قراءة الأبيات
مشهد الحجيج.
أمَا وَالذِي حَجَّ الْمُحِبُّونَ بَيْتَهُ *** وَلبَّــــــــــوا لهُ عندَ المَهَلِّ وَأحْرَمُوا ".
الشيخ : المُهلّ المُهلّ.
القارئ : " أمَا وَالذِي حَجَّ الْمُحِبُّونَ بَيْتَهُ *** وَلبَّــــــــــوا لهُ عندَ المهِلِّ وَأحْرَمُوا ".
الشيخ : سبحان الله! أعد المُهَلّ ، المُهَلّ مكان الإهلال. قال ابن عمر : مهل اهل، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( مُهلّ أهل المدينة كذا وكذا ). نعم.
القارئ : " أمَا وَالذِي حَجَّ الْمُحِبُّونَ بَيْتَهُ *** وَلبَّــــــــــوا لهُ عندَ المَهلِّ عند المهل وَأحْرَمُوا ".
الشيخ : أعد أعد.
القارئ : " أمَا وَالذِي حَجَّ الْمُحِبُّونَ بَيْتَهُ *** وَلبَّــــــــــوا لهُ عندَ المُهلِّ وَأحْرَمُوا
وقدْ كَشفُوا تِلكَ الرُّؤوسَ توَاضُعًا *** لِعِزَّةِ مَن تعْنو الوُجــــــــــــــــوهُ وتُسلِمُ
يُهلُّونَ بالبيـــــــــــــداءِ لبيك ربَّنا *** لكَ المُلكُ والحَمْدُ الذي أنتَ تَعْلمُ
دعاهُمْ فلبَّوْهُ رِضىً ومَحَبَّةً *** فلمَّا دَعَوهُ كان أقربَ منهمُ
ترَاهُمْ على الأنضاءِ شُعْثًا رؤُوسُهُمْ *** وغُبْرًا وهُــــــــــــــــــــــمْ فيها أسَرُّ وأنْعَمُ "
الشيخ : الله اكبر
القارئ : " وَقدْ فارَقوا الأوطانَ والأهلَ رغبةً *** ولم يَثنِهِمْ لذَّاتُهُـــــــــــــــــــــــــــــمْ والتَّنَعُّمُ
يَسِيرونَ مِن أقطارِها وفِجاجِها *** رِجــــــــــــــــــــالا ورُكْبانا ولله أسْلمُوا
ولمَّا رأتْ أبصـارُهُم بيتَهُ الذي *** قــــــــــــــــلوبُ الوَرَى شوقًا إليهِ تَضَرَّمُ
كأنهمُ لمْ يَنْصَبُوا قــــــطُّ قبْلهُ *** لأنَّ شَقــــــــــــاهُمْ قد ترحَّلَ عنْهُمُ "
القارئ : " فلِلَّهِ كمْ مِن عَبْرةٍ مُهْرَاقةٍ ".
الشيخ : مهراقة.
القارئ : " فلِلَّهِ كمْ مِن عَبْرةٍ مُهْرَاقةٍ *** وأخـــــــــــرى على آثارِها لا تَقَدَّمُ ".
" وكمْ شَرِقتْ عينُ المُحِبِّ ".
الشيخ : وقد.
القارئ : " وَقدْ شَرِقتْ عينُ المُحِبِّ بدَمْعِها *** فينظرُ مِن بينِ الدُّمــــــــــــــــوعِ ويُسْجِمُ
إذا عَايَنَتْهُ العَيْنُ زالَ ظلامُها *** وزالَ عن القــــــلبِ الكئيبِ التألُّمُ
ولا يَعْرِفُ الطرْفُ المُعايِنُ حسْنَهُ *** إلى أن يعودَ الطـــــــرْفُ والشوقُ أعْظمُ
ولا عجبٌ مِن ذا فحِينَ أضافهُ *** إلى نفسِهِ الرحمــــــــنُ ، فهو المُعظَّمُ
كسَاهُ منَ الإجْلالِ أعظمَ حُلةٍ *** عليها طِرازٌ بالمَــــــــــــــــــــــــلاحَةِ مُعْلَمُ
فمِنْ أجلِ ذا كلُّ القلوبِ تُحِبُّهُ *** وتَخْضَعُ إجْــــــــــــــــــــــــــــلالاً لهُ وتُعَظِّمُ
ورَاحُوا إلى التَّعْريفِ يَرْجُونَ رحمةً *** ومغفــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرة مِمَّن يجودُ ويُكرِمُ
فلِلهِ ذاكَ الموقفُ الأعظمُ الذي *** كــــــــــــــــموقفِ يومِ العَرْضِ بلْ ذاكَ أعظمُ
ويدْنُو بهِ الجبّارُ جَلَّ جلالُهُ *** يُبــــــــاهِي بهمْ أمــــــــــــــلَاكُه فهو أكرَمُ ".
