(( لقد اصطفيناه )) الجملة هنا مؤكدة بمؤكدات ثلاثة، وهي: القسم المقدر، واللام ، وقد، لأن اللام هنا موطئة للقسم، والتقدير: والله لقد، و(( اصطفيناه )) افتعال من الصفوة يعني مشتقة من هذا أصل المادة من هذه من صفا يصفو، فمعنى اصطفيناه أي اخترناه حتى كان صفوة من الخلق، حتى كان صفوة من الخلق، اصطفاه الله تعالى في الدنيا على كل الأنبياء ما عدا محمدا صلى الله عليه وسلم، وقوله: (( في الدنيا )) (( اصطفيناه في الدنيا )) أي جعلناه صفيا من الخلق واتخذه الله تعالى خليلا، (( وإنه في الآخرة لمن الصالحين )) إنه هذه إن ... و(( في الآخرة )) ؟ لا، (( الصالحين )) خبر لكن (( في الآخرة )) في موضع نصب على الحال ،وإنه في حال كونه في الآخرة من الصالحين، شف في الدنيا اصطفاه الله واختار، في الآخرة يكون من الصالحين الذين أدوا ما أوجب الله عليهم لنفسه ولخلقه، وهذه جملة مؤكدة بمؤكدين: إن، واللام، إن واللام فقط، وهنا ذكر الله تعالى الاصطفاء في الدنيا والصلاح في الآخرة هل هناك نكتة بتغاير حالين أولا؟ يبدوا لي والله أعلم أن هناك نكتة وهو يقين في هناك نكتة لكن بس ما نعرفها هل نعرفها أو لا، وإلا لاشك أن التعبيرين مختلفان لكن لماذا ؟ نلتمس، الدنيا دار شهوات وابتلاء فلا يصبر عن هذه الشهوات ولا على هذه الابتلاء إلا واحد دون الآخر اليس كذلك ؟ بلى، فإذا أخلص الإنسان نفسه لله صار صفوة من عباد الله اليس كذلك؟ بلى، الآخرة ليست كذلك، الآخرة حتى الكفار يؤمنون، حتى الكفار يؤمنون نعم؟ ولكن الفرق بين من يكون من الصالح ومن غير الصالح، لأنهم هم إذا عرضوا على النار (( اليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا )) (( أولم تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى )) (( قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون )) وهكذا تدل على أنهم يؤمنون لكنهم ليسوا من الصالحين، ليسوا من الصالحين .

(( إذ قال له ربه أسلم )) هذه أيضا تابعة للثناء على إبراهيم، شف لما عظم بيت الله كيف أن الله تعالى شكور حليم، أثنى عليه هذا الثناء العظيم، وجعله إماما، وبين اصطفاءه في الدنيا، وأنه في الآخرة من الصالحين، أيضا هذه الحال من الثناء عليه (( إذ قال له ربه أسلم )) هذه يحتمل أن يكون متعلقة بقوله: (( لقد اصطفيناه )) ولقد اصطفيناه إذ قال له ربه، ويحتمل أن تكون متعلقة بمحذوف تقديره: اذكر إذ قال له ربه، فيكون أمر للرسول صلى الله عليه وسلم أن ينوه بهذه الحال التي كان إبراهيم صلى الله عليه وسلم عليه، (( إذ قال له ربه أسلم )) قال سمعا وطاعة؟ نعم، نعم ما تأنى، ما تأنى ولا تأبد (( قال أسلمت لرب العالمين )) إسلام يتضمن التوحيد، توحيد العبادة ، (( لرب العالمين )) يتضمن توحيد الربوبية والأسماء والصفات، (( أسلمت لرب العالمين )) فأسلم إسلاما كاملا بدون تردد، وما أكثر الذين قال لهم ربهم أسلموا ولكن لم يسلموا، تسع مئة وتسع وتسعين من بني آدم قيل لهم أسلموا ولم يسلموا، لأنهم كلهم من أهل النار، تسعمائة وتسع وتسعين بالألف من بني آدم كلهم في النار وواحد منهم في الجنة، لكن هذا قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين، وهذه صفة حميدة جدا استحق أن ينوه بها عنه، وهي عامة لأصل الإسلام ولفرائع الإسلام، حتى الفروع أسلم فيها، رأى في المنام أنه يذبح ابنه فنفذ ؟ نعم، نفذ، قال الله له: (( وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا )) فنفذ مع أنه ابنه وحيده ما له غيره، أتاه على كبر، وبلغ معه السعي، يعني بلغ أن يمشي معه، وهذا وقت تعلق الإنسان بابنه، لأن الطفل الصغير قد لا تتعلق به النفوس، والكبير قد انعزل زالت الرغبة فيه، لكن في هذا المستوى هذا هو غاية ما يكون من تعلق القلب به، فرأى في منامه أنه يذبحه فنفذ، إلا أنه أراد أن يختبر ابنه حيث قال: (( إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين )) وذكر الله القصة.

