شرح قول الناظم: ويأتي إله العالمين لوعده ... فيفصل ما بين العباد ويحــــــــــــــــــــكم ويأخذ للمظلوم إذ ذاك حقه ... فيا ويح من قد كان للخلق يظـــــــــــــــلم ( الكلام على الشفاعة وصفة نزول الله للفصل بين العباد )
الشيخ : قال : " ويأتي إلَهُ العالمين لِوعْـــــدِهِ *** فيفْصِلُ ما بين العبادِ ويَحْكُمُ ويأخذُ لِلمظلومِ ربُّكَ حَقَهُ *** فيا بُؤْسَ عَبْدٍ للخلائقِ يَظْلِمُ " يأتي الله عزّ وجلّ للفصل بين عباده بعد أن يشفع النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه في خلقه. فإن الناس يلحقهم من الغم والكرب ما لا يطيقون ، فيتكلم بعضهم مع بعض " اطلبوا من يشفع لنا إلى ربنا ليريحنا من هذا الموقف " ، فيأتون إلى آدم ثم إلى نوح ثم إلى إبراهيم ثم إلى موسى ثم إلى عيسى ولا يجدون من هؤلاء من يشفع على اختلاف بينهم في أعذارهم إلا عيسى فلا يقدم عذرا ، لكنه يبين من هو أولى بها ، يقول : ( اذهبوا إلى محمد عبدٍ غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ) وهذا داخل في قوله تعالى : (( عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا )). فيأتون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول : ( أنا لها ، ثم يذهب فيستأذن من الله ـــ عز وجل ـــ أن يشفع فيأذن الله له ، ثم يُقـال : ارفع رأسك وقُل تُسمع واشفع تُشفع ). فيشفع إلى الله أن يقضي بين عباده فيأتي الربُّ ـــ عزَّ وجلَّ ـــ للقضاء بين عباده (( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا )). الملائكة كلها صافة كل سماء، ملائكة كل سماء ينزلون ، فينزل ملائكة السماء الدنيا ويحيطون بالخلق ثم الثانية من ورائهم ثم الثالثة من ورائهم إلى السابعة. ثم ينزل الربُّ ـــ عز وجل ـــ فيأتي للقضاء بين عباده نزولا لا نعرف كيفيته ، لكن نؤمن به ونعرف معناه. أما الكيفية فلا يمكن أن نعرف الكيفية لأنه تابع لذات الله ، وذات الله تعالى غير معلومة الكيفية كذلك صفاته. فيفصل بين العباد ويقضي للظالم من المظلوم. ثم ندب المؤلف ـــ رحمه الله ـــ البؤس للعبد الذي يظلم الخلائق لأنه يؤخذ من حسناته ويعطى للمظلوم فإن بقي من حسناته شيء وإلا أخذ من سيئات المظلومين فطرح عليه ثم طرح في النار.
شرح قول الناظم: وينشر ديوان الحساب وتوضع الـ ... موازين بالقسط الذي ليس يظلـــــــم فلا مجرم يخشى ظلامة ذرة..........ولا محسن من أجله ذاك يهضم ( الكلام على نشر الدواوين يوم القيامة والميزان وما الذي يوزن فيه ؟)
الشيخ : ثم ذكر المؤلف رحمه الله نشر نشر الدواوين ووضع الموازين فقال : " ويُنْشَر دِيوانُ الحســابِ وتوضعُ الْـ *** ـموازينُ بالقِسط الـــذي ليس يَظلِمُ فلا مُجرمٌ يَخشَى ظلامةَ ذرَّةٍ *** ولا مُحسِنٌ مِن أجره ذاكَ يُهْضَمُ " الدواوين هي الصحف التي كتب بها، التي كتب فيها ما عمله الإنسان وكل، قال الله تعالى : (( وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفي بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا )). قال الحسن : " لقد أنصفك من جعلك حسيبا على نفسك ". أليس كذلك ؟ هذا الإنصاف خذ أنت حاسب نفسك. وكذلك أيضا توضع الموازين والموازين جمع ميزان. فهل هي حسية أو معنوية ؟ الجواب : هي حسية ، ميزان حسي له كفتان ترجح إحداهما بالأخرى. والذي يوضع والذي يوزن هو الأعمال يجعلها الله سبحانه وتعالى أجساما فتوضع في الموازين كما جعل الله الموت وهو معنى من المعاني جعله جسما ، فإنه ( يُؤتى يوم القيامة بالموت على صورة كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار ويقال لأهل الجنة يا أهل الجنة ، فيشرأبون ويطلعون ويقال لأهل النار ، يا أهل النار ، فيشرأبون ويطلعون فيقال للجميع : هل تعرفون هذا ؟ فيقولون : نعم هذا الموت. فيُذبح بين الجنة والنار. ويقال : يا أهل الجنة خلود ولا موت ويا أهل النار خلود ولا موت فيزداد أهل الجنة سرورا إلى سرورهم ويزداد أهل النار غما إلى غمهم ). نسأل الله أن يُعيذنا وإياكم من النار. فهذا، فالذي يوزن هي الأعمال ولهذا قال الله تعالى : (( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ )). وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان ) - ثقيلتان يعني الكلمتين - ( سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ). وقال بعض أهل العلم : " إن الذي يوزن الصحف ، صحف الأعمال " لأن الترمذي الترمذي روى حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أنه يؤتى برجل تعرض عليه أعماله في صحفه فيوضع له سجلات مد البصر كلها أعمال سيئة حتى إذا رأى أنه هلك قيل له : إن لك عندنا حسنة ، فيؤتى ببطاقة ليست بشيء بجانب هذه السجلات. فيقول : ما شأن هذه البطاقة إلى هذه السجلات ؟ فيقال : إنك لا تظلم ، ثم توضع البطاقة في كفة والسجلات في كفة فترجح بهن البطاقة ). وهذا يدل على أن الذي يوزن صحف الأعمال. وقال بعض العلماء : " الذي يوزن العامل ". واستدلوا بما ثبت في الصحيح ( أن ابن مسعود ـــ رضي الله عنه ـــ قام إلى شجرة أراك ) ، شجرة الأراك ماهي ؟ المساويك. ( وكانت وكانت الريح شديدة فجعلت تكفئ عبد الله بن مسعود. فقال النبي ـــ عليه الصلاة والسلام ـــ وهم ينظرون إلى دقة ساقيه : إنهما في الميزان مثل جبل أحد ). وهذا يدل على أن الذي يوزن العامل. ولكن لاشك أن نصوص القرآن وصحيح السنة يدل على أن الذي يوزن العمل نفسه. وتكون هذه إما أنها باعتبار أشخاص معينين أو أن بعض الناس يوزن عمله وبعضهم يوزن هو نفسه وبعضهم يوزن صحائف أعماله.
شرح قول الناظم: وتشهد أعضاء المسيء بما جنى ... كذاك على فيه المهيمن يختـــــــــم ( شهادة جوارح العاصي والكافر على عمله )
الشيخ : ثم قال المؤلف رحمه الله : " وتشهد أعضاء المسيء بما جنى *** كذاك على فيه المهيمن يختمُ " الله أكبر! يوم القيامة يحاول المشرك أن يجحد فيقولون : (( وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ )) يحلفون! يظنون أنهم إذا حلفوا في الآخرة نجوا كما ينجون في الدنيا. قال الله تعالى : (( انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ )). ثم يختم على أفواههم والعياذ بالله وتشهد عليهم أيديهم وأرجلهم وجلودهم وألسنتهم بما كانوا يعملون ، تشهد أيديهم بما عملوا باليد ، وأرجلهم بما عملوا بالمشي ، وجلودهم بما عملوا باللُمس وألسنتهم بما عملوا بالنطق. هل يبقى عذر بعد ذلك ؟ لا ينكرون على جـلودهم (( لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )).