الشيخ : بالفتح أملاكَه.
القارئ : " ويدْنُو بهِ الجبّارُ جَلَّ جلالُهُ *** يُبــــــــاهِي بهمْ أمــــــــــــــلَاكَه فهو أكرَمُ.
يقولُ عِبادِي قدْ أتونِي مَحَبَّةً *** وَإنِّي بهمْ بَرٌّ أجُـــــــــــــــــــــــــــودُ وأرْحَمُ
فأشْهِدُكُمْ أنِّي غَفَرْتُ ذنُوبَهُمْ *** وأعْطيْتُهُمْ مـــــــــــــــــــــــــــــــا أمَّلوهُ وأنْعِمُ
فبُشراكُمُ يا أهلَ ذا المَوقفِ الذِي *** به يَغفرُ اللهُ الــــــــــــــــــــــــــــــــــــــذنوبَ ويَرحمُ
فكمْ مِن عتيقٍ فيه كُمِّلَ عِتقهُ *** وآخــــــــــــــــــــــــــــــــرَ يُسْتسعَى وربُّكَ أرْحَمُ
ومَا رُؤيَ الشيطانُ أغيظَ في الوَرَى *** وأحْــــقرَ منهُ عندهــــــــــــــــــــــــــــــا وهو ألأَمُ
وَذاكَ لأمْرٍ قد رَآه فغاظهُ *** فأقبلَ يَحْثُو التُّرْبَ غَيْظـــــــــــــــــــا وَيَلطِمُ "
القارئ : لمّا.
الشيخ : لِما ، لا لما الصواب.
القارئ : " لِما عاينتْ عيناه مِن رحمةٍ أتتْ *** ومـــــــــــــــــــــــــغفرةٍ مِن عندِ ذي العرْشِ تُقْسَمُ
بَنَى ما بَنى حتى إذا ظنَّ أنه *** تمَكَّنَ مِن بُنيانِهِ فهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــو مُحْكَمُ
أتَى اللهُ بُنيَانًا له مِن أساسِهِ *** فخرَّ عليه ساقطــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاً يتهدَّمُ
وَكمْ قدْرُ ما يعلو البناءُ ويَنْتهي *** إذا كان يَبْنِيهِ وذو العــــــــــــــــــــــــــرش يهدِمُ
وراحُــــــــــــوا إلى جَمْعٍ فباتُوا بمَشعَرِ الْـ *** ـحَرَامِ وصَلَّوْا الفــــــــــــــــــــــــــــــجْرَ ثمَّ تقدَّموا
إلى الجَمْرةِ الكُبرَى يُريدون رَمْيَها *** لوقتِ صــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلاةِ العيدِ ثمَّ تيَمَّمُوا .
منازلَهمْ للنحْرِ يَبغونَ فضلَهُ *** وإحيــــــــــاءَ نُسْكٍ مِن أبيهمْ يُعَظَّمُ
فلوْ كان يُرضِي اللهَ نَحْرُ نفوسِهمْ *** لدانُوا بهِ طــــــــــــــــــــــــــــــوْعًا وللأمرِ سلَّمُوا
كما بَذلُوا عندَ الجِهادِ نُحورَهُمْ *** لأعــــــــــــــــــــــــدائِهِ حتَّى جرَى منهمُ الدَّمُ
ولكنَّهمْ دانُوا بوضْعِ رؤُوسِهمْ *** وذلِكَ ذلٌّ للـــــــــــــــــــــــــــــــعبيدِ ومَيْسَمُ
ولمَّا تقضَّوْا ذلكَ التَّفَثَ الذِي *** عليهمْ وأوْفَــــــــــــــــــــــــــوا نذرَهُمْ ثمَّ تَمَّمُوا
دعاهُم إلى البيتِ العتيقِ زيارةً *** فيَــــــــــــــــــــــــــــــــــا مرحَبًا بالزائِرين وأكرمُ
فلِلهِ ما أبْهَى زيارتَهُمْ لهُ *** وقدْ حُصِّلتْ تلكَ الجَــــــــــــــوائزِ تُقْسَمُ
وَللهِ إفْضالٌ ".
الشيخ : " فلله ما أبهى " أعد البيت.
القارئ : " فلِلهِ ما أبْهَى ".
