القارئ : " قال ابن حجر رحمه الله : جزم كثير من الشراح تبعا للخطيبي في مبهماته بأنها بنت جحش أم المؤمنين ولم أر ذلك في شيء من الطرق صريحا ، ووقع في شرح شيخي سراج الدين بن الملقن أن ابن أبي شيبة رواه كذلك ، لكني لم أر في مسنده ومصنفه زيادة على قوله : قالوا لزينب ، أخرجه عن إسماعيل بن علية عن عبد العزيز ، وكذا أخرجه مسلم عنه وأبو نعيم في المستخرج من طريقه ، وكذلك رواه أحمد في مسنده عن إسماعيل ، وأخرجه أبو داود عن شيخين له عن إسماعيل ، فقال عن أحدهما :زينب ولم ينسبها ، وقال عن آخر : حمنة بنت جحش " الشيخ : لا ، هذا شاذ حمنة ، ما هي حمنة . القارئ : " فهذه قرينة في كون زينب هي بنت جحش ، وروى أحمد من طريق حماد عن حميد عن أنس أنها حمنة بنت جحش أيضاً ، فلعله نسب الحبل إليهما باعتبار أنه ملك لإحداهما ، والأخرى المتعلقه به ، وقد تقدم في كتاب الحيض أن " الشيخ : في كتاب إيش؟ القارئ : نعم ؟ الشيخ : في كتاب ؟ القارئ : الحيض . الشيخ : الحيض ؟ القارئ : الحيض ، نعم ، " أن بنات جحش كانت كل واحدة منهن تدعى زينب فيما قيل ، فعلى هذا فالحبل لحمنة ، وأطلق عليها زينب باعتبار اسمها الآخر ، ووقع في صحيح ابن خزيمة من طريق شعبة عن عبد العزيز فقالوا لميمونه بنت الحارث ، وهي رواية شاذة ، وقيل : يحتمل تعدد القصة ، ووهم من فسرها بجويريه بنت الحارث ، فإن لتلك قصه أخرى تقدمت في أوائل الكتاب - والله أعلم -وزاد مسلم فقالوا : لزينب تصلي . "
تتمة شرح الحديث : حدثنا أبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ( دخل النبي صلى الله عليه وسلم فإذا حبل ممدود بين الساريتين فقال ما هذا الحبل قالوا هذا حبل لزينب فإذا فترت تعلقت فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا حلوه ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليقعد )
الشيخ : على كل حال فهمها ليس بلازم ، لكن الشاهد من الحديث : أن الإنسان لا ينبغي أن يكلف نفسه ، يصلي نشاطه فإذا فتر ترك الصلاة ، ولهذا قال : ( فإذا فتر فليقعد ) .
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت ( كانت عندي امرأة من بني أسد فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من هذه قلت فلانة لا تنام بالليل فذكر من صلاتها فقال مه عليكم ما تطيقون من الأعمال فإن الله لا يمل حتى تملوا )
القارئ : قال وقال عبد الله بن مسلمة عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كانت عندي امرأة من بني أسد ، فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : من هذه ؟ قلت : فلانة لا تنام الليل تذكر من صلاتها ، فقال : مه ، عليكم ما تطيقون من الأعمال ، فإن الله لا يمل حتى تملوا ) الشيخ : مه بمعنى اكفف ، ( عليكم ما تطيقون من الأعمال ) ، وهذا لا شك أنه هو الحكمة ، لأن الإنسان إذا ألزم نفسه بشيء يثقل عليها ملّت ، وتعبت ، وتركت ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أن أحب الأعمال إلى الله أدومه وإن قل ) ، فكل إنسان يلزم نفسه بشيء أكثر من طاقتها ، فإنه لا بد أن يندم ، وانظروا إلى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه ، لما قال : إنه يصوم ولا يفطر ، ونازله النبي صلى الله عليه وسلم حتى وصل إلى صيام داود يصوم يوماً ويفطر يوماً ، ماذا حصل له حين كبر ؟ تعب ، فصار يجمع خمسة عشر يوماً صياماً ، وخمسة عشر يوماً فطراً ، ويقول : لا أدع شيئاً فارقت عليه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فالإنسان ينبغي له أن يوازن بين الأمور ، وأن لا يتعب نفسه ، حتى يألف العبادة ويستمر عليها ، وإذا كان هذا في العبادة ، فهو أيضاً في طلب العلم ، وفي جميع الأعمال ، لا تقِس نفسك في المستقبل على حالها في ابتداء الأمر ، الإنسان قد يبتدئ الأمر بنشاط وهِمّة ، ثم يفتر ، وفي قوله : ( فإن الله لا يمل حتى تملوا ) ، يعني أن الله عز وجل مهما عملتم من الأعمال الكثيرة أو القليلة ، فإنه لا يمل من ثوابكم ، يعني حتى تملوا أنتم من الأعمال وتتركوا ، هذا هو معنى الحديث ، فأنتم إن أكثرتم أكثر الله لكم ، وإن أقللتم فلكم ما كسبتم ، حاول بعض الناس أن يسأل سؤالاً لا معنى له ، ولا وجه له ، فقال : هل يوصف الله بالملل ؟ فنقول : هذا سؤال غير وارد ، سؤال متعمق متنطع ، لأن المعنى واضح ، أما هل يوصف الله بالملل ، أو لا يوصف ؟ فهذا لو كان السؤال عنه خيراً لسبقنا إليه الصحابة رضي الله عنهم ، ما قالوا : يا رسول الله ، هل يمل ؟ هل الله يمل ؟ وهذا كالذي يقول : هل الله يشم ؟ ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن خلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك ) ، فهل الله يشم ؟ هذا أيضاً من التعمق والتكلف ، ويا ليتنا نكون في اليقين مثل الصحابة رضي الله عنهم ، وفي تعظيم الله مثل الصحابة ، ومع ذلك ما سألوا الرسول عن هذا ، وهذه الطريق وهي الكف عما لم يسأل عنه الصحابة في هذه الأمور ، هذه هي الطريق السليمة التي توجب استسلام الإنسان لما جاءت به النصوص من صفات الله ، وتريحه أيضاً ، لأنه لو بقي يسأل عن مثل هذه الأمور لتعب تعباً عظيماً ، لذلك اكفف عنها ، إن كنت تريد السلامة وراحة القلب والطمأنينة فاكفف عن هذا ، وقل : معنى الحديث ظاهر ،أن الله تعالى سيعطيكم من الثواب بقدر ما تعملون ، ولن يمل من هذا الثواب ما دمتم لم تملوا من العمل ، واقتصر على هذا ، والصحابة فهموا ذلك بلا شك ، نعم
قول بعض العلماء أن نوم النبي صلى الله عليه وسلم لا ينقض الوضوء وقول عائشة ( وثب ... وإلا توضأ ) ؟
السائل : قول بعض العلماء : أن نوم النبي صلى الله عليه وسلم لا ينقض الوضوء ، وقول عائشة ؟ الشيخ : وثب . السائل : وإلا توضأ . الشيخ : نعم . السائل : كيف الجمع ؟ الشيخ : هذا الوضوء ليس بواجب ، يتوضأ ، لأنه أنشط له على العبادة ، والفعل المجرد لا يدل على الوجوب ، ولا شك أن من قام من النوم وتوضأ أنه أنشط له ، أفهمت ؟ نعم
السائل : لو واظب عليها الإنسان ، ولم ترد المواظبة ... لم يثبت ؟ الشيخ : هذا إشكال جيد ، لا شك أنه إشكال جيد ، لكن الصلاة عند الوضوء جاءت بها السنة صريحة ، في قوله صلى الله عليه وسلم : ( من توضأ نحو وضوئي هذا ، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه ، غفر الله له ما تقدم من ذنبه ) ، فلهذا الاعتماد في الاستدلال على استحباب سنة الوضوء على حديث عثمان : ( من توضأ نحو وضوئي هذا ) ، أفهمت الآن ؟ أقول : فهمت ؟ السائل : الحديث الثاني ؟ الشيخ : ما هو ؟ السائل : ... كان يواظب على صلاة ... ؟ الشيخ : هذا نقول هو جائز ، لكن لا يُسن لنا أن نفعل ، لأن الرسول نفسه لم يواظب على سورة الإخلاص ، ولم يدع الناس إليها ، وهذا حديث بلال ، لولا حديث عثمان لقلنا إنه مثله ، إذ لا فرق ، واضح ؟ السائل : واضح ، لكن هل يُقاس عليه ... ؟ الشيخ : إذا قلنا واضح بس معناه واضح ، ما وضح السائل : ... ؟ الشيخ : كل شيء لم يشرعه الرسول شرعاً عاما ً إما بفعله أو بقوله ، ولكن فعله بعض الصحابة وأقرهم ، فإن حكمه : أن لا يكون بدعة فقط ، كما أذن لسعد بن عبادة رضي الله عنه أن يتصدق ب... ، يعني بنخله لوالدته بعد موتها ، فهل نقول : إنه ينبغي لنا نحن أن نتصدق بأموالنا لموتانا ؟ لا ، لكن لو فعلنا لم نُعدَّ بدعة ، نعم
مر معنا أن موافقة السنة أفضل من إكثار العمل في حديث عائشة رضي الله عنها ( أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يزيد على إحدى عشر ركعة ) هل نقول أن الإحدى عشر ركعة أكثر أجراً من إحدى وعشرين ركعة ؟
السائل : شيخ بارك الله فيك ، أخذنا أن موافقة السنة ، أفضل من إكثار العمل ، في حديث عائشة رضي الله عنها : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يزيد على ثلاثة عشر ركعة أو إحدى عشر ركعة ) ، هل نقول : أن إحدى عشر ركعة أفضل من الأجر وأكثر أجراً من إحدى وعشرين ركعة ؟ الشيخ : نعم ، نقول هي أفضل ، لكن لاحظ أن الرسول صلى الله عليه وسلم في قيامه بإحدى عشرة ، تكون عن قيام ثلاثين من صلاتنا نحن ، أليس كذلك ؟ كان يطيل ، حتى إن بعض الصحابة وهم شباب يعجزون عن موافقته ، فانتبه لهذا ، نعم
بعض أهل العلم يقول أن السنن غير الراتبة لا يواظب عليها الإنسان حتى لا تدخل في الراتبة ؟
السائل : بعض العلماء يقول : أن السنن الغير راتبة لا يواظب عليها الإنسان ، حتى لا تدخل في الراتبة ؟ الشيخ : نعم ، صحيح ، لا ، لأن هذا سنة الوضوء معلق بسبب ، فمتى وجد السبب وجد المُسَبَّب .