شرح قول الناظم: فيا ليت شعري كيف حالك عندما ... تطاير كتب العالمين وتقســـــــــــــم أتأخذ باليمنى كتابك أم تكن..........بالأخرى وراء الظهر منك تسلم وتقرأ فيه كل شيء عملته...........ويشرق منك الوجه أو هو يظلم تقول كتابي فاقرؤوه فإنه.........يبشر بالفور العظيم ويعلم فإن تكن الأخرى فإنك قائل......... ألا ليتني لم أوتاه فهو مغرم ( الكلام على تطاير الصحف يوم القيامة وإعطاؤه إما باليمين أو بالشمال )
الشيخ : يقول رحمه الله : " فيا ليت شعري كيف حالُك عندما *** تطايرُ كتب العالمين وتُقسمُ أتأخذ باليمنى كتابك أم تكن *** بالأخرى وراء الظهر منك تُسلَّم ُ وتقرأ فيه كل شيء عملته *** فيشرق منك الوجه أو هو يُظلم ُ تقول كتابي فاقرأوه فإنه *** يبشِّر بالفوز العظيم ويُعلم ُ فإن تكن الأخرى فإنك قائل ٌ*** ألا ليتني لم أُوته فهو مـُغرم ُ". نعم هذه حال الإنسان عندما يعطى كتابه إما باليمين وإما بالشمال فإن أعطى باليمين افتخر وفرح وسُرَّ وقال : (( هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ )).كما يعرض الإنسان ورقة نجاحه على الناس انظروا ، انظروا إلى ورقة النجاح أنا ناجح ، درجاتي جيدة وما أشبه ذلك. فهو يوم القيامة يفرح يقول للناس (( هَاؤُمُ اقْرَءُوا كتابيه )). أما من أوتي كتابه بشماله فهو بالعكس والعياذ بالله يقول : (( يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ )). ليتني ما علمت ليتني ما أوتي كتابيه لكن هذا لا ينفعه. فحينئذ يسفر الوجه ، وجه من أخذ كتابه بيمينه ويظلم الوجه وجه من؟ من أخذه بشماله (( يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ )). المؤلف يقول : " يا ليت شعري كيف حالك " ليت شعري يعني ليت شعوري ، يعني ليتني أشعر ماذا تكون حالك؟ والجواب لو شعرت بحاله لشعرت بأمر عظيم سرورا أو حزنا.
شرح قول الناظم: فبادر إذا ما دام في العمر فسحة ... وعذرك مقبول وصرفك قيــــــــم فجد وسارع واغتنم ساعة السرى ... ففي زمن الإمكان تسعى وتغنم وسر مسرعا فالسيل خلفك مسرعا.... وهيهات ما منه مفر ومــــــــهزم فهن المنايا أي واد نزلته ... عليها القدوم أو عليك ستـــــــــــــــــقدم
الشيخ :" فبادر اذن مادام في العمر فسحةً مادام في العمر فسحة ٌ *** وعذرك مقبول ٌ وصرفُك قيم ُ" " فبادر إذن " - يعني الآن - " مادام في العمر فسحةٌ *** وعذرك مقبول وصرفك قيم ُ وجِدَّ وسارع واغتنم زمن الصبا *** ففي زمن الإمكان تسعى وتَغنم ُ وسر مسرعاً فالسير خلفك مسرعاً " ها؟ الطالب : السيل الشيخ : السيل؟ السير؟ " وسر مسرعاً فالسير؟ " عندك باللام " فالسيل خلفك مسرعا ***وهيهات ما منه مفر ومهزم " اللي عندنا أحسن يعني سر مسرعا فإن السيل وراءك ، والإنسان إذا علم أن السيل وراءه اه؟ يسرع يفر منه. أي نعم. " فهن المنايا أي وادٍ أي وادٍ نزلته ُ *** عليها القدوم أو عليك ستقدم ُ" صدق رحمه الله (( أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ )) أي وادٍ تنزله فإنك ستنزل عليها أو هي تنزل عليك. أحياناً يفر الإنسان من الموت فإذا به يموت في فراشه فيكون نزل عليها وإلا نزلت عليه؟ نزل عليها نزل عليها دائما يفر نعم، و إذا به يموت في فراره وهذا كثير. كثيرا ما يكون ، لا سيما في الخطوط السريعة هذه. ينزل من السيارة ويفر عن وسط الخط ليكون في طرف في جانبه فإذا بسيارة أخرى تلقفه ، فيكون قد فر من المنية إلى المنية. " تنزل عليه " فإن لم تنزل عليك فانك انت نعم، فان لم تكن عليها نازل فإنها سوف تنزل عليك وإن طال بك الحياة. نعم.
