تتمة الشرح في خمس لا يعلمهن إلا الله ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم إن الله عنده علم الساعة الآية ثم أدبر فقال ردوه فلم يروا شيئًا فقال هذا جبريل جاء يعلم الناس دينهم قال أبو عبد الله جعل ذلك كله من الإيمان
هذا أيضا لا يعلمونه ، إذا خرج هل يكون عمله صالحا أو عملا سيئا ؟.
هذا أيضا لا يعلمونه ، فمتعلقات العلم بما في الأرحام ليس خاصة بالذكور والأنوث ، وهذه كلها لا يعلمها إلا الله .
(( وما تدري نفس ماذا تكسب غدا ))، لا تدري نفس ماذا تكسب غدا ، ولم يقل ماذا يحصل لها غدا ، لأن الذي يحصل للإنسان في الغد نوعان :
نوع من كسبه ، ونوع من فعل الله به ، أما الذي من فعل الله به فلا طريق إلى العلم به إطلاقا ، أما الذي من كسبه فقد يقدره الإنسان ، قد يقول غدا أنا سأفعل كذا ، سأفعل كذا ، سأفعل كذا ، لكن هل هو ضامن ؟.
إذا لا علم عنده ، وإن قدر فلا علم عنده ، أما ما يتعلق بعلم الله به فهذا لا سبيل للعلم به إطلاقا لأنه من قدر الله ، وقدر الله سر مكتوم ، ولهذا لم يقل الله عزوجل : وما تدري نفس ماذا يحصل لها غدا ، بل قال : ماذا تكسب ، فإذا جهلنا ماذا نكسبه غدا فجهلنا بما يفعله بنا من باب أولى ، طيب .
(( وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت ))، الإنسان لا يدري بأي أرض يموت ، وما أكثر ما مات إنسان بأرض ما كان يجري على باله أن يذهب إليه أبدا ، ربما يموت في بلده أو في بلد آخر ، في البر ، في البحر ، في الجو ، ما يدري بأي أرض يموت .
ولقد حدثني الثقة حديثا حدثتكموه سابقا ، لكن بعض الإخوان لم يبلغه فيما أظن ، خرج الناس من الحج لما كانوا يحجون على الإبل ، ولما خرجوا إلى الحج وأتوا الجبال ، سلسلة الجبال المحيطة بمكة ، وتسمى الريع ، كان معهم رجل يمرض أمه ، مريضة ، فمشى الناس في آخر الليل وهو جلس مع أمه يمرضها ، ثم أركبها بعيره ، وسار خلف الناس فضاع ، ضاع لأن الجبال ريعان مشتبهة ، فسلك طريقا ليس هو الطريق الذي يخرج بالناس إلى نجد ، ولما ارتفع النهار لم يجد صحبه ، فوجد خباء في أحد الأودية فذهب إليه وسألهم أين طريق نجد ؟. قالوا أين أنت من طريق نجد ، لكن الآن اجلس ، ريح بعيرك ، وتريح أنت ، يقول فلما أناخ البعير ونزل أمه من حين ما أضجعها على الأرض قبض الله روحها ، سبحان الله ، هي من أهل عنيزة وحجت وجاءت إلى هذه الأرض التي لولا أنه ضاع ما وصل إليها ، لكن الله تعالى قدر أن تموت في هذه الأرض .
طيب وإذا كان الإنسان لا يدري بأي أرض يموت ، فهل يدر بأي وقت يموت ،؟.
لا ، لا يدري من باب أولى ، لأنه إذا كان لا يدري بأي أرض يموت مع أنه يملك أنى يذهب إلى المكان الفلاني والمكان الفلاني ، فعدم علمه بأي وقت يموت من باب أولى ، وهذا أيضا ظاهر .
هذه الخمس لا يعلمها إلا الله ، فمن ادعى علمها فهو كاذب ، ولكن هل يكفر ؟ .
نقول إن كان قد بلغه القرآن بأنه لا يعلم هذه أحد إلا الله ، فهو كافر لأنه مكذب للقرآن ، وإن كان لم يبلغه يبين له ذلك ، نعم .
1 - تتمة الشرح في خمس لا يعلمهن إلا الله ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم إن الله عنده علم الساعة الآية ثم أدبر فقال ردوه فلم يروا شيئًا فقال هذا جبريل جاء يعلم الناس دينهم قال أبو عبد الله جعل ذلك كله من الإيمان أستمع حفظ
في قوله تعالى:(( وينزل الغيث )) لم يذكر العلم به وذكره في الباقي فكيف.؟
الشيخ : نعم ؟.
