كتاب الدعوات. وقول الله تعالى : (( ادعونى أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين )) .
1 - كتاب الدعوات. وقول الله تعالى : (( ادعونى أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين )) . أستمع حفظ
باب : لكل نبي دعوة مستجابة
حدثنا إسماعيل قال حدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لكل نبي دعوة مستجابة يدعو بها وأريد أن أختبئ دعوتي شفاعةً لأمتي في الآخرة )
3 - حدثنا إسماعيل قال حدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لكل نبي دعوة مستجابة يدعو بها وأريد أن أختبئ دعوتي شفاعةً لأمتي في الآخرة ) أستمع حفظ
وقال لي خليفة قال معتمر سمعت أبي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( كل نبي سأل سؤلًا أو قال لكل نبي دعوة قد دعا بها فاستجيب فجعلت دعوتي شفاعةً لأمتي يوم القيامة )
الشيخ : اللهم صلي وسلم عليه، بسم الله الرحمان الرحيم، قال المؤلف رحمه الله تعالى: كتاب الدعوات. الدعوات جمع دعوة، والمراد بها دعوة الله عز وجل، وهو من باب -دعوة الله- من باب إضافة المصدر إلى مفعوله، يعني دعاء الإنسان ربه.
ودعاء الله تعالى ينقسم إلى قسمين، دعاء مسألة ودعاء عبادة فدعاء المسألة سؤال الإنسان ربه ما يحتاج إليه في دينه ودنياه، ودعاء العبادة أن يتعبّد الإنسان لربه بامتثال أمره واجتناب نهيه.
ووجه كون العبادة دعاء أن المتعبد يدعو بلسان الحال لأنك لو سألته لم تعبد الله؟ لقال: رجاء ثوابه وخوف عقابه، إذن فهو وإن لم يسأل بلسان المقال سائل بلسان الحال، ولهذا قسّم العلماء الدعاء إلى قسمين، دعاء مسألة ودعاء عبادة، وكلاهما من العبادة أيضا لقوله تعالى كما في الأية التي كتبها البخاري رحمه الله: (( وَقالَ رَبُّكُمُ ادعوني أَستَجِب لَكُم إِنَّ الَّذينَ يَستَكبِرونَ عَن عِبادَتي سَيَدخُلونَ جَهَنَّمَ داخِرينَ )) ادعوني فعل أمر، و (( أَستَجِب لَكُم )) جوابه، ولهذا جُزمت (( أَستَجِب لَكُم )) ، والدعاء هنا يشمل دعاء المسألة ودعاء العبادة، وإن كان في دعاء العبادة أظهر لأن الإستجابة إنما تكون لمن دعي بالطلب.
وقوله (( إِنَّ الَّذينَ يَستَكبِرونَ عَن عِبادَتي )) يدل على أن الدعاء من العبادة، فالذي يستكبر عن دعاء الله عز وجل ولا يرى نفسه محتاجا إلى ربه ولا يهمه أن يلجأ إلى الله هذا مستكبر وجزاؤه أن يدخل جهنم داخرا أي صاغرا والعياذ بالله، ولهذا كنا نقول في كل صلاة (( إِيّاكَ نَعبُدُ وَإِيّاكَ نَستَعينُ )) .
ثم قال المؤلف " ولكل نبي دعوة مستجابة " وذكر الحديث، حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: ( لكل نبي دعوة يدعو بها، وأريد أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي في الأخرة ) ، وقال لي خليفة: قال معتمر: سمعت أبي، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : ( كل نبي سأل سؤالا ) أو قال: ( لكل نبي دعوة قد دعا بها فاستجيب، فجعلت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة ) .
يعني أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام دعوا الله بدعاء فاستجاب لهم، (( وَنوحًا إِذ نادى مِن قَبلُ فَاستَجَبنا لَهُ )) ، وغير ذلك مما ذكر الله عز وجل من دعاء الرسل واستجابتهم، أما النبي عليه الصلاة والسلام فجعل الدعوة العظيمة التي يهتم بها ويعتني بها جعلها مدّخرة يوم القيامة في الشفاعة لأمته، الشفاعة لأمته فيمن استحق النار أن لا يدخلها وفيمن دخلها أن يُخرج منها، وليس يعني هذا أن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يدعو بدعاء فيُستجاب له، بل قد دعا بدعوات كثيرة واستجيب له لكن الدعوة التي لها شأن عند الرسول صلى الله عليه وسلّم والعامة للأمة ادّخرها ليوم القيامة.
والشفاعة سبق الكلام عليها وأنها قسمان: عامة وخاصة، وأن الخاص بالرسول عليه الصلاة والسلام ثلاث شفاعات، شفاعته في أهل الموقف أن يُقضى بينهم، وشفاعته في أهل الجنّة أن يدخلوا الجنّة، وشفاعته في عمّه أبي طالب أن يُخفّف عنه من العذاب فخُفّف عنه حتى كان في ضحضاح من نار وعليه نعلان يغلي منهما دماغه، وإنه لأهون أهل النار عذابا، ومع ذلك لا يرى أن أحدا أعظم منه، لأنه لو رأى أن أحدا أعظم منه، نعم، ما يرى أن أحدا أعظم منه لأنه لو رأى أن أحدا أعظم منه لهان عليه الأمر لكنه لا يرى ذلك، فكان ذلك زيادة في عذابه.
وإنما قلنا إن الثالثة خاصة بالرسول صلى الله عليه وسلّم لأنه لا أحد يشفع بكافر أبدا إلا الرسول عليه الصلاة والسلام شفع في أبي طالب، وسبق لنا السبب في ذلك وهو أن لأبي طالب من نصرة الإسلام ونصرة النبي صلى الله عليه وسلّم ما لم يكن لأحد من الكافرين فلذلك خُصّ بهذه الشفاعة.
ثم اعلم أن الدعاء لابد فيه من أمور:
الأمر الأول : صدق الالتجاء إلى الله بحيث يسأل الإنسان ربه سؤال مضطر لا سؤال مستغن عن الله، لأنك إذا سألت سؤال المستغني عن الله الذي لا تبالي أجيبت دعوته أم لم تجب فإنه حري أن لا تُجاب دعوتك، لابد أن تسأل وأنت مظهر الحاجة والفقر إلى الله عز وجل.
ثانيا : أن تدعو الله تعالى وأنت تؤمّل الإجابة غير مستبعد لها ولا مجرّب، فمن دعا الله على سبيل التجربة أو دعا الله مستبعدا إجابته فهو حري أن لا يُجاب، ولهذا جاء في الحديث ( ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ) .
الثالث : أن لا يعتدي في الدعاء، فإن اعتدى في الدعاء بأن سأل ما لا يكون شرعا أو ما لا يكون قدرا فإن ذلك عدوان في الدعاء فلا يحِل له أن يعتدي ولا يُجاب، فإذا قال "اللهم إني أسألك أن تضع عني فرض صلاة الظهر" فهذا عدوان في الدعاء، لو قال "اللهم اجعلني نبيا من أنبيائك" فهذا عدوان في الدعاء لا يحل ولا يجاب.
ومن، والعدوان في الدعاء أن يدعو على شخص بغير حق، فإذا دعا على شخص بغير حق فإنه لا يُستجاب له، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام في أهل الكتاب ( يستجاب لنا فيهم ولا يستجاب لهم فينا ) لأنهم ظلمة ونحن بحق، فلا يجوز أن يدعو على شخص بغير حق لأن هذا من العدوان في الدعاء.
الرابع : أن يجتنب التغذّي بالحرام فإن تغذّى بالحرام فبعيد أن يُستجاب له لأن النبي صلى الله عليه وسلّم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام قال : ( فأنى يستجاب لذلك؟ ) فذكر الرسول صلى الله عليه وسلّم لهذا الرجل أربعة أمور من أسباب إجابة الدعاء، وهي هداية الله؟ ذكر الرسول صلى الله عليه وسلّم في هذا الرجل أنه يدعو الله تعالى بأسباب الإجابة، وذكر أربعة أسباب من أسباب الإجابة.
السائل : واحد لا يتغذى حراما ..
الشيخ : لا لا لا، ما أريد الشروط إلي أنا قلت، الحديث هذا؟
السائل : ... ليس فيه عدوان.
الشيخ : أي طيب، نعم؟
السائل : ... .
الشيخ : لا لا نعم.
السائل : ... أشعث.
الشيخ : أشعث أغبر وهذا من أسباب الإجابة، طيب والرابع؟ ذكرها.
السائل : ... .
الشيخ : ذكره.
السائل : يقول يا رب يا رب.
الشيخ : أنه يقول يا رب يا رب، وهذا من باب التوسّل بربوبية الله، هذه الأسباب الأربعة قال النبي صلى الله عليه وسلّم: ( ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذّي بالحرام، فأنى يُستجاب لذلك؟ ) يعني بعيد أن يُستجاب لذلك، لماذا؟ من أجل هذه الموانع، فصار شروط الدعاء أربعة، قلها يا ناظم؟
السائل : ... .
الشيخ : لا لا.
السائل : أن لا يكون ملبسه حرام.
الشيخ : شروط الدعاء غير أسباب الإجابة. أه. طيب.
السائل : ... .
الشيخ : نعم.
السائل : ... تجنب الحرام.
الشيخ : صدق الالتجاء إلى الله بأن يُظهر أنه في حاجة وفقر وضرورة إلى ربه عز وجل ولا يدعو دعاء المستغني الذي لا يبالي. طيب الثاني؟
السائل : ... .
الشيخ : أه؟
السائل : ... .
الشيخ : إيش؟
السائل : ... .
الشيخ : أه؟
السائل : يكون موقنا بالإجابة.
الشيخ : موقن، ما يمكن يوقن الإنسان يعني إلا قوة الرجاء بالإجابة. أه؟
السائل : ... .
الشيخ : طيب.
السائل : عدم الاعتداء.
الشيخ : نعم، عدم الاعتداء في الدعاء بأن لا يسأل ما لا يجوز شرعا أو قدرا.
السائل : ... .
الشيخ : نعم، أن يجتنب أكل الحرام. نعم.