شرح قول الناظم: فحي على جنات عدن فإنها ... منازلك الأولى وفيها المخيـــــــــــــــــم ولكننا سبي العدو فهل ترى ... نعود إلى أوطاننا فنسلــــــــــــــــــــم وقد زعموا أن الغريب إذا نأى ... وشطت به أوطانه فهو مغــــــــــــــرم وأي إغتراب فوق غربتنا التي ... لها أضحت الأعداء فينا تحكــــــــــــم وحي على روضاتها وخيامها ... وحي على عيش بها ليس يســــــــــــأم ( الكلام على الجنة وصفتها وسبب تسميتها بجنة عدن، وهل الجنة التي أخرج منها آدم هي جنة عدن ؟)
الشيخ : ثم قال: " فحيَّ على جنات عدن فإنها *** منازلك الأولى وفيها المخيم " الطالب : ... الشيخ : اه الطالب : ... الشيخ : ... ما بعندك؟ الطالب : ... الشيخ : ... يعني ايه انا بقرأ ... " فحيَّ على جنات عدن فإنها *** منازلك الأولى وفيها المخيم " حي : أقبل . وجنات العدن : جنات الإقامة ،وسميت بذلك لأن المقيم فيها لا يبغى عنها حولا. في هذه الدنيا في أي قصر نزلت ترى قصرا أحسن منه فتقول ليت هذا لي ، وتطلب الرحيل إن تيسر لك. لكن في الجنة أبدا لا تتمنى منزلة غير منزلتك (( لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا )) ولا يرى أن غيره أنعم منه. ولهذا سميت جنات عدن أي إقامة فلا موت ، ولا مرض ، ولا سآمة ولا نظر إلى الغير . يقول : " منازلك الأولى " ! كيف هي منازلي الأولى ؟ لأن آدم أخرج من الجنة. وهذا دليل على أن المؤلف رحمه الله يرى أن الجنة التي أخرج منها آدم هي جنة الخلد هي جنة الخلد. وهذا أحد القولين للعلماء. والخلاف فيها مشهور ، والراجح انها هي جنة الخلد والراجح انها جنة الخلد. ولكن آدم عليه الصلاة والسلام لحكمة أرادها الله عز وجل حصلت منه المخالفة فأُخرج منها. لكن أتدرون أن هذه المخالفة فيها مصلحة لآدم ولبني آدم. لو لم ينزل من الجنة ما صار هناك ابتلاء وامتحان. لكان كل الناس في الجنة إن كان الله تعالى قد قدر له ذرية ، ولو لم ينزل ما حصل له هذا الوصف العظيم (( وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ )) الاجتباء والاصطفاء متى حصل ؟ بعد أن عصى ربه فتاب. وهذه منزلة رفيعة حصّلها بعد ذلك. فالله عز وجل حكيم في ما قدره على آدم فكان مصلحة له ومصلحة لذريته. قال : " ولكننا سبي العدو فهل تُرى *** نعود إلى أوطاننا فنُسلم ُ" من العدو الذي سبانا ؟ الشيطان. هو الذي تسبب يا عادل بإخراج آدم من الجنة لأنه الخبيث وسوس لآدم وساوس عظيمة (( وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ )) أتى بإقسامات عظيمة يقول أنا ناصح (( إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ )) وقَالَ : (( يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى )). سبحان الله ! والإنسان بشر. بهذه الإقسامات العظيمة وهذه، وهذا الغرور وهذه الزخرفة شجرة خلد وملك لا يبلي حصل ما حصل فكان الله على كل شيء قدير. نعم. يقول : " ولكننا سبي العدو فهل تـــرى *** نعود إلى أوطاننا فنسلم وقد زعموا أن الغريب إذا نــَـــأى *** وشطت به أوطانه فهو مؤلم وأي اغترب فــــــــوق غربتنا التي *** لها أضحت الأعداء فينا تحكمُ " يعني زعم الناس كذبا وإلاحقيقة ؟ حقيقة ، الزعم هنا ليس معناه الكذب. الغريب إذا بعـد وشطت به أوطانه يتألم وإلا لا ؟يتألم ولا يقر له قرار حتى يرجع إلى وطنه. إلى وطنه فهل نحن غرباء عن وطننا الأول الجنة؟ الجواب : نعم غرباء وتتلقفنا الأعداء. ولهذا قال : " أي اغتراب فوق غربتنا التي *** لها أضحت الأعداء فينا تحكَّمُ " قال النبي عليه الصلاة والسلام لعبد الله بن عمر : ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ) بعد أن أخد بمنكبيه أو بمنكبه فقال : ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ). وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول : ( إذا أصبحت فلا تنتظر المساء وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ) لاتقول أعمل إن شاء الله في المساء معي وقت أتوب إلى الله في المساء معي وقت ! لا تقول هكذا. إذا قلت هكذا ذهب عنك الوقت ( وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك ) مادمت صحيحا اغتنم لأنك ربما تمرض مادمت حيا اغتنم فإنك ستموت كل حي فسيموت (( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ )). قال : " وحيَ على روضاتها وخيامها *** وحيَ على عيشٍ بها ليس يُسأم ُ" يعني أقبل إلى جنات عدن روضاتها وخيامها نعم وعيش لا يسأم فيها ولا يُمل ، روضاتها لها غراس ما هي ؟ سبحـان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكـبر. كم من شجرة؟ سبحـان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكـبر. سبحـان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكـبر. كل واحدة فيها شجرة بدون تعب وبدون سأم وغرس ناجح وإلا ربما يموت ؟ ناجح. ناجح ما يموت نحن الآن نتكلف على غرس شجيرة صغيره كلافة في إحضارها وفي تهيئة المكان لها وفي سقيها. وربما يأتيها إعصار فيحرقها. أليس كذلك؟ وربما نموت قبل أن تصلح فتفوت. أما الجنة نسأل الله أن يجعلني وإياكم من أهلها فليست كذلك .
شرح قول الناظم: وحي على يوم المزيد فإنه لموعد ...أهل الحب حين يكـــــــــــــــــــــرم وحي على واد هنالك أفيح ....منابر من نور لمن هومكـــــــــــــــــــــرم ومن حولها كثبان مسك مقاعد ... لمن دونهم هذا الفخار المعظـــــــــــــم يرون به الرحمن جل جلاله ... كرؤية بدر التم لا يتــــــــــــــــــــــــــــوهم أو الشمس صحوا ليس من دون أفقها ...سحاب ولا غيم هناك يغيــــــــــم ( تتمة الكلام على الجنة وصفتها وما فيها من النعيم )
الشيخ : يقول : " وحيَّ على يوم المزيد فإنه *** لموعد أهل الحب حين يُكرّمُ " يوم المزيد هو اليوم الذي يلتقي فيه أهل الجنة مع الله سبحانه وتعالى -أنا بقرأ اللي عندي- يلتقي به أهل الجنة مع الله فيزدادون سرورا ونعيما وطيبا إلى ماهم فيه من النعيم والطيب. قال : " وحـي على وادٍ هنــالك أفيحٍ *** منابرُ من نورٍ لمن هو مُكـــرمُ ومن حــــولها كُثبــــــــــــانُ مسك *** مقاعدُ لمن دونهم هذا العطاء المفخمُ يرون بـه الرحمــان جل جلاله *** كــــرؤية بدر التِـم لايُتَـوَهَمُ أو الشمسِ صحوٌ ليس من دون أفقها *** سحــــابٌ ولاغيم ٌهناك يغيِّمُ " اللهم لا تحرمنا هذا المنظر. لهم يوم يسمى يوم المزيد. وقد جاء في الآثار أنه يوم الجمعة وأن وقت اللقاء وقتُ صلاة الجمعة. يلاقون الله سبحانه وتعالى وينظرون إليه كما ينظرون إلى القمر ليلة البدر لا أنه هو كالبدر ! هو أعظم من أن يكون له مثيل. لكن الرؤية تتحقق كما تتحقق رؤية القمر ليلة البدر أو الشمس صحوا ليس دونها