الطالب: قوله: (( اصطفيناه في الدنيا )) ما ذكر الرسول. . . ؟
الشيخ : أي لأن السياق في إبراهيم، وإلا لذكر أنه (( عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ ))، (( يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك )) لكن هنا السياق في الثناء على إبراهيم. نعم يا ؟

الطالب:........؟
الشيخ : لأن الرب لابد أن يكون كاملا، الرب لأن الربوبية عامة للعالمين كلها لابد أن يكون كاملا وإلا ما صح أن يكون ربا للعالمين.

الطالب: شيخ؟ ويش وجه يعني الله سبحانه وتعالى أوحى إلى الرسول (( أن اتبع ملة إبراهيم )) وفي الحديث إن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ؟
الشيخ : أحسنت، نعم هذا هدي النبي عليه الصلاة والسلام متضمن لهدي إبراهيم وزيادة، لأن هدي إبراهيم هو الإخلاص والتوحيد عموما، لكن فرائع الإسلام تختلف، لأن الله يقول: (( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا )) في الأصل التوحيد والإخلاص ملة إبراهيم هي الملة المقتدى بها لكن فروع الإٍسلام قلنا هي الشريعة التي كان عليها الرسول عليه الصلاة والسلام، فلهذا كان خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.(( ووصى بها )) وفي قراءة: (( وأوصى بها ))

الطالب: شيخ ما معنى قوله: (( إذ قال )) هل هو وحي أو الهام ؟
الشيخ : الأصل إذا قال: (( إذ قال )) هو الوحي كلمه .