الشيخ : " زيارتَهُمْ لهُ *** وقدْ حُصِّلتْ تلكَ الجَــــــــــــــوائزِ تُقْسَمُ "
القارئ : " فلِلهِ ما أبْهَى زيارتَهُمْ لهُ *** وقدْ حُصِّلتْ تلكَ الجَــــــــــــــوائزِ تُقْسَمُ
وَللهِ إفْضالٌ هناكَ ونِعْمَةٌ *** وبِرٌّ وإحْســــــــــــانٌ و جُودٌ ومَرْحَمُ
وعادُوا إلى تلكَ المنازلِ مِن مِنَى *** ونالُــــــــــــــــــــــــــــــوا مناهُمْ عندَها وتَنَعَّمُوا
وعادُوا إلى تلكَ المنازلِ مِن مِنَى *** ونالُــــــــــــــــــــــــــــــوا مناهُمْ عندَها وتَنَعَّمُوا
أقامُوا بها يومًا ويومًا وثالثًا *** وأُذِّنَ فِيهمْ بالــــــــــــــــــــــرحيلِ وأُعْلِمُوا "
الشيخ : ...
القارئ : " وراحُوا إلى رمْيِ الجمارِ عَشِيَّةً *** شعـــــــــــــــــــــــــــــارُهُمُ التكْبيرُ واللهُ معْهُمُ "
الشيخ : سبحان الله !
القارئ : " فلو أبْصرَتْ عيناكَ موقفَهمْ بها *** وَقــــــــــدْ بسَطوا تلكَ الأكُفَّ لِيُرْحَمُوا
ينادونَهُ يا ربِّ يا ربِّ إننا *** عبيدُكَ لا ندْعــــــو سواكَ وتَعْلمُ
وها نحنُ نرجو منكَ ما أنتَ أهلُهُ *** فأنتَ الــــــــــــــــــــــــذي تُعْطِي الجزيلَ وتُنْعِمُ "
الشيخ : ...
القارئ : " ولمَّا تقضَّوْا مِن مِنًى كلَّ حاجةٍ *** وســـــــــــــــــالتْ بهمْ تلكَ البِطاحُ تقدَّموا
إلى الكعبةِ البيتِ الحَرامِ عشيةً *** وطــــــــــــــــافُوا بها سبْعًا وصَلُوا وسَلَّمُوا ".
الشيخ : صلَّوا.
القارئ : " إلى الكعبةِ البيتِ الحَرامِ عشيةً *** وطــــــــــــــــافُوا بها سبْعًا وصَلَّوا وسَلَّمُوا.
ولمَّا دَنا التوْدِيعُ منهمْ وأيْقنُوا *** بأنَّ التدَانِــــــــــــــــــــــــــــي حبْلُهُ مُتَصَرِّمُ "
الشيخ : ...
القارئ : " ولمْ يبقَ إلا وقفةٌ لِمُوَدِّعٍ *** فلِلهِ أجفــــــــــــــــــــــانٌ هناكَ تُسَجِّمُ
وللهِ أكبادٌ هنالِكَ أُودَعُوا الْـ *** ـغرامُ ".
الشيخ : " أُودِعَ الْــغرامُ بها " ، أودع.
القارئ : " وللهِ أكبادٌ هنالِكَ أُودِعَ الْـ *** ـغرامُ بها فالنــــــــــــــــــارُ فيها تَضرَّمُ
وللهِ أنفاسٌ يكـــــادُ بِحَــــــــرِّها *** يذوبُ المُحِبُّ المُسْتهَـــــــــــــــــــامُ المُتيَّمُ ".
الشيخ : أعد.
القارئ : " وللهِ أنفاسٌ يكـــــادُ بِحَــــــــرِّها *** يذوبُ المُحِبُّ المُسْتهَـــــــــــــــــــامُ المُتيَّمُ.
فلمْ ترَ إلا باهِتًا مُتَحَيِّرًا *** وآخـــــــــــــــــــرَ يُبْدِي شجوَهُ يَترَنَّمُ ".
القارئ : " رحلتُ ".
الشيخ : " رَحَلتُ وأشْواقِي ".