سحاب. كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم وكما جاءت بذلك الآيات القرآنية ولقد حرم لذة الصدق في الدنيا من أنكر هذه الرؤيا. وقال : إنها رؤية الثواب وليست رؤية الرب عز وجل أو قال إنها كناية عن العلم اليقيني الذي يكون في قلوبهم. ولقد حرم لذة التصديق ويخشى أن يحرم لذة التحقيق والعياذ بالله يوم القيامة لأن الآيات فيها واضحة والأحاديث فيها متواترة. كما قيل : " مما تواتر حديث من كذب *** ومن بنى لله بيتا واحتسب ورؤية شفاعة والحوض *** ومسح الخفين وهذه بعض ". فالآيات الآيات ظاهرة طافحة والأحاديث متواترة متكاثرة تلقاها أهل العلم والإيمان بالتصديق والإيقان وليس بها إشكال. فيرون الله جل جلاله كما يرون القمر ولكن هل يدركونه عند رؤيته ؟ الجواب : لا ، لا يدركونه لأن الله يقول : (( لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ )). وكما أننا لا نحيط به علماً فلا نحيط به رؤيةً ، لكننا نراه ، وها نحن نرى الشمس ولكن هل نحن نحيط بها ؟ لا ، ما نحيط بها. إذن فالله عز وجل يرى ولكن لا يحاط به. نراه كيف يشاء الله سبحانه وتعالى لكن بدون إحاطة.
شرح قول الناظم: فبيناهم في عيشهم وسرورهم ... وأرزاقهم تجري عليهم وتقســــــــــم إذا هم بنور ساطع قد بدا لهم ... وقد رفعوا أبصارهم فإذا هــــــــــــــم بربهم من فوقهم قائل لهم ... سلام عليكم طبتم ونعمتـــــــــــــــــــــــم سلام عليكم يسمعون جميعهم ... بآذانهم تسليمه إذ يسلــــــــــــــــــــــم فبالله ما عذر امرئ هو مؤمن....بهذا ولا يسعى له ويقــــــــــــــــــــــدم ولكنما التوفيق بالله إنه....يخص به من شاء فضلا وينــــــــــــــــــــــعم (بيان أن أفضل نعيم لأهل الجنة رؤيتهم ربهم )
الشيخ : قال : " فبيناهمُ في عيشهم وسرورهم *** وأرزاقهم تجرى عليهم وتقسمُ " إذا " إذا الفجائية " ، يعنى في هذا الوقت يفاجئون. " إذا هم بنور ساطع قد بدا لهم *** وقد رفعوا أبصارهم فإذا همُ بربهم من فوقهم قـــائلٌ لهم *** سلام عليكم طبتم ونعمتم ُ" الله اكبر السائل : ... الشيخ : نعم. " بربهم من فوقهم قـــائلٌ لهم *** سلام عليكم طبتم ونعمتم ُ". يعني بينا هم في العيش والسرور والنعيم واللذة العينية والسمعية أو بعبارة أصح البصرية والسمعية والقلبية ( فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ). نعيم لا يمكن أن ندركه في الدنيا أبدا ولا يخطر على قلوبنا ولا نراه في غيرها . بينما هم في هذا النعيم إذا هم بنور ساطع قد بدا لهم فيرفعون أبصارهم ، ما هذا النور العظيم الذي بدا ساطعا ؟ فإذا هم بالله عز وجل يقول وهو فوق : " سلام عليكم طبتمُ ونعمتمُ ". ما أحلى هذا الكلام! وما أجل هذا الصوت! يقول الرب عز وجل " سلام عليكم " . إذن هذا خبر أو دعاء ؟ هذا خبر لأن الله لا يدعوا أحدا بل هو المدعو. إذن عليكم السلام من كل الآفات من كل الآفات وبعد السلام أيضا طيب " طبتم ونعمتم " طبتم في القلب والبدن والسرور ونعمتم كذلك. يقول : " سلام عليكم يسمعون جميعهم *** بآذانهـــــم تسليمه إذ يسلمُ فبالله ما عذر امرىءٍ هو مؤمنٌ *** بهذا ولا يسعى له ويقدم ولكنما الـــــــــــــــــتوفيق بالله إنه *** يخص به من شـاء فضلا وينعمُ " اللهم إنا نسألك أن توفقنا لذلك إنك جواد كريم والحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .