التعليق على اقتضاء الصراط المستقيم-10b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
اقتضاء الصراط المستقيم
الحجم ( 5.46 ميغابايت )
التنزيل ( 1142 )
الإستماع ( 112 )


1 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " حتى إن من الملوك من كان يضرب بالأبواق، والدبادب، في أوقات الصلوات الخمس، وهو نفس ما كرهه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنهم من كان يضرب بها طرفي النهار، تشبها منه - زعم - بذي القرنين، ووكل ما دون ذلك إلى ملوك الأطراف. وهذه المشابهة لليهود والنصارى، وللأعاجم: من الروم والفرس، لما غلبت على ملوك المشرق، هي وأمثالها، مما خالفوا به هدي المسلمين، ودخلوا فيما كرهه الله ورسوله ؛ سلط عليهم الترك الكافرون، الموعود بقتالهم، حتى فعلوا في العباد والبلاد ما لم يجر في دولة الإسلام مثله، وذلك تصديق قوله صلى الله عليه وسلم : " لتركبن سنن من كان قبلكم " ، كما تقدم . وكان المسلمون على عهد نبيهم، وبعده، لا يعرفون وقت الحرب إلا السكينة وذكر الله سبحانه، قال قيس بن عباد : - وهو من كبار التابعين - : " كانوا يستحبون خفض الصوت : عند الذكر، وعند القتال، وعند الجنائز " . وكذلك سائر الآثار تقتضي أنهم كانت عليهم السكينة، في هذه المواطن، مع امتلاء القلوب بذكر الله، وإجلاله وإكرامه . كما أن حالهم في الصلاة كذلك . وكان رفع الصوت في هذه المواطن الثلاثة، من عادة أهل الكتاب والأعاجم، ثم قد ابتلى بها كثير من هذه الأمة. وليس هذا موضع استقصاء ذلك ". أستمع حفظ

2 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وأيضا، فعن عمرو بن ميمون الأودي قال : " قال عمر رضي الله عنه : كان أهل الجاهلية، لا يفيضون من جمع حتى تطلع الشمس، ويقولون : أشرق ثبير، كيما نغير، قال : فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم، وأفاض قبل طلوع الشمس ". وقد روي في هذا الحديث - فيما أظنه - أنه قال : " خالف هدينا هدي المشركين " وكذلك كانوا يفيضون من عرفات قبل الغروب، فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم بالإفاضة بعد الغروب، ولهذا : صار الوقوف إلى ما بعد الغروب واجبا عند جماهير العلماء، وركنا عند بعضهم، وكرهوا شدة الإسفار صبيحة جمع . ثم الحديث قد ذكر فيه قصد المخالفة للمشركين." أستمع حفظ

6 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " ففي الصحيحين عن أبي عثمان النهدي قال : " كتب إلينا عمر رضي الله عنه ونحن بأذربيجان، مع عتبة بن فرقد : يا عتبة إنه ليس من كد أبيك، ولا من كد أمك، فأشبع المسلمين في رحالهم مما تشبع منه في رحلك، وإياكم والتنعم، وزي أهل الشرك، ولبوس الحرير، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبوس الحرير، وقال : " إلا هكذا " - ورفع لنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأصبعيه الوسطى والسبابة وضمهما ". وروى أبو بكر الخلال بإسناد عن محمد بن سيرين أن حذيفة بن اليمان أتى بيتا، فرأى فيه حارستان: فيه أباريق الصفر والرصاص، فلم يدخله، وقال : " من تشبه بقوم فهو منهم ". وفي لفظ آخر : ( فرأى شيئا من زي العجم فخرج وقال : من تشبه بقوم فهو منهم) ." أستمع حفظ