السائل : قلنا نستفيد من هذا أن الله عزوجل هو الذي ينزله ، وهو يعلم متى ينزل وهو الذي ينزله ، لما قول الله عزوجل : (( ويعلم ما في الأرحام ))، يعني قياسا على الآية الأولى ، (( ويخلق ما في الأرحام )) .
الشيخ : إي نعم .
السائل : فيكون علم الخلق والخلق نفسه .
الشيخ : إي لكن العلم بما في الأرحام أبلغ ، لأن خلق ما في الأرحام معروف ، ما أحد يقول ذلك ، وأيضا متعلقات العلم بالجنين أكثر من متعلقات العلم بنزول الغيث .
السائل : ينزل الغيث معلوم عند الله عزوجل .
الشيخ : هو الكلام على أن كل الآيات في العلم ، كل الخمس في العلم ، إلا الغيث قال : (( وينزل ))، وإلا كلها في العلم .
السائل : ينزل ، التنزيل ...
الشيخ : قلنا إن التنزيل يفهم منه أنه لا يعلم ذلك إلا الله بطريق اللزوم فهو نص ، لأنه ما يمكن تنزيل إلا بعلم لكن هذه نص في العلم ، والحكمة ما أشرنا إليه ، نعم.
كيف حصر العلم في الخمس المذكورة في الآية مع أن هناك أمور أخرى لا يعلمها إلا الله.؟
الشيخ : نعم ، إي نعم ، هذا السؤال جيد ، طيب ، يقولون إن هذه مفاتيح ، (( عنده مفاتح الغيب )) فعلم الساعة ، الساعة مفتاح الآخرة ، الغيث مفتاح حياة الأرض ، ما في الأرحام مفتاح حياة لكل إنسان بحسبه ، (( ما تدري نفس ماذا تكسب غدا )) مفتاح العمل في المستقبل ، (( وما تدري نفس بأي أرض تموت)) مفتاح آخرة كل إنسان بعينه ، ولهذا فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم مفاتيح الغيب بهذه .
ما صحة ما يروى عن معاوية أنه كان أول من ترك حدا في الإسلام.؟
الشيخ : كذا ؟.
السائل : نعم .
الشيخ : أو : وكانت ، إذا ما شمال فارقتها يمينها ، فقال معاوية : كيف أصنع بك وقد قطعت أصحابك ؟، فقال : أنتم السادة اجعلها من جملة ذنوبك ، اجعلها من جملة ذنوبك التي تتوب إلى الله منها ، فخلى سبيله . فكان أول حد ترك في الإسلام .
هذا بارك الله فيك ليس بصحيح ، هذا ليس بصحيح ، واعلم أن معاوية وغيره من الخلفاء لفقت عليه الرافضة أشياء كثيرة ، فمثلا : إذا رأيت أحدا من بني أمية ذكر عنه مساوئ يعني غير لائقة بمقامه ، فاعلم أن هذا من دسائس الرافضة أو غيرهم ممن يكرهون هؤلاء ، وهذا لا يصح عن أمير المؤمنين معاوية ، نعم .
باب حدثنا إبراهيم بن حمزة قال حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله أن عبد الله بن عباس أخبره قال أخبرني أبو سفيان بن حرب أن هرقل قال له سألتك هل يزيدون أم ينقصون فزعمت أنهم يزيدون وكذلك الإيمان حتى يتم وسألتك هل يرتد أحد سخطةً لدينه بعد أن يدخل فيه فزعمت أن لا وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد
قال البخاري رحمه الله تعالى : باب
حدثنا إبراهيم بن حمزة قال : حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله أن عبد الله بن عباس أخبره قال : أخبرني أبو سفيان : ( أن هرقل قال له : سألتك هل يزيدون أم ينقصون ؟. فزعمت أنهم يزيدون وكذلك الإيمان حتى يتم ، وسألتك : هل يرتد أحد سخْطةً لدينه بعد أن يدخل فيه ؟، فزعمت أن لا وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد ).
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم ، قول البخاري : باب ، ولم يذكر ترجمة ، قال الشارحون إنه يعني أن هذا الباب بمنزلة الفصل ، بمنزلة الفصل في كتب فقه وشبهها ، والعلماء رحمهم الله يكتبون الكتابة للجنس ، والباب للأنواع ، والفصل للمسائل ، فمثلا : الطهارة يعنون عنها بإيش ؟.
بكتاب الطهارة ، الصلاة بكتاب الصلاة ، الزكاة كتاب الزكاة ، الصيام كتاب الصيام إلخ .
والأنواع يعنون عنها بالأبواب ، فمثلا باب النياحة ، باب الآنية ، باب الإستنجاء ، باب الوضوء وما أشبه ذلك .