القارئ : " رَحَلتُ وأشْواقِي إليكمْ مُقِيمَةٌ *** ونارُ الأسَــــــــــــى مِنِّي تُشَبُّ وتَضْرمُ
أوَدِّعُكُمْ والشوقُ يَثنِي أعِنَّتِي *** وقلبيَ أمْـــــــــــسَى فِي حِماكُمْ مُخَيِّمُ
هنالِكَ لا تَثْريبَ يومًا عَلىَ امرئٍ *** إذا مــــــــــــــا بَدا منهُ الذي كانَ يَكْتُمُ
فيَا سائِقينَ العِيسَ باللهِ ربِّكمْ *** قِفـــــــوا لِي على تلكَ الرُّبوعِ وسَلِّمُوا
وقولوا مُحِبٌّ قادهُ الشوقُ نحوكُمْ *** قضَى نحبَهُ فيكُمْ تَعِيشُـــــــــــــوا وَتسْلمُوا
قضَى اللهُ ربُّ العرشِ فيمَا قضَى بهِ *** بأنَّ الهوَى يُعمِي القلــــُـــــــــــــــــــــــوبَ ويُبْكِمُ
وحُبُّكُمُ أصْلُ الهَوَى ومَدَارُهُ *** عليهِ وفـــــــــــــــــــــوزٌ للمُحِبِّ ومَغْنَمُ
وتفنَى عِظامِ الصَّبِّ بعدَ مَماتِهِ *** وأشـــــــــــــــــــــــــــواقُهُ وقْفٌ عليهِ مُحَرَّمُ ".
الشيخ : حسبك.
شرح قول الناظم: مشهد الحجيج أما و الذي حج المحبون بيته .... ولبوا له عند المهل وأحرمـــــوا
الناظم رحمه الله بعد أن ذكر ، المؤلف رحمه الله بعد أن ذكر المحبة وما تؤثر في القلب انتقل إلى ذكر شيء مما يحبه المؤمن وهو الوصول إلى بيت الله الحرام. فقال : " أمَا وَالذِي حَجَّ الْمُحِبُّونَ بَيْتَهُ *** وَلبُّوا لهُ عندَ المهَلِّ وَأحْرَمُوا " :
وهذا يعني به الله عز وجل ، فإنه هو الذي يقسم به ، فقال : " أمَا وَالذِي حَجَّ الْمُحِبُّونَ بَيْتَهُ " وبيتُ الله تعالى هي الكعبة ، وأضافها الله تعالى إلى نفسه تشريفا وتعظيما .
وقولهِ : " عِنْد المُهَلِّ وأحْرَمُوا " المهل : الميقات ، لأنه مكان الإهلال ، ولا يصح أن نقولَ : " المَهَلّ " لأن المـَهل من الثلاثي من هَلَّ يَهِلُّ ، وهذا من الرباعي من أَهلَّ يُهِلُّ وهذا هو المقصود
2 - شرح قول الناظم: مشهد الحجيج أما و الذي حج المحبون بيته .... ولبوا له عند المهل وأحرمـــــوا أستمع حفظ
شرح قول الناظم: وقد كشفوا تلك الرؤوس تواضعا.... لعزة من تعنو الوجوه وتسلم
" وقدْ كَشفُوا تِلكَ الرُّؤوسَ توَاضُعًا *** لِعِزَّةِ مَن تعْنو الوُجوهُ وتُسلِمُ "
كشفوا رؤوسهم بالإحرام تواضعا لله عزّ وجل. وهذا أمر معروف إلى الآن أن الإنسان يكشف رأسه من باب التواضع وتعظيم من وضع أو من كشف رأسه من أجله حتى نشاهد الآن الجند إذا مرّ بهم شخص يكرمونه يضعون ما على رؤوسهم من الطواقي إكراما له وتعظيما. وكذلك الصوفية الذين يعظّمون مشايخهم ، ومن يزعمونهم أولياء ، يكشفون رؤوسهم إذا أقبلوا إليهم تعظيما. فكشف الرأس من العادة أنه يكون من باب التعظيم -كشف الرأس عند اللقاء -.
" وقدْ كَشفُوا تِلكَ الرُّؤوسَ توَاضُعًا *** لِعِزَّةِ مَن تعْنو الوُجوهُ وتُسلِمُ "
يعني من تعنوا له وهو الله ، أي تذل له.كما قال تعالى : (( وَعَنَتِ الوُجُوهُ للحيِّ القيُّومِ )) وهذا معنى لا يكاد أحد من المحرمين يشعر به ، أنه يكشف الرأس تواضعا لله عز وجل. ولولا أن المرأةَ عورةَ لكان من تعظيم شعائر الله أن تكشف رأسها ، لكن هي عورة فصار في حق الرجل دون المرأة .
شرح قول الناظم: يهلون بالبيداء لبيك ربنا .... لك الملك والحمد الذي أنت تعلـــم دعاهم فلبوه رضا ومحبة ..... فلما دعوه كان أقرب منــــــــــهم
التلبية المعروفة المشهورة تلبية النبي عليه الصلاة والسلام يُهلُّون بالبيداءِ : مكان معروف عند مهل أهل المدينة، يقول : " لبيك ربنا .. لبيك اللهم لبيك .. " إلى آخره . والتلبية بمعنى الإجابة والطاعة والإقبال.
" دعاهم " : يعني الله عز وجل " فلبَّوْهُ رِضًا ومَحَبَّةً ". قال الله تعالى : (( وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ )). فلمّا دعاهم الله عز وجل لبّوا هذه الدعوة ، رضى بشرعه ، ومحبة له .
4 - شرح قول الناظم: يهلون بالبيداء لبيك ربنا .... لك الملك والحمد الذي أنت تعلـــم دعاهم فلبوه رضا ومحبة ..... فلما دعوه كان أقرب منــــــــــهم أستمع حفظ
شرح قول الناظم: تراهم على الأنضاء شعثا رؤوسهم ... وغبرا وهم فيها أسروا وأنعـم وقد فارقوا الأوطان والأهل رغبة .... ولم يثنهم لذاتهم والتنــــــــــعم يسيرون من أقطارها وفجاجها.... رجالا وركبانا ولله أسلمــــــــــوا
يعني مع مشقة السفر وطول السفر، لاسيما في الزمن السابق لما كانوا يسيرون على الإبل وعلى الأرجل يكونون على هذا الوصف نعم على الإبل التي قد هزلت من طول السير والمشقة ، " شُعْثًا رؤوسُهُمْ وغُبْرًا " ولكن " وهُمْ فيها " أي في هذه الحال " أسَرُّ وأنْعَمُ " ،لأنهم إنما شعثت رؤوسهم لمن؟ لله عز وجل.
" وَقدْ فارَقوا الأوطانَ والأهلَ رغبةً *** ولم يُثنِهِمْ لذَّاتُهُمْ والتَّنَعُّمُ "
فهم فارقوا أوطانهم ، وأهلهم ، وتنعمهم ، ولذاتهم كل ذلك رغبة في ما عند الله عز وجل. لهذا كان الحج نوعا من الجهاد.
" يَسِيرونَ مِن أقطارِها وفِجاجِها *** رِجالاً ورُكْباناً ولله أسْلمُوا "
من كل الأقطار ، يأتون من أقصى شرق آسيا ، ويأتون من أقصى المغرب ، يؤمّون هذا البيت ،يبقى الإنسان ستة أشهر حتى يصل إلى البيت. ولقد حدثنا الركبان، المشاة الذين كانوا يمرون بنا، ويسمّون عند العامة الدراويش يأتون ينتقلون من أقصى شرق آسيا ستة أشهر ، ينـزلون من قرية إلى قرية ومن مدينة إلى مدينة حتى يصلون إلى مكة. نعم. كما قال المؤلف رحمه الله :
" مِن أقطارِها وفِجاجِها *** رِجالا ورُكْبانا ولله أسْلمُوا "
، انقادوا محبة وتعظيما ورجاء لما عنده ، حتى وصلوا إلى مناهم.
5 - شرح قول الناظم: تراهم على الأنضاء شعثا رؤوسهم ... وغبرا وهم فيها أسروا وأنعـم وقد فارقوا الأوطان والأهل رغبة .... ولم يثنهم لذاتهم والتنــــــــــعم يسيرون من أقطارها وفجاجها.... رجالا وركبانا ولله أسلمــــــــــوا أستمع حفظ
شرح قول الناظم: ولما رأت أبصارهم بيته الذي .... قلوب الورى شوقها إليه تضــــــرم كأنهم لم ينصبوا قط قلبه ..... لأن شقاهم قد ترحل عنـــــــــــــــــهم
كأنهمُ لمْ يَنْصَبُوا قطُّ قبْلهُ *** لأنَّ شَقاهُمْ قد ترحَّلَ عنْهُمُ "
لــمَّا وصلوا إلى المحبوب ، نسوا جميع المشاق التي صارت عليهم ، كأن لم يكن شيئا ، يقول : " كأنهمُ لمْ يَنْصَبُوا قطُّ قبْلهُ " أي : لم يتعبوا ، ولم يحصل لهم ذاك الشعث والغبرة و التعب والجوع ، والعطش والحر والبرد ، حتى كان يحدّثنا يحدثني من أثق به أنه حج مع الجماعة في شدة الحر وقد كشفوا رؤوسهم ، وكانت الرؤوس من شدة الحر يطير تطير قشورها من شدة الحر وهم صابرون محتسبون يرجون ثواب الله عز وجل. ومع هذا إذا وصلوا إلى البيت ، زال عنهم كل شيء كأن لم يحصل لهم نصب أو تعب .
