الحديث الذي فيه غسل اليدين ثلاثا قبل أن يدخلهما في الإناء هل هو عام حتى ولو علم أن يده لم يصبها شيئ ؟
السائل : الحديث الذي فيه غسل اليدين ثلاثا قبل أن يدخلهما في الإناء هل هو عام حتى ولو علم أن يده لم يصبها شيئ ؟ الشيخ : ما يمكن يعلم، ما يمكن، لأن هذا ليس شيئا حسيا، هذا شيء معنوي لأن الشيطان ربما يعبث بيده، كما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الرجل إذا استيقظ أن يستنثر ثلاثا وقال ( إن الشيطان يبيت على خيشومه )، فربما الشيطان عبث في يديك وألقى فيهما نجاسة أو ألقى فيهما أشياء ضارة، ما تعرف. ليس هذا أمرا حسيا حتى نقول لو كمّمها الإنسان علمنا أنها باتت، الرسول يعلم أن يديه باتت معه في الفراش.
ما هي علة الرمل في الأشواط الثلاث الأول من الطواف ؟
السائل : ما هي علة الرمل في الأشواط الثلاث الأول من الطواف ؟ الشيخ : نعم، لكن العلة بقيت وهي تذكير الأمة بما حصل لسلفها، يعني لولا هذا ما ذكرنا قصة الرسول وإغاظة الكفار، والغرض من الرمل هو إغاظة الكفار فمعنى ذلك إذا رملنا الآن نتذكر أننا مأمورون بإغاظة الكفار، فالعلة باقية. أنا أعتقد أن أكثر الناس ما يشعرون بهذا الشعور، يعني ما يشعرون إذا رملوا يعني أننا نغيظ الكفار.
حدثنا عبد الله بن صباح قال : حدثنا معتمر بن سليمان قال : سمعت أبي قال : سمعت أنس بن مالك قال : أسر إلي النبي صلى الله عليه وسلم سرًا فما أخبرت به أحدًا بعده ولقد سألتني أم سليم فما أخبرتها به
القارئ : حدثنا عبد الله بن صباح، حدثنا معتمر بن سليمان، قال: سمعت أبي، قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه : ( أسر إلي النبي صلى الله عليه وسلم سرا، فما أخبرت به أحدا بعده، ولقد سألتني أم سليم فما أخبرتها به ).
فوائد حديث : ( ... سمعت أنس بن مالك قال : أسر إلي النبي صلى الله عليه وسلم سرًا فما أخبرت به أحدًا بعده ولقد سألتني أم سليم فما أخبرتها به )
الشيخ : إذن معناه نحن بعد، أمه أم سليم أبى أن يخبرها رضي الله عنه حفظا للسر. وحفظ السر واجب كما قلنا فيما سبق، يعني يجب على الإنسان إذا سر إليه حديث أن يحفظه وأن لا يفشيه. وسبق أنه إذا مات المسر فلا بأس بإفشائه بشرط أن تكون العلة التي اقتضت سره في الأول قد زالت، وإلا يجب حفظ السر. لكن بعض الناس نسأل الله لنا ولكم الهداية يفخر إذا أسر إليه بعض الكبراء شيئا، ويبدأ يحدث الناس قال لي فلان وقال لي فلان، يعني يظهر أنه مرجع للناس الكبراء، أو إذا أراد أن يظهر أنه صديق لشخص ما قال قال لي فلان مع أنه سر، وهذا حرام. وأنا أقول لكم أخف نفسك تبن للناس، إذا أردت أن تبين فأخف نفسك. الإنسان تظهره أفعاله وأقواله، ما هو الذي يظهر نفسه ويقول فعلت وقلت وجئت ورحت، لا، فكلما كان الإنسان مخفيا لأمره يكون أشد ظهورا للناس، لأنه مهما يكتم الإنسان فالله يعلمه، وإذا علم الله شيئا من شخص وأنه أخفاه لله، فإن الله تعالى يظهره ويبينه، وإن كان الشاعر يقول : ومهما تكن عند امرئ من خليقة *** وإن خالها على الناس تعلم. فالمهم أن بعض الناس الله يهدينا وإياهم إذا أسر إليهم حديث صاروا يتحدثون به ليظهروا للناس أنهم مرجع ومحل شورى، وما أشبه ذلك، وهذا خطأ، إلا إذا أذن لهم الذي أسر، فلا بأس، لأنه أحيانا قد يأذن لذلك لدفع مذمة عنه أو جلب مصلحة، لكن لا يحب أن تكون منه مباشرة. يعني بعض الناس مثلا يكون متهما بشيء فيسر إليك به، ويقول لا حرج عليك أن تبين ما سمعت مني، لأنه لا يريد أن يدفع المذمة عن نفسه بنفسه ولكن بواسطة، فيأتي شخص يثق به ويبيّن له ويقول إذا شئت انشر عني هذا، أو جلب مصلحة. أما إذا لم يأذن لنا صاحب السر فإنه لا يجوز. وفي هذا دليل على أنه يجب على الإنسان أن يقوم بالواجب حتى في أقرب الناس إليه وأحقهم ببره وهي الأم. نعم، خلنا نكمل الباب هذا لأن له صلة بالذي قبل.
حدثنا عثمان قال : حدثنا جرير عن منصور عن أبي وائل عن عبد الله رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا كنتم ثلاثةً فلا يتناجى رجلان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس أجل أن يحزنه .
القارئ : حدثنا عثمان، حدثنا جرير، عن منصور، عن أبي وائل، عن عبد الله رضي الله عنه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا كنتم ثلاثة، فلا يتناجى رجلان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس، أجل أن يحزنه ).
الشيخ : هذا مثال نادر ينبغي لأهل النحو أن يحتفظوا به. أجل، وش اللي ناصبه ؟ إما بنزع الخافض أي من أجل، والنصب بنزع الخافض في غير أن وأن مطرد أو غير مطرد ؟ كما قال ابن مالك : " في أن وأن يطرد... ". لكن في غيرها مبنية على السماع. ويمكن أن يعرب على أنه مفعول من أجله فلا يحتاج إلى تقدير، تقدير من.
فوائد حديث : ( ... عن عبد الله رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا كنتم ثلاثةً فلا يتناجى رجلان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس أجل أن يحزنه )
الشيخ : الشاهد من الحديث قوله : ( حتى تختلطوا بالناس )، وإذا اختلطوا بالناس صاروا ثلاثة أو أكثر ؟ صاروا أكثر. وعلى هذا الحديث مطابق تمام للترجمة. فإذا كانوا أكثر من ذلك فلا بأس أن يتناجى اثنان. طيب، إن تناجى اثنان وبقي واحد ؟ كيف ما يمكن ؟ إذا تناجى ثلاثة دون الرابع فالحكم واحد، مثل اثنين دون الثالث، نعم ، باقي حديث.
حدثنا عبدان عن أبي حمزة عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله قال : قسم النبي صلى الله عليه وسلم يومًا قسمةً فقال : رجل من الأنصار إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله قلت : أما والله لآتين النبي صلى الله عليه وسلم فأتيته وهو في ملإ فساررته فغضب حتى احمر وجهه ثم قال : رحمة الله على موسى أوذي بأكثر من هذا فصبر .
القارئ : حدثنا عبدان، عن أبي حمزة، عن الأعمش، عن شقيق، عن عبد الله، قال: قسم النبي صلى الله عليه وسلم يوما قسمة، فقال رجل من الأنصار: إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله، قلت: أما والله لآتين النبي صلى الله عليه وسلم، فأتيته وهو في ملإ فساررته، فغضب حتى احمر وجهه، ثم قال: ( رحمة الله على موسى، أوذي بأكثر من هذا فصبر ).
فوائد حديث : ( ... عن عبد الله قال : قسم النبي صلى الله عليه وسلم يومًا قسمةً فقال : رجل من الأنصار إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله قلت : أما والله لآتين النبي صلى الله عليه وسلم فأتيته وهو في ملإ فساررته فغضب حتى احمر وجهه ثم قال : رحمة الله على موسى أوذي بأكثر من هذا فصبر )
الشيخ : الله أكبر. الشاهد قوله : ( فأتيته وهو في ملئ فساررته ) ولم ينهه النبي صلى الله عليه وسلم لماذا ؟ لأنه في ملأ. وفي هذا دليل على أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فهذا رجل من الأنصار قال هذه الكلمة العظيمة، " إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله "، فالشيطان قد يحمل الإنسان على قول الفرية العظيمة. إذا كان الرسول قسم قسمة ما يريد بها وجه الله، فمن الذي يريد بها وجه الله بعد ذلك ؟ لا أحد. وهذا نظير قول الأنصاري حين حكم النبي صلى الله عليه وسلم للزبير بن العوام في مسألة الشراج شراج الحرة، وهو أنه كان الزبير له حائط، ولجاره الأنصاري حائط، ويمر السيل بحائط الزبير قبل أن يمر بحائط الأنصاري، والأحق منهما الأعلى الزبير، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( أسق يا زبير ثم أرسل إلى جارك )، ( أسق ) مطلق، تصدق على ما يحصل به السقي ولو كان قليلا، فغضب الأنصاري، وقال : ( أن كان ابن عمتك يا رسول الله ؟ ) لأن الزبير بن العوام أمه صفية بنت عبد المطلب، فغضب النبي عليه الصلاة والسلام وقال : ( أسق يا زبير حتى يصل الجدر ثم أرسله إلى جاره )، فاحتفظ النبي صلى الله عليه وسلم للزبير بحقه. الجدر هو الحدود الفاصلة بين أحواض الماء في المزرعة، قال : ( إلى أن يصل ) وهذا سقي ري، ثم ( أرسله إلى جارك ). فكان النبي صلى الله عليه وسلم في الأول أعطى الزبير بن العوام بعض حقه من أجل أنه تحصل به الكفاية ويحصل بالباقي نفع جاره، فيكون في ذلك مصلحتان : مصلحة الزبير بالسقي ولو قليلا، ومصلحة الجار حيث لا يحرم من السقي. فلما تكلم بهذه الكلمة العظيمة احتفظ النبي صلى الله عليه وسلم للزبير بحقه كاملا، وأمره بأن يسقي إلى الجدر، ثم يرسله إلى جاره. فهنا غضب النبي عليه الصلاة والسلام وقال : ( رحمة الله على موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر )، ولهذا قال الله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا )) يعني لا تؤذوا محمدا كما أذي موسى. موسى أوذي عليه الصلاة والسلام حسا ومعنى، أوذي في دينه، وفي خلقته، حتى قالوا إنه آدر، آدر يعني كبير الخصية، وهو عيب، فبرأه الله عز وجل مما قالوا حيث اغتسل ذات يوم فوضع ثوبه على الحجر، ففر الحجر بثوبه حتى وصل بني إسرائيل، ولما وصل بني إسرائيل وقف الحجر، وكان موسى لحقه يقول : ثوبي حجر ثوبي حجر، لحقه عريانا حتى وصل إلى الملأ من نني إسرائيل وشاهدوا موسى ليس به عيب، فبرأه الله مما قالوا.
باب : طول النجوى. وقوله : (( وإذا هم نجوى )) مصدر من ناجيت، فوصفهم بها، والمعنى : يتناجون.
القارئ : الحمد لله رب العالمين. قال رحمه الله تعالى : باب : طول النجوى. وقوله : (( وإذ هم نجوى )) مصدر من ناجيت، فوصفهم بها، والمعنى : يتناجون. الشيخ : قوله رحمه الله : باب طول النجوى، معناه هل يطيل الإنسان المناجاة مع صاحبه أو لا ؟ ومعلوم أننا إذا رجعنا إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ) عرفنا أنه إذا كانت النجوى في خير فإن طولها لا بأس به، ولا حرج فيه ، وإذا كانت النجوى ليس فيها خير فعدم طولها أولى. وقول البخاري : " (( وإذ هم نجوى )) مصدر من ناجيت فوصفهم بها "، هم ضمير جمع، ونجوى مفرد كدعوى، فوصفهم وهن جمع بالنجوى، لأن الوصف بالمصدر يلتزم فيه الإفراد والتذكير، قال ابن مالك : ونعتوا بمصدر كثيرا *** والتزموا الإفراد والتذكيرا. وكذلك إذا أخبر بالمصدر فإنه يخبر به مفردا مذكرا، فتقول زيد عدل والزيدان عدل، والزيدون عدل، ما تغيره. فوصفهم بها، والمعنى يتناجون، (( وإذ هم نجوى )) أي وإذ هم متناجون، يناجي بعضهم بعضا. في تفسير البخاري رحمه الله أو في شرحه لهذه الكلمة دليل على أن المحدث ينبغي أن يكون عنده علم في النحو لأن من أقوى ما يعنيك على معرفة المعنى أن يكون لديك علم بالنحو والصرف، إذ إن المعاني بل إن الألفاظ قوالب للمعاني تدل عليها وتعبر عنها.
حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة عن عبد العزيز عن أنس رضي الله عنه قال : أقيمت الصلاة ورجل يناجي رسول الله صلى الله عليه وسلم فما زال يناجيه حتى نام أصحابه ثم قام فصلى .
القارئ : حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عبد العزيز، عن أنس رضي الله عنه، قال: ( أقيمت الصلاة، ورجل يناجي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما زال يناجيه حتى نام أصحابه، ثم قام فصلى ).
فوائد حديث : ( ... عن أنس رضي الله عنه قال : أقيمت الصلاة ورجل يناجي رسول الله صلى الله عليه وسلم فما زال يناجيه حتى نام أصحابه ثم قام فصلى )
الشيخ : في هذا الحديث دليل على جواز مناجاة الإمام بعد الإقامة، وأن طول المناجاة لا تضر، وأنه لا تشترط الموالاة بين الإقامة والصلاة، لأن الصحابة رضي الله عنهم ناموا ( حتى نام أصحابه ثم قام فصلى ) فدل ذلك على أن طول الفصل بين الإقامة والصلاة لا بأس به لكن بشرط أن يكون قد أقام عند إرادة الصلاة، يعني بمعنى أنه لا يقيم وهو يعلم أنه لن يصلي إلا بعد مدة، ولكن يقيم ثم حصل ما يمنع أو ما يفصل بين الإقامة والصلاة فهذا لا بأس به ولو طال الفصل.
بعض الناس ينكر على من يتحدث بين الأذان و الإقامة فهل هذا صحيح ؟
السائل : بعض الناس ينكر على من يتحدث بين الأذان والإقامة فهل هذا صحيح ؟ الشيخ : ما هو صحيح، هو ينكر على الكلام الذي ليس فيه فائدة، أما ما فيه فائدة فلا بأس به.
السائل : هل يؤخذ من هذا الحديث وهو أن الصحابة ناموا أن النوم لا ينقض الوضوء ؟ الشيخ : إي نعم، هذه أيضا فائدة. فيه أيضا دليل على أن النوم لا ينقض الوضوء، وذلك لأن النوم نفسه ليس حدثا، إنما هو مظنة الحدث، يعني أن من نام فإنه يظن فيه أن يحدث لأنه كما جاء في الحديث : ( العين وكاء السه فإذا نامت العينان استطلق الوكاء ) وهذا القول أعني أنه إذا نام نوما عميقا بحيث لا يشعر بنفسه لو أحدث انتقض وضوؤه، وأما النوم اليسير الذي لو أحدث الإنسان لأحس بنفسه فإن ذلك لا ينقض الوضوء ولو طال ولو كان الإنسان مضطجعا أو متربعا أو مستندا فالعبرة بالوعي وعي الإنسان. إذا كان يعي نفسه بحيث لو أحدث لأحسّ فإن وضوءه لا ينتقض، أما إذا كان لا يحس لو أحدث فإن وضوءه ينتقض.
حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون .
القارئ : حدثنا أبو نعيم، حدثنا ابن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون ) . الشيخ : اصبر .
حدثنا محمد بن العلاء قال : حدثنا أبو أسامة عن بريد بن عبد الله عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه قال : احترق بيت بالمدينة على أهله من الليل فحدث بشأنهم النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن هذه النار إنما هي عدو لكم فإذا نمتم فأطفئوها عنكم .
القارئ : حدثنا محمد بن العلاء، حدثنا أبو أسامة، عن بريد بن عبد الله، عن أبي بردة، عن أبي موسى رضي الله عنه، قال: احترق بيت بالمدينة على أهله من الليل، فحدث بشأنهم النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ( إن هذه النار إنما هي عدو لكم، فإذا نمتم فأطفئوها عنكم ).
حدثنا قتيبة قال : حدثنا حماد عن كثير هو ابن شنظير عن عطاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خمروا الآنية وأجيفوا الأبواب وأطفئوا المصابيح فإن الفويسقة ربما جرت الفتيلة فأحرقت أهل البيت .
القارئ : حدثنا قتيبة، حدثنا حماد، عن كثير هو ابن شنظير، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خمروا الآنية، وأجيفوا الأبواب، وأطفئوا المصابيح، فإن الفويسقة ربما جرت الفتيلة فأحرقت أهل البيت ). الشيخ : هذا الباب كما قال البخاري رحمه الله : لا تترك النار في البيت عند النوم. وذلك لأنه يخشى منها الاحتراق.
فوائد حديث : ( ... عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون )
الشيخ : وفيها دليل على الوقاية من الشيء قبل نزوله، وقد قيل إن الوقاية خير من العلاج. وفيها جواز ترك النار في البيت إذا كان أهله في يقظة لقوله : ( حين تنامون ). وفيه دليل على أنه إذا أمن من هذه النار فلا بأس ببقائها، وعلى هذا إذا أمن الآن من إبقاء اللمبة في المكان والعة أو الدفاية مثلا فلا بأس بذلك لأنه مأمون. وفيه أيضا دليل على أنه لا ينبغي أن تكون الدفاية في أيام الشتاء قريبة من الفرش، لأنه ربما ينقلب النائم عليها فتحرقه، فالعلة التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم إذا وجدت ثبت الحكم وإلا فلا.
فوائد حديث : ( ... عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خمروا الآنية وأجيفوا الأبواب وأطفئوا المصابيح فإن الفويسقة ربما جرت الفتيلة فأحرقت أهل البيت )
الشيخ : وفيه حث على قتل الفأرة لأن النبي صلى الله عليه وسلم وصفها بماذا ؟ بالفويسقة فقال : ( فإن الفويسقة ربما جرت الفتيلة فأحرقت أهل البيت ) وهو كذلك، ولا أكثر من عبث الفأر، عندها عبث كثير جدا، وهي تحب أن تعبث في هذه الأشياء، فتجر الفتيلة فتحرق أهل البيت، وهي أيضا ترغب الذهب، إذا رأت الذهب اختطفته وذهبت به إلى بيتها تلعب به، وإن كانت لا تتحلى به لكن ترغب به. وحدثنا شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله أن بعض العلماء كان جالسا يكتب، يكتب كتابا فجاءته فويسقة فوضع عليها شيئا فجاءت أختها تريدها ولكن ما تمكنت، يقول فصعدت إلى السقف وأتت إلي بدينار فألقته عنده، ولكنه لم يطلق المحبوسة، فذهبت وجاءت بدينار آخر وثالث ورابع إلى عشرة، عشرة دنانير، ثم في الأخير جاءت بالكيسة كيسة الدنانير إشارة إلى إيش ؟ إلى أنه خلاص ما في شيء. ولكنه الظاهر لي أنا ما أدري نسيت، الظاهر أنه قتلها وقتل أختها. الحاصل أنها تحب الذهب، وأنا عندنا مرة في خاتم ذهب أخذته وصعدت به إلى السقف وأدخلته في جحرها، فهي تحب العبث، ولهذا ربما جرت الفتيلة فأحرقت البيت. وفي الحديث الأول يقول عليه الصلاة والسلام : ( إنما هي عدو لكم فإذا نمتم فأطفئوها عنكم ) ومعلوم أن العاقل يحذر من عدوه أن يصيبه بسوء، ومع ذلك فهي عدو لنا ومتاع لنا، ننتفع بها، ولهذا عدّها الله تعالى من أصول النعم في سورة الواقعة التي فيها إمداد الخلق بما يحتاجون إليه (( أفرأيتم النار التي تورون أأنتم أنشأتم شجرها أم نحن المنشؤون نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمقوين )) فهي فيها خير وفيها شر، لكن يجب نحذرها حين نخاق شرها، وأن ننتفع بها حين نرجو خيرها. وفي الحديث الأخير أمر بأربعة أشياء عليه الصلاة والسلام قال : ( خمروا الآنية، وأجيفوا الأبواب، وأطفئوا المصابيح ) ثلاثة أشياء. تخمير الآنية يعني تغطيتها، لأن في السنة ليلة ينزل فيها البلاء فلا يصيب إناء لم يخمر إلا نزل فيه، وهذه الليلة غير معلومة، كل ليلة يمكن أن تكون هي الليلة التي فهيا هذا البلاء فلهذا أمر بالتحرز منه بتخمير الأواني. ( أجيفوا الأبواب ) يعني أغلقوها لأن في ذلك زيادة أمن وطمأنينة وحماية لك ولمن أراد السوء بك. ( أطفئوا المصابيح ) سبق الكلام عليه نعم.
السائل : ... هل الأوامر التي مرت للوجوب أم للإرشاد ؟ الشيخ : هذه للإرشاد، لكن لا ينبغي تركها، لأنه أرشد إلى ما فيه خير، فهي مطلوبة لما فيها من الخير بالإضافة إلى إرشاد النبي صلى الله عليه وسلم لها.
حدثنا حسان بن أبي عباد قال : حدثنا همام وعطاء عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أطفئوا المصابيح بالليل إذا رقدتم وأغلقوا الأبواب وأوكوا الأسقية وخمروا الطعام والشراب قال : همام وأحسبه قال : ولو بعود يعرضه .
القارئ : حدثنا حسان بن أبي عباد، حدثنا همام، حدثنا عطاء، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أطفئوا المصابيح بالليل إذا رقدتم، وأغلقوا الأبواب، وأوكوا الأسقية، وخمروا الطعام والشراب )، قال همام: وأحسبه قال : ( ولو بعود يعرضه ) .
فوائد حديث : ( ... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أطفئوا المصابيح بالليل إذا رقدتم وأغلقوا الأبواب وأوكوا الأسقية وخمروا الطعام والشراب قال : همام وأحسبه قال : ولو بعود يعرضه )
الشيخ : هذا الحديث فيه زيادة عما سبق قوله : ( أوكوا الأسقية ) يعني اربطوا أفواهها، والأسقية مثل القرب، لئلا يدخل فيها البلاء والهوام وغير ذلك.
هل يخمر الطعام إذا كان تحت السقف أو داخل الثلاجة ؟
السائل : هل يخمر الطعام إذا كان تحت السقف أو داخل الثلاجة ؟ الشيخ : إي نعم، حتى ولو كان تحت السقف، سواء كان تحت السقف أو فوقه. السائل : ... الثلاجات؟ الشيخ : الظاهر أن الثلاجة تعتبر تخمير، يعني إناء كبير.
السائل : هل المصباح الصغير اليوم يدخل في هذا الحديث ؟ الشيخ : لمبة يعني ؟ السائل : نعم. الشيخ : ما فيها شيء، لأن هذه ما تأثر فيها، حتى لو جاءتها الفويسقة ما فيها فتيلة تجرها وتحرق الناس.
