيداً أن يتحول ؟ أجيبوا ؟
الطالب : على قولين .
الشيخ : على قولين ، على قول من قال: إن اللام في قوله: ( فلْيتبع ) : للوجوب يجب على زيد أن يتحول .
وعلى القول الثاني : لا يجب، ولكنه إذا تحول فله أجر بلا شك ، لأن هذا من حسن الاقتضاء، وربما تناله الرحمة التي دعا بها الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: ( رحم الله امرئً سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى، سمحًا إذا قضى، سمحاً إذا اقتضى ) .
2 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مطل الغني ظلم ، وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع ) . متفق عليه ، و في رواية لأحمد : ( ومن أحيل فليحتل ) . أستمع حفظ
فوائد حديث :( مطل الغني ظلم ، وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع ).
الشيخ : في هذا الحديث فوائد كثيرة:
أولاً: تحريم مطل الغني لقوله: ( مطل الغني ظلم ) ، والظلم حرام لقول الله تعالى: (( إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم )) ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( الظلم ظلمات يوم القيامة ) .
ومن فوائده: أن مطل غير الغني ليس بظلم، يؤخذ من أين ؟
من قوله: ( مطل الغني ) وهذا وصف مناسب للحكم ، وهو كون المطل ظلماً ، فإذا كان مناسباً للحكم كان قيداً فيه ، فعلى هذا فإذا مطل الإنسان الفقير فليس بظالم، بل الظالم من يطلبه لقوله الله تعالى: (( إن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة )) .
ومن فوائد الحديث: أنه إذا لم يُطالب صاحب الحق بحقه فإن تأخير وفائه ليس بظلم، كشخصٍ أقرض شخصاً مئة ريال، ولم يقيده بأجل، ولم يطالبه به، فنقول: ما دام المقرِض لم يطالبك فلستَ بظالم، لماذا؟
لأنك لست بمماطل وهو كذلك، لكن إن عُلم من قرينة الحال أو قرينة المقال أنه مطالب بحقه فإن مطله ظلم ، إذا علم من قرينة الحال : مثل أن نعلم أن هذا الطالب فقير ، لكنه رجل كريم خجول ، ما يطالب أحداً ، فمطله حينئذٍ إيش؟
الطالب : ظلم .
الشيخ : ظلم، لأننا نعلم أن الأمر لو عاد إليه لطالب لكنه رجل خجول وكريم، ولا يحب أن يقول لأحد: أعطني حقي، فإذا منعت حقه فإنك مماطل فتكون ظالماً .
أما لسان المقال : فمثل أن يؤجل الحق إلى أجل، فإن الحق إذا أُجل إلى أجل كان ذلك دليلاً على أن صاحبه يريد وفاءه إذا جاء ذلك الأجل، مثل أن يقول : بعتك هذا الشيء بمئة ريال تحل على رأس محرم في أول يوم من محرم ، فإذا جاء أول يوم من محرم وجب على المشتري أن يسدد، لأن تأجيله إلى هذا الأجل المعين، يعني أنه إذا جاء هذا الأجل وجب على المطلوب أن يوفي الطالب.
طيب ومن فوائد هذا الحديث: إثبات القصاص بين الناس، لأن الظلم لا بد أن يقتص منه صاحبه، أي: المظلوم ، كما جاء في الحديث الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( من تعدون المفلس فيكم؟ قالوا: من لا درهم عنده ولا دينار، أو قالوا: ولا متاع، فقال: المفلس من يأتي بحسنات أمثال الجبال فيأتي وقد ضرب هذا وشتم هذا وأخذ مال هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته فإن بقي من حسناته شيء وإلا أُخذ من سيئاتهم فطرح عليه ثم طرح في النار ) .
فالحق من المحقوق إذا كان ملياً ، ووجه الدلالة من الحديث أنه جعل مطل الغني ظلم فإذا كان ظُلماً كان لصاحب الحق أن يطالب، لأنه صاحب الحق ، وعلى هذا فلا يجوز أن نلوم صاحب الحق إذا طالب بحقه مَن له مطالبته، وما يجري على ألسنة بعض الناس مِن كونهم إذا رأوا الشخص يطالب غيره بحقه لاموه، وقالوا: عنده حلال كثير، يكسر الخشب كما يقولون، ليش يطالبه؟
فنقول: ما دام الحق له فهو غير ملوم، ولهذا جعل الله تعالى من استعمل حقه غير ملوم فقال: (( إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين )) ، فلا يجوز أن يلام شخص يطلب بحق.
ومن فوائد الحديث: جواز الدعاء على المماطل الغني، وأن دعوة من مطله حرية بالإجابة، لأنه إذا ثبت أن مطل الغني ظلم كان الثاني الممطول مظلوماً، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل: ( اتق دعوة المظلوم ، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ) .
ومن فوائد الحديث في قوله: ( وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع ) : جواز الحوالة، وأنها ليست من الربا، لأنها عقد إرفاق فهي كالقرض، ولو كانت عقد معاوضة لم تصح، لأنها بيع دين بدين، ولأنها ربا إذا كانت في أموال ربوية، لكن لما كان المقصود بها الإرفاق صارت جائزة، فاهمين الكلام هذا ولا لا ؟ الكلام هذا مفهوم ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : طيب، أنا أطلب شخصاً مئة ريال وآخر يطلبني مئة ريال، فإذا أحلت الطالب لي على الذي أنا أطلبه جاز ولا لا؟
جاز ، مع أنني لو بعت عليه ما في ذمة المطلوب لي كان البيع حراماً وفاسداً، لأنني بعتُ ديناً بدين، وبيع الدين على غير من هو عليه حرام كما مر علينا، ولأني بعت بدراهم بدراهم بدون قبض، فلا يجوز.
لكن الحوالة تجوز مع أن حقيقتها أنني بادلتك بالدين الذي لي بالدين الذي عليَّ، بادلتك بالدين الذي لي بالدين الذي عليَّ وهذا هو البيع، لكن لما كان المقصود بها الإرفاق صارت جائزة كالقرض، أرأيتَ لو أعطيتك قرضاً مائة ريال ثم أوفيتني بعد شهر أليس هذا جائزاً؟
الطالب : بلى.
الشيخ : طيب ولو اشتريتُ منك مئة ريال بمئة ريال إلى أجل لكان هذا حراماً، والفرق بينهما ظاهر، لأنني في الأول قصدت الإرفاق، وفي الثاني قصدت المعاوضة والاكتساب.
الحوالة نفس الشيء لما كان المقصود بها الإرفاق صارت جائزة، ولو كان المقصود بها المعاوضة صارت حراماً، ولهذا لو أحلتك بفضة على ذهب كان ذلك حراماً، لأن هذه معاوضة، اختلف الجنس، ولو أحلتك ببرٍ على شعير كان ذلك أيضاً حراماً، لأنه معاوضة بيع، ولو أحلتك بمئة على مئتين كان ذلك؟
الطالب : حرام.
الشيخ : حراماً، لأنه صار معاوضة، مثاله: أنت تطلب مني مئة، وأنا أطلب شخصًا مئتين، فقلت: أحلتك بالمئة التي تطلبني على المئتين التي أطلب هذا الشخص، كان ذلك حراماً، لماذا؟
من أجل الزيادة، صار معاوضة الآن، تحولت من إرفاق إلى اكتساب، طيب والعكس لو أحلتك بمئة على ثمانين: الصحيح جوازه، لأن هذا إرفاق وزيادة هذا في الحقيقة إرفاق وزيادة، وليس فيه ربا.
المسألة الأولى: إذا أحلتك بمئة على مئتين فيها ربا، لكن أحلتك بمئة على ثمانين وقبلت هذا في الحقيقة إرفاق وزيادة، إرفاق لأنك قبلت التحول بحقك من ذمتي إلى ذمة فلان.
وزيادة، لأنك إيش؟ أبرأتني وأسقطت عني، فإذا كان يجوز أن أُحيلك بمئة على مئة فجواز أَن أُحيلك بمئة على ثمانين من باب أولى، لأنه إرفاق بلا شك، كما لو كان في ذمتي مئة، وطلبتَ مني ثمانين وأسقطت الباقي فإن الصحيح جوازه فهذا مثلها.
طيب وإن أحلتكَ بثمانين على ثمانين مِن المائة يجوز ولا ما يجوز؟
الطالب : جائز .
الشيخ : أحلتك بثمانين على ثمانين من مئة ؟
الطالب : جائز .
الشيخ : جائز ؟!
الطالب : ما يجوز .
الشيخ : طيب أنتم فاهمين الصورة قبل أن تحكموا ؟
الصورة : أنا أطلب شخصاً ثمانين وأنت تطلبني ثمانين، فأحلتك بالثمانين على ثمانين مِن المئة التي أطلب زيد، من المئة التي أطلب هذا الشخص.
الطالب : يجوز .
الشيخ : هذا يجوز قولاً واحداً هذا جائز قولاً واحداً ، لأنني ما نقصت حقك ولا زدته، ولكنني أحلتك تستوفي بعض حقي الذي في ذمة هذا الشخص.
طيب إذن الحوالة لا بد فيها من اتفاق الدينين جنساً، من أين نأخذها ؟
من أن جوازها إنما هو للإرفاق، فإذا اختلف الجنس صارت؟ أجيبوا يا جماعة ؟
الطالب : معاوضة .
الشيخ : صارت معاوضة فصارت ربا ليست إرفاقاً.
طيب ولو أحلتك بمئة على مئة وعشرين من جنسها كان حراماً لأنه ربا، وعلى هذا فيشترط أيضاً اتفاق الدينين قدراً، فلا يصح أن يُحال بناقص على زائد، يعني يحال بمئة على مائة وعشرين لا يصح.
الطالب : يصح .
الشيخ : لا ، لا يصح أن يحال بمئة على مئة وعشرين ، طيب فإن أحيل بمئة وعشرين على مئة فهذا فيه خلاف بين العلماء، ولكن الصحيح أنه جائز، لأنه لم يخرج عن الإرفاق، بل فيه إرفاق وزيادة .
طيب إذن يشترط اتفاق الدينين قدْرًا ، ولكن هل يجوز أن يحال بناقص على زائد أو بزائد على ناقص ؟
يعني بعبارة أخرى يشترط إتفاق الدينين قدراً فلا يحال بزائد على ناقص ولا بناقص على زائد، بناء على اشتراط هذا الشرط، إلا أن القول الراجح : أنه يجوز إيش؟
الإحالة بزائد على ناقص ، لماذا ؟
لأن هذا إرفاقٌ وزيادة، والرجل المحال لم يقصد المعاوضة ولا التكسب، لو قصد التكسب والمعاوضة ما أخذ ثمانين عن مئة.
طيب هل يُشترط اتفاق الدينين أجلاً فلا يُحال حالٌّ على مؤجل، ولا مؤجل على حال؟
ننظر إذا كان كل من الدينين المحال به وعليه حالاً مع اتفاق الجنس والقدْر فالحوالة جائزة، ولا فيها إشكال، وإذا كان المحال به حالا والمحال عليه مؤجلاً فقد أحلنا بحاضر على مؤجل، أيهما أنقص؟
الطالب : المؤجل .
الشيخ : المؤجل ؟ يعني إذن أحلنا بزائد على ناقص، الإحالة بالزائد على الناقص ؟
الطالب : غير جائزة .
الشيخ : بالزائد على الناقص ؟!
الطالب : جائزة .
الشيخ : جائزة، وعلى هذا فإذا أحلنا بحال على مؤجل لكنه غير زائد، بعني بمائة حالة على مائة مؤجلة فالحوالة ؟
الطالب : جائزة .
الشيخ : جائزة ، فالحوالة جائزة لماذا ؟
لأنها اشتملت على الإرفاق وزيادة، وهذا الرجل المحال لم يقصد المعاوضة، لأنه لو قصد المعاوضة ما أخذ مؤجلاً بحال، إذ لا يُعقل أن أحدًا يأخذ مؤجلاً بحال.
طيب العكس لو أحلنا بمؤجل على حال؟
الطالب : ما يجوز .
الشيخ : بمؤجل على حال !؟ نشوف الآن؟
الطالب : ناقص على زائد !
الشيخ : إي ناقص على زائد، لكنه ليس زائداً قدْراً ، بل هو زائد وصفًا، زائد وصفاً ، زيادة الوصف هذه لمن ؟
للمحيل، فإذا أسقطها فإنه لا بأس بذلك، يعني مثلاً: لو أحال بمؤجل على حال، فالآن المؤجل حق للمحيل، لأنه هو الذي يتوسع إلى صاحب الحق المؤجل عليه، فإذا رضي بإسقاطه فهو كما لو أوفاه قبل الأجل، ومعلوم أنه إذا أوفاه قبل الأجل بدون نقص فإنه جائز قولاً واحدًا ، إذا أوفاه المؤجل حالّاً أعطاه إياه قبل حلول الأجل فهو جائز بالاتفاق.
فهنا إذا قال : والله أنا الحق لي أن يبقى الدين مؤجلا عليّ، لكن أنا مسقط لهذا الحق وأنا أحيلك على فلان وديني عليه حالّ، فإن هذا لا بأس فيه، وإن كان في الحقيقة إحالة بناقص على زائد ، لكن لما كان القدر لا يختلف، وإنما الاختلاف في الوصف، والوصف حق لمن أسقطه كان ذلك جائزاً، هذا هو القول الصحيح، ومن العلماء من يرى أنه لا يصح، فيرى أنه لا بد أن يتساوى الدينان جنساً ووصفاً ووقتاً وقدراً.
طيب لو أَحاله برديء على جيد أو بجيد على رديء فهنا إذا أحاله بجيد على رديء فقد أحاله بكامل ؟
الطالب : على ناقص .
الشيخ : أو بزائد على ناقص فيجوز، لأن المحال أسقط بعض حقه والحق له، وبالعكس لو أحاله برديء على جيد نعم ، فهنا ننظر هل الزيادة هنا في القدر أو بالوصف؟
الطالب : بالوصف .
الشيخ : نشوف ! أحاله بمئة صاع رديئة ، على مئة صاع جيدة ، هنا وصف هنا بالوصف ؟
الطالب : الصاع يختلف ؟
الشيخ : لا الصاع واحدة ، ولهذا يجوز أن تبيع صاعا بصاع ، صاعاً من البر جيداً بصاع من البر رديئا ولا نقول : هذا صاعا بصاعين .
طيب هذا اختلاف في الوصف ، فعلى القاعدة التي أصلنا وأن الاختلاف في الوصف لا يضر ، نقول: هذا لا بأس به ، ولاسيما إذا أُحيل بجيد على رديء هذا لا شك أنه من الإرفاق ، وأنه إسقاط لبعض حقه ، أما إذا أُحيل برديء على جيد فهنا قد نقول أو قد نتوقف في جواز ذلك ، لماذا؟
لأن المحال أخذ أكثر مِن حقه، ولأن الغالب أنَّ المحيل لا يحيل برديء على جيد إلا من أجل إحراج وضغط ، فربما يكون الطالب المحال قد أَحرج المطلوب المحيل وضغط عليه وأراد أن يتخلص منه، ويفتك منه، وقال: أنا أطلب فلانا مئة صاع من البر وأنت تطلبني مئة صاع فأحلتك عليه، فهنا ربما نتوقف فيما إذا أحال بإيش؟
الطالب : برديء على جيد .
الشيخ : برديء على جيد ، أما العكس فلا شك في جوازه.
وقوله: عليه الصلاة والسلام : ( إذا أُتبع أحدكم على مليء فليتبع ) : من فوائده: أنه إذا أُحيل على غير مليء فإنه لا يلزمه الإتباع ، لماذا ؟
لأنه عُلق الحكمُ على وصف مناسب له، فإذا انتفى هذا الوصف الذي عُلق عليه الحكم وهو مناسب له، انتفى إيش؟
انتفى الحكم، ضرورة أن المعلول يتبع العلة، الحكم تابع للعلة وجودًا وعدماً، فإذا أُحيل على غير مليء فهو بالخيار، إن شاء قبل وإن شاء لم يقبل، لأن الحق له، طيب.
من فوائد الحديث: أنه لو كان المحالُ متصرفاً لغيره فهل يجوز أن يحتال مع كون المحال عليه غير مليء أو لا يجوز؟
فاهمين الصورة ؟
الطالب : لو تعيدها .
الشيخ : إنسان يتصرف لغيره كولي اليتيم، وكيل لشخص أحيل على غير مليء فهل يجوز أن يحتال أو لا؟
الطالب : لا يجوز .
الشيخ : لا يجوز، وذلك لأن المتصرف لغيره لا يجوز أن يتصرف إلا بالتي هي أحسن، لقول الله تعالى: (( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن )) ، ومن المعلوم أنه إذا أَحاله الغني على شخص غير مليء فليس هذا بأحسن، بل هو إضرار.
وعلى هذا فنقول: لو أُحيل الوكيل بالدين على شخص غير مليء فإنه لا يجوز له أن يقبل، مثاله: وكلتَ شخصاً يبيع لك سيارة، فباعها على إنسان غني، فقال الغني الذي اشترى السيارة: أنا أحيلك على فلان يقول للوكيل، وكان فلانٌ غير مليء، فهل يجوز للوكيل في هذه الحال أن يقبل ويتحول؟
لا، لأنه يتصرف لغيره، والمتصرف لغيره يجب أن يكون تصرفه بما هو أحسن، ولا يجوز أن يتصرف بما فيه الضرر.
طيب لو كان لنفسه لو كان هذا الذي باع السيارة باعها لنفسه السيارة له فهل يجوز أن يتحول على غير مليء؟
الطالب : نعم .
الشيخ : نعم يجوز ، يجوز أن يتحول على غير مليء .
طيب وفي هذا الحديث: دليل على مراعاة الحقوق، وأن هذه الشريعة الإسلامية كاملة في مراعاة الحقوق فالأول: في القضاء، الجملة الأولى: ( مطل الغني ظلم ) .
والثانية: في الاقتضاء ، ( من أحيل فليحتل ) ، ففي الأولى مراعاة جانب القضاء وأنه يجب على الإنسان أن يقض الدين ولا يماطل، وفي الثانية مراعاة جانب الاقتضاء، وأنه ينبغي للإنسان أن يكون سهلاً فيقتضي حقه ممن عليه الحق وممن أحيل عليه إما ممن عليه الحق، وإما ممن أحيل عليه، فالشريعة الإسلامية لكمالها تراعي الجانبين جانب القضاء وجانب الاقتضاء، وفي كل منهما بينة الحق في هذا وهذا ، والله الموفق.
أولاً: تحريم مطل الغني لقوله: ( مطل الغني ظلم ) ، والظلم حرام لقول الله تعالى: (( إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم )) ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( الظلم ظلمات يوم القيامة ) .
ومن فوائده: أن مطل غير الغني ليس بظلم، يؤخذ من أين ؟
من قوله: ( مطل الغني ) وهذا وصف مناسب للحكم ، وهو كون المطل ظلماً ، فإذا كان مناسباً للحكم كان قيداً فيه ، فعلى هذا فإذا مطل الإنسان الفقير فليس بظالم، بل الظالم من يطلبه لقوله الله تعالى: (( إن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة )) .
ومن فوائد الحديث: أنه إذا لم يُطالب صاحب الحق بحقه فإن تأخير وفائه ليس بظلم، كشخصٍ أقرض شخصاً مئة ريال، ولم يقيده بأجل، ولم يطالبه به، فنقول: ما دام المقرِض لم يطالبك فلستَ بظالم، لماذا؟
لأنك لست بمماطل وهو كذلك، لكن إن عُلم من قرينة الحال أو قرينة المقال أنه مطالب بحقه فإن مطله ظلم ، إذا علم من قرينة الحال : مثل أن نعلم أن هذا الطالب فقير ، لكنه رجل كريم خجول ، ما يطالب أحداً ، فمطله حينئذٍ إيش؟
الطالب : ظلم .
الشيخ : ظلم، لأننا نعلم أن الأمر لو عاد إليه لطالب لكنه رجل خجول وكريم، ولا يحب أن يقول لأحد: أعطني حقي، فإذا منعت حقه فإنك مماطل فتكون ظالماً .
أما لسان المقال : فمثل أن يؤجل الحق إلى أجل، فإن الحق إذا أُجل إلى أجل كان ذلك دليلاً على أن صاحبه يريد وفاءه إذا جاء ذلك الأجل، مثل أن يقول : بعتك هذا الشيء بمئة ريال تحل على رأس محرم في أول يوم من محرم ، فإذا جاء أول يوم من محرم وجب على المشتري أن يسدد، لأن تأجيله إلى هذا الأجل المعين، يعني أنه إذا جاء هذا الأجل وجب على المطلوب أن يوفي الطالب.
طيب ومن فوائد هذا الحديث: إثبات القصاص بين الناس، لأن الظلم لا بد أن يقتص منه صاحبه، أي: المظلوم ، كما جاء في الحديث الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( من تعدون المفلس فيكم؟ قالوا: من لا درهم عنده ولا دينار، أو قالوا: ولا متاع، فقال: المفلس من يأتي بحسنات أمثال الجبال فيأتي وقد ضرب هذا وشتم هذا وأخذ مال هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته فإن بقي من حسناته شيء وإلا أُخذ من سيئاتهم فطرح عليه ثم طرح في النار ) .
فالحق من المحقوق إذا كان ملياً ، ووجه الدلالة من الحديث أنه جعل مطل الغني ظلم فإذا كان ظُلماً كان لصاحب الحق أن يطالب، لأنه صاحب الحق ، وعلى هذا فلا يجوز أن نلوم صاحب الحق إذا طالب بحقه مَن له مطالبته، وما يجري على ألسنة بعض الناس مِن كونهم إذا رأوا الشخص يطالب غيره بحقه لاموه، وقالوا: عنده حلال كثير، يكسر الخشب كما يقولون، ليش يطالبه؟
فنقول: ما دام الحق له فهو غير ملوم، ولهذا جعل الله تعالى من استعمل حقه غير ملوم فقال: (( إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين )) ، فلا يجوز أن يلام شخص يطلب بحق.
ومن فوائد الحديث: جواز الدعاء على المماطل الغني، وأن دعوة من مطله حرية بالإجابة، لأنه إذا ثبت أن مطل الغني ظلم كان الثاني الممطول مظلوماً، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل: ( اتق دعوة المظلوم ، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ) .
ومن فوائد الحديث في قوله: ( وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع ) : جواز الحوالة، وأنها ليست من الربا، لأنها عقد إرفاق فهي كالقرض، ولو كانت عقد معاوضة لم تصح، لأنها بيع دين بدين، ولأنها ربا إذا كانت في أموال ربوية، لكن لما كان المقصود بها الإرفاق صارت جائزة، فاهمين الكلام هذا ولا لا ؟ الكلام هذا مفهوم ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : طيب، أنا أطلب شخصاً مئة ريال وآخر يطلبني مئة ريال، فإذا أحلت الطالب لي على الذي أنا أطلبه جاز ولا لا؟
جاز ، مع أنني لو بعت عليه ما في ذمة المطلوب لي كان البيع حراماً وفاسداً، لأنني بعتُ ديناً بدين، وبيع الدين على غير من هو عليه حرام كما مر علينا، ولأني بعت بدراهم بدراهم بدون قبض، فلا يجوز.
لكن الحوالة تجوز مع أن حقيقتها أنني بادلتك بالدين الذي لي بالدين الذي عليَّ، بادلتك بالدين الذي لي بالدين الذي عليَّ وهذا هو البيع، لكن لما كان المقصود بها الإرفاق صارت جائزة كالقرض، أرأيتَ لو أعطيتك قرضاً مائة ريال ثم أوفيتني بعد شهر أليس هذا جائزاً؟
الطالب : بلى.
الشيخ : طيب ولو اشتريتُ منك مئة ريال بمئة ريال إلى أجل لكان هذا حراماً، والفرق بينهما ظاهر، لأنني في الأول قصدت الإرفاق، وفي الثاني قصدت المعاوضة والاكتساب.
الحوالة نفس الشيء لما كان المقصود بها الإرفاق صارت جائزة، ولو كان المقصود بها المعاوضة صارت حراماً، ولهذا لو أحلتك بفضة على ذهب كان ذلك حراماً، لأن هذه معاوضة، اختلف الجنس، ولو أحلتك ببرٍ على شعير كان ذلك أيضاً حراماً، لأنه معاوضة بيع، ولو أحلتك بمئة على مئتين كان ذلك؟
الطالب : حرام.
الشيخ : حراماً، لأنه صار معاوضة، مثاله: أنت تطلب مني مئة، وأنا أطلب شخصًا مئتين، فقلت: أحلتك بالمئة التي تطلبني على المئتين التي أطلب هذا الشخص، كان ذلك حراماً، لماذا؟
من أجل الزيادة، صار معاوضة الآن، تحولت من إرفاق إلى اكتساب، طيب والعكس لو أحلتك بمئة على ثمانين: الصحيح جوازه، لأن هذا إرفاق وزيادة هذا في الحقيقة إرفاق وزيادة، وليس فيه ربا.
المسألة الأولى: إذا أحلتك بمئة على مئتين فيها ربا، لكن أحلتك بمئة على ثمانين وقبلت هذا في الحقيقة إرفاق وزيادة، إرفاق لأنك قبلت التحول بحقك من ذمتي إلى ذمة فلان.
وزيادة، لأنك إيش؟ أبرأتني وأسقطت عني، فإذا كان يجوز أن أُحيلك بمئة على مئة فجواز أَن أُحيلك بمئة على ثمانين من باب أولى، لأنه إرفاق بلا شك، كما لو كان في ذمتي مئة، وطلبتَ مني ثمانين وأسقطت الباقي فإن الصحيح جوازه فهذا مثلها.
طيب وإن أحلتكَ بثمانين على ثمانين مِن المائة يجوز ولا ما يجوز؟
الطالب : جائز .
الشيخ : أحلتك بثمانين على ثمانين من مئة ؟
الطالب : جائز .
الشيخ : جائز ؟!
الطالب : ما يجوز .
الشيخ : طيب أنتم فاهمين الصورة قبل أن تحكموا ؟
الصورة : أنا أطلب شخصاً ثمانين وأنت تطلبني ثمانين، فأحلتك بالثمانين على ثمانين مِن المئة التي أطلب زيد، من المئة التي أطلب هذا الشخص.
الطالب : يجوز .
الشيخ : هذا يجوز قولاً واحداً هذا جائز قولاً واحداً ، لأنني ما نقصت حقك ولا زدته، ولكنني أحلتك تستوفي بعض حقي الذي في ذمة هذا الشخص.
طيب إذن الحوالة لا بد فيها من اتفاق الدينين جنساً، من أين نأخذها ؟
من أن جوازها إنما هو للإرفاق، فإذا اختلف الجنس صارت؟ أجيبوا يا جماعة ؟
الطالب : معاوضة .
الشيخ : صارت معاوضة فصارت ربا ليست إرفاقاً.
طيب ولو أحلتك بمئة على مئة وعشرين من جنسها كان حراماً لأنه ربا، وعلى هذا فيشترط أيضاً اتفاق الدينين قدراً، فلا يصح أن يُحال بناقص على زائد، يعني يحال بمئة على مائة وعشرين لا يصح.
الطالب : يصح .
الشيخ : لا ، لا يصح أن يحال بمئة على مئة وعشرين ، طيب فإن أحيل بمئة وعشرين على مئة فهذا فيه خلاف بين العلماء، ولكن الصحيح أنه جائز، لأنه لم يخرج عن الإرفاق، بل فيه إرفاق وزيادة .
طيب إذن يشترط اتفاق الدينين قدْرًا ، ولكن هل يجوز أن يحال بناقص على زائد أو بزائد على ناقص ؟
يعني بعبارة أخرى يشترط إتفاق الدينين قدراً فلا يحال بزائد على ناقص ولا بناقص على زائد، بناء على اشتراط هذا الشرط، إلا أن القول الراجح : أنه يجوز إيش؟
الإحالة بزائد على ناقص ، لماذا ؟
لأن هذا إرفاقٌ وزيادة، والرجل المحال لم يقصد المعاوضة ولا التكسب، لو قصد التكسب والمعاوضة ما أخذ ثمانين عن مئة.
طيب هل يُشترط اتفاق الدينين أجلاً فلا يُحال حالٌّ على مؤجل، ولا مؤجل على حال؟
ننظر إذا كان كل من الدينين المحال به وعليه حالاً مع اتفاق الجنس والقدْر فالحوالة جائزة، ولا فيها إشكال، وإذا كان المحال به حالا والمحال عليه مؤجلاً فقد أحلنا بحاضر على مؤجل، أيهما أنقص؟
الطالب : المؤجل .
الشيخ : المؤجل ؟ يعني إذن أحلنا بزائد على ناقص، الإحالة بالزائد على الناقص ؟
الطالب : غير جائزة .
الشيخ : بالزائد على الناقص ؟!
الطالب : جائزة .
الشيخ : جائزة، وعلى هذا فإذا أحلنا بحال على مؤجل لكنه غير زائد، بعني بمائة حالة على مائة مؤجلة فالحوالة ؟
الطالب : جائزة .
الشيخ : جائزة ، فالحوالة جائزة لماذا ؟
لأنها اشتملت على الإرفاق وزيادة، وهذا الرجل المحال لم يقصد المعاوضة، لأنه لو قصد المعاوضة ما أخذ مؤجلاً بحال، إذ لا يُعقل أن أحدًا يأخذ مؤجلاً بحال.
طيب العكس لو أحلنا بمؤجل على حال؟
الطالب : ما يجوز .
الشيخ : بمؤجل على حال !؟ نشوف الآن؟
الطالب : ناقص على زائد !
الشيخ : إي ناقص على زائد، لكنه ليس زائداً قدْراً ، بل هو زائد وصفًا، زائد وصفاً ، زيادة الوصف هذه لمن ؟
للمحيل، فإذا أسقطها فإنه لا بأس بذلك، يعني مثلاً: لو أحال بمؤجل على حال، فالآن المؤجل حق للمحيل، لأنه هو الذي يتوسع إلى صاحب الحق المؤجل عليه، فإذا رضي بإسقاطه فهو كما لو أوفاه قبل الأجل، ومعلوم أنه إذا أوفاه قبل الأجل بدون نقص فإنه جائز قولاً واحدًا ، إذا أوفاه المؤجل حالّاً أعطاه إياه قبل حلول الأجل فهو جائز بالاتفاق.
فهنا إذا قال : والله أنا الحق لي أن يبقى الدين مؤجلا عليّ، لكن أنا مسقط لهذا الحق وأنا أحيلك على فلان وديني عليه حالّ، فإن هذا لا بأس فيه، وإن كان في الحقيقة إحالة بناقص على زائد ، لكن لما كان القدر لا يختلف، وإنما الاختلاف في الوصف، والوصف حق لمن أسقطه كان ذلك جائزاً، هذا هو القول الصحيح، ومن العلماء من يرى أنه لا يصح، فيرى أنه لا بد أن يتساوى الدينان جنساً ووصفاً ووقتاً وقدراً.
طيب لو أَحاله برديء على جيد أو بجيد على رديء فهنا إذا أحاله بجيد على رديء فقد أحاله بكامل ؟
الطالب : على ناقص .
الشيخ : أو بزائد على ناقص فيجوز، لأن المحال أسقط بعض حقه والحق له، وبالعكس لو أحاله برديء على جيد نعم ، فهنا ننظر هل الزيادة هنا في القدر أو بالوصف؟
الطالب : بالوصف .
الشيخ : نشوف ! أحاله بمئة صاع رديئة ، على مئة صاع جيدة ، هنا وصف هنا بالوصف ؟
الطالب : الصاع يختلف ؟
الشيخ : لا الصاع واحدة ، ولهذا يجوز أن تبيع صاعا بصاع ، صاعاً من البر جيداً بصاع من البر رديئا ولا نقول : هذا صاعا بصاعين .
طيب هذا اختلاف في الوصف ، فعلى القاعدة التي أصلنا وأن الاختلاف في الوصف لا يضر ، نقول: هذا لا بأس به ، ولاسيما إذا أُحيل بجيد على رديء هذا لا شك أنه من الإرفاق ، وأنه إسقاط لبعض حقه ، أما إذا أُحيل برديء على جيد فهنا قد نقول أو قد نتوقف في جواز ذلك ، لماذا؟
لأن المحال أخذ أكثر مِن حقه، ولأن الغالب أنَّ المحيل لا يحيل برديء على جيد إلا من أجل إحراج وضغط ، فربما يكون الطالب المحال قد أَحرج المطلوب المحيل وضغط عليه وأراد أن يتخلص منه، ويفتك منه، وقال: أنا أطلب فلانا مئة صاع من البر وأنت تطلبني مئة صاع فأحلتك عليه، فهنا ربما نتوقف فيما إذا أحال بإيش؟
الطالب : برديء على جيد .
الشيخ : برديء على جيد ، أما العكس فلا شك في جوازه.
وقوله: عليه الصلاة والسلام : ( إذا أُتبع أحدكم على مليء فليتبع ) : من فوائده: أنه إذا أُحيل على غير مليء فإنه لا يلزمه الإتباع ، لماذا ؟
لأنه عُلق الحكمُ على وصف مناسب له، فإذا انتفى هذا الوصف الذي عُلق عليه الحكم وهو مناسب له، انتفى إيش؟
انتفى الحكم، ضرورة أن المعلول يتبع العلة، الحكم تابع للعلة وجودًا وعدماً، فإذا أُحيل على غير مليء فهو بالخيار، إن شاء قبل وإن شاء لم يقبل، لأن الحق له، طيب.
من فوائد الحديث: أنه لو كان المحالُ متصرفاً لغيره فهل يجوز أن يحتال مع كون المحال عليه غير مليء أو لا يجوز؟
فاهمين الصورة ؟
الطالب : لو تعيدها .
الشيخ : إنسان يتصرف لغيره كولي اليتيم، وكيل لشخص أحيل على غير مليء فهل يجوز أن يحتال أو لا؟
الطالب : لا يجوز .
الشيخ : لا يجوز، وذلك لأن المتصرف لغيره لا يجوز أن يتصرف إلا بالتي هي أحسن، لقول الله تعالى: (( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن )) ، ومن المعلوم أنه إذا أَحاله الغني على شخص غير مليء فليس هذا بأحسن، بل هو إضرار.
وعلى هذا فنقول: لو أُحيل الوكيل بالدين على شخص غير مليء فإنه لا يجوز له أن يقبل، مثاله: وكلتَ شخصاً يبيع لك سيارة، فباعها على إنسان غني، فقال الغني الذي اشترى السيارة: أنا أحيلك على فلان يقول للوكيل، وكان فلانٌ غير مليء، فهل يجوز للوكيل في هذه الحال أن يقبل ويتحول؟
لا، لأنه يتصرف لغيره، والمتصرف لغيره يجب أن يكون تصرفه بما هو أحسن، ولا يجوز أن يتصرف بما فيه الضرر.
طيب لو كان لنفسه لو كان هذا الذي باع السيارة باعها لنفسه السيارة له فهل يجوز أن يتحول على غير مليء؟
الطالب : نعم .
الشيخ : نعم يجوز ، يجوز أن يتحول على غير مليء .
طيب وفي هذا الحديث: دليل على مراعاة الحقوق، وأن هذه الشريعة الإسلامية كاملة في مراعاة الحقوق فالأول: في القضاء، الجملة الأولى: ( مطل الغني ظلم ) .
والثانية: في الاقتضاء ، ( من أحيل فليحتل ) ، ففي الأولى مراعاة جانب القضاء وأنه يجب على الإنسان أن يقض الدين ولا يماطل، وفي الثانية مراعاة جانب الاقتضاء، وأنه ينبغي للإنسان أن يكون سهلاً فيقتضي حقه ممن عليه الحق وممن أحيل عليه إما ممن عليه الحق، وإما ممن أحيل عليه، فالشريعة الإسلامية لكمالها تراعي الجانبين جانب القضاء وجانب الاقتضاء، وفي كل منهما بينة الحق في هذا وهذا ، والله الموفق.
مناقشة ما سبق.
الطالب : دين من ذمة ؟
الشيخ : نقل !
الطالب : نقل الدين من ذمة إلى ذمة .
الشيخ : طيب إذن هي مأخوذة من التحول؟
الطالب : نعم .
الشيخ : طيب ، الضمان هداية الله ؟
الطالب : الضمان : وهو التزام ما هو على غيره !
الشيخ : ما .
الطالب : ما وجب على غيره على الذمة ، بحقوق على ذمة .
الشيخ : في بعد تعريف لأن التزام ما وجب !
الطالب : ما يجب وما وجب .
الشيخ : ما وجب أو يجب على غيره .
الطالب : نعم
الشيخ : طيب هذان العقدان من أي أنواع العقود يا آدم ؟ من أي أنواع العقود ؟
الطالب : أنواع العقود ؟
الشيخ : نعم ، لأن العقود معاوضات وتبرعات ومنافع يعني متنوعة ، هذه من أي العقود ؟
الطالب : مثلاً إذا !
الشيخ : ما هو مثلاً .
الطالب : الحوالة إلى !
الشيخ : لا من أي أنواع العقود ؟
الطالب : من عقود الرحمة والإشفاق .
الشيخ : هذا بالنسبة لإيش ؟ بالنسبة للحوالة ، بالنسبة للضمان ؟
الطالب : من عقود الإرفاق .
الشيخ : وغيره ، والتوثقة ، الإرفاق والتوثقة ، لأن صاحب الحق يتوثق بحقه بواسطة الضامن .
طيب ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مطل الغني ظلم ) ، مَن المراد بالغني هنا ؟ الأخ إي نعم ؟
الطالب : الغني من يملك مالاً .
الشيخ : من يملك مالاً ، لا، نعم؟
الطالب : القادر على الوفاء .
الشيخ : القادر على الوفاء، فمثلاً إذا كان الدين الذي عليه مليون ريال، وعنده تسع مئة ألف ريال فهل هو غني أو لا ؟ الأخ الذي أجاب ؟
الطالب : ليس غني .
الشيخ : ليش؟
الطالب : لأنه ليس قادر على الدين.
الشيخ : ليس قادراً ، لكنه غني بالنسبة للتسعمئة وبالنسبة للمليون غير غني ، متى يتحقق المطل يا خالد ؟
الطالب : يتحقق المطل ؟
الشيخ : نعم .
الطالب : إذا كان الماطل غنياً .
الشيخ : لا المطل حتى من الفقير ، لكن متى يتحقق المطل ؟
الطالب : إذا طالب صاحب الحق بحقه .
الشيخ : هذا واحد .
الطالب : وإذا أجل إلى أجل وحان هذا الأجل .
الشيخ : نعم ، وإذا كان مؤجلاً وحل الأجل ولم يوف فقد تحققت المماطلة .طيب يلا يا بندر مع السكوت يعني إذا سكت صاحب الدين عن المدين هل نقول إن المدين مماطل ؟
الطالب : لا ليس مماطل .
الشيخ : ليس مماطل ، نعم لأنه مستعد للوفاء ، إذن ليس بظالم ، لكن لا شك أن الأفضل أن يبادر بقضاء الدين .
قوله : ( إذا أُتبع أحدكم على مليء ) أتبع معناها؟
الطالب : إذا أحيل .
الشيخ : إذا أُحيل ، ما الذي يدل على أن معنى أُتبع أُحيل؟
الطالب : رواية الإمام أحمد .
الشيخ : رواية الإمام أحمد : ( مَن أُحيل فليحتل ) .
طيب المليء يا أحمد ، في قوله : ( على مليء ) : إذا أحيل أحدكم على مليء ؟
الطالب : الغني القادر .
الشيخ : بإيش؟
الطالب : بماله .
الشيخ : بماله ويش بعد؟ أو ما حضرت ؟ إي طيب فهد؟
الطالب : بماله .