حدثنا عبد الله بن يزيد حدثنا سعيد هو ابن أبي أيوب قال حدثني جعفر بن ربيعة عن عراك بن مالك عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها قالت ( صلى النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم صلى ثماني ركعات وركعتين جالساً وركعتين بين النداءين ولم يكن يدعهما أبداً )
القارئ : حدثنا عبد الله بن يزيد قال حدثنا سعيد هو ابن أبي أيوب قال حدثني جعفر بن ربيعة عن عراك بن مالك عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( صلى النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم صلى ثماني ركعات وركعتين جالساً وركعتين بين النداءين ولم يكن يدعهما أبداً ) الشيخ : الله صل وسلم عليه ، قولها : ( بين النداءين ) تريد بذلك بين الأذان والإقامة .
فوائد حديث مداومة النبي صلى الله عليه وسلم على سنة الفجر .
الشيخ : وفي هذا دليل على أن ما ورد من قول النبي عليه الصلاة والسلام لبلال : ( اجعلها في الأذان الأول لصلاة الصبح ) ، يعني الصلاة خير من النوم ، أنّ المراد بها : أنْ تكون في أذان الفجر ، في أذان الفجر الذي للفجر ، وأما الأذان الذي في آخر الليل ، فالناس وإن سموه أذاناً أولاً ، لكنه ليس كذلك بالنسبة لصلاة الفجر ، لأن الأذان لصلاة الفجر لا يكون إلا بعد ؟ الطلاب : طلوع وقتها الشيخ : طلوع الفجر ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة : ( فليؤذن لكم أحدكم ) وفي هذا الحديث أيضاً ذكر الركعتين جالساً ، لكنها بعد الوتر ، والوتر هنا لم يُذكر في هذا السياق ، كأن الراوي إما حصل له شك فيه ، أو طوى ذكره عمداً ، لكن الركعتين جالساً بعد الوتر جاءت بها السنة ، إلا أنها لا تُفعل دائماً ، بل أحياناً ، قال ابن القيم رحمه الله : " وهذا لا ينافي قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( اجعلوا آخر صلاتكم في الليل وترا ) ، لأن هاتين الركعتين بمنزلة الراتبة للفريضة " ، فهي تابعة ، وكون الرسول عليه الصلاة والسلام يصليهما جالساً ، إما لتعبه صلوات الله وسلامه عليه ، وإما من أجل أن يفرق بين الوتر الذي تختم به صلاة الليل وبين هاتين الركعتين ، ليبين أن هاتين الركعتين أدنى مرتبة من الوتر ، ولهذا صلاهما جالساً ، وعلى كل حال لا تُسن المداومة عليهما ، لأن كثيراً من الواصفين لتهجد الرسول صلى الله عليه وسلم لا يذكرونهما ، نعم
حدثنا عبد الله بن يزيد حدثنا سعيد بن أبي أيوب قال حدثني أبو الأسود عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن )
القارئ : حدثنا عبد الله بن يزيد قال حدثنا سعيد بن أبي أيوب قال حدثني أبو الأسود عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن ) الشيخ : هذا فعل الرسول عليه الصلاة والسلام ، أنه إذا صلى سنة الفجر اضطجع على شقه الأيمن ، حتى يأتيه المؤذن فيؤذنه بالصلاة ، وما ورد من أنه أمر بهما فضعيف لا يصح ، وقد أخذ ابن حزم رحمه الله بحديث الأمر بها ، وقال : " يجب على من صلى سنة الفجر أن يضطجع بعدهما على جنبه الأيمن ، فإن لم يفعل وصلى الفجر ، لم تصح صلاة الفجر " هذا مبالغ ، فيرى أن الاضطجاع بعد ركعتي الفجر من شروط صحة صلاة الفجر ، لكنه قول ضعيف بلا شك ، ولا حظ له من النظر .
فوائد حديث إضجاع النبي صلى الله عليه وسلم على شقه الأيمن بعد ركعتي الفجر .
الشيخ : وفي هذا دليل على أن الاضطجاع يكون على الجنب الأيمن ، حتى في النوم الذي يريد الإنسان أن يستغرق فيه ينام على الجنب الأيمن ، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر به البراء بن عازب ، قال : ( إذا إتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ، ثم اضطجع على شقك الأيمن ) ، نعم
حدثنا بشر بن الحكم حدثنا سفيان قال حدثني سالم أبو النضر عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى فإن كنت مستيقظةً حدثني وإلا اضطجع حتى يؤذن بالصلاة )
القارئ : حدثنا بشر بن الحكم قال حدثنا سفيان قال حدثني سالم أبو النضر عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى سنة الفجر فإن كنت .. ) الشيخ : ما عندي ( سنة الفجر ) ، عندك ؟ القارئ : نعم . الشيخ : موجودة ؟ القارئ : إي ، نعم . الشيخ : نعم ؟ الطالب : ما هي عندنا . الشيخ : ما هي عندهم . الطالب : ... الشيخ : حتى اللي عندي نسخة جيدة . القارئ : ماذا تقول ؟ الشيخ : ها ؟ القارئ : نقرأها : سنة ، أم ؟ الشيخ : لا ، ما تقرأها ، ما هي موجودة في الأصل القارئ : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى الفجر فإن كنت مستيقظةً حدثني وإلا اضطجع حتى يُؤَذَّن بالصلاة ) الشيخ : حتى يُؤذَن . الطالب : في الشرح : ( إذا صلى ركعتي ) ؟ الشيخ : ما هي موجودة ، ما هي عندي ، في هذا الحديث إشكال ، أولاً : هل يدل على ما ترجم به البخاري ، من تحدث بعد الركعتين ولم يضطجع ، أو لا يدل ؟ فربما يقال : إنه يدل ، لقولها : ( إن كنت مستيقظة حدثني ، وإلا اضطجع ) ، فهو يشير إلى أنه يحدثها وهو ؟ الطلاب : غير مضطجع . الشيخ : غير مضطجع ، وفيه أيضاً إشكال آخر: ( فإن كنت مستيقظة حدثني ) ، مع أنها تقول : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يتهجد بالليل فإذا أراد أن يوتر ، أيقظها لتوتر ) ، فيقال : لا معارضة ، لأنه ربما تكون في ما ذكر في هذا الحديث ، تكون غير طاهرة ، يعني لا تصلي ، وحينئذ لا منافاة بين الحديثين .