(( ووصى به إبراهيم بنيه يعقوب )) فيها قراء (( وأوصى بها )) أما إبراهيم في الموضع الأول والثاني ففيها القراء التي ذكرناها من قبل وهي؟ إبراهام، (( ووصى بها إبراهام )) وتقول إبراهيم
الطالب: في كل القرآن يا شيخ؟
الشيخ : لا ما في كل القرآن ولكن في السورة هذه في أكثر القرآن في بعض المواضع قليلة ما فيها إبراهام.
الطالب: فيه زيادة حرف؟
الشيخ : وهو؟
الطالب: الألف
الشيخ : ونقص حرف، زاد حرفا ونقص حرفا فين نقص؟
الطالب: تضعيف
الشيخ : تضعيف أي نعم ووصى بها وأوصى بها إبراهيم، وهذه في الحقيقة ما تنطبق على الشروط الثلاثة في القراءة ، ويش الشروط الثلاثة في القراءة؟ أمليناها عليكم في بيتين؟ شروط القراءات؟ قوله:"
وكل ما وافق وجه نحو وكان ذي الرسم احتمال يحوي
و صح نقلا فهو القرآن فهــذه ثـلاثة الأركان " . طيب الآن (( وصى بها )) و(( أوصى بها ))، يحوي ؟
الطالب: ما يحوي
الشيخ : ما يحوي؟ إذا الشروط الأركان الذي ذكر بناء على الأغلب، وقد مر علينا سقوط حرف عطف حرف الذي هو معنى ما هو مثل هذا، هذا حرف ما له معنى، الهمزة والتضعيف ما لهم معنى، لكن مر علينا فيما سبق سقوط حرف معنوي ويش هي؟
الطالب: (( قالوا )) (( وقالوا )) (( وقالوا اتخذ الله ولدا ))
الشيخ : وفي قراءة: (( قالوا اتخذ الله )) (( والله واسع عليم قالوا اتخذ الله )) (( واسع عليم وقالوا اتخذ الله )) نعم (( ووصى بها )) بها ، بها ضمير يعود على هذه الكلمة العظيمة وهي: (( أسلمت لرب العالمين )) ويجوز أن يكون الضمير يعود على الملة، وصى بهذه الملة نعم؟ ولكن والمعنى واحد، لأن ملة إبراهيم هي (( إذا قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ووصى بها إبراهيم بنيه )) والتوصية العهد المؤكد في الأمر الهام ولا لا يا غانم ؟ ويش التوصية؟
الطالب: التوصية العهد الأمر الهام
الشيخ : العهد المؤكد في الأمر الهام.
وقوله: (( إبراهيم بنيه )) ويش محله من الإعراب؟ مفعول موصى، ولهذا نصبت بالياء لأنها؟ ملحق بجمع مذكر السالم نعم، قال: (( ويعقوب )) ويعقوب معطوفة على إبراهيم، يعني وكذلك وصى بها يعقوب بنيهم نعم؟ ما ذكر إسحاق؟ لأن إسحاق موصى من ....؟ إبراهيم ثم عاد يعقوب الذي هو حفيد إبراهيم ابن ابنه، (( وصى بها بنيه )) يعني وكذلك وصى بها يعقوب، وسمي يعقوبا لأنه عقب إسحاق، هذا إذا قلنا إنه مشتق، أما إذا قلنا إنه اسم جامد فإنه لا حاجة إلى أن نعلل هذا التعليل، نقول يعقوب اسم جامد وله مشتق، وقوله: (( يعقوب )) من أشهر أولاد يعقوب؟ يوسف، نعم، يعقوب قال: (( يا بني )) يابني ولا يابني؟ يا بني ، يا بني، ويش الفرق بين يا بني ويا بني ؟
الطالب: بني جمع
الشيخ : بني جمع وبني واحد مصغر. طيب يا بني جمع أين النون التي هي عوض عن اسم مفرد ؟
الطالب: راحت
الشيخ : وين؟
الطالب: لأنه منادى ..مضاف
الشيخ : تقول يا بنون نادي يا بنون؟
الطالب: مضاف يا بنون مضاف
الشيخ : حذفت النون للإضافة، تقول هؤلاء مسلمو مكة نعم؟ وقاتل النبي صلى الله عليه وسلم مشركي مكة، النون تحذف للإضافة مثل ما إن التنوين يحذف للإضافة، تقول اشتريت كتابا، وتقول اشتريت كتاب النحو كتاب بدون التنوين
الطالب: مضاف إلى ياء المتكلم؟
الشيخ : إلى ياء المتكلم نعم، (( يا بني إن الله اصطفى لكم الدين )) شف قال يا بني لأجل الترقيق والقبول، قبول الدعوة، هذا من باب الرقة لأجل أن يقبل الدعوة.