الشيخ : نعم ، ويش بعد .
الطالب : بماله وحاله .
الشيخ : بماله وحاله .
الطالب : وبدنه .
الشيخ : وبدنه زين صح ، فإن أحيل على فقير الأخ ؟
الطالب : ما يثبت .
الشيخ : لا لا، إي أنت !
الطالب : إذا أحيل على فقير ؟
الشيخ : إي نعم ، هل يلزمه التحول أو لا ؟
الطالب : لا يلزمه .
الشيخ : كيف ما يلزمه ؟
الطالب : لأنه أحيل على فقير .
الشيخ : والحديث إيش يقول ؟
الطالب : ( إذا أُتبع أحدكم إلى مليء ) .
الشيخ : ( على مليء ) ، طيب يلا يا ثنيان : إذا أُحيل على سلطان كأمير ووزير وملك هل يلزمه أن يتحول ؟
الطالب : لا يجب عليه .
الشيخ : لماذا ؟
الطالب : لأنه لا يمكن إحضاره إلى مجلس الحكم .
الشيخ : فهو غير مليء ، لا يمكن إحضاره إلى مجلس الحكم ، طيب إذا أحيل على أبيه حجاج ؟
الطالب : لا يلزم .
الشيخ : إيش؟
الطالب : لا يلزم .
الشيخ : لا يلزمه ؟
الطالب : لا يلزمه .
الشيخ : التحول ؟
الطالب : إي .
الشيخ : لماذا؟
الطالب : لأنه لا يمكن أن يحضر أباه إلى !
الشيخ : إلى مجلس الحكم صح ، طيب ، إذا أحيل على مماطل الأخ؟
الطالب : لا يلزمه .
الشيخ : لا يلزمه الاحتيال ليش؟
الطالب : لأنه لا يلتزم .
الشيخ : من نأخذه من الحديث ؟
الطالب : على مليء .
الشيخ : من قوله : ( على مليء ) لأن هذا ليس بمليء حيث أنه ؟
الطالب : مماطل .
الشيخ : مماطل طيب ، اللام في قوله: فليتبع يا أحمد ؟
الطالب : لام الأمر .
الشيخ : لام الأمر ؟! طيب الأمر هنا للوجوب ولا للاستحباب ؟
الطالب : للوجوب .
الشيخ : للوجوب، طيب ما الدليل؟
الطالب : لأن الأمر !
الشيخ : لأن الأصل في الأمر الوجوب ، ومن ادَّعى الأصل فلا يقال ما دليلك ، طيب هل هناك قول آخر في هذه المسألة ؟
الطالب : قول أن الأمر فيه للارشاد .
الشيخ : الأمر للإرشاد والاستحباب ، نعم ، طيب ما الذي صرفه عن الوجوب على رأي الجمهور ؟
الطالب : لأن هذا عقد الدين لا يُلزم بأن يستوفيه من المحال عليه .
الشيخ : لأنه نقل حق من ذمة إلى أخرى فلا يُلزم صاحب الحق بنقل الحق الذي له من ذمة إلى ذمة أخرى ، لكن يُؤمر به استحباباً طيب .
وأخذنا فوائد في الواقع مهمة ، وهي : أنه يشترط في الحوالة اتفاق الدينين جنساً مثل أن يحيل ؟
الطالب : مثل لو كان عليه دين شعير فأحاله على بر .
الشيخ : لا ، هذا اتفقا جنسا ؟! هل تجوز الحوالة هذه ولا ما تجوز ؟!
الطالب : ما تجوز .
الشيخ : لماذا ؟
الطالب : لأنها لم تتفق .
الشيخ : لاختلاف الجنس .
الطالب : نعم .
الشيخ : إذن اتفاق الدينين جنساً مثل أن يحيله بالبر ؟
الطالب : على بر .
الشيخ : على بر طيب ، ثانياً الأخ الذي على الجدار هذا أنت صاحب !
الطالب : أنا ؟
الشيخ : إي نعم ، الثاني اتفاق الدينين ؟ ها ما حضرت !
الطالب : ما سمعت .
الشيخ : يشترط لصحة الحوالة اتفاق الدينين جنساً ، والثاني اتفاق الدينين ؟ يلا ما حضرت !
الطالب : لا ، حضرت .
الشيخ : طيب يا أخي طالب العلم إذا حضر لازم يلاحظ ويش الذي حصَّل !
الطالب : اتفاق الدينين قدراً .
الشيخ : قدراً ، طيب مثاله ؟
الطالب : مثاله : رجل عليه مئة ريال بمئة .
الشيخ : إنسان عليه مئة ريال أو درهم ، أحال بها على شخص آخر يطلبه مئة درهم ، طيب إن اختلفا قدراً ؟ زهير ؟
الطالب : إذا اختلفا قدراً هناك تفصيل .
الشيخ : هناك تفصيل ما هو ؟
الطالب : إن كان القدر المحال عليه أقل من قدر المحيل فيجب .
الشيخ : يعني إن أحال بزائد على ناقص ؟ فهذا جائز ؟
الطالب : لا .
الشيخ : جائز !
الطالب : أحال بزائد على ناقص فهذا جائز .
الشيخ : بزائد على ناقص فهذا جائز ، مثل ؟
الطالب : مثل عليه مئة ريال ويطلب شخصاً آخر ثمانين .
الشيخ : يطلب شخصاً آخر ثمانين .
الطالب : فأحال عليه !
الشيخ : أحال صاحب المئة ؟
الطالب : على الثمانين .
الشيخ : على صاحب الثمانين ، طيب كيف جاز مع اختلاف القدر ؟
الطالب : لأن هنا ليس على سبيل المعاوضة ، وإنما على سبيل الإرفاق .
الشيخ : الإرفاق والتنزيل من الحق ، طيب الناقص على الزائد ؟ الأخ ! إي نعم !
الطالب : ما حضرت .
الشيخ : ما حضرت طيب ، رشاد ما حضرت الأخ ؟
الطالب : الناقص على الزائد ؟
الشيخ : إي نعم ، ما حضرت ؟
الطالب : حاضر يا شيخ .
الشيخ : ها إي .
الطالب : ...
الشيخ : مثل ؟
الطالب : مثل لزيد على بكر مئة ، ولبكر على خالد مئتين ، ويحول زيد إلى خالد بمئتين .
الشيخ : أحسنت ، هذا لا يجوز لأنه ربا ، تمام ، بارك الله فيك .
الطالب : الشرط الثالث ؟
الشيخ : وصفاً وصفاً ، الشرط الثالث : اتفاقهما وصفاً ، نعم ، إي نعم .
الطالب : ...
الشيخ : وصفاً مثل !
الطالب : لو أحال ببر !
الشيخ : جيد .
الطالب : على بر رديء .
الشيخ : رديء طيب والعكس ؟
الطالب : والعكس لا يؤثر لأن القدر متساوي .
الشيخ : أحال برديء على جيد ؟
الطالب : يكون من باب الزيادرة يعني .
الشيخ : كيف من باب الزيادة ؟
الطالب : من باب الزيادة .
الشيخ : هل يجوز أو لا يجوز؟
الطالب : يجوز .
الشيخ : يجوز .
الطالب : بشرط الزيادة يا شيخ .
الشيخ : ها ؟
الطالب : وقفنا فيه .
الشيخ : طيب نحن ذكرنا أن هذا محل توقف ، لأنه من جهة القدر لم يزد ، لكن من جهة الوصف زاد ، ولكنا قلنا : إن قلنا بالجواز فوجهه أن هذا المطلوب تنازل عن زيادة الصفة ، وإن قلنا بالمنع قلنا إن هذا يشبه الربا وتوقفنا في هذا ، طيب .
نكمل بقية الكلام على الحديث ها ؟
الطالب : الأجل .
الشيخ : طيب توقفنا في الأجل وأن يكون الأجل واحداً ، ولكنه يصح في حالٍّ على مؤجل، طيب وبمؤجل على الحال ؟
الطالب : كذلك .
الشيخ : نعم كذلك فيه إسقاط ، نكمل بقية الكلام على الحديث .
الشيخ : نقل !
الطالب : نقل الدين من ذمة إلى ذمة .
الشيخ : طيب إذن هي مأخوذة من التحول؟
الطالب : نعم .
الشيخ : طيب ، الضمان هداية الله ؟
الطالب : الضمان : وهو التزام ما هو على غيره !
الشيخ : ما .
الطالب : ما وجب على غيره على الذمة ، بحقوق على ذمة .
الشيخ : في بعد تعريف لأن التزام ما وجب !
الطالب : ما يجب وما وجب .
الشيخ : ما وجب أو يجب على غيره .
الطالب : نعم
الشيخ : طيب هذان العقدان من أي أنواع العقود يا آدم ؟ من أي أنواع العقود ؟
الطالب : أنواع العقود ؟
الشيخ : نعم ، لأن العقود معاوضات وتبرعات ومنافع يعني متنوعة ، هذه من أي العقود ؟
الطالب : مثلاً إذا !
الشيخ : ما هو مثلاً .
الطالب : الحوالة إلى !
الشيخ : لا من أي أنواع العقود ؟
الطالب : من عقود الرحمة والإشفاق .
الشيخ : هذا بالنسبة لإيش ؟ بالنسبة للحوالة ، بالنسبة للضمان ؟
الطالب : من عقود الإرفاق .
الشيخ : وغيره ، والتوثقة ، الإرفاق والتوثقة ، لأن صاحب الحق يتوثق بحقه بواسطة الضامن .
طيب ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مطل الغني ظلم ) ، مَن المراد بالغني هنا ؟ الأخ إي نعم ؟
الطالب : الغني من يملك مالاً .
الشيخ : من يملك مالاً ، لا، نعم؟
الطالب : القادر على الوفاء .
الشيخ : القادر على الوفاء، فمثلاً إذا كان الدين الذي عليه مليون ريال، وعنده تسع مئة ألف ريال فهل هو غني أو لا ؟ الأخ الذي أجاب ؟
الطالب : ليس غني .
الشيخ : ليش؟
الطالب : لأنه ليس قادر على الدين.
الشيخ : ليس قادراً ، لكنه غني بالنسبة للتسعمئة وبالنسبة للمليون غير غني ، متى يتحقق المطل يا خالد ؟
الطالب : يتحقق المطل ؟
الشيخ : نعم .
الطالب : إذا كان الماطل غنياً .
الشيخ : لا المطل حتى من الفقير ، لكن متى يتحقق المطل ؟
الطالب : إذا طالب صاحب الحق بحقه .
الشيخ : هذا واحد .
الطالب : وإذا أجل إلى أجل وحان هذا الأجل .
الشيخ : نعم ، وإذا كان مؤجلاً وحل الأجل ولم يوف فقد تحققت المماطلة .طيب يلا يا بندر مع السكوت يعني إذا سكت صاحب الدين عن المدين هل نقول إن المدين مماطل ؟
الطالب : لا ليس مماطل .
الشيخ : ليس مماطل ، نعم لأنه مستعد للوفاء ، إذن ليس بظالم ، لكن لا شك أن الأفضل أن يبادر بقضاء الدين .
قوله : ( إذا أُتبع أحدكم على مليء ) أتبع معناها؟
الطالب : إذا أحيل .
الشيخ : إذا أُحيل ، ما الذي يدل على أن معنى أُتبع أُحيل؟
الطالب : رواية الإمام أحمد .
الشيخ : رواية الإمام أحمد : ( مَن أُحيل فليحتل ) .
طيب المليء يا أحمد ، في قوله : ( على مليء ) : إذا أحيل أحدكم على مليء ؟
الطالب : الغني القادر .
الشيخ : بإيش؟
الطالب : بماله .
الشيخ : بماله ويش بعد؟ أو ما حضرت ؟ إي طيب فهد؟
الطالب : بماله .
الشيخ : نعم ، ويش بعد .
الطالب : بماله وحاله .
الشيخ : بماله وحاله .
الطالب : وبدنه .
الشيخ : وبدنه زين صح ، فإن أحيل على فقير الأخ ؟
الطالب : ما يثبت .
الشيخ : لا لا، إي أنت !
الطالب : إذا أحيل على فقير ؟
الشيخ : إي نعم ، هل يلزمه التحول أو لا ؟
الطالب : لا يلزمه .
الشيخ : كيف ما يلزمه ؟
الطالب : لأنه أحيل على فقير .
الشيخ : والحديث إيش يقول ؟
الطالب : ( إذا أُتبع أحدكم إلى مليء ) .
الشيخ : ( على مليء ) ، طيب يلا يا ثنيان : إذا أُحيل على سلطان كأمير ووزير وملك هل يلزمه أن يتحول ؟
الطالب : لا يجب عليه .
الشيخ : لماذا ؟
الطالب : لأنه لا يمكن إحضاره إلى مجلس الحكم .
الشيخ : فهو غير مليء ، لا يمكن إحضاره إلى مجلس الحكم ، طيب إذا أحيل على أبيه حجاج ؟
الطالب : لا يلزم .
الشيخ : إيش؟
الطالب : لا يلزم .
الشيخ : لا يلزمه ؟
الطالب : لا يلزمه .
الشيخ : التحول ؟
الطالب : إي .
الشيخ : لماذا؟
الطالب : لأنه لا يمكن أن يحضر أباه إلى !
الشيخ : إلى مجلس الحكم صح ، طيب ، إذا أحيل على مماطل الأخ؟
الطالب : لا يلزمه .