والمسائل من نفس الباب يكتب فيها فصل ، فصل ، يعني يفصل المسائل بعضها من بعض ، أحيانا لا يريدون فصل المسائل بعضها عن بعض ولكن يكون الكلام طويلا ، فيخشون من الملل فيكتبون : فصل ، لأنه لاشك إنه إذا فصل الكلام صار أسهل ، وأيسر على اللسان .
البخاري رحمه الله إذا قال : باب ، ولم يذكر ترجمة فمعنى هذا أن الباب تابع لما سبقه ، وأنه بمنزلة الفصل عند الفقهاء .
في هذا الحديث شاهد لزيادة الإيمان قوله : ( وكذلك الإيمان حتى يتم )، كذلك الإيمان حتى يتم ، وهنا قد يناقش في هذا الإستدلال ، لأن هرقل سأل عن أصحاب الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم : أيزيدون أم ينقصون ؟، ولم يسأل عن شرائعهم التي يأمروا بها هل تزاد أو تنقص ؟.
ولهذا يخفى علي أن يكون في هذا الحديث دليل على ما أراد البخاري من زيادة الإيمان ونقصانه ، ولعل الشارح يبين لنا إن كان تكلام .
السائل : قوله : باب يا شيخ .
الشيخ : نعم.
5 - باب حدثنا إبراهيم بن حمزة قال حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله أن عبد الله بن عباس أخبره قال أخبرني أبو سفيان بن حرب أن هرقل قال له سألتك هل يزيدون أم ينقصون فزعمت أنهم يزيدون وكذلك الإيمان حتى يتم وسألتك هل يرتد أحد سخطةً لدينه بعد أن يدخل فيه فزعمت أن لا وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد أستمع حفظ
قراءة من الشرح والتعليق عليه
الشيخ : إذا صار الشاهد ليس علشان الزيادة والنقصان ، علشان تسمية الإيمان دينا .
وصنيع البخاري رحمه الله يستفاد منه أن يجوز تقطيع الحديث والاقتصار على المراد منه ، لكن العلماء قالوا : يشترط في هذا أن لا يكون للمحذوف تعلق في المذكور ، فإن كان له تعلق به فإنه لا يجوز الحذف ، نعم .
باب : فضل من استرأ لدينه
حدثنا أبو نعيم حدثنا زكرياء عن عامر قال سمعت النعمان بن بشير يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الحلال بين والحرام بين وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه ألا وإن لكل ملك حمًى ألا إن حمى الله في أرضه محارمه ألا وإن في الجسد مضغةً إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب
الشيخ : باب : فضل من استبرأ لدينه ، من استبرأ لدينه أي طلب البراءة من الشبهات والزلات .
ثم ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه النعمان بن بشير : ( الحلال بين والحرام بين وبينهما مشتبهات ) يعني أن الأحكام ثلاثة أقسام :
حلال بين ، وحرام بين وهذا لا إشكال فيه ، وقد اجتمعا في قوله تعالى : (( وأحل الله البيع وحرم الربا )) واجتمعا كذلك في قوله : (( حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم)) إلى قوله : (( وأحل لكم ما وراء ذلكم )) ، فالأحكام ثلاثة أقسام : حلال بين ، وحرام بين ، وهذا لا اشتباه فيه ، الحلال يفعل والحرام يجتنب .
هناك أمور مشتبهات ، وأسباب الاشتباه كثيرة ، تشتبه إما على عامة الناس ، وإما على طلبة العلم الذين نقص علمهم ، أو فهمهم ، أو كان عندهم إرادة غير مطلوبة ، لأن أسباب الاشتباه منها :
أولا : نقص العلم ، ومعلوم أن من يحفظ مئة حديث ليس كمن يحفظ ألف حديث ، أيهم أكثر علما ؟. الثاني .
وإما قصور في الفهم ، رجل يحفظ كثيرا عنده علم كثير ، لكن ليس عنده فهم هذا أيضا يحصل له اشتباه ، لأنه لا يفهم النصوص كما هي .
والثالث : سوء إرادة بحيث يحمل النصوص على معتقده ، وهذا هو الذي يقول في القرآن برأيه أو بالسنة برأيه ، يريد أن يحمل النصوص على معتقده ، فتجده إذا جاء النص مخالفا لمعتقده يلوي عنقه ، وربما إذا أبى النص أن يلتوي عنقه كسره ، نعم أو ذبحه ، فهذا أسباب الاشتباه .
أما من أعطاه الله علما ، وأعطاه فهما ، ونية صادقة ، وجعل النصوص متبوعة لا تابعة ، وصار بقلبه وقالبه وجوارحه وأقواله يتطلب الدليل ، فهذا في الغالب يوفق ، يوفق للحق ، وييسر له الحق ، حتى يصل إليه .