السائل : ... .
الشيخ : أه؟
السائل : سؤال؟
الشيخ : إيش؟
السائل : سؤال؟
الشيخ : اصبر شوي، ما، طيب. نقرأ؟ قرأنا أظن الحديث؟ لك حق بالسؤال.
4 - وقال لي خليفة قال معتمر سمعت أبي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( كل نبي سأل سؤلًا أو قال لكل نبي دعوة قد دعا بها فاستجيب فجعلت دعوتي شفاعةً لأمتي يوم القيامة ) أستمع حفظ
إذا لم يفعل الأسباب ودعا هل يكون معتدياً في الدعاء ؟
الشيخ : لا، هذا ليس، يعني إذا سأل الله شيئا ولم يفعل سببه فليس من الاعتداء في الدعاء، لأنه قد يقدّر الله أن يفعل السبب، يُعينه فيما بعد فيفعل السبب. نعم؟
بعض الناس يسألون حاجات في الدنيا يتمنونها في الجنة كالسيارة فهل يصح ؟
الشيخ : مسكين هذا الذي يسأل السيارة في الجنّة، في الجنّة مركوبات أحسن ألف مرة من السيارة. لا، هذا مسكين، هذا ينبغي له أن يُعلّم أن الجنّة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، فإذا قيل له هذا الكلام خلاص في الجنّة ماهو براح يشتهي سيارة أبدا. أي نعم.
إذا كان الإنسان يتغذى بالحرام ثم يدعو الله أن يجنبه هذا الحرام فهل يستجاب له ؟
السائل : شيخ إذا كان الإنسان يتغذّى بالحرام ثم يدعو الله أن يجنّبه هذا الحرام؟
الشيخ : نعم. لا لا، هذا ما ينفع، يعني بعيد إن الله يستجيب له، لكن مثل هذا ينبغي هو يقلع، يقلع.
السائل : ... مثلا ما يستطيع ... ضغوط؟
الشيخ : لا، يستطيع أبدا، يستطيع، أشد ما يكون الذين يشربون الدخان إذا عزموا بصدق هان عليهم تركه.
السائل : طيب، الدعاء ما يسهل عليهم ذلك؟
الشيخ : نعم؟
السائل : أقول الدعاء ما يسهل عليهم ذلك يعني؟
الشيخ : الله أعلم، إنما الرسول عليه الصلاة والسلام قال ( أنى يستجاب لذلك ) ، وأطلق، عمّم. عمم وأطلق. خلاص أخذنا ثلاثة، نعم.
فائدة : إستبعاد إجابة من كان مطعمه حرام ليس على إطلاقه .
الشيخ : ولاحظوا يا جماعة أن الاستبعاد لا يعني أنه ممتنع، يعني مثلا لو فرضنا واحد يتغذّى بالحرام ودعا الله فاستجاب له، لا يعني هذا مخالف للحديث لأن الرسول استبعد ولم يذكر الامتناع، ثم لاحظوا أيضا أن المضطر والمظلوم يُجيب الله دعاءه على كل حال، هذا شيء قال الله تعالى فيه: (( أَمَّن يُجيبُ المُضطَرَّ إِذا دَعاهُ )) ، فهو الذي يُجيب المضطر، حتى الكفار يُجيب الله دعوتهم في البحر وهو يعلم أنهم إذا نجوا سوف يُشركون لكن لأنهم مضطرون، كذلك المظلوم وإن أكل الحرام وفعل أشياء من موانع الإجابة فإنه يُستجاب، لأن إزالة الظلم أو الانتقام من الظالم من العدل الذي هو مقتضى عدل الله عز وجل. انتبهوا لهذا، فعندنا ثلاثة أمور:
أولا : هل الحديث دل على أن من يتغذّى بالحرام لا يُستجاب له قطعا؟ أه؟ لا، لأن الرسول قال ( فأنى يُستجاب ) ولم يقل "فلا يستجاب" .
ثانيا : إذا كان مضطرا فإن الله تعالى يجيب دعاءه لأن الله تمدّح ومدح نفسه بإجابة المضطر فقال (( أَمَّن يُجيبُ المُضطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكشِفُ السّوءَ وَيَجعَلُكُم خُلَفاءَ الأَرضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ )) .
ثالثا : أه؟ إذا كان مظلوما فإنه يُستجاب دعاءه فيمن ظلمه لقول النبي صلى الله عليه وسلّم لمعاذ بن جبل ( اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ) . نعم.
السائل : ... .
الشيخ : أه؟ اصبر ما أخذنا شيء يا هداية الله.
باب : أفضل الاستغفار. وقوله تعالى : (( استغفروا ربكم إنه كان غفارا. يرسل السماء عليكم مدرارا. ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنت ويجعل لكم أنهارا )) . (( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون )) .
الشيخ : (( استَغفِروا )) ما بها واو، لا، اشطب عليها لأنها ليس في الأية.
القارئ : (( استَغفِروا رَبَّكُم إِنَّهُ كانَ غَفّارًا * يُرسِلِ السَّماءَ عَلَيكُم مِدرارًا * وَيُمدِدكُم بِأَموالٍ وَبَنينَ وَيَجعَل لَكُم جَنّاتٍ وَيَجعَل لَكُم أَنهارًا )) ، (( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم، ومن يغفر الذنوب إلا الله، ولم يصرّوا على ما فعلوا وهم يعلمون )) .