فوائد حديث عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى فإن كنت مستيقظةً حدثني وإلا اضطجع حتى يؤذن بالصلاة .
الشيخ : وفي هذا الحديث من حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم ما هو ظاهر ، وفيه أيضاً دليل على أنه يجوز أن يتحدث الإنسان بين أذان الفجر وصلاة الفجر ، لكنه لا ينبغي أن يتحدث إلا في ما فيه مصلحة ، كتأليف القلب ، والإيناس ، وما أشبه ذلك ، شوف الشرح . القارئ : من أول الباب ؟ الشيخ : نعم ؟ القارئ : من أول الباب ؟ الشيخ : طيب .
القارئ : " قوله : باب من تحدث بعد الركعتين ولم يضطجع ، أشار بهذه الترجمة إلى أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يداوم عليها ، وبذلك احتج الأئمة على عدم الوجوب ، وحملوا الأمر الوارد بذلك في حديث أبي هريرة عند أبي داود وغيره ، على الاستحباب ، وفائدة ذلك : الراحه والنشاط لصلاة الصبح ، وعلى هذا فلا يستحب ذلك إلا للمتهجد ، وبه جزم ابن العربي ، ويشهد له ما أخرجه عبد الرزاق : ( أن عائشة كانت تقول أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يضطجع لسنة ، ولكنه كان يدأب ليلته فيستريح ) ، وفي إسناده راو لم يسم ، وقيل : أن فائدتها الفصل بين ركعتي الفجر وصلاة الصبح ، وعلى هذا فلا اختصاص ، ومن ثم قال الشافعي : تتأدى السنة بكل ما يحصل به الفصل ، من مشى وكلام وغيره ، حكاه البيهقي ، وقال النووي : المختار أنه سنة لظاهر حديث أبي هريرة ، وقد قال أبو هريرة راوي الحديث : أن الفصل بالمشي إلى المسجد لا يكفي ، وأفرط ابن حزم فقال : يجب على كل أحد وجعله شرطاً لصحة صلاة الصبح ، ورده عليه العلماء بعده ، حتى طعن ابن تيمية ومن تبعه في صحة الحديث ، لتفرد عبد الواحد بن زياد به ، وفي حفظه مقال ، والحق : أنه تقوم به الحجة ، ومن ذهب إلى أن المراد به : الفصل لا يتقيد بالأيمن ، ومن أطلق قال : يختص ذلك بالقادر ، وأما غيره فهل يسقط الطلب أو يومئ بالاضطجاع أو يضطجع على الأيسر ؟ لم أقف فيه على نقل ، إلا أن ابن حزم قال : يومي ولا يضطجع على الأيسر أصلاً ، ويحمل الأمر به على الندب ،كما سيأتي في الباب الذي بعده ، وذهب بعض السلف إلى استحبابها في البيت دون المسجد ، وهو محكى عن ابن عمر ، وقوّاه بعض شيوخنا بأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله في المسجد ، وصح عن ابن عمر أنه كان يحصب من يفعله في المسجد ، أخرجه بن أبي شيبة .. " الشيخ : وهذا هو الصحيح ، أن الاضطجاع سنة لمن يصلي الراتبة في بيته ، وأما في المسجد فلا ، وقد كان بعض الناس ، فيما نسمع فيما سبق ، يضطجعون في نفس المسجد ، فإذا صلى أحدهم الراتبة اضطجع ، فتأتي للصف وكلهم مضطجعون ، لكن هذا ، الصواب أنها لا تسن إلا لمن كان محتاجاً إليها ، لكونه يتهجد ويتعب ، وثانياً : لا تكون إلا في البيت ، وثالثاً : إذا خاف أنه لو اضطجع لنام عن صلاة الفجر ، نعم ؟ الطلاب : لا يضطجع . الشيخ : لا يضطجع ، لأن هذا يؤدي إلى فوات فريضة ، فصارت الآن محلها في البيت . والثاني ؟ الطالب : لمن كان محتاجا إليها الشيخ : لمن كان يتعب ، والتهجد في الليل ، لمن يأمن على نفسه أن يصلي الفجر مع الجماعة ، نعم القارئ : قوله : كان إذا صلى ركعتي الفجر . كذا يا شيخ ، الأصل ؟ الشيخ : أنا ما هي عندي ، لا ركعتي الفجر ، ولا سنة الفجر . القارئ : " قوله : كان إذا صلى ركعتي الفجر ، وسنذكر مستند ذلك في الباب الذي بعده ، قوله : حدثني وإلا اضطجع ، ظاهره : أنه كان يضطجع إذا لم يحدثها ، وإذا حدثها لم يضطجع ، وإلى هذا جنح المصنف في الترجمة ، وكذا ترجم له ابن خزيمة : الرخصة في ترك الاضطجاع بعد ركعتي الفجر ، ويعكر على ذلك ما وقع عند أحمد ، عن عبد الرحمن بن مهدي ، عن مالك عن أبي النضر ، في هذا الحديث : ( كان يصلي من الليل ، فإذا فرغ من صلاته اضطجع ، فإن كنت يقظى تحدث معي ، وإن كنت نائمة نام حتى يأتيه المؤذن ) ، فقد يقال إنه كان يضطجع على كل حال ، فإما أن يحدثها وإما أن ينام ، لكن المراد بقولها نام : أي اضطجع ، وبينه ما أخرجه المصنف قبل أبواب التهجد من رواية مالك ، عن أبي النضر وعبد الله بن يزيد جميعا ، عن أبي سلمة بلفظ : ( فإن كنت يقظى تحدث معي ، وإن كنت نائمه اضطجع ) قوله : حتى يُؤذَن ؟ " الشيخ : نعم ، يُؤذَن . القارئ : " قوله : حتى يُؤذَن ، بضم أوله وفتح المعجمه الثقيله ، وفي رواية الكشميهني : حتى نودي ، واستدل به على عدم استحباب الضجعة ، ورد بأنه لا يلزم من كونه ربما تركها عدم الاستحباب ، بل يدل تركه لها أحياناً على عدم الوجوب ، كما تقدم أول الباب ، تنبيه : تقدم في أول أبواب الوتر من حديث ابن عباس أن اضطجاعه صلى الله عليه وسلم وقع بعد الوتر قبل صلاة الفجر ، ولا يعارض ذلك حديث عائشة ، لأن المراد به نومه صلى الله عليه وسلم بين صلاة الفجر وصلاة الليل ، وغايته أنه تلك الليلة لم يضطجع بين ركعتي الفجر وصلاة الصبح ، فيستفاد منه : عدم الوجوب أيضاً ، وأما ما رواه مسلم من طريق مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة : ( أنه صلى الله عليه وسلم اضطجع بعد الوتر ) ، فقد خالفه أصحاب الزهري عن عروة ، فذكروا الاضطجاع بعد الفجر وهو المحفوظ ، ولم يصب من احتج به على ترك استحباب الاضطجاع ، والله أعلم . " الشيخ : الله المستعان ، وهذا ما سمعنا ... سنة مطلقاً ، أنها ليست بسنة مطلقاً ، أنها سنة لمن احتاج إليها ، وهذا القول هو الصحيح ، وغالباً إذا تأملت خلافات العلماء في مثل هذه المسائل وجدت أن القول المفَصِّل هو الصواب ، وذلك أن النافي يأخذ ببعض الأدلة ، والمثبت يأخذ ببعض الأدلة ، والمفَصِّل يجمع بينها ، نعم
هذه الضجعة ما جاءت إلا من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ثم إن كانت للتعب فما هو الشيء الذي يدل السنة في حق من كانت هذه حاله ؟
السائل : هذه الضجعة ما جاءت إلا من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم إذا كانت للتعب ، أو بحق مثلاً من يحتاج ، فما هو الشيء الذي يدل على أن السنة في حقه مع أنها من أمور الدنيا ؟ الشيخ : في حق الرسول فقط ؟ السائل : لا ، في حق من هذه حاله ؟ الشيخ : نعم ، التتبع وقرينة الحال ، لأن الإنسان لا يحتاج للاضطجاع في مثل هذا إلا إذا كان في تعب ، نعم
ذكرنا أن لفظة " الصلاة خير من النوم " لا تكون إلا في صلاة الفجر فهل يرد على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم ( إن بلال يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ) ؟
السائل : شيخ بارك الله فيكم ، ذكرنا بأن لفظة : ( الصلاة خير من النوم ) ... أذان للفجر ، فهل يرد على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ) ؟ الشيخ : لا ، ما يرد ، لأن الرسول بيّن ، قال : ( إن بلالاً يؤذن بليل ليوقظ نائمكم ويرجع قائمكم ) .
لكن وجه استدلالهم بأن بلال كان يؤذن بالليل وقال له النبي صلى الله عليه وسلم ( اجعلها في أذانك الأول ) أي أذانك الذي في الليل ؟
السائل : نعم شيخ ، لكن وجه استدلالهم بأن بلال كان يؤذن بالليل ، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( اجعلها في أذانك الأول ) ، أي اجعلها في أذانك الذي هو في الليل ؟ الشيخ : لا ، الأول لصلاة الصبح ، قيّدها ، الأول لصلاة الصبح .
السائل : هل يصح الرد بأن هذا كان خاص في رمضان ؟ الشيخ : إيش ؟ السائل : هل يصح الرد بأن أذان بلال في الليل كان في رمضان فقط ؟ الشيخ : إذا تأملنا لفظ الحديث ، أو التعليل : ( ليوقظ النائم ويرجع القائم ) فهذا يدل بظاهره ، وليس بذاك الدلالة ، على أن ذلك في رمضان ، ولهذا قال : ( حتى يؤذن ابن أم مكتوم فإنه ... الفجر )
بعض العلماء استدلوا بهذا الحديث وحديث ( بين كل أذانين ... ) على سنية التثويب في الإقامة ؟
السائل : بعض العلماء استدلوا بهذا الحديث : ( بين النداءين ) وغيره على سنية الترديد مع الإقامة ، هل لهذا وجه ... ؟ الشيخ : ليس له وجه ، لأن الحديث الذي فيه متابعة المقيم فيه نظر . السائل : كيف نرُدُّ ... ؟ الشيخ : نرُدُّ ، الرسول قال : ( إذا سمعتم المؤذن ) ، والفرق بين الأذان والإقامة واضح ، يوتر للإقامة ، نسيت اللفظة الثانية ، ويثني للأذان ، أو كلمة نحوها ، نعم ؟ ويشفع الأذان ، يشفع الأذان ، ففرق بينهما . السائل : ... ؟ الشيخ : نعم . السائل : ... أذانا ؟ الشيخ : نعم ؟ السائل : الإقامة سميت أذاناً . الشيخ : تسميها أذاناً بالتبعية . القارئ : قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في كتابه الصحيح : باب الحديث بعد ركعتي الفجر . كذا يا شيخ ؟ الشيخ : ... نعم ؟ السائل : ... الشيخ : باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى . طيب . القارئ : لا ، هذا ما قرأناه . الشيخ : هذا قرأناه . القارئ : لا ، هذا ما قرأناه ، لكن في تقديم وتأخير الأبواب في بعض النسخ ، تقديم وتأخير . الشيخ : طيب ، عندنا : باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى ، يعني نحن وقفنا على باب : من تحدث بعد الركعتين ولم يضطجع . القارئ : نعم . الشيخ : الذي بعده ، ما هو ؟ القارئ : هذا هو : باب الحديث بعد ركعتي الفجر . الشيخ : لا ، أجل فيه تقديم وتأخير . القارئ : إي نعم ، وأشار في الحاشية ، يقول : الباب رقم خمسة وعشرون ، الذي هو الباب مثنى مثنى ، وأحاديثه ستة ، تأتي في صفحة كذا وكذا ، بعد الانتهاء من شرح الحديث رقم ، قال .. الشيخ : نرجع لحديث الباب ، لأنه تابع للذي قبل . القارئ : نعم .
حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان قال أبو النضر حدثني عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين فإن كنت مستيقظةً حدثني وإلا اضطجع ) قلت لسفيان فإن بعضهم يرويه ركعتي الفجر قال سفيان هو ذاك .
القارئ : حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا سفيان قال أبو النضر حدثني عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين ، فإن كنت مستيقظةً حدثني ، وإلا اضطجع ) ، قلت لسفيان : فإن بعضهم يرويه ركعتي الفجر ، قال سفيان هو ذاك . الشيخ : سبق الكلام على هذا .
حدثنا بيان بن عمرو حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة رضي الله عنها قالت ( لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد منه تعاهداً على ركعتي الفجر )
القارئ : حدثنا بيان بن عمرو قال حدثنا يحيى بن سعيد قال حدثنا ابن جريج عن عطاء عن عبيد الله بن عمير عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل ، أشد منه تعاهداً على ركعتي الفجر ) .
فوائد حديث عائشة : لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد منه تعاهداً على ركعتي الفجر .
الشيخ : اللهم صل وسلم عليه ، هذا فيه دليل على تأكد سنة الفجر ، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يتركهما حضراً ولا سفراً ، فهما مختصان من بين الرواتب بهذا ، ويختصان كذلك بأنه يشرع فيهما قراءة سور معينة ، وهي : (( قل يا أيها الكافرون )) و (( قل هو الله أحد )) أو (( قولوا آمنا بالله )) و (( قل يا أهل الكتاب تعالوا )) ، ويختصان بأنه يسن تخفيفهما ، ويختصان بأنهما خير من الدنيا وما فيها ، كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها ) .
حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعةً ثم يصلي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين )
القارئ : حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعةً ، ثم يصلي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين ) .
حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن محمد بن عبد الرحمن عن عمته عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم ح و حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا يحيى هو ابن سعيد عن محمد بن عبد الرحمن عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يخفف الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح حتى إني لأقول هل قرأ بأم الكتاب )
القارئ : حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن محمد بن عبد الرحمن عن عمته عمرة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم ) ، ح ، وحدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا زهير قال حدثنا يحيى هو ابن سعيد عن محمد بن عبد الرحمن عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يخفف الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح ، حتى إني لأقول : هل قرأ بأم الكتاب ) . الشيخ : اللهم صل وسلم عليه ، يعني : من شدة تخفيفه عليه الصلاة والسلام ، تقول : ( هل قرأ بأم الكتاب ) ؟
باب : ما جاء في التطوع مثنى مثنى . ويذكر ذلك عن عمار وأبي ذر وأنس وجابر بن زيد وعكرمة والزهري رضي الله عنهم . وقال يحيى بن سعيد الأنصاري ما أدركت فقهاء أرضنا إلا يسلمون في كل اثنتين من النهار .
القارئ : باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى ويذكر ذلك عن عمار وأبي ذر وأنس وجابر بن زيد ، وعكرمة والزهري رضي الله عنهم ، وقال يحيى بن سعيد الأنصاري : ما أدركت فقهاء أرضنا إلا يسلمون في كل اثنتين من النهار . الشيخ : وهذا هو الصحيح أن صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ، أما صلاة الليل مثنى مثنى فمتفق عليه ، والحديث صحيح لا إشكال فيه ، وأما والنهار فهي كلمة اختلف الحفاظ في زيادتها : منهم من أنكرها ، ومنهم من صححها ، وممن صححها شيخنا السلفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، فإنه قال : " إن هذه الزيادة صحيحة " صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ، وعلى هذا فلا يجوز للإنسان أن يصلي في الليل أربعاً ولا في النهار أربعاً ، قال الإمام أحمد رحمه الله : " إذا قام إلى ثالثة في الليل فكأنما قام إلى ثالثة في الفجر " ، ومعلوم أن من قام إلى ثالثة في الفجر متعمداً بطلت صلاته ، وناسياً يرجع ، فإن لم يرجع بطلت صلاته ، لكن يستثنى من هذا الوتر ، فإنه صح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( أنه كان يوتر بخمس بسلام واحد ، وبسبع بسلام واحد ، وبتسع بسلام واحد ، إلا أنه كان يجلس في الثامنة ، فيتشهد ولا يسلم ، ثم يصلي التاسعة ويتشهد ويسلم ) ، نعم
حدثنا قتيبة قال حدثنا عبد الرحمن بن أبي الموالي عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن يقول إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال في عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني قال ويسمي حاجته )
القارئ : حدثنا قتيبة قال حدثنا عبد الرحمن بن أبي الموالي عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن ، يقول : إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة .. ) . الشيخ :( إذا هم أحدكم بالأمر ) ، يعني بالأمر الذي يشك فيه ويتردد ، أما الشيء الذي لا يشك فيه ولا يتردد فلا استخارة ، فلو هم الإنسان أن يذهب يصلي الفجر في المسجد ، ماذا نقول ؟ الطلاب : لا يستخير . الشيخ : نقول صل الاستخارة ؟ لا ، ولو هم أن ينزل إلى السوق ليشتري حاجاته ، نقول صل الاستخارة ؟ لا ، فمراد النبي صلى الله عليه وسلم : إذا هم بأمر وتردد فيه ، لا شك بهذا ، بدليل الدعاء الآتي ، فيكون قوله : ( إذا هم أحدكم بالأمر ) عاماً أريد به الخاص ، وهو الأمر الذي يتردد فيه ، إما لأنه شك في مصلحته ، أو لأنه يعلم مصلحته لكن يشك ، هل من المصلحة أن يفعله الآن أو لا ؟ فمن تردد أيحج هذا العام أو لا يحج ؟ الحج مصلحة لا شك ، لكن كونه في هذا العام مصلحة أو غير مصلحة ، هذا أمر علمه عند الله ، فهل يجوز أن يستخير الله تعالى أيحج هذا العام أو لا ؟ الطلاب : نعم . الشيخ : نعم ، له ذلك ، إلا إذا كان فريضة فلا بد من المبادرة به ، نعم القارئ : ثم ليقل الشيخ : فليركع القارئ : ( فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل .. ) الشيخ : ظاهر هذا أنه لا فرق بين أن تكون الركعتان خاصتان بالاستخارة ، أو ركعتان مشروعتان من قبل كالراتبة مثلاً ، ( فليركع ركعتين ) ، لكن الظاهر لي : أن المراد ركعتان خاصتان ، وأنه لا يجزئ عنهما تحية المسجد ، ولا السنة الراتبة ، بل لا بد من ركعتين خاصتين ينشؤهما من أجل إيش ؟ الطالب : الاستخارة . الشيخ : من أجل الاستخارة ، والحكمة في تقدم الركعتين على هذا الدعاء ، ليكون الإنسان قد تقرب إلى الله عز وجل ، وربما تكون ركعتان بعد وضوء أسبغه ، ولم يحدث فيهما نفسه ، فيغفر له ما تقدم من ذنبه ، ويكون لدعائه محل ، نعم القارئ : ( ثم ليقل : اللهم إني أستخيرك بعلمك ، وأستقدرك بقدرتك .. ) الشيخ :( أستخيرك ) يعني أطلب منك خير الأمرين ( بعلمك ) أي بحسب ما تعلم ، ( أستقدرك ) يعني أسألك أن تجعلني قادراً على فعل ما اخترته لي ، ( بقدرتك ) ، لأن الاستقدار يناسبه التوسل بالقدرة ، نعم القارئ : ( وأسألك من فضلك العظيم ، فإنك تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب ) الشيخ :( تقدر ) يعني قدرة لا حدود لها ، ( ولا أقدر ) يعني كقدرتك يا رب ، وإلا فللإنسان قدرة بلا شك ، كما قال تعالى : (( لا يقدرون على شيء مما كسبوا )) ، فالإنسان له قدرة ، لكنها قدرة محدودة ، قدرة الخالق جل وعلا ؟ الطلاب : غير محدودة . الشيخ : غير محدودة ، على كل شيء قدير ، كذلك أيضاً يقول : ( تعلم ولا أعلم ) لا شك أن الإنسان يعلم ، قال : (( تعلمونهن مما علمكم الله )) ، وقال : (( فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار )) ، لكن علم الإنسان إيش ؟ الطالب : محدود . الشيخ : محدود ، قاصر ، مسبوق بجهل ، ملحوق بنسيان ، لكن علم الله شامل محيط لكل شيء ، غير مسبوق بجهل ولا ملحوق بنسيان ، ( وأنت علام الغيوب ) ، حمع غيب ، يعني كل الغيوب التي غابت عن الخلق فالله عالمها ، ومن ذلك العلم بالمستقبل ، فالعلم بالمستقبل لا يمكن لأحد أن يدعيه إلا وهو كاذب ، لو قال : سيكون بعد عشرين سنة كذا وكذا ، قلنا : كذبت ، وحرم علينا أن نصدقه ، وهو إذا ادعى أنه عالم كان مكذباً لله ورسوله ، أما ما غاب وقد وقع فهذا غيب نسبي ، خَلِّيكُم معنا ، ما غاب وقد وقع فهو غيب نسبي ، يعلمه من شاهده ويجهله من لم يشاهده ، الآن في الخط لو كان في ناس يمشون ، هو عَنَّا في هذا المكان غيب ؟ الطلاب : غيب . الشيخ : غيب ، لكن هناك مشاهد ، ولذلك العراف الذي يخبر عن مكان الضالة ، أين كان مكانها ونحو ذلك ، ليس هو الكاهن الذي يخبر عن المستقبل ، الكاهن يخبر عن المستقبل ، يقول : سيأتيك كذا ويأتيك كذا ويأتيك كذا ، العراف ربما يدخل فيه الكاهن بالمعنى الأعم ، لكنه يخبرك عن شيء ماضي واقع ، يقول لك مثلاً : بعيرك الضال الذي ضاع عنك في المكان الفلان ، هذا يسمى عرافاً لكن لا يسمى كاهناً ، الكاهن هو الذي يخبر عن إيش ؟ الطلاب : عن المستقبل الشيخ : عن المستقبل ، لأن هذا الكاهن يأخذ من الذين يسترقون السمع ، وهم الشياطين ، الشياطين لهم قوة لا شك ، أعطاهم الله تعالى قوة وقدرة ، يركب بعضهم بعضاً حتى يصلوا إلى جو السماء ، ويستمعون إلى ما في السماء من أخبار ، ثم يخبر بعضهم بعضاً إلى أن تصل إلى رَئِيِّهم من الإنس ، وهو الكاهن ، ويضيف إليها أشياء ، فيخبر هذا الكاهن عما سيقع ، نصفه صدق ونصفه كذب ، أو أكثر من النصف كذب ؟ الطلاب : ... الشيخ : أكثر من النصف ، فيخبر هذا الكاهن ، ولهذا نقول : أنت علام الغيوب ، يشمل الغيب النسبي والغيب الحقيقي الذي لا يعلمه أحد من الخلق ، فالله تعالى عالم به تبارك وتعالى نعم ، لا انتهى الوقت ، نقف على هذا الباب إن شاء الله .
ذكر الجمع بين حديثين في قضية الرؤية التي رآها ابن عمر .
القارئ : كان يصلي من الليل الشيخ : نعم . القارئ : مع حديث : ( كأن بيدي قطعة استبرق ، فكأني لا أريد مكاناً في الجنة إلا طارت إليه ، ورأيت كأن اثنين أتياني ) ؟ الشيخ : يعني الربط بين الرؤيا وحال عبد الله ؟ القارئ : إي ، ذكر الحديث في كتاب التعبير في باب : الإستبرق ودخول الجنة في المنام حدثنا معلى بن أسد قال حدثنا وهيب ، عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال : ( رأيت في المنام كأن في يدي سرقة من حرير ، لا أهوي بها إلى مكان في الجنة إلا طارت بي إليه ، فقصصتها على حفصة ، وفي لفظ : فقصتها حفصة على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : إن أخاك رجل صالح ، أو قال : إن عبد الله رجل صالح )" قوله : باب الاستبرق ودخول الجنة في المنام ، تقدم في الذي قبله ما يتعلق بشيء منه ،وحديث بن عمر في الباب ذكره هنا من طريق وهيب بن خالد عن أيوب عن نافع ، بلفظ : سرقة ، وذكره بلفظ : قطعة من استبرق ، كما في ترجمة الترمذي من طريق إسماعيل بن إبراهيم المعروف بابن علية عن أيوب ، فذكره مختصراً كرواية وهيب ، إلا أنه قال : كأنما في يدي قطعة استبرق ، فكأن البخاري أشار إلى روايته في الترجمة ، وقد أخرجه أيضاً في باب : من تعار من الليل من كتاب التهجد ، وهو في أواخر كتاب الصلاة ، من طريق حماد بن زيد عن أيوب ، أتم سياقا من رواية وهيب وإسماعيل ، وأخرجه النسائي من طريق الحارث بن عمير ، عن أيوب ، فجمع بين اللفظتين ، فقال : سرقة من إستبرق ، وقوله هنا : لا أهوى بها ، هو بضم أوله أهوى إلى الشيء بالفتح يهوى بالضم أي مال ، ووقع في رواية حماد : فكأني لا أريد مكاناً من الجنة إلا طارت بي إليه .. "