( بينهما مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس )، فما موقف الإنسان من هذه المشتبهات ؟ .
بينه الرسول عليه الصلاة والسلام ، قال : ( فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه ) لدينه من قبل الله ، وعرضه من قبل الناس ، ولهذا تجد الإنسان الذي يستمرغ المتشابهات يعير فيقال فلان يأكل متشابه ، فلان يأكل متشابه ، لهذا من أراد أن يستبرأ لدينه وعرضه فليتق الشبهات ، لكن مالم يمكن أن يصل إلى العلم ، فإن أمكن ، فهذا هو الواجب لقوله تعالى : (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) فهذه المشتبهات التي لا يعلمها كثير من الناس إذا أمكن الإنسان أن يصل إلى العلم فيها فهذا هو الواجب ، لكن قد لا يتيسر له ذلك ، فهنا نقول تجنب ، اسلك طريق السلامة ، كان الإمام أحمد رحمه الله لا يعدل بالسلامة شيئا .
وأضرب مثلا برجل قال : هل أتكلم في كذا أو أسكت ، فالغالب أن السلامة السكوت ، الغالب أن السلامة السكوت ، فهكذا أيضا الإقدام على المشتبهات الغالب أن السلامة هو تجنبها .
ثم ضرب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لمن وقع في الشبهات لقوله : ( ومن وقع في الشبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه ) الحمى : جرت عادة الملوك أو الرؤساء أو الوجهاء أو ما أشبه ذلك أن يحموا لهم قطعة من الأرض حتى لا يراعاها الناس ، فتبقى وافرة لرعي بهائمهم ، هذه القطع المحمية تكون في الغالب خضرة تهتز ، أحسن مما حولها مما يرعى ، فإذا جاء هذا الراعي بغنمه حول هذا الحمى ورأته البهائم ماذا تصنع ؟.
تنطلق إليه ، تنطلق إليه ، فالذي ينتهك المشتبهات كالراعي الذي يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه .
ثم قال : ( ألا وإن لكل ملك حمًى ) وهل هذا إباحة أو بيان لواقع ؟.
هذا بيان للواقع ، والنبي عليه الصلاة والسلام قد يقول القول بيانا للواقع لا إقرار له ، قل النبي عليه الصلاة السلام : ( لتركبن سنن من كان قبلكم اليهود والنصارى ) هل هذا إقرار أو إخبار عن الواقع مع وجود الأدلة الدالة على النهي عن التشبه بهم ؟.
الثاني ، وكذلك ما أخبر أن أمر الإنسان يتم وتحصل الطمأنينة : ( حتى تخرج الظعينة من كذا إلى كذا لا تخشى إلا الله ) ، هل هذا إقرار لسفر المرأة بلا محرم مع الأمن ؟.
لا ، ويشتبه على بعض طلاب العلم ، قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي يقصد به بيان الواقع ، مع الذي يقصد به الإباحة .
هنا قوله : ( ألا وأن لكل ملك حمى ) ليس معناها أن هذا إقرار ، بل هو إخبار عن الواقع ، لأنه جرت عادة الملوك أن يحموا لمواشيهم وخيلهم وإبلهم ما يحموهم .
لكن ذكر الفقهاء رحمهم الله ، أنه يجوز لولي الأمر أن يحمي لمواشي بيت المال ، ودواب المسلمين ، بشرط ألا يضر المسلم ، بشرط ألا يضرهم ، بأن يكون حماه بعيدا عن مراعي البلد مثلا ، لأنه لو حمى حول البلد لكان يضيق على الناس مراعيهم ، فقالوا : " للإمام حمى مرعى لدواب المسلمين مالم يضرهم ".
طيب ( ألا إن حمى الله في أرضه محارمه ) المحارم حماها الله ، أن لا ينتهكها الناس ، لكن مع ذلك هذه المحارم يزينها الشيطان ، يزينها للنفس ، كما يزدان حمى الملك للمواشي الراعية حولها ، فتجد الشيطان يزين للإنسان أشياء محرمة ينتهكها ، مع أنه عند التفكير يرى أنه مخطئ ، لكن الشيطان يزينها في قلبه ، وهذا داء عظيم ، (( أفمن زين له سوء عمله فرءاه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات )) .
فقد يزين للإنسان أحيانا بما هو ضرر عليه في دينه ودنياه ، الشيطان يصور الأشياء التي هي محارم الله بأشياء مباحة طيبة ، ويهون على الإنسان انتهاكها ، ويقول سهلة افعل وتب ، وباب التوبة مفتوح ، أو أنت لا شف غيرك يفعل كذا وكذا ، أنت إذا أخذت رشوة مئة ريال مثلا ، شف غيرك يأخذ ألف ريال ، ويأخذ مئة ريال هذه مرة ، ويأخذ المرة الثانية ألف ريال ، يقول شف غيرك أخذ ألفين ريال ، ويتدرج به حتى يوقعه في الهلاك نسأل الله العافية .
( ألا وإن في الجسد مضغةً إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب )، المضغة هي بقدر ما يمضغه الإنسان من اللحم ، وهي صغيرة ، هذه المضغة يقول : ( إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب )، وهذا يدل دلالة واضحة على أن القلب هو المدبر للجسد ، ولا إشكال في ذلك ، ثم هذا القلب ما هو ؟.
قال الأطباء القلب المخ ، القلب المخ ، لأن هو المدبر ، ولهذا إذا تعطل المخ فسد كل شيء ، ولكن هذا تحريف ، وهذا من جملة ما قلنا إن الإنسان إذا كان له هوى حاول أن يلوي أعناق النصوص ، نقول سبحان الله ، كيف يكون القلب هو المخ ، وقد قال الله تعالى : (( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي )) في الرؤوس ؟.
السائل : الصدور .
الشيخ : ما قال هكذا أبدا ، (( ولكن تعمى القلوب التي في الصدور )) (( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها )) نفس الآية ، (( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ))، والكلام هذا صادر ممن ؟.
من الخالق ، من الخالق الذي خلق القلوب ، وعلم ما يحصل منها ، وخلق الأجساد ، وعلم أنها تنقاد انقيادا تاما للقلب ، وقد شبه أبو هريرة رضي الله عنه القلب بملك مطاع ، والملك المطاع يأمر ويعتبر الناس له ، لكن قال شيخ الإسلام : إن قول الرسول عليه الصلاة والسلام إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله أبلغ من أن تشبه ذلك بالملك المطاع ، لأن الملك المطاع قد يطاع أحيانا وقد يعصى أحيانا ، أما القلب مع الجوارح فهو لازم لزوما لا بد منه ، ( إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ).
وهذا الحديث فيه رد على طائفة من الناس ، تنهاهم عن المنكر الظاهر ، كحلق اللحية وشرب الدخان وإسبال الثوب وما أشبه ذلك ، ثم يقول لك التقوى هاهنا حتى يضرب صدري يكاد يخرقه ، من شدة الضطرب ، التقوى هاهنا ، طيب التقوى ها هنا ، لو اتقى ما هاهنا لاتقى ما هاهنا ، اتقت الظواهر ، لو اتقى القلب لاتقت الظواهر ، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول : ( إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ) ، فإذا رأيت إنسانا يقول التقوى هاهنا ويضرب صدره بقوة يكاد يخرقه ، قل يا أخي : لا تخرق صدرك كلامك هذا خطأ ، لو صلح ما هاهنا ، لصلحت الجوارح ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ( إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ) ، نعم .
الحاصل أن هذا الحديث حديث عظيم وهو من أحاديث الأربعين النووية ، وقد شرح الأربعين النووية الحافظ ابن رجب رحمه الله ، وشرحه يعني من أوسع ما رأيته على شرح الأربعين النووية ، وهذه الأربعين النووية أيضا فيها خير وبركة ، يحفظها الصبي الصغير ، لأنها سهلة ، وإذا حفظها نقشت في قلبه ، واستفاد منها بعد الكبر .
وفي هذا الحديث حسن بيان الرسول عليه الصلاة والسلام وتقسيماته ، وأنها تقسيمات حاصرة واضحة جلية ، نعم
8 - حدثنا أبو نعيم حدثنا زكرياء عن عامر قال سمعت النعمان بن بشير يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الحلال بين والحرام بين وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه ألا وإن لكل ملك حمًى ألا إن حمى الله في أرضه محارمه ألا وإن في الجسد مضغةً إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب أستمع حفظ
ما حكم الملك الذي يحمي الحمى هل يطاع في ذلك.؟
الشيخ : نعم .
السائل : ولكن هل يجوز يا شيخ إذا حمى الملك حمى أن يرعى الناس في ذلك الحمى ، أو تجب طاعته فينتهون ...
الشيخ : إذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمرنا أن نصبر على ما يأخذ من أموالنا ، فكيف لا نصبر على كفه إيانا عن شيء من فعل الله عزوجل ، فيجب علينا أن لا ننابذ ، نعم .
ما قولكم فيمن قال أن المباح من المشتبهات.؟
الشيخ : يقول أن أو إن ؟.