(( يا بني إن الله اصطفي لكم الدين )) اصطفاه اختاره، (( لكم )) لأجلكم، (( اصطفى لكم )) لأجلكم. (( الدين )) ما هو الدين؟ الدين هو العبادة والعمل، ويطلق على الجزاء، ففي قوله تعالى: (( مالك يوم الدين )). ويش المراد بالدين؟ الجزاء، وفي قوله تعالى: (( ورضيت لكم الإسلام دينا )) العبادة، فالدين يطلق على هذا وهذا، على العمل والجزاء عليه، ومنه قوله: كما تدين تدان، يعني كما تعمل تجازى، الطالب: إعراب لكم ؟
الشيخ : نعم؟
الطالب: إعراب لكم ؟
الشيخ : الجار ومجرور متعلق باصطفى، نعم؟
الطالب: في محل نصب مفعول لأجله ؟
الشيخ : لا اللام للتعليل بس، (( لكم الدين فلا تموتن )) الفاء للتفريق، أي فعلى هذا الاختيار تمسكوا بهذا الدين، (( فلا تموتن )) لا هذه ناهية، ومعروف أن لا الناهية تجزم الفعل، وهنا (( تموتن )) ويش آخر الفعل؟ التاء، ما جزم؟
الطالب: مجزوم بحذف النون هذه من الأفعال الخمسة
الشيخ : فهو مجزوم بحذف النون، (( فلا تموتن )) والنون هنا التي فيها للتوكيد وأصلها: تموتونن، حذفت النون للجزم وصارت فلا تموتن، ثم حذفت الواو لالتقاء الساكنين، الواو التي هي الضمير، لالتقاء الساكنين لأن النون المشددة أولها ساكن، والواو الساكنة فتحذف الواو، قال ابن مالك:"
إِنْ سَاكِنَانِ الْتَقَيَا اكْسِرْ مَا سَبَق َ إِنْ يَكُنْ لَيْنًا فَحَذْفَهُ اسْتَحَقَّ.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. قال الله تعالى في بقية دعاء إبراهيم وإسماعيل: (( ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ))
في هذا من فوائد الآية: ضرورة الناس إلى بعث الرسل، ولذلك دعا إبراهيم وإسماعيل دعوا الله سبحانه وتعالى أن يبعث فيهم الرسول.
ومن فوائدها أيضا: أن كون الرسول منهم أقرب إلى قبول دعوتهم، لأنهم يعرفونه كما قال تعالى: (( ما ضل صاحبكم وما غوى )) فتأمل في قوله: (( ما صاحبكم )) حيث أضافه إليهم يعني صاحبكم الذي تعرفونه، وتعرفون رجاحة عقله، وتعرفون أمانته (( ما ضل وما غوى )) هذه الفائدة تؤخذ من أين؟ من قوله: (( منهم )) .
ومن فوائد الآية: أن الرسول عليه الصلاة والسلام جعل الله تعالى فيه من الخير أنه يتلوا الآيات، ويعلم الكتاب، ويعلم الحكمة، (( يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم ))
ومنها: أن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم تتضمن ذكر آيات الله الكونية والشرعية، وتتضمن تعليم الكتاب تلاوة ومعنى، وتتضمن أيضا الحكمة وهي معرفة أسرار الشريعة، وتتضمن تزكية الخلق، لقوله: (( ويزكيهم ))
من فوائدها إذا: أن هذه الشريعة كاملة، لتضمن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم لهذه المعاني الجليلة مما يدل على كمال شريعته.
ومنها: إثبات العزة والحكمة لله، في قوله: (( إنك أنت العزيز الحكيم )) .
ومنها: إثبات هذين الاسمين لله، الاسمين: (( العزيز والحكيم )) وقد سبق لنا معنى العزة ومعنى الحكمة في التفسير.

ثم قال الله تعالى: (( ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين ))
يستفاد من هذه الآية الكريمة: أن الرشد في إتباع ملة إبراهيم، لقوله: (( إلا من سفه نفسه )) .
ومن فوائدها أيضا: أن مخالفة هذه الملة سفه مهما كان الإنسان حليما في قومه، فإنه يعتبر سفيها إذا لم يلتزم بشريعة الله .
ومنها: فضيلة إبراهيم، حيث اصطفاه الله تعالى واختاره على العالمين، لقوله: (( ولقد اصطفيناه في الدنيا )) ومنها: إثبات الآخرة، لقوله: (( بالآخرة )) .
ومنها: أن الصلاح وصف للأنبياء ومن دونهم، فيوصف النبي بأنه صالح، ويوصف متبعوا الرسول بأنهم صالحون، ولهذا كانت الأنبياء عليه الصلاة والسلام يحيون الرسول عليه الصلاة والسلام ليلة المعراج بقولهم: ( مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ) فوصفوه بالصلاح.
الطالب: العطف ....؟
الشيخ : ما يقبل التغير تغير الصفات يمكن ان تجتمع الصفات في صفة واحدة، التغير في الصفات ما هو تغير في الأشخاص.
ومنها أيضا من فوائد الآية: أن ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام أفضل الملل، وهي التوحيد الحنيفية السمحة، لأنه قال: (( وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني )) .
ومنها: أن هؤلاء المخالفين للرسل سفهاء، كما وصفهم الله بقوله: (( صم بكم عمي فهم لا يعقلون )) فهم وإن كانوا أذكياء وعندهم علم في الصناعة وفي السياسة فإنهم في الحقيقة سفهاء، لأن العاقل هو الذي يتبع ما جاءت به الرسل فقط.
قال الله تعالى: (( إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ))

الطالب: شيخ؟ تخصيص إبراهيم بالإتباع مع أن هناك أنبياء قبله
الشيخ : أي نعم تخصيصه لأنه عليهم الصلاة والسلام هو أبو الأنبياء بالنسبة لبني إسرائيل وللعرب إذ أن جميع الأنبياء من بعده كانوا من ذريته، كانوا من ذرية إبراهيم، فلذلك خص بهذا، ولهذا يقول يقال إن الخلق لهم آباء ثلاثة: آدم، ونوح، وإبراهيم، إلا أن إبراهيم كان للعرب والإسرائيليين فقط.