6 - شرح قول الناظم: ولما رأت أبصارهم بيته الذي .... قلوب الورى شوقها إليه تضــــــرم كأنهم لم ينصبوا قط قلبه ..... لأن شقاهم قد ترحل عنـــــــــــــــــهم أستمع حفظ
شرح قول الناظم: فلله كم من عبرة مهراقة ... وأخرى على آثارها لا تــــــــــــــــــقدم وقد شرقت عين المحب بدمعها ... فينظر من بين الدموع ويســـــــجم
يعني إذا رأوا البيت بكوا وعجوا بالبكاء لحصول مطلوبهم وشدة شوقهم إلى ربهم عز وجل لا لألم أو ضيق. ولكن من شدة الشوق وحصول المطلوب.
" وَقدْ شَرِقتْ عينُ المُحِبِّ بدَمْعِها *** فينظرُ مِن بينِ الدُّموعِ ويُسْجِمُ "
لإنسان إذا اغرورقت عيناه بالدموع. تجده لا يبصر البصر المعروف ، لكنه ينظر من بين الدموع ، من بين هذا الماء الذي يترقرق في عينه نعم.
7 - شرح قول الناظم: فلله كم من عبرة مهراقة ... وأخرى على آثارها لا تــــــــــــــــــقدم وقد شرقت عين المحب بدمعها ... فينظر من بين الدموع ويســـــــجم أستمع حفظ
شرح قول الناظم: إذا عاينته العين زال ظلامها .... وزال عن القلب الكثيب التــــــــــــألم ولايعرف الطرف المعاين حسنه ... إلى أن يعود الطرف والشوق أعظم
" إذا عَايَنَتْهُ العَيْنُ زالَ ظلامُها *** وزالَ عن القلبِ الكئيبِ التألُّمُ "
لأنه يرى بيت محبوبه الذي ما جاء من أقصى البلاد إلا من أجله ، فيزول عنه ألم القلب ، ولا يـبقى في قلبه شيء من الألم أو التعب.
" ولا يَعْرِفُ الطرْفُ المُعايِنُ حسْنَهُ *** إلى أن يعودَ الطرْفُ والشوقُ أعْظمُ "
يعني : مع كونه وصل إلى الغاية ، فإذا نظر إلى هذا المحبوبِ ، لا يعود الطرف إليه إلا وقد ازداد الشوق الشوق إليه. وهكذا كل محبوب يحبّه الإنسان محبة شديدة لا يشبع منه حتى لو ظفر به ، لا يكاد ينظر إليه أو يسمع قوله إلا ازداد شوقا.
8 - شرح قول الناظم: إذا عاينته العين زال ظلامها .... وزال عن القلب الكثيب التــــــــــــألم ولايعرف الطرف المعاين حسنه ... إلى أن يعود الطرف والشوق أعظم أستمع حفظ
شرح قول الناظم: ولاعجب من ذا فحين أضافه .... إلى نفسه الرحمان فهو المعظـــــــم كساه من الإجلال أعظم حلة .... عليها طرازا بالملاحة معـلـــــــــــــــم فمن أجل ذا كل القلوب تحبه .... وتخضع إجلالا له وتعظـــــــــــــــــم
يعني : لا تعجب من هذا الشوق العظيم لهذا البيت ، وهذا الفرح بلقاء هذا البيت ، لا تعجب. " فحِينَ أضافهُ إلى نفسِهِ الرحمنُ فهو المعظَّمُ " : يعني أن ما في القلوب من المحبة والتعظيم لهذا البيت إنما هو بسبب إضافته إلى الله ، فتعظيم البيت من تعظيم من؟ من تعظيم الله عز وجل.
والعجب أن من الناس اليوم من يعظم هذا البيت ولا يريد أحدا أن يخدشه بأي أذى ولكنه لا يعظم رب البيت ، كل كل النهار في معاصي رب هذا البيت ، وفي الفجور والفسق ، ومع ذلك لا يرضى أن أحدا يمس هذا البيت بلطخة أذى ، أو بأي شيء ، لكنه بالنسبة لرب البيت لا يهتمّ ، وهذا من انعكاس القضية، لأننا لا نحب بيت الله ولا نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نحب المؤمنين إلا من أجل من ؟ من أجل الله عز وجل ، من أجل الله سبحانه وتعالى. فالذين عكسوا القضية وصاروا يعظمون هذا البيت ذلك التعظيم الذي ـــ البيت جدير به ـــ لكنهم لا يعظمون الله عز وجل !! هؤلاء نقول : عكسوا القضية. وابن القيم هنا يبيّن أن ما يحلّ في القلوب من محبة البيت وتعظيمه إنما هو من أجل من أجل أن الله أضافه إليه .
" كسَاهُ منَ الإجْلالِ أعظمَ حُلةٍ *** عليها طِرازٌ بالمَلاحَةِ مُعْلَمُ
فمِنْ أجلِ ذا كلُّ القلوبِ تُحِبُّهُ *** وتَخْضَعُ إجْلالاً لهُ وتُعَظِّمُ "
لا شك أن الاجلال، ان البيت قد كساه الله تعالى جلالا، وعظمة ، وخفّة في النفوس ، يجد الإنسان فيه من الجمال والجلال والملاحة التي تكسب الجمال رونقا ، لأنه ليس كل جميل يكون مليحا ، والجمال إذا فقد فيه، منه الملاحة لم يكن ذلك الشيء المطلوب ، كما أن الملاحة إذا كانت مع شيء من النقص في الجمال زادته بهاء ، إذن هذا البيت جمع بين ايش؟ الجمال و الملاحة فأعطي من الحسن أكمله.
9 - شرح قول الناظم: ولاعجب من ذا فحين أضافه .... إلى نفسه الرحمان فهو المعظـــــــم كساه من الإجلال أعظم حلة .... عليها طرازا بالملاحة معـلـــــــــــــــم فمن أجل ذا كل القلوب تحبه .... وتخضع إجلالا له وتعظـــــــــــــــــم أستمع حفظ
شرح قول الناظم: وراحوا إلى التعريف يرجون رحمة.... ومغفرة ممن يجود ويكــــــرم فلله ذاك الموقف الأعطم الذي..... كموقف يوم العرض بل ذاك أعظم ( الكلام على هول يوم القيامة )
من المعلوم أن المؤلف رحمه الله طوى ذكر المبيت بمنى ، فقال راحوا إلى التعريف وذلك لأن الأصل والمقصود هو الوقوف بعرفة ، لقول النبي عليه الصلاة والسلام : ( الحجُّ عرفة َ) يرجون رحمة ومغفرة من الله عز وجل الذي يجود بالخير ، و يكرم أولياءه.
" فلِلهِ ذاكَ الموقفُ الأعظمُ الذي ***كموقفِ يومِ العَرْضِ بلْ ذاكَ أعظمُ "
موقف عرفة يقول : كموقف يوم العرض، بل ذاك - أي موقف يوم العرضِ - أعظم، ما في شك أنه أعظم لأنه يجمع الأولين و الآخرين ، والمؤمنين و الكافرين ، و الآدميين وغير الآدميين. أما هذا لا يجمع إلا من حج فقط ! وهم طائفة قليلة بالنسبة للعرض لموقف العرض. لكنه في الحقيقة مشهد مصغّر لمشهد العرض. تجد الناس من أنواع شتى مختلفين في هيئاتهم و أجسامهم ، وألوانهم وأحوالهم ، و ألسنتهم وأعمالهم وقلوبهم ، من كل وجه مختلفين. هذا يذهب وهذا يجيء وهذا ساكن وهذا متحرك ، فإذا شهدت الناس في هذا الدفع كأنما تتذكر يوم القيامةِ ، ولاسيما عند الانصراف وأنت تشهد هؤلاء الناس كأنهم جراد منتشر ،كالفراش المبثوث كما قال الله عز وجل إذا شاهدتهم سبحان الله العظيم! يعني تخنقك العبرة ، ما تستطيع أن تملك نفسك حتى تبكي ، تشاهد هؤلاء القوم ، كيف الموقف العظيم الذي مقداره خمسون ألف سنة ومع ذلك في ذلك الموقف (( يفرّ المرء من أخيه ، وأمه وأبـيه ، وصاحبته وبنيه )) ، كذلك أيضا يفر من فصيلته التي تؤويه ، قبيلته التي كان يأوي إليها في الدنيا ، يفر منها يوم القيامة ، إذن ذلك المشهد مشهد يوم القيامة ـــ أعظم من مشهد يومِ عرفةَ ، لكن مشهد يوم عرفة لاشك أنه مشهد مصغر يعتبر به الإنسان ما يكون في ذلك الموقف العظيم .