السائل : يقول : إن المباح من المشتبهات .؟
الشيخ : إيش ،
السائل : المباح من المشتبهات ، كيف يكون من المشتبهات ؟.
الشيخ : ربما يشتبه على بعض الناس حل هذا الشيء ، أليس الدخان أول ما خرج اشتبه على الناس ؟. بعض العلماء قال حلال وبعضهم قال حرام ، وبعضهم قال مكروه ، وبعضهم قال واجب .
أي نعم ، أنا رأيته ، يقول واجب كيف ؟. قال ربما يكون الإنسان دايخ ممن اعتاد الدخان ، دايخ مرة ، ولا يقدر يصلي أبدا إلا بعد أن يشرب سيجارة .
قال هذا يجب عليه أن يشرب السجارة عشان يصلي ، يصلي صلاة يطمئن فيها .
لكن على كل حال هذا أذكره على سبيل النكتة ، يعني من بعض العلماء رحمهم الله إذا ظهر الشيء ، أول ما يظهر لا بد من خلاف ، وصاحب : " غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى " الشيخ مرعي من متأخري أصحاب الإمام أحمد يقول في غايته : " ويتجه حل شرب قهوة ودخان " يتجه ، يعني على مذهب الحنابلة ، حل شرب ، قهوة ودخان ، والأولى لكل ذي مروءة تركهما ، نعم .
فجعل الدخان مع القهوة ، ثم قال : الأولى لصاحب المروءة أن يدعهما ، لكن الآن استقر عندنا ولا عندنا فيه إشكال أن الدخان حرام لما يترتب عليه من أضرار بدنية ومالية واجتماعية ودينية ، ليس هذا موضع بسطها .
فالمهم أقول أن الحلال قد يشتبه على بعض الناس ، الآن إسبال الثوب إلى أنزل من الكعب اشتبه على بعض الناس ، بعض الناس ، العلماء ليس العوام ، قال : لا يحرم تنزيل الثوب عن الكعب إلا إذا كان للخيلاء ، فقيد هذا الحديث بهذا الحديث وإن كان غير صحيح ، لأن التقييد لا بد أن يتطابق ، المقيد والمقيد ، أما إذا اختلفا فلا يصلح التقييد .
فالمهم يا أخي إن اشتباه الحلال قد يشتبه .
السائل : المتفق على إباحته .
الشيخ : راجع كتاب الأطعمة في الفقه ، وكتاب الذكاة ، وكتاب الصيد ، وكتاب البيع ، وكتاب النكاح ، وكتاب الوقف ، وكتاب الرهن ، وكتاب الإيجارة ، تجد الحلال والحرام ، ما يمكن بسط هذه المسائل ، الرسول أعطانا أشياء مجملة ، الأحكام ثلاثة ، حلال بين وحرام بين ، ومشتبه ، والمشتبه أمر نسبي قد يشتبه عند الإنسان ما يتضح عند غيره ، نعم .
من قلبه سليم وفي عقله خلل بطل تصرفه فكيف يقال أن العقل في القلب.؟
الشيخ : قلبه سليم حسا ، وليس سليما معنىً ، ليس سليما ، ثم لاحظوا أن المشكلة الآن أنه ثبت أن الدماغ إذا اختل بطل تصرف الإنسان لاشك في هذا ، أو لا ؟.
لكن الإمام أحمد عنه كلمة قال : " العقل في القلب وله اتصال في الدماغ "، وبعضهم شبه القلب والدماغ بالماطور واللمبة ، المولد ؟.
الماطور ، واللمبة تضيء ، فقال الأصل هو الماطور ، واللمبة عبارة تضيء فقط ، لو انكسرت اللمبة ؟.
ما حصل إضاءة ، ولو خرب الماطور ما حصل إضاءة ، لكن الأصل هو الماطور .
وبعضهم قال الدماغ سكرتير والقلب ملك ، السكرتير هذا يصفي الأوراق ويزينه ويرتبه ، ثم يرسلها للملك ، الملك عاد إما أن يأمر وينفذ ، السكرتير ينفذ ، وإما أن يمنع ، ولهذا يكون التصور قبل الحكم ، التصور قبل الحكم ، الدماغ يصور الأشياء ويرتبها ويرسلها للملك ، عن طريق إيش ؟.
عن طريق عروق ما ندري كيفية ذلك ، ما ندري وش كيفيتها ، كيف يصل إلى القلب ، ثم القلب إما أن يحكم وينفذ وإما أن يمنع .