9 - باب : أفضل الاستغفار. وقوله تعالى : (( استغفروا ربكم إنه كان غفارا. يرسل السماء عليكم مدرارا. ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنت ويجعل لكم أنهارا )) . (( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون )) . أستمع حفظ
حدثنا أبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثنا الحسين حدثنا عبد الله بن بريدة قال حدثني بشير بن كعب العدوي قال حدثني شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( سيد الاستغفار أن تقول اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت قال ومن قالها من النهار موقناً بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة )
الشيخ : الله أكبر، الحمد لله، قال المؤلف رحمه الله : " باب أفضل الاستغفار " ثم ذكر حديث شداد بن أوس رضي الله عنه، لكنه ذكر ءايتين قبل ذلك.
ما هو الاستغفار؟ الاستغفار طلب المغفرة، والمغفرة تتضمّن شيئين، ستر الذنب والتجاوز عنه، لأنها مأخوذة من المِغفر، وهو ما يوضع على الرأس عند القتال، وهذا الذي يوضع على الرأس عند القتال يحصل به الستر والوقاية، فإذا قلت اللهم اغفر لي فأنت تسأل الله شيئين، أن يستر ذنوبك عن الناس، وأن يعفو عنك. نعم.
10 - حدثنا أبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثنا الحسين حدثنا عبد الله بن بريدة قال حدثني بشير بن كعب العدوي قال حدثني شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( سيد الاستغفار أن تقول اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت قال ومن قالها من النهار موقناً بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة ) أستمع حفظ
شرح الآية : (( استغفروا ربكم إنه كان غفارا ... ))
و (( استَغفِروا رَبَّكُم )) فأمرهم بأن يستغفروا الله، وعلّل ذلك مرغّبا إياهم بالاستغفار (( إِنَّهُ كانَ غَفّارًا )) وغفّار صيغة مبالغة يا حسن، نعم؟ صيغة مبالغة؟ متأكد؟ أه؟
السائل : نعم.
الشيخ : ما هي صيغ المبالغة؟ لا لا، لا تجيب لي أمثلة، الصيغ الصيغ؟
السائل : ... .
الشيخ : إيه، ... فعال.
السائل : ... .
الشيخ : لا.
السائل : ... .
الشيخ : نعم.
السائل : فعال.
الشيخ : نعم.
السائل : فعيل.
الشيخ : نعم.
السائل : ... .
الشيخ : ... أحسنت، طيب، الله عز وجل غفار، هل نقول إن هذه صيغة مبالغة أو نسبة؟ يحتمل، النسبة معناها أنها صفة لازمة، كما نقول مثلا نجّار حدّاد صفة لازمة له، أما صيغة المبالغة فهي صفة فعليه، والله تعالى متصف بالمغفرة أزلا وأبدا وكثير المغفرة.
(( يُرسِلِ السَّماءَ )) يرسل لماذا كانت بالجَرّ مع أن الجر لا يدخل في الأفعال؟ نعم؟ مجرورة، والجر من علامات الاسم، أحمد بخور؟
السائل : ... .
الشيخ : أه؟
السائل : ... .
الشيخ : إيه إذًا الكسر هنا ليس علامة إعراب؟
السائل : ... .
الشيخ : طيب، (( يُرسِلِ السَّماءَ عَلَيكُم مِدرارًا )) والمراد بالسماء هنا المطر، يعني معناه إن المطر ينزل بكثرة، (( وَيُمدِدكُم بِأَموالٍ وَبَنينَ وَيَجعَل لَكُم جَنّاتٍ وَيَجعَل لَكُم أَنهارًا )) وهذه أمور دنيوية، فإذا قال قائل: كيف رغّبهم في أمور دنيوية من أجل عمل صالح؟ فالظاهر والله أعلم أن هؤلاء القوم يميلون إلى الدنيا أكثر مما يميلون إلى الأخرة، ولهذا رغّبهم في الدنيا ولم يقل يغفر لكم ذنوبكم، في هذا الكلام وإلا قاله في مقام ءاخر، لكن هنا من أجل الترغيب لأنهم قوم ماديون يريدون الدنيا فرغبهم، ولكن ينبغي للإنسان أن يطمح عن هذا وأن يكون قصده باستغفار الله مغفرة ذنوبه وأن يجعل هذه الأمور تأتي تبعا.
شرح الآية : (( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ... ))
(( وَالَّذينَ إِذا فَعَلوا فاحِشَةً أَو ظَلَموا أَنفُسَهُم )) الفاحشة ما عظم من الذنوب، ومنه الزنا واللواط ونكاح ذوات المحارم، كل هذه فواحش، نص الله عليها في القرءان فقال: (( وَلا تَنكِحوا ما نَكَحَ ءاباؤُكُم مِنَ النِّساءِ إِلّا ما قَد سَلَفَ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقتًا وَساءَ سَبيلًا )) ، وقال (( وَلا تَقرَبُوا الزِّنا إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً )) ، وأنا أسأل الأخ اسمك؟ يا عبد الرحمان أيهما أعظم الزنا أو نكاح ما نكح الآباء؟ أعظم؟ وش الدليل؟
السائل : ... .