السائل : بالنسبة للبناء تغير في هذا الزمن حكمه لأن باب البيت واحد والغرف لها أبواب كثيرة فأيها يغلق الأول أو الثاني ؟ الشيخ : ظاهر الحديث كلها، أحسن، حتى أسلم للبيت.
حدثنا يحيى بن قزعة قال : حدثنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الفطرة خمس الختان والاستحداد ونتف الإبط وقص الشارب وتقليم الأظفار .
القارئ : حدثنا يحيى بن قزعة، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، ونتف الإبط، وقص الشارب، وتقليم الأظفار ) .
حدثنا أبو اليمان قال : أخبرنا شعيب بن أبي حمزة قال : حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اختتن إبراهيم بعد ثمانين سنةً واختتن بالقدوم مخففةً قال أبو عبد الله : حدثنا قتيبة حدثنا المغيرة عن أبي الزناد وقال : بالقدوم وهو موضع مشدد .
القارئ : وحدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب بن أبي حمزة، حدثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( اختتن إبراهيم بعد ثمانين سنة، واختتن بالقدوم ) مخففة. قال أبو عبد الله: حدثنا قتيبة، حدثنا المغيرة، عن أبي الزناد، وقال: " بالقدَّوم وهو موضع، مشدد " .
حدثنا محمد بن عبد الرحيم قال : أخبرنا عباد بن موسى قال : حدثنا إسماعيل بن جعفر عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير قال : سئل ابن عباس مثل من أنت حين قبض النبي صلى الله عليه وسلم قال : أنا يومئذ مختون قال : وكانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك .
القارئ : وحدثنا محمد بن عبد الرحيم، أخبرنا عباد بن موسى، حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، قال: سئل ابن عباس: مثل من أنت حين قبض النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال: " أنا يومئذ مختون ". قال: وكانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك .
فوائد حديث : ( ... عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الفطرة خمس الختان والاستحداد ونتف الإبط وقص الشارب وتقليم الأظفار )
الشيخ : قال المؤلف : باب الختان بعد الكبر ونتف الإبط، ثم ذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الفطرة خمس ). الفطرة نوعان ، فطرة باطنة، وفطرة ظاهرة. فالفطرة الباطنة طهارة القلب من الشرك، وعليها قوله تعالى : (( فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها ))، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه )، فهذه طهارة الباطن من الشرك. وهذه مفطور عليها كل أحد، كل مولود يولد على الفطرة ولا يتغير عنها بسبب البيئة التي يعيش فيها، ( فأبواه يهودانه أ ينصرانه أو يمجسانه ). النوع الثاني : الفطرة الظاهرة، وهي طهارة الظاهر، ومنها هذه الخمس، وإنما قلنا : منها، لأنه قد ثبت في صحيح مسلم أنها عشر. أولا قال : الختان، والختان يكون للذكر ويكون للأنثى، أما الذكر فإن ختانه بقطع الجلدة التي فوق الحشفة وتسمى القلفة، وأما المرأة فبقطع جلدة تكون بين مخرجي البول والغائظ وهي معروفة عند النساء. واختلف أهل العلم في الختان هل هو واجب أو سنة، أو واجب في حق الرجال، سنة في حق النساء ؟ فمن المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله أن الختان واجب في حق الرجال والنساء، وأنه يجب أن يختن الرجل وأن تختن المرأة. وقيل بل هو سنة في حق الرجال والنساء، كالاستحداد، وقص الأظفار. وقيل واجب في حق الرجال، سنة في حق النساء، وهذا هو الأقرب، وذلك أن الرجال يستفيدون منه ما لا تستفيد منه النساء، فإن الرجل لو بقيت قلفته لتلوثت بالنجاسة فإن البول يدخل بينها وبين الحشفة ويفسد المكان وربما يؤدي إلى الجروح والتقرح، بخلاف المرأة، فصار في حق الرجال واجبا وفي حق النساء سنة، وهذا هو القول الراجح الذي استقر عليه علماء أهل نجد في الزمن الأخير على أنه ليس واجبا في حق النساء. أما الثاني الاستحداد ، الاستحداد مأخوذ من الحديد وهو إزالة الشعر بالموسى، ويكون في العانة، والعانة هي الشعر الخشن الذي ينبت حول القبل عند البلوغ. وفي قوله : ( الاستحداد ) إشارة إلى أنه ينبغي فيه الحلق دون غيره، يعني دون النتف ودون الإزالة بالدهونات، وإنما تزال العانة بالحديد بالحلق. ومن فوائده أنه أشد، يعني أقوى للمثانة، فإن الحلق يقوي أصول الشعر، وكلما قوي هذا المحل صار أسلم للمثانة من الصدمات وغيرها. أما نتف الإبط فظاهر، لأن الإبط ينبت فيه الشعر، وإذا ترك فإنه يتلوث هذا الشعر بالعرق ويحصل فيه رائحة كريهة، فاستحب فيه النتف لأن النتف يضعف أصول الشعر، وإذا ضعفت الأصول فإنه في النهاية سوف يقضى عليه نهائيا. والناس يختلفون في هذا اختلافا عظيما، فمنهم من يكون شعر إبطه كثيرا حتى إنه يشق عليه النتف لكثرته وقوته وصلابته، ومنهم من يكون قليلا، ومنهم من يكون قليلا جدا. على كل حال المشروع في الإبط هو النتف، ولكن لو فرض أن الإنسان يعجز عن هذا ويؤلمه ألما شديدا فلا حرج أن يزيله بغير ذلك. الثالث أو الرابع ؟ الرابع : قص الشارب، والشارب معروف خاص بالرجال، فينبغي للإنسان أن يقصه، قصه من الفطرة، ووجه ذلك ظاهر جدا، لأنه إذا طال فإن الشعر يجمع الوسخ، ولهذا ينبغي للإنسان تعاود شعره بالتنظيف، فإذا طال صار عرضة لأن يسقط في الشراب الشعر، فيتلوث الماء أو اللبن أو ما أشبه ذلك، ثم كذلك أيضا إذا شرب لبنا أو نحوه من الدسم علق في هذا الشعر وصعب تنظيفه، ثم إن ما يخرج من الأنف من الأذى والقذر يعلق بهذا الشعر ويشوه المنظر فكان من الفطرة أن يقص ويضعف. وأما الخامس : فقال : ( تقليم الأظفار ) تقليم الأظفار أيضا من الفطرة، لأن الأظفار كما نعلم خلقها الله عز وجل وقاية لأطراف الأصابع، ولهذا إذا قصها الإنسان صار مقابلة الأصابع للأشياء ضعيفا، تتألم رؤوس الأصابع، إذا قصها وأجار عليها فخلقها الله عز وجل لأجل أن تشد أطراف الأصابع، لكن إذا طالت صارت مفسدة فإن الأوساخ تتجمع فيها، فإذا قصت هذه الأظافر حصل المقصود وزالت هذه الأوساخ، ولأن الإنسان إذا قصها تميز ببشريته عن البهائم، لأن البهائم ذات أظفار طويلة، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كل ذي مخلب من الطير، يعني كل ذي ظفر من الطير يخلب به ويصيد به. هذه خمسة أشياء من الفطرة. والناس والحمد لله يمشون عليها، كل المسلمين يمشون عليها، إلا أن الشياطين استهوت بعضهم وصاروا يخالفون هذه الفطرة فيما يأتي : أولا : في الاستحداد، فإن من الناس من لا يستحد أبدا، ومن الناس من يستحد في السنة مرة. وكذلك أيضا في قص الشارب، فإن من الناس من لا يقص شاربه، ولكن لحيته محلوقة، وأي شعرة تخرج في هذه اللحية فويل لها من الإتلاف، لكن الشارب يبقى كثيفا يتناسل ويتنامى، حتى إن بعضهم يفخر بطول شاربه ويتمثل بقول الجاهلي : " الرجال طوال الشوارب "، ولكن الحقيقة أن الرجال هم الذين يمتثلون ما أمر به الرسول عليه الصلاة والسلام من قص الشارب. وكذلك أيضا تقليم الأظفار، من الناس من اجتالته الشياطين فصار لا يقلم أظفاره ويبقيها، حتى تكون كالحراب، وحتى يكون كالحبشة فإن الظفر مدى الحبشة. الغريب أن بعض الناس لعب بهم الشيطان فصاروا يقلدون غير المسلمين وصار بعضهم يبقي الشاهد السبابة، والباقي يقصه، وبعضهم الخنصر والباقي يقصه، وهذا مع كونه مخالفة للشريعة تشبه بالكفار، وإخلال بالعدل، كيف هذا الإصبع تحرمه من الفطرة وبقية الأصابع تجريها على الفطرة. طيب إذن كم توقت هذه الأشياء ؟ توقت بأربعين يوما، قال أنس رضي الله عنه : ( وقّت لنا النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ألا تترك فوق أربعين يوما )، فيحسن أن الإنسان يرتب نفسه، فيجعل مثلا كل جمعة أولى في الشهر هي وقت إزالة هذه الأشياء حتى لا ينسى، لأن الإنسان إذا لم يوقت فالأيام تمشي سريعا، يمكن يمضي أربعون يوما أو خمسون يوما ما شعر، لكن إذا رتب نفسه على أن أول جمعة من كل شهر هي وقت إزالة هذه الأشياء حصل له خير كثير وصار يتعاهد نفسه، معلوم يا هداية الله ؟ نعم. باقي ؟ طيب.
فوائد حديث : ( ... عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اختتن إبراهيم بعد ثمانين سنةً واختتن بالقدوم مخففةً )
الشيخ : فيه أيضا : ( اختتن إبراهيم بعد ثمانين سنة )، وفي هذا دليل على أن الختان من ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام وأنه يجوز الختان بعد الكبر. لكن هذا بعد أن ثبت وجوبه لا يكون إلا في شخص أسلم متأخرا، وإلا فإذا كان مسلما من الأصل فإنه يجب أن يختتن من حين تجب عليه الصلاة، لأنه لا بد من التنظيف، ولهذا يجب الختان قبل البلوغ، يعني إن أخرّه حتى بلغ كان آثما. وقوله : ( واختتن بالقدوم ) مخففة، القدوم معروف، آلة يقطع بها، ولكنه بلا شك أنه تحرى وضبطت نفسه حتى اختتن عليه الصلاة والسلام، وليس المعنى أنه ضرب ضربة كما تضرب الخشبة مثلا، لأن هذا لا شك أنه قد يخطئ، ومثل هذه الأشياء يجب التحري فيها، والآن والحمد لله يسر الله لنا الاختتان بالمستشفيات على وجه منضبط مأمون.
فوائد حديث : ( ... قال : سئل ابن عباس مثل من أنت حين قبض النبي صلى الله عليه وسلم قال : أنا يومئذ مختون قال : وكانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك )
الشيخ : وفيه أيضا في الحديث الثالث سئل ابن عباس : مثل من أنت حين قبض النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : " أنا يومئذ مختون " وكانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك. وش معنى يدرك ؟ يعني يبلغ أو يقارب البلوغ، ولهذا قال أهل العلم إنه يجب الختان قبيل البلوغ لئلا يبلغ وهو غير مختتن فيتلوث بالنجاسة. وفيه دليل على توقيت الشيء بما هو معلوم وإن لم يذكر، فيستفاد منه أنه يجوز توقيت الآجال إلى وقت الحصاد وإلى وقت الجذاذ، وما أشبهها من الأوقات المعلومة للناس جميعا، لأن الشيء إذا كان معلوما فلا حاجة إلى أن يعين اكتفاء بما هو مشهور.
باب : كل لهو باطل إذا شغله عن طاعة الله، ومن قال لصاحبه : تعالى أقامرك . وقوله تعالى : (( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله )) .
القارئ : باب : كل لهو باطل إذا شغله عن طاعة الله، ومن قال لصاحبه : تعالى أقامرك . وقوله تعالى : (( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله )) .
حدثنا يحيى بن بكير قال : حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب قال : أخبرني حميد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من حلف منكم فقال : في حلفه باللات والعزى فليقل : لا إله إلا الله ومن قال : لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق .
القارئ : حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني حميد بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من حلف منكم فقال في حلفه: باللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك، فليتصدق ).
تتمة فوائد حديث : ( ... قال : سئل ابن عباس مثل من أنت حين قبض النبي صلى الله عليه وسلم قال : أنا يومئذ مختون قال : وكانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك )
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم. في الباب الذي سبق في الدرس الماضي في مسألة الختان، أنهم كانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك، ولكن العلماء يقولون إن الختان في زمن الصغر أفضل، لأن الختان في زمن الصغر فيه فائدتان : الفائدة الأولى : سرعة البرء، والفائدة الثانية : عدم الاهتمام والقلق النفسي، لأن الصغير ما عنده قلق نفسي، غاية ما هنالك إن أحس بألم صاح وإلا فليس عنده تفكير أو ألم نفسي، فلهذا كان في زمن الصغر أفضل. إلا أنهم قالوا يكره أم يبادر به قبل اليوم السابع، وإنما يكون في اليوم السابع فما بعده، وبعضهم كرهه حتى في اليوم السابع، ولكن الظاهر عدم الكراهة. هذه أحببت أن أنبه عليها، وذكرنا أمس أن الواجب متى ؟ قبيل البلوغ، حتى يبلغ وقد اختتن.
الشيخ : أما هذا الباب فهو باب مهم، باب كل لهو إذا شغله عن طاعة الله، يعني فما حكمه ؟ اللهو ينقسم إلى قسمين: لهو باطل ممنوع مطلقا، ولهو باطل غير ممنوع ما لم يتضمن محظورا. أما اللهو الباطل الممنوع فهو الأشياء التي فيها إلهاه كثيرا عن طاعة الله، مثل النرد والشطرنج، وغيرها من الألعاب التي تلهي كثيرا، تقتل الوقت ويذهب الوقت وأنت لا تحس به، وفائدتها قليلة ... .