المهم نحن المؤمنين ، نحن المؤمنين بالله ورسوله ، المهم أن ما جاء في القرآن صريحا لا نقبل فيه قول أحد أبدا ، ما نقبل القول فيه قول أحد ، نقول الله أعلم عاد به ، بكيفية ذلك ، إن اهتدينا لكيفية الجمع بين الواقع وبين النص وهذا المطلوب ، وإن لم نهتدي فالواجب ، تقديم النص ، وهناك أشياء ما يستطيع البشر أن يصلوا إليها .
الآن فيه أمراض ، أمراض لا يستطيع الناس أن يصلوا إليها ، ولا إلى أسبابها ولا إلى دوائها ، مع أنها أمراض طارئة على الجسم ، كيف تكوين الجسم وخلقه وما أودع الله فيه ، وما أودع الله فيه من القوى ، لما سألوا الرسول عن الروح قال الله تعالى : (( ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي )) من شأن الله ، ثم قال : (( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا )) ، يوبخهم ، هذا توبيخ ، يقول ما بقي عليكم من العلم إلا أن تعرفوا الروح ، وش الجواب ؟.
كيف ، ما عندنا علم ، (( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا )) فإذا لم يبقى عليكم إلا معرفة الروح فالمسألة سهلة ، لكن ما أوتيتم إلا قليلا ، نعم ؟.
السائل : شيخ .
الشيخ : ثلاثة أخذنا .
باب : أداء الخمس من الإيمان
حدثنا علي بن الجعد قال أخبرنا شعبة عن أبي جمرة قال كنت أقعد مع ابن عباس يجلسني على سريره فقال أقم عندي حتى أجعل لك سهمًا من مالي فأقمت معه شهرين ثم قال إن وفد عبد القيس لما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم قال من القوم أو من الوفد قالوا ربيعة قال مرحبًا بالقوم أو بالوفد غير خزايا ولا ندامى فقالوا يا رسول الله إنا لا نستطيع أن نأتيك إلا في الشهر الحرام وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر فمرنا بأمر فصل نخبر به من وراءنا وندخل به الجنة وسألوه عن الأشربة فأمرهم بأربع ونهاهم عن أربع أمرهم بالإيمان بالله وحده قال أتدرون ما الإيمان بالله وحده قالوا الله ورسوله أعلم قال شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وأن تعطوا من المغنم الخمس ونهاهم عن أربع عن الحنتم والدباء والنقير والمزفت وربما قال المقير وقال احفظوهن وأخبروا بهن من وراءكم
الشيخ : اللهم صل وسلم عليه .
13 - حدثنا علي بن الجعد قال أخبرنا شعبة عن أبي جمرة قال كنت أقعد مع ابن عباس يجلسني على سريره فقال أقم عندي حتى أجعل لك سهمًا من مالي فأقمت معه شهرين ثم قال إن وفد عبد القيس لما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم قال من القوم أو من الوفد قالوا ربيعة قال مرحبًا بالقوم أو بالوفد غير خزايا ولا ندامى فقالوا يا رسول الله إنا لا نستطيع أن نأتيك إلا في الشهر الحرام وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر فمرنا بأمر فصل نخبر به من وراءنا وندخل به الجنة وسألوه عن الأشربة فأمرهم بأربع ونهاهم عن أربع أمرهم بالإيمان بالله وحده قال أتدرون ما الإيمان بالله وحده قالوا الله ورسوله أعلم قال شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وأن تعطوا من المغنم الخمس ونهاهم عن أربع عن الحنتم والدباء والنقير والمزفت وربما قال المقير وقال احفظوهن وأخبروا بهن من وراءكم أستمع حفظ
فوائد
أولا : أن أداء الخمس من الإيمان ، وما هو أداء الخمس ؟ .
أداء الخمس يعني في الغنائم ، وقد مر علينا في كلام شيخ الإسلام في السياسة الشرعية وغيره .
وفيه أيضا تكريم طالب العلم من أستاذه إذا كان أهلا لذلك ، لأن ابن عباس أجلس من ؟.
أبا جمرة أجلسه على سريره ، وطلب منه أن يبقى عنده ، لأنه كأنه رأى فيه نباهة ووعاء للعلم .
وفيه أنه لا حرج على الأستاذ أن ينفل بعض البارزين من الطلبة لا ليكسر خواطر الآخرين ولكن ليشجعهم ، على أن يكونوا مثله ، فإن خاف أن يكون في ذلك كسر لقلوب الآخرين فهنا درء المفاسد أولى من جلب المصالح .
وفيه أيضا أنه لا ينبغي لمن فضل عليه أحد النابغين لا ينبغي أن يكون في قلبه شيء على هذا المفضل أو على من فضله ، بل يقول فضل الله يؤتيه من يشاء ، ويحرص هو على أن يرتقي إلى درجة هذا حتى يكون مثله .