16 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " فصل: وأما الإجماع فمن وجوه:من ذلك : أن أمير المؤمنين عمر، في الصحابة رضي الله عنهم، ثم عامة الأئمة بعده، وسائر الفقهاء، جعلوا في الشروط المشروطة على أهل الذمة من النصارى وغيرهم، فيما شرطوه على أنفسهم : " أن نوقر المسلمين، ونقوم لهم من مجالسنا، إذا أرادوا الجلوس، ولا نتشبه بهم في شيء من لباسهم: قلنسوة، أو عمامة، أو نعلين، أو فرق شعر، ولا نتكلم بكلامهم، ولا نكتنى بكناهم، ولا نركب السروج، ولا نتقلد السيوف، ولا نتخذ شيئا من السلاح، ولا نحمله، ولا ننقش خواتيمنا بالعربية، ولا نبيع الخمور، وأن نجز مقادم رءوسنا، وأن نلزم زينا حيثما كان، وأن نشد الزنانير على أوساطنا، وأن لا نظهر الصليب على كنائسنا، ولا نظهر صليبا، ولا كتبا، في شيء من طرق المسلمين، ولا أسواقهم، ولا نضرب بنواقيسنا في كنائسنا إلا ضربا خفيا، ولا نرفع أصواتنا مع موتانا، ولا نظهر النيران معهم في شيء من طرق المسلمين " رواه حرب بإسناد جيد ". أستمع حفظ

17 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وفي رواية أخرى رواها الخلال : " وأن لا نضرب بنواقيسنا إلا ضربا خفيا في جوف كنائسنا ولا نظهر عليها صليبا، ولا نرفع أصواتنا في الصلاة ولا القراءة في كنائسنا فيما يحضره المسلمون، وأن لا نخرج صليبا ولا كتابا في سوق المسلمين، ولا نخرج باعوثا - والباعوث : يخرجون يجتمعون كما يخرج يوم الأضحى والفطر - ولا شعانينا ولا نرفع أصواتنا مع موتانا، ولا نظهر النيران معهم في أسواق المسلمين، وأن لا نجاورهم بالخنازير، ولا نبيع الخمور . . . " إلى أن قال : " وأن نلزم زينا حيثما كنا، وأن لا نتشبه بالمسلمين في لبس قلنسوة ولا عمامة، ولا نعلين، ولا فرق شعر، ولا في مراكبهم، ولا نتكلم بكلامهم، ولا نكتني بكناهم، وأن نجز مقادم رءوسنا، ولا نفرق نواصينا، وأن نشد الزنانير على أوساطنا ". أستمع حفظ

18 - القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وهذه الشروط أشهر شيء في كتب الفقه والعلم، وهي مجمع عليها في الجملة، بين العلماء من الأئمة المتبوعين، وأصحابهم، وسائر الأئمة، ولولا شهرتها عند الفقهاء لذكرنا ألفاظ كل طائفة فيها. وهي أصناف : الصنف الأول: ما مقصوده التمييز عن المسلمين، في الشعور واللباس والأسماء والمراكب والكلام، ونحوها ؛ ليتميز المسلم عن الكافر، ولا يتشبه أحدهما بالآخر في الظاهر، ولم يرض عمر رضي الله عنه والمسلمون بأصل التمييز، بل بالتميز في عامة الهدي، على تفاصيل معروفة في غير هذا الموضع . وذلك يقتضي : إجماع المسلمين على التمييز عن الكفار ظاهرا، وترك التشبه بهم ولقد كان أمراء الهدى، مثل العمرين وغيرهما، يبالغون في تحقيق ذلك بما يتم به المقصود . ومقصودهم من هذا التميز : كما روى الحافظ أبو الشيخ الأصبهاني بإسناده في شروط أهل الذمة، عن خالد بن عرفطة قال : " كتب عمر رضي الله عنه إلى الأمصار : أن تجز نواصيهم - يعني النصارى - ولا يلبسوا لبسة المسلمين ؛ حتى يعرفوا ". وقال القاضي أبو يعلى في مسألة حدثت في وقته: " أهل الذمة مأمورون بلبس الغيار، فإن امتنعوا ؛ لم يجز لأحد من المسلمين صبغ ثوب من ثيابهم ؛ لأنه لم يتعين عليهم صبغ ثوب بعينه " .قلت: وهذا فيه خلاف : هل يلزمون بالتغيير أم الواجب إذا امتنعوا أن نغير نحن ؟ ". أستمع حفظ