الشيخ : لا يلزمه الاحتيال ليش؟
الطالب : لأنه لا يلتزم .
الشيخ : من نأخذه من الحديث ؟
الطالب : على مليء .
الشيخ : من قوله : ( على مليء ) لأن هذا ليس بمليء حيث أنه ؟
الطالب : مماطل .
الشيخ : مماطل طيب ، اللام في قوله: فليتبع يا أحمد ؟
الطالب : لام الأمر .
الشيخ : لام الأمر ؟! طيب الأمر هنا للوجوب ولا للاستحباب ؟
الطالب : للوجوب .
الشيخ : للوجوب، طيب ما الدليل؟
الطالب : لأن الأمر !
الشيخ : لأن الأصل في الأمر الوجوب ، ومن ادَّعى الأصل فلا يقال ما دليلك ، طيب هل هناك قول آخر في هذه المسألة ؟
الطالب : قول أن الأمر فيه للارشاد .
الشيخ : الأمر للإرشاد والاستحباب ، نعم ، طيب ما الذي صرفه عن الوجوب على رأي الجمهور ؟
الطالب : لأن هذا عقد الدين لا يُلزم بأن يستوفيه من المحال عليه .
الشيخ : لأنه نقل حق من ذمة إلى أخرى فلا يُلزم صاحب الحق بنقل الحق الذي له من ذمة إلى ذمة أخرى ، لكن يُؤمر به استحباباً طيب .
وأخذنا فوائد في الواقع مهمة ، وهي : أنه يشترط في الحوالة اتفاق الدينين جنساً مثل أن يحيل ؟
الطالب : مثل لو كان عليه دين شعير فأحاله على بر .
الشيخ : لا ، هذا اتفقا جنسا ؟! هل تجوز الحوالة هذه ولا ما تجوز ؟!
الطالب : ما تجوز .
الشيخ : لماذا ؟
الطالب : لأنها لم تتفق .
الشيخ : لاختلاف الجنس .
الطالب : نعم .
الشيخ : إذن اتفاق الدينين جنساً مثل أن يحيله بالبر ؟
الطالب : على بر .
الشيخ : على بر طيب ، ثانياً الأخ الذي على الجدار هذا أنت صاحب !
الطالب : أنا ؟
الشيخ : إي نعم ، الثاني اتفاق الدينين ؟ ها ما حضرت !
الطالب : ما سمعت .
الشيخ : يشترط لصحة الحوالة اتفاق الدينين جنساً ، والثاني اتفاق الدينين ؟ يلا ما حضرت !
الطالب : لا ، حضرت .
الشيخ : طيب يا أخي طالب العلم إذا حضر لازم يلاحظ ويش الذي حصَّل !
الطالب : اتفاق الدينين قدراً .
الشيخ : قدراً ، طيب مثاله ؟
الطالب : مثاله : رجل عليه مئة ريال بمئة .
الشيخ : إنسان عليه مئة ريال أو درهم ، أحال بها على شخص آخر يطلبه مئة درهم ، طيب إن اختلفا قدراً ؟ زهير ؟
الطالب : إذا اختلفا قدراً هناك تفصيل .
الشيخ : هناك تفصيل ما هو ؟
الطالب : إن كان القدر المحال عليه أقل من قدر المحيل فيجب .
الشيخ : يعني إن أحال بزائد على ناقص ؟ فهذا جائز ؟
الطالب : لا .
الشيخ : جائز !
الطالب : أحال بزائد على ناقص فهذا جائز .
الشيخ : بزائد على ناقص فهذا جائز ، مثل ؟
الطالب : مثل عليه مئة ريال ويطلب شخصاً آخر ثمانين .
الشيخ : يطلب شخصاً آخر ثمانين .
الطالب : فأحال عليه !
الشيخ : أحال صاحب المئة ؟
الطالب : على الثمانين .
الشيخ : على صاحب الثمانين ، طيب كيف جاز مع اختلاف القدر ؟
الطالب : لأن هنا ليس على سبيل المعاوضة ، وإنما على سبيل الإرفاق .
الشيخ : الإرفاق والتنزيل من الحق ، طيب الناقص على الزائد ؟ الأخ ! إي نعم !
الطالب : ما حضرت .
الشيخ : ما حضرت طيب ، رشاد ما حضرت الأخ ؟
الطالب : الناقص على الزائد ؟
الشيخ : إي نعم ، ما حضرت ؟
الطالب : حاضر يا شيخ .
الشيخ : ها إي .
الطالب : ...
الشيخ : مثل ؟
الطالب : مثل لزيد على بكر مئة ، ولبكر على خالد مئتين ، ويحول زيد إلى خالد بمئتين .
الشيخ : أحسنت ، هذا لا يجوز لأنه ربا ، تمام ، بارك الله فيك .
الطالب : الشرط الثالث ؟
الشيخ : وصفاً وصفاً ، الشرط الثالث : اتفاقهما وصفاً ، نعم ، إي نعم .
الطالب : ...
الشيخ : وصفاً مثل !
الطالب : لو أحال ببر !
الشيخ : جيد .
الطالب : على بر رديء .
الشيخ : رديء طيب والعكس ؟
الطالب : والعكس لا يؤثر لأن القدر متساوي .
الشيخ : أحال برديء على جيد ؟
الطالب : يكون من باب الزيادرة يعني .
الشيخ : كيف من باب الزيادة ؟
الطالب : من باب الزيادة .
الشيخ : هل يجوز أو لا يجوز؟
الطالب : يجوز .
الشيخ : يجوز .
الطالب : بشرط الزيادة يا شيخ .
الشيخ : ها ؟
الطالب : وقفنا فيه .
الشيخ : طيب نحن ذكرنا أن هذا محل توقف ، لأنه من جهة القدر لم يزد ، لكن من جهة الوصف زاد ، ولكنا قلنا : إن قلنا بالجواز فوجهه أن هذا المطلوب تنازل عن زيادة الصفة ، وإن قلنا بالمنع قلنا إن هذا يشبه الربا وتوقفنا في هذا ، طيب .
نكمل بقية الكلام على الحديث ها ؟
الطالب : الأجل .
الشيخ : طيب توقفنا في الأجل وأن يكون الأجل واحداً ، ولكنه يصح في حالٍّ على مؤجل، طيب وبمؤجل على الحال ؟
الطالب : كذلك .
الشيخ : نعم كذلك فيه إسقاط ، نكمل بقية الكلام على الحديث .
مواصلة ذكر فوائد حديث: (مطل الغني ظلم ، وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع ). مع مناقشة يسيرة.
الشيخ : هذا الحديث من فوائده :
أنه لا بد من رضا المحيل، المحيل المطلوب، فلا يجبر على الإحالة، يؤخذ من قوله: ( وإذا أُتبع ) : إذا أُتبع وهذا يدل على أن الأمر موكول إلى المتبع وهو المحيل.
وهل يشترط رضا المحال عليه؟
الجواب: لا، لا يشترط رضا المحال عليه، فلو أحال زيدٌ عمراً على بكر، وقال بكر لزيد: أنا لا أقبل حَوالة عمرو، لأن عمروً رجل صعب لا يمهل ولا يهمل، وأريد أن يكون صاحبي أنت يقوله مَن؟
المحال عليه يقوله للمحيل، فهل يلزم المحيل قبول ذلك ؟
أو نقول: لا يلزم ؟
نقول: لا يلزم، فرضا المحال عليه ليس بشرط، ووجهه : أن لصاحب الحق أن يستوفي الحق بنفسه وبمن يقوم مقامه، والمحال قائم مقام مَن ؟
الطالب : المحيل.
الشيخ : المحيل، فالمحيل يقول للمحال عليه: ويش عليك؟ أنت أدِّ حقي وأنا لي أن أستوفي حقي بنفسي أو بمن يقوم مقامي.
طيب رضا المحتال -الآن فهمنا يا جماعة رضا المحيل لابد منه، رضا المحال عليه ليس بشرط- بقينا برضا المحتال : إن كان المحال عليه معسراً يعني غير مليء اشترط رضاه، إن كان المحال عليه غير مليء، يعني فقيراً أو لا يمكن إحضاره إلى مجلس الحكم أو مماطلاً ، فإنه يشترط رضا المحتال، وإن كان مليئاً، فإن قلنا : إن لام الأمر في قوله: ( فليحتل ) للوجوب فإنه لا يشترط رضاه، وإن قلنا للاستحباب فإنه إيش؟
الطالب : يشترط.
الشيخ : يشترط، حطوا بالكم يا جماعة ، فصار رضا المحيل !؟
الطالب : أنا ؟
الشيخ : إي نعم .
الطالب : ...
الشيخ : شرط ولا غير شرط؟
الطالب : المحيل ؟
الشيخ : نعم .
الطالب : شرط.
الشيخ : شرط بكل حال ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : ها ؟ إجزم .
الطالب : لكل حال .
الشيخ : لكل حال ، طيب رضا المحتال عليه ؟ آدم شرط ولا غير شرط؟
الطالب : لا ما هو بشرط .
الشيخ : ما هو بشرط ، بكل حال؟
الطالب : إي نعم .
الشيخ : طيب الذي بجنبك رضى المحتال ؟
الطالب : ...
الشيخ : شرط ولا غير شرط ؟
الطالب : شرط .
الشيخ : مطلقاً ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : خطأ ، فهد ؟
الطالب : إن كان على مليء .
الشيخ : إن كان على غير مليء .
الطالب : فرضاه مشترط .
الشيخ : نعم اشترط رضاه ، وإن كان على مليء ؟
الطالب : إن كان على مليء لام الأمر .
الشيخ : إن كان الأمر في قوله : ( فليحتل ) للوجوب !
الطالب : للوجوب، وجب عليه .
الشيخ : فلا يشترط رضاه، وإن قلنا: إنه للاستحباب اشترط رضاه، واضح يا جماعة؟ طيب .
أنه لا بد من رضا المحيل، المحيل المطلوب، فلا يجبر على الإحالة، يؤخذ من قوله: ( وإذا أُتبع ) : إذا أُتبع وهذا يدل على أن الأمر موكول إلى المتبع وهو المحيل.
وهل يشترط رضا المحال عليه؟
الجواب: لا، لا يشترط رضا المحال عليه، فلو أحال زيدٌ عمراً على بكر، وقال بكر لزيد: أنا لا أقبل حَوالة عمرو، لأن عمروً رجل صعب لا يمهل ولا يهمل، وأريد أن يكون صاحبي أنت يقوله مَن؟
المحال عليه يقوله للمحيل، فهل يلزم المحيل قبول ذلك ؟
أو نقول: لا يلزم ؟
نقول: لا يلزم، فرضا المحال عليه ليس بشرط، ووجهه : أن لصاحب الحق أن يستوفي الحق بنفسه وبمن يقوم مقامه، والمحال قائم مقام مَن ؟
الطالب : المحيل.
الشيخ : المحيل، فالمحيل يقول للمحال عليه: ويش عليك؟ أنت أدِّ حقي وأنا لي أن أستوفي حقي بنفسي أو بمن يقوم مقامي.
طيب رضا المحتال -الآن فهمنا يا جماعة رضا المحيل لابد منه، رضا المحال عليه ليس بشرط- بقينا برضا المحتال : إن كان المحال عليه معسراً يعني غير مليء اشترط رضاه، إن كان المحال عليه غير مليء، يعني فقيراً أو لا يمكن إحضاره إلى مجلس الحكم أو مماطلاً ، فإنه يشترط رضا المحتال، وإن كان مليئاً، فإن قلنا : إن لام الأمر في قوله: ( فليحتل ) للوجوب فإنه لا يشترط رضاه، وإن قلنا للاستحباب فإنه إيش؟
الطالب : يشترط.
الشيخ : يشترط، حطوا بالكم يا جماعة ، فصار رضا المحيل !؟
الطالب : أنا ؟
الشيخ : إي نعم .
الطالب : ...
الشيخ : شرط ولا غير شرط؟
الطالب : المحيل ؟
الشيخ : نعم .
الطالب : شرط.
الشيخ : شرط بكل حال ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : ها ؟ إجزم .
الطالب : لكل حال .
الشيخ : لكل حال ، طيب رضا المحتال عليه ؟ آدم شرط ولا غير شرط؟
الطالب : لا ما هو بشرط .
الشيخ : ما هو بشرط ، بكل حال؟
الطالب : إي نعم .
الشيخ : طيب الذي بجنبك رضى المحتال ؟
الطالب : ...
الشيخ : شرط ولا غير شرط ؟
الطالب : شرط .
الشيخ : مطلقاً ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : خطأ ، فهد ؟
الطالب : إن كان على مليء .
الشيخ : إن كان على غير مليء .
الطالب : فرضاه مشترط .
الشيخ : نعم اشترط رضاه ، وإن كان على مليء ؟
الطالب : إن كان على مليء لام الأمر .
الشيخ : إن كان الأمر في قوله : ( فليحتل ) للوجوب !
الطالب : للوجوب، وجب عليه .
الشيخ : فلا يشترط رضاه، وإن قلنا: إنه للاستحباب اشترط رضاه، واضح يا جماعة؟ طيب .
5 - مواصلة ذكر فوائد حديث: (مطل الغني ظلم ، وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع ). مع مناقشة يسيرة. أستمع حفظ
وعن جابر رضي الله عنه قال : توفي رجل منا فغسلناه وحنطناه وكفناه ، ثم أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا : نصلي عليه ؟ فخطا خطى ، ثم قال : ( أعليه دين ؟ ) ، فقلنا : ديناران ، فانصرف ، فتحملهما أبو قتادة فأتيناه ، فقال أبو قتادة : الديناران علي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( حق الغريم ، وبرئ منها الميت ؟ ) قال : نعم ، فصلى عليه . رواه أحمد وأبو داود والنسائي ، وصححه ابن حبان والحاكم .
الشيخ : ثم قال المؤلف -رحمه الله- فيما نقله عن جابر قال: ( توفي رجل منا فغسلناه وحنطناه، وكفناه ) :
غسلناه يعني: تغسيل الميت، وصفته أنه يُغسل الفرج، فرج الميت، ثم يغسل رأسُه برُغوة السدر، السدر الورق المعروف يُدق ويجعل في الماء، ويُضرب باليد يخفق باليد حتى يكون له رغوة، فتؤخذ رغوته فيغسل بها رأس الميت، ولحيته دون السفل، لأن السفل لو غسل به الشعر لبقي فيه الشعر ودخل فيه، فيغسل الرأس واللحية بالرغوة، ثم يُغسل بقية البدن بالسدر، ويغسل ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أوتسعاً أو أكثر من ذلك، ما دام الميت محتاجاً إلى التنظيف.
طيب ، وقوله: ( حنطناه ) يعني: جعلنا فيه الطيب، وأحسن ما يكون الكافور، لقول النبي صلى الله عليه وسلم للنساء اللاتي يُغسلن ابنته: ( اجعلن في الغسلة الأخيرة كافوراً ) ، وهو نوع من الطيب معروف، يدق ويخلط في الماء في آخر غسلة، وله ثلاث فوائد:
أولاً: أنه طِيب.
والثاني: أنه يصلب البدن.
والثالث: أنه يطرد الهوام هوام الأرض عن الميت لئلا تنال جسده بسوء، والمسألة كلها مؤقتة لا بد من التغير إلا أن يشاء الله.
( وكفناه ) يعني: لففناه في كفنه، وش بقي علينا ؟ بقي !
الطالب : الدفن .
الشيخ : لا .
الطالب : الصلاة .
الشيخ : الصلاة عليه .
قال: ( ثم أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: تصلي عليه ) : تصلي هذه جملة خبرية لكنها في الواقع طلبية، يعني أنها إما بمعنى الأمر، أي صل عليه، والأمر هنا بلا شك للالتماس، لأن مقام النبي صلى الله عليه وسلم أرفع من مقامهم، وإذا وُجه الطلب إلى من هو أرفع من مقام الطالب سُمي التماساً أو سؤالاً، ويحتمل أن تكون خبرية نُزعت منها همزة الاستفهام، أي أتصلي عليه؟!
والمراد بالاستفهام هنا: العرض، يعني: يَعرضون على النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي عليه، وأياً كان فإنما جاءوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، لأن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على الميت شفاعة له، وهو صلى الله عليه وسلم أعظم الشافعين قدراً عند الله.
يقول: ( فخطا خطىً ) يعني: تقدم ليصلي عليه، ثم قال : ( أعليه دين؟ فقلنا: ديناران، فانصرف ) .
الطالب : ديناران ؟
الشيخ : ديناران ، عندكم واحد ؟
الطالب : ديناران .
الشيخ : إيش؟ فقلنا ديناران !
الطالب : ظن أنك دينار .
طالب آخر : هو ظن أنك ما جبت ديناران .
الشيخ : إي إي طيب ، يعني أنت مترجم عنه !
الطالب : لأني بجنبه .
الشيخ : فقلنا ديناران، ديناران مبتدأ خبره محذوف، يعني: عليه ديناران، والديناران هما نقد الذهب، لأن النقد إن كان من فضة سمي دراهم، وإن كان من ذهب سُمي دنانير.
( فانصرف ) : لم يصل عليه، وكان صلى الله عليه وسلم في أول الأمر إذا قُدم إليه ميت للصلاة عليه وعليه دين لم يصل عليه، لأن صلاته على الميت شفاعة ومن عليه دين لا تنفع فيه الشفاعة، لأن حق الآدمي لا بد من وفائه، ولهذا كانت الشهادة تكفر كل شيء إلا الدين، فيتأخر الرسول عليه الصلاة والسلام ثم يقول: ( صلوا على صاحبكم )، والحكمة من هذا: حث الناس على التقليل من الدين، وعدم الاستدانة، لأن الإنسان إذا عَلِم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يصل عليه وعليه دين فإنه سوف يتحرز تحرزاً شديداً من الاستدانة لا يتدين.
يقول فقال : ( فتحملهما أبو قتادة فأتيناه ) ، لأن الرسول انصرف وراح عنهم ذهب عنهم ، فقال أبو قتادة: ( أنا أتحملهما ) رضي الله عنه وجزاه خيراً، ( فأتيناه فقال أبو قتادة: الديناران علي ) : وهذا ضمان للدين من أبي قتادة لصاحب الحق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( حق الغريم ، وبرئ منهما الميت ) : حق الغريم : هذا مصدر مؤكد لمضمون الجملة الخبرية وهي قوله: ( الديناران عليَّ ) : كأنه قال: تلتزمهما التزام حق ثابت لا يتغير فقال أبو قتادة: نعم، فتضمن قوله رضي الله عنه، تضمن التزاماً وإبراءً، التزاماً على مَن ؟
على نفسه وإبراءً للميت، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام : " ( وبرئ منهما الميت، قال: نعم، فصلى عليه ) رواه أحمد وأبو داود والنسائي ، وصححه ابن حبان والحاكم " .
وأصل الحديث في البخاري فالحديث صحيح ، وهذه القصة كما ترون واضحة.
غسلناه يعني: تغسيل الميت، وصفته أنه يُغسل الفرج، فرج الميت، ثم يغسل رأسُه برُغوة السدر، السدر الورق المعروف يُدق ويجعل في الماء، ويُضرب باليد يخفق باليد حتى يكون له رغوة، فتؤخذ رغوته فيغسل بها رأس الميت، ولحيته دون السفل، لأن السفل لو غسل به الشعر لبقي فيه الشعر ودخل فيه، فيغسل الرأس واللحية بالرغوة، ثم يُغسل بقية البدن بالسدر، ويغسل ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أوتسعاً أو أكثر من ذلك، ما دام الميت محتاجاً إلى التنظيف.
طيب ، وقوله: ( حنطناه ) يعني: جعلنا فيه الطيب، وأحسن ما يكون الكافور، لقول النبي صلى الله عليه وسلم للنساء اللاتي يُغسلن ابنته: ( اجعلن في الغسلة الأخيرة كافوراً ) ، وهو نوع من الطيب معروف، يدق ويخلط في الماء في آخر غسلة، وله ثلاث فوائد:
أولاً: أنه طِيب.
والثاني: أنه يصلب البدن.
والثالث: أنه يطرد الهوام هوام الأرض عن الميت لئلا تنال جسده بسوء، والمسألة كلها مؤقتة لا بد من التغير إلا أن يشاء الله.
( وكفناه ) يعني: لففناه في كفنه، وش بقي علينا ؟ بقي !
الطالب : الدفن .
الشيخ : لا .
الطالب : الصلاة .
الشيخ : الصلاة عليه .
قال: ( ثم أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: تصلي عليه ) : تصلي هذه جملة خبرية لكنها في الواقع طلبية، يعني أنها إما بمعنى الأمر، أي صل عليه، والأمر هنا بلا شك للالتماس، لأن مقام النبي صلى الله عليه وسلم أرفع من مقامهم، وإذا وُجه الطلب إلى من هو أرفع من مقام الطالب سُمي التماساً أو سؤالاً، ويحتمل أن تكون خبرية نُزعت منها همزة الاستفهام، أي أتصلي عليه؟!
والمراد بالاستفهام هنا: العرض، يعني: يَعرضون على النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي عليه، وأياً كان فإنما جاءوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، لأن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على الميت شفاعة له، وهو صلى الله عليه وسلم أعظم الشافعين قدراً عند الله.
يقول: ( فخطا خطىً ) يعني: تقدم ليصلي عليه، ثم قال : ( أعليه دين؟ فقلنا: ديناران، فانصرف ) .
الطالب : ديناران ؟
الشيخ : ديناران ، عندكم واحد ؟
الطالب : ديناران .
الشيخ : إيش؟ فقلنا ديناران !
الطالب : ظن أنك دينار .
طالب آخر : هو ظن أنك ما جبت ديناران .
الشيخ : إي إي طيب ، يعني أنت مترجم عنه !
الطالب : لأني بجنبه .
الشيخ : فقلنا ديناران، ديناران مبتدأ خبره محذوف، يعني: عليه ديناران، والديناران هما نقد الذهب، لأن النقد إن كان من فضة سمي دراهم، وإن كان من ذهب سُمي دنانير.
( فانصرف ) : لم يصل عليه، وكان صلى الله عليه وسلم في أول الأمر إذا قُدم إليه ميت للصلاة عليه وعليه دين لم يصل عليه، لأن صلاته على الميت شفاعة ومن عليه دين لا تنفع فيه الشفاعة، لأن حق الآدمي لا بد من وفائه، ولهذا كانت الشهادة تكفر كل شيء إلا الدين، فيتأخر الرسول عليه الصلاة والسلام ثم يقول: ( صلوا على صاحبكم )، والحكمة من هذا: حث الناس على التقليل من الدين، وعدم الاستدانة، لأن الإنسان إذا عَلِم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يصل عليه وعليه دين فإنه سوف يتحرز تحرزاً شديداً من الاستدانة لا يتدين.
يقول فقال : ( فتحملهما أبو قتادة فأتيناه ) ، لأن الرسول انصرف وراح عنهم ذهب عنهم ، فقال أبو قتادة: ( أنا أتحملهما ) رضي الله عنه وجزاه خيراً، ( فأتيناه فقال أبو قتادة: الديناران علي ) : وهذا ضمان للدين من أبي قتادة لصاحب الحق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( حق الغريم ، وبرئ منهما الميت ) : حق الغريم : هذا مصدر مؤكد لمضمون الجملة الخبرية وهي قوله: ( الديناران عليَّ ) : كأنه قال: تلتزمهما التزام حق ثابت لا يتغير فقال أبو قتادة: نعم، فتضمن قوله رضي الله عنه، تضمن التزاماً وإبراءً، التزاماً على مَن ؟
على نفسه وإبراءً للميت، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام : " ( وبرئ منهما الميت، قال: نعم، فصلى عليه ) رواه أحمد وأبو داود والنسائي ، وصححه ابن حبان والحاكم " .
وأصل الحديث في البخاري فالحديث صحيح ، وهذه القصة كما ترون واضحة.
6 - وعن جابر رضي الله عنه قال : توفي رجل منا فغسلناه وحنطناه وكفناه ، ثم أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا : نصلي عليه ؟ فخطا خطى ، ثم قال : ( أعليه دين ؟ ) ، فقلنا : ديناران ، فانصرف ، فتحملهما أبو قتادة فأتيناه ، فقال أبو قتادة : الديناران علي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( حق الغريم ، وبرئ منها الميت ؟ ) قال : نعم ، فصلى عليه . رواه أحمد وأبو داود والنسائي ، وصححه ابن حبان والحاكم . أستمع حفظ
فوائد حديث: ( جابر رضي الله عنه قال : توفي رجل منا فغسلناه وحنطناه وكفناه ... ).
الشيخ : يستفاد منها عدة فوائد:
أولاً: أنه من المقرر عند المسلمين أن الميت يغسل لقوله: ( غسلناه ) ، وهذا التغسيل واجب فرض، لكنه فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، والدليل على فرضيته قول النبي صلى الله عليه وسلم في الذي وقصته ناقته في عرفة قال: ( اغسلوه بماء وسدر ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم للنساء اللاتي يغسلن ابنته: ( اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو أكثر من ذلك ) ، والأصل في الأمر الوجوب، وظاهر السنة أنه لا فرق بين أن يكون الميت نظيفاً أو غير نظيف ، حتى ولو اغتسل قبل موته بدقائق، ثم مات، فإنه يجب أن يُغسل، لأن الموت نفسَه موجب الغسل.
ومن فوائد الحديث أيضاً: أنه قد تقرر عند الصحابة رضي الله عنهم مشروعية التحنيط لقوله: ( وحنطناه ) ، وليس التحنيط أن يطلى الميت بما يبقي بدنه، وإنما التحنيط أن يجعل فيه الطيب.
ويدل على أن هذا أمرٌ معتاد مشروع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للذين خاطبهم في تغسيل الميت الذي مات في عرفة: قال: ( لا تحنطوه ) ، وهذا يدل على أن من عادتهم تحنيط الميت.
ومن فوائد الحديث أيضاً: أن من المتقرر عند الصحابة الكفن، تكفين الميت، وتكفين الميت فرض، لقول النبي عليه الصلاة والسلام : ( كفنوه في ثوبيه ) ، كفنوه ، والأصل في الأمر الوجوب فيجب أن يكفن الميت ، يعني يغطى بثوب يستر جميعه، ولهذا قال العلماء: إن الميت كله عورة يجب أن يكفن جميعه ، فإن لم يوجد ما يكفي وُضع عليه أوراق شجر، ولا يترك، كما صنع الصحابة في مصعب بن عمير رضي الله عنه، استشهد في أحد، وكان عليه بردة إن غطوا رأسه بدت رجلاه، وإن غطوا رجليه بدا رأسه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يغطى رأسه وأن يجعل على رجليه شيء من الإذخر ليسترهما.