الطالب: شيخ؟ مدح النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه ؟
الشيخ : في وجهه؟
الطالب: في وجهه يعني في حضوره..... ؟
الشيخ : هذا سؤال ليس في هذا الدرس. .
الطالب: .........؟
الشيخ : على كل حال الرسول إنما نهى عن المدح إذا كان يخشى منه، ولهذا قال ( ويحك قطعت عنق صاحبك )، وقال ( إذا رأيتم المداحين فاحثوا وجوههم التراب )، أما إذا لم يخش منه فلا بأس، فهذا كعب بن زهير مدح النبي عليه الصلاة والسلام مدحا عظيما والرسول يسمع، وكذلك حسان بن الثابت وغيره من الشعراء كانوا يمدحون النبي عليه الصلاة والسلام بأنه أهل لذلك ولأنه لا يخشى منه. الطالب: وإذا ادعى بعض الناس يقول أنا لا يخشى علي؟
الشيخ : إذا ادعى نقول: الآن يخشى عليك، مادام زكيت نفسك فالآن فيك البلاء.

الطالب: شيخ؟ قوله: (( يتلوا عليهم آياتك )) آياتك ؟ نعم، (( ويعلمهم الكتاب )) أيش الفرق بين التعليم والتلاوة ؟ الشيخ : أي نعم الفرق التعليم يشمل تعليم اللفظ والمعنى، والتلاوة وإن لم يعلمه.
الطالب: بالمعنى؟
الشيخ : بالمعنى أو يدرسه التدريس، لأن التعليم أخص الآن عندما أقرأ فيك القرآن أتلوا عليك وليس تعليما لكن عندما أهجيك على حرف حرف وكلمة كلمة هذا التعليم.

الطالب: (( يتلو عليهم آياتك )) المراد بالآيات.؟
الشيخ : المراد بالكتاب القرآن
الطالب: والآيات؟
الشيخ : الآيات الأولى ما يختص بالآيات الدالة على الله.

قال: (( إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين )) هذه الآية يستفاد منها: فضيلة إبراهيم عليه الصلاة والسلام حيث لم يتوان ولم يستكبر ، لم يستكبر، لأنه قال: (( أسلمت )) لم يتوان ؟ لأنه قال إذ قال قال، فكان هذا معضدا لقوله: (( إذ قال له ربه أسلم )) (( إذ قال له ربه أسلم قال أٍسلمت لرب العالمين )) . . ومنها : إثبات ربوبية الله العامة لكل أحد، لقوله: (( لرب العالمين )) ومنها : الإشارة إلى أن الخلق من آيات الله، لأنهم سموا عالمين حيث أنه علم على خالقهم سبحانه وتعالى. ومنها : المناسبة بين قوله: (( أسلمت )) و(( رب ))، كأن هذا علة لقوله: (( أسلمت )) فإن الرب هو الذي يستحق أن يسلم له، الرب الخالق، ولهذا أنكر الله سبحانه وتعالى عبادة الأصنام وبين علة ذلك بأنهم لا يخلقون (( والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون )) فتبين بها مناسبة ذكر الإسلام مقرونا بالربوبية .

ثم قال تعالى: (( ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يبني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون )) من هذه الآية يستفاد أولا: أهمية هذه الوصية، لأن الله اعتنى بها من؟ إبراهيم ويعقوب، فإبراهيم أبو العرب والإسرائيليين، ويعقوب أبو الإسرائيليين، فهم فهذان الرسولان الكريمان اعتنيا بها حيث جعلاها مما يوصى بها . ومنها: أنه ينبغي العناية بهذه الوصية اقتداء بمن؟ بإبراهيم ويعقوب . ومنها: أن الله سبحانه وتعالى اختار لعباده من الدين ما هو أقوم بمصالحهم، لقوله: (( اصطفى لكم )) أي اختار، فلولا أنه أقوم بما يكون بمصالح العباد ما اختاره الله تعالى لعباده . ومنها: أنه ينبغي التلطف بالخطاب، من أين نأخذ؟ (( يبني )) فإن نداءهم بالبنوة يقتضي قبول ما يلقى إليه. ومنها أيضا: أنه يجب على المرء أن يعاهد نفسه دائما حتى لا يأتيه الموت وهو غافل، لقوله: (( فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون )) . ومنها: أن الأعمال بالخواتيم، لقوله: (( فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون )) ما يكفي أن الإنسان يسلم في أول حياته أو في وسط حياته، لابد أن يستمر إلى أن يموت، إلى أن يلقى الله تعالى وهو على الإسلام.