الشيخ : إيه وغير؟ ما يمكن نستدل من الأية التي ذكرنا؟
السائل : الله سبحانه وتعالى قال عن الزنا (( إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً )) .
الشيخ : (( كانَ فاحِشَةً )) .
السائل : أما عن ما نكح إنه قال (( فاحِشَةً وَمَقتًا وَساءَ سَبيلًا )) .
الشيخ : نعم. يعني زاد المقت؟ طيب. أما اللواط فقال لوط لقومه (( أَتَأتونَ الفاحِشَةَ )) ، طيب.
(( أَو ظَلَموا أَنفُسَهُم )) يعني بما دون ذلك، بما دون الفواحش، (( ذَكَرُوا اللَّهَ )) بألسنتهم فقالوا: لا إله إلا الله، أو ذكروه بقلوبهم فخافوه، الثاني أقرب، فيذكرون الله عز وجل، يذكرون عظمته وانتقامه فيستغفرون لذنوبهم، يسألون الله أن يغفر لهم الذنوب.
قال الله تعالى (( وَمَن يَغفِرُ الذُّنوبَ إِلَّا اللَّهُ )) "من" اسم شرط جازم صح؟ نعم؟
السائل : ... .
الشيخ : استفهامية ولا تصح أن تكون اسم شرط لأن الفعل بعدها مرفوع، طيب، استفهام بمعنى النفي والدليل على أنه بمعنى النفي الاستثناء الواقع بعده (( إلا الله )) ، وموضع الاستفهام أو ووضع الاستفهام موضع النفي فيه فائدة زيادة على النفي، وهو أنه إذا وقع الاستفهام موقع النفي كان مشربا بإيش؟ بالتحدّي لأن النفي المجرّد ما فيه التحدّي، فإذا قلت لم يقم أحد، ليس كقولك من يقم سوى زيد مثلا، إذا قلت لم يقم أحد إلا زيد ليس كقولك من يقم سوى زيد، الثانية أعظم.
(( وَمَن يَغفِرُ الذُّنوبَ إِلَّا اللَّهُ )) أبلغ من قولك لا يغفر الذنوب إلا الله.
(( وَلَم يُصِرّوا عَلى ما فَعَلوا وَهُم يَعلَمونَ )) يعني وقد يصرّون على ما فعلوا إذا كانوا لا يعلمون، ومن فعل الذنب غير عالم به فإن إصراره على ذنبه لا يُكسبه إثما، لأنه جاهل، وقد قال الله تعالى: (( رَبَّنا لا تُؤاخِذنا إِن نَسينا أَو أَخطَأنا )) .
12 - شرح الآية : (( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ... )) أستمع حفظ
شرح حديث سيد الإستغفار .
وقوله ( ما استطعت ) لأن ما لا يُستطاع لا يُكلّف الإنسان به كما قال تعالى (( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفسًا إِلّا وُسعَها )) .
( أعوذ بك من شر ما صنعتُ ) وإلا ما صنعتَ؟
السائل : صنعتُ.
الشيخ : أه؟ هنا من شر ما صنعتُ، ولا شك أنا أيضا نستعيذ من شر ما خلق الله (( قُل أَعوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ * مِن شَرِّ ما خَلَقَ )) ، لكن هنا من شر ما صنعْتُ أنا. طيب.
و"ما" هنا موصولة أو مصدرية؟ إن كان هي موصولة فتقدير الكلام: من شر الذي صنعته، ويكون العائد محذوفا، وإن كانت مصدرية صار تقدير الكلام من شر صنعي، وعلى كل حال المعنى لا يختلف في أن "ما" مصدرية أو موصولة أنك تستعيذ الله من شر ما صنعت من الأعمال السيّئة.
( أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء لك بذنبي ) أبوء بمعنى أعترف ( بنعمتك علي ) ، والنعمة هنا مفرد مضاف فيشمل جميع النعم الدينية والدنيوية، ( وأبوء بذنبي ) أعترف به، وما من إنسان إلا وله ذنب قال النبي صلى الله عليه وسلّم: ( كل بني ءادم خطاء وخير الخطائين التوابون ) ، وما أكثر ذنوبنا، لو قلنا إن ذنوبنا أكثر من طاعاتنا لكنا صادقين، ليش؟ لأن طاعاتنا مخلوطة بذنوب، من الذي يُتقن طاعته على الوجه المطلوب إلا نادرا، ففي كل طاعة ذنب، لكن صحيح أن الحمد لله، صحيح والحمد لله أن الطاعات حسنات، وقد قال الله تعالى (( إِنَّ الحَسَناتِ يُذهِبنَ السَّيِّئَاتِ )) فأخطاؤنا كثيرة، ولهذا قال ( أبوء بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ) الشاهد من هذا الحديث قوله ( فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ) وإنما كان هذا سيد الاستغفار لما فيه من التوحيد والاعتراف بالذنب وتقرير الإيمان والاعتراف بالنعم فهو أبلغ مما لو قال الإنسان " اللهم اغفر لي " ، ولهذا كان سيد الاستغفار.
أما ثواب هذا فيقول ( من قالها من النهار موقنا بها، فمات من يومه قبل أن يمسي، فهو من أهل الجنّة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها، فمات قبل أن يصبح، فهو من أهل الجنّة ) إذن فينبغي لنا أن نحفظ هذا الحديث وأن نحرص على أن نقوله ليلا ونهارا. نعم.
جاء في الحديث لايزال يستجاب للمؤمن ما لم يدعو بإثم أو قطيعة رحم وجاء في الحديث الآخر لا تدعوا على أبنائكم أو أموالكم فتوافق ساعة فيستجيب الله .. والدعاء على الأموال والأبناء من الإثم فكيف الجمع ؟
السائل : ... أقول جاء في الحديث لايزال يستجيب للمؤمن ما لم يدعو بإثم أو قطيعة رحم.
الشيخ : نعم.
السائل : وجاء في حديث ءاخر قول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا تدعوا على أبنائكم أو أموالكم تُوافق ساعة فيستجيب الله ) أو ما شابه ذلك.
الشيخ : نعم.
السائل : ففي الحديث الأول نفى الإجابة بإثم أو قطيعة الرحم، والدعاء على الأموال والأبناء من الإثم ومع ذلك أثبت النبي صلى الله عليه وسلّم احتمال ... .
الشيخ : أي نعم، هو الغالب إن هؤلاء ما يدعون إلا لسبب، ... ما دعا على أبنائه إلا لسبب، قد يكون هذا السبب مسوّغا للدعاء فيكون دعا بحق لا بإثم.
14 - جاء في الحديث لايزال يستجاب للمؤمن ما لم يدعو بإثم أو قطيعة رحم وجاء في الحديث الآخر لا تدعوا على أبنائكم أو أموالكم فتوافق ساعة فيستجيب الله .. والدعاء على الأموال والأبناء من الإثم فكيف الجمع ؟ أستمع حفظ
باب : استغفار النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم والليلة
حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن قال قال أبو هريرة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرةً )
الشيخ : صلى الله وسلم عليه. " باب استغفار النبي صلى الله عليه وسلّم في اليوم والليلة " يعني كم هو؟ فبيّن الرسول صلوات الله وسلامه عليه أنه يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة، أكثر من سبعين وهذا يصل إلى المائة أو أكثر، لكن في حديث ءاخر أنه كان يستغفر الله مائة مرة، وهذا وهو النبي صلى الله عليه وسلّم الذي قد غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، لم يعتمد على ما وعِد به، فإن الله قال (( إِنّا فَتَحنا لَكَ فَتحًا مُبينًا * لِيَغفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَما تَأَخَّرَ )) ، وقال (( إِذا جاءَ نَصرُ اللَّهِ وَالفَتحُ * وَرَأَيتَ النّاسَ يَدخُلونَ في دينِ اللَّهِ أَفواجًا * فَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ وَاستَغفِرهُ )) ، ولا مانع من أن يكون من أسباب المغفرة لرسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه يستغفر لأن حق الله عظيم عز وجل، ليس بالأمر الهيّن، فالنبي عليه الصلاة والسلام ومن دونه كلهم عبيد لله، كلهم محتاجون إلى مغفرة الله، كلهم يمكن أن يقع منهم خطأ، لكن الأنبياء خطؤهم لا يقرّون عليه بل يستعتبون منه، أما غيرهم فلا.
على كل حال إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلّم يستغفر الله سبعين مرة ويتوب إليه فما بالك بنا نحن؟ لو أحصينا ما استغفرنا في اليوم والليلة لبلغ خمسة عشر المؤكّد، وهو.
السائل : ... .
الشيخ : أدبار الصلوات، أستغفر الله أستغفر الله أستغفر الله، والباقي نحن في غفلة، مع العلم بأن الإنسان إذا استغفر بقلبه ولسانه يجد راحة وطمأنينة وصلة بالله عز وجل ويجد لذّة لا توصف لا بأكل الحلوى ولا العسل ولا أي شيء، كلما استغفر الله وجد سبحان الله سعة وطمأنينة وراحة لكن بشرط أن يكون الاستغفار بالقلب وباللسان، نستغفر الله ونتوب إليه.
16 - حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن قال قال أبو هريرة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرةً ) أستمع حفظ
باب : التوبة . وقال قتادة : (( توبوا إلى الله توبة نصوحا )) : الصادقة الناصحة
حدثنا أحمد بن يونس حدثنا أبو شهاب عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن الحارث بن سويد حدثنا عبد الله بن مسعود حديثين أحدهما عن النبي صلى الله عليه وسلم والآخر عن نفسه قال إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا قال أبو شهاب بيده فوق أنفه ثم قال ( لله أفرح بتوبة عبده من رجل نزل منزلاً وبه مهلكة ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه فوضع رأسه فنام نومةً فاستيقظ وقد ذهبت راحلته حتى إذا اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاء الله قال أرجع إلى مكاني فرجع فنام نومةً ثم رفع رأسه فإذا راحلته عنده ) تابعه أبو عوانة وجرير عن الأعمش وقال أبو أسامة حدثنا الأعمش حدثنا عمارة سمعت الحارث وقال شعبة وأبو مسلم اسمه عبيد الله كوفي قائد الأعمش عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد وقال أبو معاوية حدثنا الأعمش عن عمارة عن الأسود عن عبد الله وعن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد عن عبد الله
الشيخ : إيش؟ عن؟ عن؟
القارئ : عن الحرث بن سويد.