ومن فوائد الحديث: حِرص الصحابة رضي الله عنهم على أن يصليَ النبي صلى الله عليه وسلم على موتاهم.
ويتفرع على هذا أنه ينبغي أن نحرص على أن يصلي على الميت مَن كان أقرب إلى الإجابة، لإيمانه وورعه، لأن الصحابة كانوا يتحرون ذلك، أي: أن يصلي على موتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن فوائد الحديث: أنه لا حرج أن يسأل الإنسان عن المانع، هل وُجد أم لا، وذلك أن الأصل في الميت المسلم أن يصلى عليه، ولا يُسأل عن حاله، لكن لا بأس أن نسأل عن المانع، ولهذا سأل النبي صلى الله عليه وسلم : هل عليه دين؟
فإن قلتم: إنه قد مرَّ علينا أن نجري الأحكام على ظاهرها وألا نسأل عن المانع، ولهذا لو قال لك قائل: هلك هالك عن أب وأم فكيف نقسم المال؟
هل تقول: هل الأب والأم مسلمان أو كافران أو لا يلزم؟
الطالب : لا يلزم .
الشيخ : لا يلزم، فلماذا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أو كان يسأل هل عليه دين؟ أفليس الأصل عدم الدين ؟ الجواب ؟
الطالب : بلى .
الشيخ : بلى إذن ما الداعي للسؤال ، ما الداعي أن نبحث عن المانع الذي منع من الصلاة ؟
والجواب عن هذا الإشكال وهو إشكال حقيقي واضع ، الجواب عن هذا الإشكال : أن الصحابة رضي الله عنهم يغلب عليهم الفقر، والاستدانة واردة، ولما كان الدين شأنه عظيم صار النبي صلى الله عليه وسلم يسأل هل عليه دين أم لا .
طيب هل يقاس على هذه المسألة ما إذا كان المشتهر عن هذا الرجل أنه لا يصلي، وقُدمت إلينا جنازته فهل نسأل هل كان يصلي أو لا؟
نعم القياس يقتضي هذا، أن نسأل هل كان يصلي أو لا، هذا إذا علمنا أن هذا الرجل متهاون لا يصلي، وهذا السؤال فيه شيء من الحرج، وفيه شيء مِن المنفعة :
أما الشيء من الحرج: فهو أن فيه إحراجاً لأهل الميت، لأنهم لا شكَّ أنهم سينحرجون، إن كان لا يصلي فأخبروا بالصدق فهذه مصيبة، وإن أخبروا بالكذب فهذه أيضاً مصيبة .
فنقول: نعم، هذا لا شك أنه حرج وإحراج، لكن يترتب عليه مصالح عظيمة، يترتب عليه أن الذي يترك الصلاة سيحسب ألف حساب، لأنه إذا أحس أو إذا علم أنه إذا مات سَيُسأل عن حاله، ويفضح أمام الناس، ثم يحمل ويقال: لا نصلي عليه، ثم إن كان عندنا عزم وقدرة وقوة قلنا: ولا ندفنه في المقبرة، إذهبوا به براً احفروا له حفرة وأغمسوه فيها، الإنسان إذا عَلم أن هذا مآله في الدنيا والخزي في الآخرة أعظم، فإنه ربما يرتدع عن ترك الصلاة، ويكون في هذا فائدة عظيمة.
على كل حال: هذا الحديث يدل على هذه الفائدة : وهي أنه إذا كان المانع متوقعاً فلا بأس من السؤال عنه ، وإلا فإن الأولى ترك السؤال ، لأن السؤال عن الموانع من باب التنطع الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: ( هلك المتنطعون ) ، لكن إذا كان المانع متوقعاً ، وكانت الفائدة كبيرة من معرفته ، فلا بأس من الاستفهام عنه .
كأن آدم يرفع يديه هو جاء وقت السؤال ؟ جاء؟
الطالب : جاء .
الشيخ : طيب إسأل .
السائل : ...
أولاً: أنه من المقرر عند المسلمين أن الميت يغسل لقوله: ( غسلناه ) ، وهذا التغسيل واجب فرض، لكنه فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، والدليل على فرضيته قول النبي صلى الله عليه وسلم في الذي وقصته ناقته في عرفة قال: ( اغسلوه بماء وسدر ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم للنساء اللاتي يغسلن ابنته: ( اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو أكثر من ذلك ) ، والأصل في الأمر الوجوب، وظاهر السنة أنه لا فرق بين أن يكون الميت نظيفاً أو غير نظيف ، حتى ولو اغتسل قبل موته بدقائق، ثم مات، فإنه يجب أن يُغسل، لأن الموت نفسَه موجب الغسل.
ومن فوائد الحديث أيضاً: أنه قد تقرر عند الصحابة رضي الله عنهم مشروعية التحنيط لقوله: ( وحنطناه ) ، وليس التحنيط أن يطلى الميت بما يبقي بدنه، وإنما التحنيط أن يجعل فيه الطيب.
ويدل على أن هذا أمرٌ معتاد مشروع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للذين خاطبهم في تغسيل الميت الذي مات في عرفة: قال: ( لا تحنطوه ) ، وهذا يدل على أن من عادتهم تحنيط الميت.
ومن فوائد الحديث أيضاً: أن من المتقرر عند الصحابة الكفن، تكفين الميت، وتكفين الميت فرض، لقول النبي عليه الصلاة والسلام : ( كفنوه في ثوبيه ) ، كفنوه ، والأصل في الأمر الوجوب فيجب أن يكفن الميت ، يعني يغطى بثوب يستر جميعه، ولهذا قال العلماء: إن الميت كله عورة يجب أن يكفن جميعه ، فإن لم يوجد ما يكفي وُضع عليه أوراق شجر، ولا يترك، كما صنع الصحابة في مصعب بن عمير رضي الله عنه، استشهد في أحد، وكان عليه بردة إن غطوا رأسه بدت رجلاه، وإن غطوا رجليه بدا رأسه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يغطى رأسه وأن يجعل على رجليه شيء من الإذخر ليسترهما.
ومن فوائد الحديث: حِرص الصحابة رضي الله عنهم على أن يصليَ النبي صلى الله عليه وسلم على موتاهم.
ويتفرع على هذا أنه ينبغي أن نحرص على أن يصلي على الميت مَن كان أقرب إلى الإجابة، لإيمانه وورعه، لأن الصحابة كانوا يتحرون ذلك، أي: أن يصلي على موتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن فوائد الحديث: أنه لا حرج أن يسأل الإنسان عن المانع، هل وُجد أم لا، وذلك أن الأصل في الميت المسلم أن يصلى عليه، ولا يُسأل عن حاله، لكن لا بأس أن نسأل عن المانع، ولهذا سأل النبي صلى الله عليه وسلم : هل عليه دين؟
فإن قلتم: إنه قد مرَّ علينا أن نجري الأحكام على ظاهرها وألا نسأل عن المانع، ولهذا لو قال لك قائل: هلك هالك عن أب وأم فكيف نقسم المال؟
هل تقول: هل الأب والأم مسلمان أو كافران أو لا يلزم؟
الطالب : لا يلزم .
الشيخ : لا يلزم، فلماذا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أو كان يسأل هل عليه دين؟ أفليس الأصل عدم الدين ؟ الجواب ؟
الطالب : بلى .
الشيخ : بلى إذن ما الداعي للسؤال ، ما الداعي أن نبحث عن المانع الذي منع من الصلاة ؟
والجواب عن هذا الإشكال وهو إشكال حقيقي واضع ، الجواب عن هذا الإشكال : أن الصحابة رضي الله عنهم يغلب عليهم الفقر، والاستدانة واردة، ولما كان الدين شأنه عظيم صار النبي صلى الله عليه وسلم يسأل هل عليه دين أم لا .
طيب هل يقاس على هذه المسألة ما إذا كان المشتهر عن هذا الرجل أنه لا يصلي، وقُدمت إلينا جنازته فهل نسأل هل كان يصلي أو لا؟
نعم القياس يقتضي هذا، أن نسأل هل كان يصلي أو لا، هذا إذا علمنا أن هذا الرجل متهاون لا يصلي، وهذا السؤال فيه شيء من الحرج، وفيه شيء مِن المنفعة :
أما الشيء من الحرج: فهو أن فيه إحراجاً لأهل الميت، لأنهم لا شكَّ أنهم سينحرجون، إن كان لا يصلي فأخبروا بالصدق فهذه مصيبة، وإن أخبروا بالكذب فهذه أيضاً مصيبة .
فنقول: نعم، هذا لا شك أنه حرج وإحراج، لكن يترتب عليه مصالح عظيمة، يترتب عليه أن الذي يترك الصلاة سيحسب ألف حساب، لأنه إذا أحس أو إذا علم أنه إذا مات سَيُسأل عن حاله، ويفضح أمام الناس، ثم يحمل ويقال: لا نصلي عليه، ثم إن كان عندنا عزم وقدرة وقوة قلنا: ولا ندفنه في المقبرة، إذهبوا به براً احفروا له حفرة وأغمسوه فيها، الإنسان إذا عَلم أن هذا مآله في الدنيا والخزي في الآخرة أعظم، فإنه ربما يرتدع عن ترك الصلاة، ويكون في هذا فائدة عظيمة.
على كل حال: هذا الحديث يدل على هذه الفائدة : وهي أنه إذا كان المانع متوقعاً فلا بأس من السؤال عنه ، وإلا فإن الأولى ترك السؤال ، لأن السؤال عن الموانع من باب التنطع الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: ( هلك المتنطعون ) ، لكن إذا كان المانع متوقعاً ، وكانت الفائدة كبيرة من معرفته ، فلا بأس من الاستفهام عنه .
كأن آدم يرفع يديه هو جاء وقت السؤال ؟ جاء؟
الطالب : جاء .
الشيخ : طيب إسأل .
السائل : ...
قد يكون هناك موت كثير فجأة كحريق أو غرق فهل يغسلوا جميعهم ؟
السائل : في الزمن هذا يمكن بعض أحيان يجي أموات كثير فجأة .
الشيخ : إيش ؟
السائل : يعني ممكن يجي فجأة زي مثلا الموت هذا مثلا الهدم ، يعني مثلا بغرق أو بحرق ، يعني كيف يدفنه كذا أم ؟
الشيخ : سمعتم سؤاله ؟ يقول : قد يكون هناك موت كثير فجأة يعني كحريق أو غرق أو انهدام ، المهم إذا حصل موت كثير ، نقول وإن حصل موت كثير يجند له جنود كثيرة ، ويجوز أن يغسل الأموات ولو كان أكثر من واحد بمعنى : أن يجب مثلاً خرطوم من الماء ويوضع حده خمسة ستة عشرة ويغسلهم جميعاً ، ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم مع ما أصابهم من الجرح والقرح كانوا يغسلون موتاهم الشهداء الذين استشهدوا في أُحد ، وكانوا سبعين رجلاً يغسلونهم ويكفنونهم ويحفرون لهم ، إلا أنهم في الدفن كانوا يجعلون الرجلين والثلاثة في قبر واحد ، لأنه يشق عليهم أن يحفروا لكل واحد قبراً .
السائل : أحياناً يشيلوهم بالشيول !
الشيخ : ها ؟
السائل : بعض أحيان يكونون كثر يشلوهم بالشيول !
الشيخ : لا لا هذا الظاهر أنه شيء يقال ما هو صحيح .
السائل : ...
الشيخ : نعم ؟
السائل : يشلوهم بالشيول .
الشيخ : بالشيول ما سمعنا هذا !
السائل : هذا حصل يا شيخ .
الشيخ : يمكن هذول كفار ما عندهم تكفين لموتاهم .
السائل : في بلادنا يا شيخ .
الشيخ : إي لكن يشلوهم بالشوايل ؟
السائل : يمكن يشق عليهم الحمل المنفرد .
الشيخ : ما يخالف ، لا بأس يضمونهم ، لكن بالشيول ما أدري !
السائل : هو ذُكر يا شيخ .
الشيخ : نعم ؟
السائل : ذكر هذا بعض الكتاب : أنه في مجازر صبرة وشتيلا في لبنان كانوا يشيلوهم بالشيولات .
الشيخ : على كل حال المهم أنه لا بد من تغسيل الميت وتكفينه .
نعم يا بندر ؟
السائل : إذا قدم ميت لإمام المسلمين أو القاضي وكان عليه دين هل يرده ؟
الشيخ : هذه ما وصلناها ، يعني هل يقاس على رسول الله غيره أو لا ؟
الشيخ : إيش ؟
السائل : يعني ممكن يجي فجأة زي مثلا الموت هذا مثلا الهدم ، يعني مثلا بغرق أو بحرق ، يعني كيف يدفنه كذا أم ؟
الشيخ : سمعتم سؤاله ؟ يقول : قد يكون هناك موت كثير فجأة يعني كحريق أو غرق أو انهدام ، المهم إذا حصل موت كثير ، نقول وإن حصل موت كثير يجند له جنود كثيرة ، ويجوز أن يغسل الأموات ولو كان أكثر من واحد بمعنى : أن يجب مثلاً خرطوم من الماء ويوضع حده خمسة ستة عشرة ويغسلهم جميعاً ، ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم مع ما أصابهم من الجرح والقرح كانوا يغسلون موتاهم الشهداء الذين استشهدوا في أُحد ، وكانوا سبعين رجلاً يغسلونهم ويكفنونهم ويحفرون لهم ، إلا أنهم في الدفن كانوا يجعلون الرجلين والثلاثة في قبر واحد ، لأنه يشق عليهم أن يحفروا لكل واحد قبراً .