وفيه أيضا حسن تلقي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم للوفود ، صح ، كيف ؟.
السائل : مرحبا بالقوم .
الشيخ : ( مرحبا بالقوم أو بالوفد غير خزايا ولا ندامى ) .
وفيه أيضا سؤال الإنسان عن الوفد وعن الرجل أيضا إذا كان لا يعرفه ، لأنه قد يكون هذا الوفد له حق الإكرام والتعظيم ، والاحترام ، أو هذا الرجل له أيضا حق الإكرام ، ثم إذا كنت لا تعرفه يفوتك ما يجب عليك من حقه ، ولا يعد هذا إهانة للرجل ، يعني لو أحد سلم عليه وقلت : من أنت ؟. لا يضر ، لأنه إذا قال أنا فلان ، قد يكون قريبا لك ، له حق القرابة ، قد يكون رجلا من المحسنين الذين لهم حق الاحترام ، لأن من كان من المحسنين إلى عباد الله فله حق الاحترام ، قد يكون من أسياد قومه وشرفاء من سادات قومه وأشرافهم ، يحتاج إلى إكرامه وتأليفه .
فالمهم أن سؤال الإنسان عن الوفد أو عن الواحد من الوفد لا يستغرب ، بل هو من هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
وفيه أيضا هذا الحديث بيان احترام الأشهر الحرم حتى في الجاهلية ، حتى في الجاهلية كانوا يحترمون الأشهر الحرم ، وهي أربعة : رجب ، وذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، أو نبدأ بالمحرم ؟.
من جعل السنة ربيعا الأول بدأ برجب ، وذو القعدة وذو الحجة ، والمحرم ، ومن بدأ السنة بالمحرم كما هو طريق المسلمين إلا من شذ ، قال أولها المحرم ثم رجب ، ثم ذو القعدة ثم ذو الحجة .
ومن قال أريد أن اجمع الثلاثة مجتمعات جميعا وأفرد رجب ، قلنا لا بأس المسألة واسعة ، هذه الأشهر الأربعة كانت حرما لأن الثلاثة المجتمعة بتحريم أو لاحترام الحج والسفر إليه ، وأما رجب فكان من عادة العرب ، من عادة العرب أنهم يعتمرون في رجب ، لماذا ؟ .
لأنهم أي العرب يرون الاعتمار في أشهر الحج من أفجر الفجور ، ويقولون : إذا برئ الدبر ، وعفى الأثر ودخل صفر أو خرج حلت العمرة لمن اعتمر ، ومن ثم كانت عمر النبي صلى الله عليه وسلم كلها في أشهر الحج في ذي القعدة أربع ، وتوهم عبد الله بن عمر حيث قال : إن منها واحدة في رجب ، وقد بينت وهمه عائشة رضي الله عنها .
فالحاصل أن العرب حتى في الجاهلية يحترمون أشهر الحُرُم ...
وفيه أيضا فيه دليل على جواز الغيبة للمصلحة والشكاية ، لماذا ؟ .
لأن ربيعة شكت مضر ، شكت مضر لأنهم يمنعونهم ، يعني يعتدوا عليهم إذا مروا بهم في غير أشهر الحُرُم فأقرهم النبي عليه الصلاة السلام على ذلك .
وفيه هذا المطلب العظيم من هؤلاء الوفد ، قالوا : مرنا بأمر فصل ، يعني ما في اشتباه ، نخبر به من وراءنا وندخل به الجنة رضي الله عنهم ، ما قالوا نكسب به الدنيا أو نصل به إلى الترف ، قالوا : نعلم وندخل الجنة ، نعلم بماذا حيث قالوا إيش ؟.
نخبر به من وراءنا ، وندخل الجنة وهذه غاية ، العلم شرف في الدنيا ، والجنة شرف في الآخرة ، فهذا اللي هو .
وسألوه عن الأشربة فأمرهم بأربع ونهاهم عن أربع : أمرهم بالإيمان بالله وحده قال : ( أتدرون ما الإيمان بالله وحده ؟. ) قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ( شهادة أن لا إله إلا الله ... إلخ )، ففسر الإيمان بالإسلام ، وفي حديث جبريل فسر الإيمان بمعتقدات القلب ، وفسر الإسلام بأعمال الجوارح .
وفي قوله : الله ورسوله أعلم ، دليل على جواز قرن الرسول عليه الصلاة والسلام أو قرن علم الرسول بعلم الله بالواو ، الله ورسوله ، ولم ينههم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مع أنه قال للذي قال له : ما شاء الله وشئت .