الشيخ : الحارث، هم ما يكتبون الألف لكنها تُقرأ الحارث. أي نعم.
القارئ : عن الحارث بن سويد، قال حدثنا عبد الله بن مسعود، حديثين: أحدهما عن النبي صلى الله عليه وسلّم، والأخر عن نفسه، قال: ( إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا ) ، قال أبو شهاب: بيده فوق أنفه، ثم قال: ( لله أفرح بتوبة عبده من رجل نزل منزلا وبه مهلكة، ومعه راحلته، عليها طعامه وشرابه، فوضع رأسه فنام نومة، فاستيقظ وقد ذهبت راحلته، حتى اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاء الله، قال: أرجع إلى مكاني، فرجع فنام نومة، ثم رفع رأسه، فإذا راحلته عنده ) تابعه أبو عوانة، وجرير، عن الأعمش.
وقال أبو أسامة: حدثنا الأعمش، قال حدثنا عمارة، قال سمعت الحارث بن سويد.
وقال شعبة وأبو مسلم، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد.
وقال أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن عمارة، عن الأسود، عن عبد الله، وعن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد، عن عبد الله.
18 - حدثنا أحمد بن يونس حدثنا أبو شهاب عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن الحارث بن سويد حدثنا عبد الله بن مسعود حديثين أحدهما عن النبي صلى الله عليه وسلم والآخر عن نفسه قال إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا قال أبو شهاب بيده فوق أنفه ثم قال ( لله أفرح بتوبة عبده من رجل نزل منزلاً وبه مهلكة ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه فوضع رأسه فنام نومةً فاستيقظ وقد ذهبت راحلته حتى إذا اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاء الله قال أرجع إلى مكاني فرجع فنام نومةً ثم رفع رأسه فإذا راحلته عنده ) تابعه أبو عوانة وجرير عن الأعمش وقال أبو أسامة حدثنا الأعمش حدثنا عمارة سمعت الحارث وقال شعبة وأبو مسلم اسمه عبيد الله كوفي قائد الأعمش عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد وقال أبو معاوية حدثنا الأعمش عن عمارة عن الأسود عن عبد الله وعن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد عن عبد الله أستمع حفظ
شروط التوبة .
الأول: الإخلاص لله عز وجل بأن لا يحمل الإنسان على التوبة خوف مخلوق أو رجاء مخلوق.
والثاني: الندم على ما فعل من المعصية بحيث يحزن ويسوؤه ما جرى منه.
والثالث: الإقلاع عن الذنب في الحال.
والرابع: العزم على أن لا يعود في المستقبل.
والخامس: أن تكون في الوقت ... المقبولة فيه، وذلك بأن يكون بالنسبة لكل إنسان قبل حضور الأجل، وبالنسبة لعموم الناس قبل طلوع الشمس من مغربها، وذلك لأن الإنسان إذا حضره الأجل فلا توبة له، كما قال الله تعالى: (( وَلَيسَتِ التَّوبَةُ لِلَّذينَ يَعمَلونَ السَّيِّئَاتِ حَتّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوتُ قالَ إِنّي تُبتُ الآنَ )) ، وكذلك من تاب بعد أن تطلع الشمس من مغربها فإنه لا توبة له لقول النبي صلى الله عليه وسلّم : ( لا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها ) .
هذه شروط خمسة لكون التوبة مقبولة.
والتوبة واجبة لأمر الله تعالى بها، ولأن الإنسان إذا أصر على المعصية صارت الصغيرة كبيرة، واختلف العلماء رحمهم الله هل تصح التوبة من ذنب مع الإصرار على غيره؟ فمن العلماء من قال إن التوبة لا تصح من ذنب مع الإصرار على غيره، ومنهم من قال إنها لا تصح من ذنب مع الإصرار على غيره إذا كان من جنسه، فلو تاب مثلا من نظر النساء المحرّم إلى مكالمتهن أو من مكالمتهن إلى النظر إليهن فإن التوبة لا تُقبل لأن الذنب جنس واحد، بخلاف ما لو تاب من الكذب ولكنه تعامل بالربا فإن التوبة من الكذب تصح لأن الذنب ليس من جنس الذنب الأخر.
ولكن الصحيح أن من تاب من ذنب فإن الله تعالى يتوب عليه لعموم الأدلة الدالة على ذلك حتى وإن أصر على جنسه فإن الله تعالى يتوب عليه.
وابن القيم رحمه الله لما تكلّم على هذه المسألة في "مدارج السالكين" قال إن المسألة لها غور يعني لها عمق، ولكن التحقيق في هذه المسألة أن يقال أما التوبة المطلقة التي يستحق بها الإنسان الثناء ويُجعل من التوابين فهذه لا تصح من ذنب مع الإصرار على غيره لأنه لا يصح أن نصف هذا بالتوّاب وهو يفعل المعاصي.
وأما مطلق التوبة فإن الصحيح أنها تصح من ذنب مع الإصرار على غيره، لكن لا يصح ... الرجل أن يوصف بأنه من التوابين، بل يُقال هو تائب ولا يقال تواب.
شرح حديث : ( لله أفرح بتوبة عبده من رجل نزل منزلاً وبه مهلكة ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه فوضع رأسه فنام ... )
20 - شرح حديث : ( لله أفرح بتوبة عبده من رجل نزل منزلاً وبه مهلكة ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه فوضع رأسه فنام ... ) أستمع حفظ
قراءة من الشرح .
(القراءة من فتح الباري لابن حجر)
القارئ : قوله باب التوبة، أشار الْمُصَنِّفُ بِإِيرَادِ هَذَيْنَ الْبَابَيْنِ وَهُمَا الِاسْتِغْفَارُ ثُمَّ التَّوْبَةُ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الدُّعَاءِ إِلَى أَنَّ الْإِجَابَةَ تُسْرِعُ إِلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَلَبِّسًا بِالْمَعْصِيَةِ فَإِذَا قَدَّمَ التَّوْبَةَ وَالِاسْتِغْفَارَ قَبْلَ الدُّعَاءِ كَانَ أَمْكَنَ لِإِجَابَتِهِ وَمَا الطف قَول ..
الشيخ : اصبر اصبر. لا لا حديث ابن مسعود يا أخي، حديث ابن مسعود.
القارئ : " قوله: حديثين أحدهما عن النبي صلى الله عليه وسلّم والأخر عن نفسه قال: إن المؤمن فذكره إلى قوله: فوق أنفه، ثم قال: لله أفرح بتوبة عبده، هكذا وقع في هذه الرواية غير مصرّح برفع أحد الحديثين إلى النبي صلى الله عليه وسلّم، قال النووي: قالوا المرفوع لله أفرح إلخ، والأول قول ابن مسعود، وكذا جزم ابن بطال بأن الأول هو الموقوف والثاني هو المرفوع، وهو كذلك، ولم يقف ابن التين على تحقيق ذلك فقال: أحد الحديثين عن ابن مسعود والأخر عن النبي صلى الله عليه وسلّم، فلم يزد في الشرح على الأصل شيئا، وأغرب الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة في مختصره فأفرد أحد الحديثين من الأخر وعبّر في كل منهما بقوله: عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلّم، وليس ذلك في شيء من نسخ البخاري " ..
الشيخ : بس بس.
تتمة شرح حديث : ( لله أفرح بتوبة عبده من رجل نزل منزلاً وبه مهلكة ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه فوضع رأسه فنام ... )
إذن الموقوف قوله: ( إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه ) هذا من كلام ابن مسعود وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلّم، وذلك أن المؤمن يخاف من ذنوبه لأن الذنوب مخوّفة، الذنوب كشررة الجمر ربما تولّد السعير، لأن الإنسان إذا استهان بالمعصية استهان بالصغيرة ثم بأخرى ثم بثالثة ثم برابعة حتى يتدرّج إلى الكبائر، وربما يصل إلى الكفر، ولهذا قال أهل العلم إن المعاصي بريد الكفر يعني ينزلها الإنسان مرحلة مرحلة حتى يصل إلى الكفر، فالمؤمن يخاف من الذنوب.
يخاف من الذنوب كما يخاف الإنسان الذي تحت جبل أن يقع عليه هذا الجبل وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا هكذا، هذا سهل يعين الفاجر يذنب ويذنب ويذنب ولا يبالي كأنه ذباب مر على أنفه فقال به هكذا وهذا معناه التساهل فإذا رأيت من نفسك أنك تتساهل بالذنوب ولا تتعاظمها فاعلم أن بك مرضا فصحّح الخطأ وصحح القلب.
ثم قال ( لله أفرح بتوبة عبده ) إلى ءاخره هذا هو الحديث المرفوع ( لله أفرح ) يعني أشد فرح بتوبة الإنسان من رجل نزل منزلا وبه مهلكة ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه فوضع رأسه فنام نومة فاستيقظ وقد ذهبت راحلته حتى اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاء الله قال أرجع إلى مكاني لأن الرجل لما استيقظ ولم يجد الراحلة ذهب يبحث عنها فلما أدركه العطش قال أرجع إلى مكاني لأنه نام تحت ظل شجرة فرجع فنام نومة ثم رفع رأسه فإذا راحلته عنده، من يقدّر هذا الفرح؟ نحن لا نتصوّره الأن ولا نتخيّله لأنه أعظم مما نتخيّل إذ أنه حياة بعد موت، هذا الفرح لا يوجد له نظير إطلاقا ولهذا جاء في الحديث أنه أمسك بزمام الناقة.