السائل : أحياناً يشيلوهم بالشيول !
الشيخ : ها ؟
السائل : بعض أحيان يكونون كثر يشلوهم بالشيول !
الشيخ : لا لا هذا الظاهر أنه شيء يقال ما هو صحيح .
السائل : ...
الشيخ : نعم ؟
السائل : يشلوهم بالشيول .
الشيخ : بالشيول ما سمعنا هذا !
السائل : هذا حصل يا شيخ .
الشيخ : يمكن هذول كفار ما عندهم تكفين لموتاهم .
السائل : في بلادنا يا شيخ .
الشيخ : إي لكن يشلوهم بالشوايل ؟
السائل : يمكن يشق عليهم الحمل المنفرد .
الشيخ : ما يخالف ، لا بأس يضمونهم ، لكن بالشيول ما أدري !
السائل : هو ذُكر يا شيخ .
الشيخ : نعم ؟
السائل : ذكر هذا بعض الكتاب : أنه في مجازر صبرة وشتيلا في لبنان كانوا يشيلوهم بالشيولات .
الشيخ : على كل حال المهم أنه لا بد من تغسيل الميت وتكفينه .
نعم يا بندر ؟
السائل : إذا قدم ميت لإمام المسلمين أو القاضي وكان عليه دين هل يرده ؟
الشيخ : هذه ما وصلناها ، يعني هل يقاس على رسول الله غيره أو لا ؟
في الحديث السابق " إذا أحل أحدكم ... " هل يحق للمحال الرجوع في الحوالة ؟
السائل : في الحديث السابق إذا أحيل ، هل له الرجوع عن هذا ؟
الشيخ : لا .
السائل : حتى لو !
الشيخ : لا لهذا ولا لهذا ، ليس له رجوع ، ما دمنا قلنا الحوالة : نقل الدين من ذمة إلى أخرى انتقل .
الشيخ : لا .
السائل : حتى لو !
الشيخ : لا لهذا ولا لهذا ، ليس له رجوع ، ما دمنا قلنا الحوالة : نقل الدين من ذمة إلى أخرى انتقل .
تتمة فوائد حديث: ( جابر رضي الله عنه قال : توفي رجل منا فغسلناه وحنطناه وكفناه ... ).
الشيخ : مشروعية التغسيل والتحنيط والتكفين .
وفيه أيضاً من فوائد الحديث : أنه ينبغي قصد من تُرجى إجابته ليصلي على الميت، ويؤخذ من كون الصحابة يقصدون رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي على جنائزهم، لأن الصلاة على الميت شفاعة له، ومن كان أقرب إلى الإجابة لصلاحه وتقواه كان أقرب إلى الشفاعة.
ومنها: حسن أدب الصحابة في مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم لقولهم: ( تصلي عليه ) ، ولم يقولوا: صل عليه، وتصلي : كما قلنا في الشرح جملة خبرية لكنها إنشائية، إذ أنها على تقدير همزة الاستفهام أي: أتصلي عليه؟
ومن فوائد الحديث: أن ظاهره أن الجنائز تُقدم في مكان يَحتاج إلى مشي، لقوله: ( فخطا خطوات ) : وكان الغالب في الجنائز في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أنها يُصلى عليها في مكان غير المسجد يسمى مُصلى الجنائز، خاص بالصلاة على الجنائز ، ويُصلي أحياناً على الأموات في المسجد ، عكس ما كان عليه الناس اليوم ، اليوم يصلي الناس على الجنائز في المساجد ، وليس لها أمكنة خاصة للصلاة عليها .
ومن فوئد الحديث: جواز السؤال عن المانع إذا كانت الحال تقتضي وجوده لقوله: ( أعليه دين؟ ) ، فإن لم تقتض الحال وجود المانع فالسؤال عنه من التنطع، فمثلاً : إذا جاءنا رجل وقال: إنه طلق زوجته، هل نسأله أطلقتها وهي حائض، أم نقول بصحة الطلاق بدون سؤال عن المانع؟
الثاني هو الأولى، لأن الأصل عدم وجود المانع، إلا إذا كنا في بيئة لا يعرفون أن طلاق الحائض حرام، فحينئذٍ نسأل ، هذا إذا قلنا بأن طلاق الحائض لا يقع ، أما إذا قلنا : بأن طلاق الحائض واقع فإنه لا حاجة إلى السؤال، لماذا ؟ لأنه واقع بكل حال ، حتى وإن كانت حائضاً .
وهل نسأل عن فوات الشرط؟
يعني الآن قلنا وجود المانع ما نسأل عنه هل نسأل عن فوات الشرط أو لا؟ أجيبوا؟
الطالب : ما نسأل .
الشيخ : ما نسأل ، ما نسأل عن فوات الشرط، لأن الأصل وقوع الشيء على وجه صحيح، والدليل على هذا ما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها : ( أن قوماً جاءوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله، إن قوما يأتوننا باللحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا، فقال: سموا أنتم وكلوا ) ، ولا قال: اسألوا ، ( سموا أنتم وكلوا ) ، وفي هذا إشارة إلى أنه لا ينبغي أن يسألوا لأن الذبح ليس من فعلهم، فهم ليسوا مسؤولون عن فعل غيرهم، وإنما يسألون عن فعلهم هم، ولهذا قال: ( سموا أنتم وكلوا ) : أنتم سموا على فعلكم وهو الأكل ، وأما الذبح الذي ليس من فعلكم فلا تسألوا عنه .
إذن الأصل ألا نسأل عن فوات الشرط ولا وجود المانع إلا إذا اقتضت الحال ذلك فحينئذٍ لا بأس، كما سأل النبي صلى الله عليه وسلم : ( أعليه دين ) .
ومن فوائد هذا الحديث: تعظيم الدين، وأنه لا ينبغي للإنسان أن يستدين إلا عند الضرورة الملحة، لأنه إذا كان الدين يمنع شفاعة الشافعين فهو خطير، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يمتنع عن الصلاة على مَن عليه دين، لأن صلاته شفاعة، والدين لا تنفع معه الشفاعة، حتى الاستشهاد في سبيل الله الذي يكفر جميع الأعمال لا يكفر الدين.
ويتفرع على هذه الفائدة: بيان سفه بعض الناس الذين يستهينون بالديون وتجده يتدين أو يستدين لأدنى حاجة ، عنده سيارة تكفيه لشغله وزيادة لكنها من طراز قديم لها عشر سنوات، يعني: من موديل ثمانين، قال: ما يمكن، أنا بشتري موديل تسعين، يبيع هذه بثلاثة آلاف ويشتري بثلاثين ألفا، وليس عنده من الثلاثين ألفا ولا ريالا إلا قيمة السيارة القديمة، هذا جهل وسفه وضلال، وإذا كان الله في القرآن لم يُرشد إلا الاستدانة مع الحاجة التي تكون شبه ضرورة، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فإن هذا دليل على أنه ينبغي للإنسان أن يتخلى من الدين، قال الله تعالى: (( وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله )) ، ولم يقل: وليستدن الذين لا يجدون نكاحاً، وإنما قال: (( وليستعفف )) .
ولما قال الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم: ليس عندي صداق أدفعه للمرأة لم يقل: استدن، قال: ( إلتمس ولو خاتما من حديد ، فلما لم يجد زوجه بما معه من القرآن ).
طيب ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للإمام أن يدع الصلاة على مَن عليه دين اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال بعض العلماء: لا، هذا من خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن صلاته شفاعة، وأُجيبَ بأن صلاة غيره شفاعة أيضاً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه ) : والإمام مسؤول عن رعيته ، فإذا امتنع من الصلاة على مَن عليه دينٌ تعزيراً له ، وكذلك تحذيراً من الدين ، كان ذلك مصلحة للرعية .
وفيه أيضاً من فوائد الحديث : أنه ينبغي قصد من تُرجى إجابته ليصلي على الميت، ويؤخذ من كون الصحابة يقصدون رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي على جنائزهم، لأن الصلاة على الميت شفاعة له، ومن كان أقرب إلى الإجابة لصلاحه وتقواه كان أقرب إلى الشفاعة.
ومنها: حسن أدب الصحابة في مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم لقولهم: ( تصلي عليه ) ، ولم يقولوا: صل عليه، وتصلي : كما قلنا في الشرح جملة خبرية لكنها إنشائية، إذ أنها على تقدير همزة الاستفهام أي: أتصلي عليه؟
ومن فوائد الحديث: أن ظاهره أن الجنائز تُقدم في مكان يَحتاج إلى مشي، لقوله: ( فخطا خطوات ) : وكان الغالب في الجنائز في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أنها يُصلى عليها في مكان غير المسجد يسمى مُصلى الجنائز، خاص بالصلاة على الجنائز ، ويُصلي أحياناً على الأموات في المسجد ، عكس ما كان عليه الناس اليوم ، اليوم يصلي الناس على الجنائز في المساجد ، وليس لها أمكنة خاصة للصلاة عليها .
ومن فوئد الحديث: جواز السؤال عن المانع إذا كانت الحال تقتضي وجوده لقوله: ( أعليه دين؟ ) ، فإن لم تقتض الحال وجود المانع فالسؤال عنه من التنطع، فمثلاً : إذا جاءنا رجل وقال: إنه طلق زوجته، هل نسأله أطلقتها وهي حائض، أم نقول بصحة الطلاق بدون سؤال عن المانع؟
الثاني هو الأولى، لأن الأصل عدم وجود المانع، إلا إذا كنا في بيئة لا يعرفون أن طلاق الحائض حرام، فحينئذٍ نسأل ، هذا إذا قلنا بأن طلاق الحائض لا يقع ، أما إذا قلنا : بأن طلاق الحائض واقع فإنه لا حاجة إلى السؤال، لماذا ؟ لأنه واقع بكل حال ، حتى وإن كانت حائضاً .
وهل نسأل عن فوات الشرط؟
يعني الآن قلنا وجود المانع ما نسأل عنه هل نسأل عن فوات الشرط أو لا؟ أجيبوا؟
الطالب : ما نسأل .
الشيخ : ما نسأل ، ما نسأل عن فوات الشرط، لأن الأصل وقوع الشيء على وجه صحيح، والدليل على هذا ما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها : ( أن قوماً جاءوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله، إن قوما يأتوننا باللحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا، فقال: سموا أنتم وكلوا ) ، ولا قال: اسألوا ، ( سموا أنتم وكلوا ) ، وفي هذا إشارة إلى أنه لا ينبغي أن يسألوا لأن الذبح ليس من فعلهم، فهم ليسوا مسؤولون عن فعل غيرهم، وإنما يسألون عن فعلهم هم، ولهذا قال: ( سموا أنتم وكلوا ) : أنتم سموا على فعلكم وهو الأكل ، وأما الذبح الذي ليس من فعلكم فلا تسألوا عنه .
إذن الأصل ألا نسأل عن فوات الشرط ولا وجود المانع إلا إذا اقتضت الحال ذلك فحينئذٍ لا بأس، كما سأل النبي صلى الله عليه وسلم : ( أعليه دين ) .
ومن فوائد هذا الحديث: تعظيم الدين، وأنه لا ينبغي للإنسان أن يستدين إلا عند الضرورة الملحة، لأنه إذا كان الدين يمنع شفاعة الشافعين فهو خطير، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يمتنع عن الصلاة على مَن عليه دين، لأن صلاته شفاعة، والدين لا تنفع معه الشفاعة، حتى الاستشهاد في سبيل الله الذي يكفر جميع الأعمال لا يكفر الدين.
ويتفرع على هذه الفائدة: بيان سفه بعض الناس الذين يستهينون بالديون وتجده يتدين أو يستدين لأدنى حاجة ، عنده سيارة تكفيه لشغله وزيادة لكنها من طراز قديم لها عشر سنوات، يعني: من موديل ثمانين، قال: ما يمكن، أنا بشتري موديل تسعين، يبيع هذه بثلاثة آلاف ويشتري بثلاثين ألفا، وليس عنده من الثلاثين ألفا ولا ريالا إلا قيمة السيارة القديمة، هذا جهل وسفه وضلال، وإذا كان الله في القرآن لم يُرشد إلا الاستدانة مع الحاجة التي تكون شبه ضرورة، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فإن هذا دليل على أنه ينبغي للإنسان أن يتخلى من الدين، قال الله تعالى: (( وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله )) ، ولم يقل: وليستدن الذين لا يجدون نكاحاً، وإنما قال: (( وليستعفف )) .
ولما قال الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم: ليس عندي صداق أدفعه للمرأة لم يقل: استدن، قال: ( إلتمس ولو خاتما من حديد ، فلما لم يجد زوجه بما معه من القرآن ).
طيب ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للإمام أن يدع الصلاة على مَن عليه دين اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال بعض العلماء: لا، هذا من خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن صلاته شفاعة، وأُجيبَ بأن صلاة غيره شفاعة أيضاً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه ) : والإمام مسؤول عن رعيته ، فإذا امتنع من الصلاة على مَن عليه دينٌ تعزيراً له ، وكذلك تحذيراً من الدين ، كان ذلك مصلحة للرعية .
اضيفت في - 2004-09-07