الطالب: قوله: (( يا بني )) (( يا بني )) هذا قول يعقوب ولا ؟
الشيخ : كل يقول الوصية من اثنين.

الطالب: قال (( ووصى بها إبراهيم ))؟
الشيخ : إبراهيم قال لبنيه (( يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون )) ويعقوب كذلك قاله. نبدأ بالدرس الجديد الآن؟
الطالب: (( ووصى بها )) الضمير يعود على أي شيء؟
الشيخ : قيل: إنه يعود على الملة، وقيل يعود على قوله: (( أسلم )) على قوله: (( أسلمت لرب العالمين )) .
الطالب: .........؟
الشيخ : أي نعم يقول بألسنتهم وقلوبهم .

(( قال أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت )) أم هنا متصلة ولا منفصلة أم هنا منقطعة ؟
الطالب: منقطعة
الشيخ : متصلة؟ المتصلة هي التي تأتي بين شيئين متعادلين كما مرت علينا في البلاغة، وهنا لم تأت بين شيئين متعادلين، فهي إذا منقطعة ، والمنقطعة يقول المعربون إنها بمعنى بل والهمزة، بل وهمزة الاستفهام، الهمزة يعني همزة الاستفهام، فمعنى (( أم كنتم )) بل أكنتم شهداء نعم؟ وقوله: (( كنتم )) الضمير يعود على اليهود، اليهود الذين ادعوا أنهم على الحق، وأن هذه وصية أبيهم يعقوب والتزموا ما هم عليه، ويحتمل أن يكون عائدا على جميع المخاطبين، ويكون المقصود بذلك الإعلام بما حصل من يعقوب حين حضره الموت، وهذا الاحتمال أولى، لأنه ما فيه هنا دليل على أنه يعود على اليهود بل الآية كلها عامة، وهي أيضا منقطعة عن اليهود آيات سابقة كثيرة، فالمعنى تقرير ما وصى به يعقوب حين موته. وقوله: (( شهداء )) جمع شهيد أو شاهد بمعنى حاضر، بمعنى حاضر، وقوله: (( إذ حضر )) إذ هذه ظرف مبني على السكون في محل نصب، أي وقت حضور يعقوب الموت، وقوله: (( حضر يعقوب الموت )) نبغى نسأل غانم لأيش إنه منصوب بعد الفعل؟ وراه [لماذا] منصوب بعد الفعل،أنت تقول حضر يعقوب ولا حضر يعقوب؟
الطالب: حضر يعقوب
الشيخ : أي هو منصوب بعد الفعل؟ لو تقول مثلا: حضر عبد الله ؟
الطالب: مفعول به
الشيخ : مفعول به؟ وين الفاعل؟
الطالب: الفاعل (( الموت ))
الشيخ : جيد ما شاء الله، أي نعم، يعقوب منصوب لأنه مفعول مقدم و(( الموت )) فاعل مؤخر فهمتم؟ لأن الحاضر الموت والمحضور يعقوب، فهو إذا هو مفعول به مقدم، (( إذ حضر يعقوب الموت إذ قال )) هذه إذ توكيد بدل من الأولى، بدل من إذ الأولى، يعني: إذا حضر إذ قال، يعني أم كنتم أيضا (( شهداء إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي )) بنو يعقوب من هم؟ إسحاق، يوسف وإخوته، أحد عشر رجلا، حضره الموت فكان أولاده حاضرين أو أحضرهم فقال لهم: (( ما تعبدون من بعدي )) ؟ قوله: (( من بعدي )) أي من بعد زمني وليس من بعد ذاتي، لأنهم ما هم يعبدونه، هم يعبدون الله، فالمراد من بعدي أي من بعد موتي، أي من بعد الزمن الذي أنا حاضر فيه معكم، فأنتم الآن تعبدون الله فماذا تعبدون من بعدي، فهمتم؟ وليس المعنى ماذا تعبدون من بعدي أي أني أنا معبودكم الآن فمن الذي تعبدونه من بعدي، هذا ليس المراد قطعا،

(( قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل و إسحاق )) (( نعبد إلهك )) فبدءوا به، لأنهم يخاطبونه، (( وإله آبائك )) جمع أب، فمن هم؟ إبراهيم وهو بالنسبة إليه جد، وإسماعيل وهو بالنسبة إليه عم، و إسحاق هو بالنسبة إليه أب مباشر، أما إطلاق الأبوة على إبراهيم وعلى إسحاق فالأمر فيها ظاهر، لأن إسحاق أبوه وإبراهيم جده، والجد أب، الجد أب بل قال الله لهذه الأمة وهي بينها وبين إبراهيم عالم قال: (( ملة أبيكم إبراهيم )) لكن الإشكال في كون إسماعيل أبا له مع أنه عمه، فيقال كما قال النبي عليه الصلاة والسلام لعمر: ( أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه ) والصنو الغصن أو الغصنان أصلهما واحد، فذكر مع الآباء لأنه صنو الأب، لأن العم صنو الأب، وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( الخالة بمنزلة الأم ) كذلك نقول: العم بمنزلة الأب، مفهوم يا جماعة ؟ طيب وقيل إن هذا من باب التغليب وأن الأب ما يطلق حقيقة على العم إلا مفهوما بغيره، بالأب الحقيقي، وعلى هذا إذا نقول مثلا ما فيها إشكال إطلاقا، لأن التغليب سائغ في اللغة العربية، فيقال: القمران والمراد بهما: الشمس والقمر، ويقال العمران وهما؟ أبوبكر وعمر، وقوله: (( ملة أبيكم إبراهيم )) (( وقالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم )) ويش إعراب إبراهيم؟
الطالب: بدل
الشيخ : بدل من (( آبائك )) وفيها قراءة إبراهام (( إلها واحدا )) إلها هذه حال، حال يسمونها حال موطئة، ولكنها بناء على أن الإله غير مشتق، والصحيح أنه مشتق، وأنه بمعنى مألوه وعليه فتكون حالا مؤسسة حقيقية ما هي موطئة لأن حال الموطئة التي تكون تمهيدا لمشتق مثل قرآنا عربيا، فإن قرآنا غير مشتقة، والحال كما تقدم لنا تكون مشتقة، هذه قال بعضهم إنها كذلك، وهو مبنيا على أن الله هو الإله غير مشتق والصحيح أنه مشتق، وعلى هذا فيكون (( إلها )) منصوب على؟ الحال، (( واحدا )) حال مكررة، (( إلها واحدا )) نعبده إلها واحدا، وفي هذا دليل على أن العبادة والألوهية معناهما واحد، لكن العبادة باعتبار العابد والألوهية باعتبار الإله، ولهذا يقول أهل العلم يسمون التوحيد توحيد العبادة وبعضهم يقول توحيد الألوهية.

الطالب: حال موطئة يكون إعراب واحدا ..؟
الشيخ : حال، حال على كل حال
الطالب: بدل من اله
الشيخ : لا ما تكون بدلا، لأنه البدل معناه أنك إذا حذفت المبدل منه استقام الكلام، وهنا ما يستقيم الكلام .

الطالب: ويش فائدة إذا قلنا حال مفهوم من... ؟
الشيخ : لا، إلها نكرة والنكرة تفيد الإطلاق ولكن ....اشتراك فلو قلت لك: مثلا أكرم رجلا هل معناه ولا تكرم غيره ؟ لا، ما تفيده،
الطالب: توكيد ياشيخ ؟
الشيخ : لا ليست توكيد لو قالوا ما نعبد إلا إلها فربما، لكن ما تدل على الوحدانية إلا إذا قالوا واحدا .

(( إلها واحدا ونحن له مسلمون )) (( نحن )) مبتدأ و(( مسلمون )) خبره له والجار والمجرور متعلقة بمسلمون قدمت عليها لإفادة الحصر من حيث المعنى، ولمراعاة فواصل الآيات من حيث اللفظ، (( ونحن له )) أي لهذا الإله الواحد سبحانه وتعالى مسلمون، والإسلام بمعنى الانقياد والإخلاص. (( فقل أسلمت وجهي لله )) أي جعلته خالصا لله، فيطلق على الانقياد