10 - شرح قول الناظم: وراحوا إلى التعريف يرجون رحمة.... ومغفرة ممن يجود ويكــــــرم فلله ذاك الموقف الأعطم الذي..... كموقف يوم العرض بل ذاك أعظم ( الكلام على هول يوم القيامة ) أستمع حفظ
شرح قول الناظم: ويدنو الجبار جل جلاله......يباهي بهم أملاكه فهو أكـــــــــــــــرم يقول عبادي قد أتوني محبة.... وإني بهم أملاكه فهو أكــــــــرم فأشهدكم أني غفرت ذنوبهم.... وأعطيتهم ما أملوه وأنعــــــــــم ( الحث على كثرة الدعاء يوم عرفة )
يدنو به أي في ذلك اليوم ، " الباء " هنا بمعنى " في " ، يعني في ذلك اليوم ، يدنو الله عز وجل وهذا الدنو دنو لائق بجلاله وعظمته ، فهو دنوٌ حقيقي مع علوّه الذي لا ينفك عنه عز وجل لأن العلو من صفاته الذاتية. والدنو من صفاته الفعلية ، فلا تنافي بينهما ، فالله تعالى عال فوق عرشه ومع ذلك يدنو من خلقه كيف يشاء سبحانه وتعالى.
يجب علينا أن نؤمن بهذا وأنه حق على حقيقته ، ولا نقول كيف ؟ التكييف هنا غير وارد ، بل السؤال بكيف في هذا الموطن بدعة ، مردود على فاعله ، أنت إذا قلت لــابوك !، نزل من السقف إلى المجلس ، فقل لي كيف نزل ؟ .
أما إذا قلت : الربُّ عز وجل يدنو من عباده يوم عرفة، لا تقل لي كيف يدنو؟ قُل : آمنت وصدّقت .
" ويدْنُو بهِ الجبّارُ جَلَّ جلالُهُ *** يُباهِي بهمْ أمْلاكَه فهو أكرَمُ
يقولُ عِبادِي قدْ أتونِي مَحَبَّةً *** وَإنِّي بهمْ بَرٌّ أجُودُ وأرْحَمُ "
نعم.
عباده من كل فج ، ما جاءوا إلى هذا الموقف ، وفارقوا الأوطان ، وصبروا على ما حصل لهم من المشقة ، في أسفارهم إلا من أجل محبة الله عز وجل. ولا شك أن الله سبحانه وتعالى أكرم الأكرمين ، فمن بذل ما يحب لله أعطاه الله تعالى ما يحب. ولهذا قال : " وَإنِّي بهمْ بَرٌّ " : أي كثير العطاء ، " أجُودُ وأرْحَمُ " .
" فأشْهِدُكُمْ أنِّي غَفَرْتُ ذنُوبَهُمْ *** وأعْطيْتُهُمْ ما أمَّلوهُ - وأنعموا أو - وأُنْعِمُ "
يعني أن الله تعالى غفر الذنوب فلا ينصرفون إلا وقد غفر لهم وأعطوا ما أملوه من الخيرِ. ولهذا ينبغي للمسلم في هذا الموقف العظيم وفي هذا اليوم أن يحرص على الدعاء والثناء على الله سبحانه وتعالى لاسيما في آخر اليوم عند الانصراف .
11 - شرح قول الناظم: ويدنو الجبار جل جلاله......يباهي بهم أملاكه فهو أكـــــــــــــــرم يقول عبادي قد أتوني محبة.... وإني بهم أملاكه فهو أكــــــــرم فأشهدكم أني غفرت ذنوبهم.... وأعطيتهم ما أملوه وأنعــــــــــم ( الحث على كثرة الدعاء يوم عرفة ) أستمع حفظ
شرح قول الناظم: فبشراكم يا أهل ذا الموقف الذي.... به يغفر الله الذوب ويرحـــــــم فكم من عتيق فيه كمل عتقه..... وآخر يستسعى وربك أرحـــــــــم
" فبُشراكُمُ يا أهلَ ذا المَوقفِ الذِي *** به يَغفرُ اللهُ الذنوبَ ويَرحمُ
فكمْ مِن عتيقٍ فيه كُمَّلَ عِتقهُ *** وآخرَ يَسْتسعَى وربُّكَ أرْحَمُ "
هذه " كم " : للتكثير ِ ، يعني ما أكثر العتقاء فيه من النار " وآخر يَسْتسعَى " : يعني معناه سيكمّل عتقه فيما بعد ، لكونه فاته العتق في هذا اليومِ. لكن خفّف عنه فصار كالعبد الذي يستسعى ليكمل عتقهُ .
" ومَا رُؤيَ الشيطانُ أغيظَ في الوَرَى *** وأحْقرَ منهُ عندها وهو ألأَمُ ".
الشيطان لا شك أنه عدو لنا ، وكل عدو فإنه يغيظه أن يرحم عدوه ، أليس كذلك ؟ وكل عدو يفرح.