السائل : ... الشيخ : هل هذا الرجل قد أعد نفسه للعمل السائل : أعد نفسه للعمل ولكن العلم لا يساوي العشرة، يساوي خمسة ريالات فقط، فأعطاه الخمسة، فقال إما أن تعطي عشرة وإما لا ؟ الشيخ : هو قال بعشرة ... القارئ : لم يتقاولوا على العمل، بعد انتهاء العمل. الشيخ : نعم، لكن لما أعطاه الخمسة، ماذا قال له ؟ القارئ : قال له إما أن تعطي عشرة وإما لا أريد شيئا. الشيخ : خلاص، هذا نقول العقد فاسد ما دموا لم يعينوا أجرة، لأن من شرط صحة الإجارة أن يكون العوض معلومًاً هذا الشرط فاسد، قصدي الأجرة فاسدة، فيرجع إلى أجرة المثل، يذهب ويقدر أجرته إما أن يتصدق بها عنه، وإذا جاء يوم من الدهر قال له إما أن تأخذها، وإلا، نعم، إما أن تأخذها الآن وإلا فلك أجرها.
السائل : أحسن الله إليكم، هنا الثلاثة الذين أووا إلى الغار الشيخ : الذين ؟ السائل : أووا إلى الغار. الشيخ : نعم السائل : أحدهم يقول : ( لا أغبق قبلهما مالاً ولا ولداً ) الشيخ :( ولا أهلاً ) السائل :( ولا أهلاً )، في بعض الروايات يا شيخ ( أن أولاده يتضاوون عند قدمه ). الشيخ : نعم. السائل : هل فعل هذا يقال مشروع للإنسان مثلاً ؟ الشيخ : هذا نعم، هذا لا يلام عليه، لأنه فعله متأولاً، فعله متأولاً، وإلا فالواجب أن يسد جوعة أبنائه أولاده، لأن ذلك لا يضر والديه، لكنه فعله متأولاً أن هذا من كمال البر، أن يصبر على تأذي أهله وماله ليقدم والديه.
أيهما أفضل من خاف الله ابتداء أم من خافه بعد العقوبة ؟
السائل : شيخ أحسن الله إليك، أيهما أفضل مَن ... ؟ الشيخ : الأول أكمل، الأول أكمل حالاً، والثاني قد يكون أكمل مآلاً، لأن الذي خاف بعد العقوبة يكون خوفه أشد وقعاً على القلب وأخشى لله، وأما الذي خاف من الأول فهذا لا شك أنه أحسن حالاً، نعم.
هل يجوز للرجل ذكر عمله الصالح لبعض الناس تشجيعا لهم ؟
السائل : شيخ بارك الله فيكم، شخص يذكر أعماله الصالحة عندما جلس عند أصحابه كي يشجعهم على الأعمال الصالحة ؟ الشيخ : يذكره تشجيعاً؟ السائل : إي نعم. الشيخ : لا بأس، لا بأس إذا أمن نفسه من الرياء، ( والرسول عليه الصلاة والسلام كان يصلي ويحسن الصلاة ويقول : إنما فعلت ذلك ) لإيش؟ ( لتأتموا بي ).
السائل : أثابك الله، بالنسبة للتوسل بالأعمال الصالحة هل يعد من الأفضل ؟ الشيخ : إيش؟ السائل : هل يعد فاضلاً ؟ الشيخ : ما فهمت. السائل : التوسل بالأعمال الصالحة مشروع؟ الشيخ : مشروع نعم، لكن قد لا يكون أفضل وقد يكون أفضل، حسب حال الإنسان، قد يكون توسل الإنسان إلى الله بأسمائه وصفاته أبلغ وقد يكون الأمر بالعكس، فالأول سؤاله سؤال مستغن لكنه مثنٍ على الله عز وجل، والثاني سؤال مفتقر يعني بمعنى أنه يرجو الثواب على هذا العمل، ومن جملته أن يحصل له مقصوده.
القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " فسؤال الله والتوسل إليه بامتثال أمره ، واجتناب نهيه ، وفعل ما يحبه ، والعبودية والطاعة ، هو من جنس فعل ذلك ؛ رجاء لرحمة الله ، وخوفا من عذابه ، وسؤال الله بأسمائه وصفاته كقوله : " أسألك بأن لك الحمد أنت الله المنان بديع السماوات والأرض " ، و " بأنك أنت الله الأحد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد " ونحو ذلك يكون من باب التسبب ، فإن كون المحمود المنان يقتضي منته على عباده ، وإحسانه الذي يحمده عليه . وكونه الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد يقتضي توحده في صمديته ، فيكون هو السيد المقصود ، الذي يصمد الناس إليه في كل حوائجهم ، المستغني عما سواه ، وكل ما سواه مفتقرون إليه لا غنى بهم عنه ، وهذا سبب لقضاء المطلوبات ، وقد يتضمن معنى ذلك : الإقسام عليه بأسمائه وصفاته .
القارئ : الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد : فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في اقتضاء الصراط المستقيم: " فسؤال الله والتوسل إليه بامتثال أمره، واجتناب نهيه، وفعل ما يحبه، والعبودية والطاعة، هو من جنس فعل ذلك، رجاءً لرحمة الله، وخوفا من عذابه، وسؤال الله بأسمائه وصفاته كقوله " الشيخ : قوله رحمه الله : " ومن جنس فعل ذلك رجاء لرحمة الله وخوفاً من عذابه " إشارة إلى أن الإنسان إذا تعبد لله تعالى بهذا القصد فإنه مثاب ومحمود، وهذه طريقة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، قال الله تعالى : (( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً )). ولقد ضل من ضل من الصوفية الذين قالوا : تمام العبادة أن تعبد الله لله، يعني: لا تريد إلا الله عز وجل، فيقال: سبحان الله! لو قلنا بهذا لكان جميع ما يذكر في الآيات من ثواب الله عز وجل عبثاً لا فائدة منه، فالإنسان يرجو ثواب الله يرجو الجنة، ومن نعيم الجنة النظر إلى وجه الله عز وجل ورضى الله عن العبد. نعم. القارئ : " وسؤال الله بأسماءه وصفاته كقوله : أسألك بأن لك الحمد أنت الله المنان بديع السماوات والأرض، و بأنك أنت الله الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، ونحو ذلك يكون من باب التسبب، فإن كونه المحمود المنان يقتضي منته على عباده " الشيخ : عندي: منَّه، بدون تاء، أشار إليها ؟ القارئ : لا ما أشار إليها. الشيخ : اجعلها نسخة. القارئ : " يقتضي منه على عباده، وإحسانه الذي يحمده عليه. وكونه الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد يقتضي توحده في صمديته، فيكون هو السيد المقصود، الذي يصمد إليه الناس في حوائجهم، المستغني عما سواه، وكل ما سواه مفتقرون إليه لا غنى بهم عنه، وهذا سبب لقضاء المطلوبات، وقد يتضمن معنى ذلك : الإقسامُ عليه بأسمائه وصفاته ".
القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وأما قوله في حديث أبي سعيد : " أسألك بحق السائلين عليك ، وبحق ممشاي هذا " ، فهذا الحديث رواه عطية العوفي ، وفيه ضعف . لكن بتقدير ثبوته : هو من هذا الباب ، فإن حق السائلين عليه سبحانه ، أن يجيبهم ، وحق المطيعين له أن يثيبهم ، فالسؤال له ، والطاعة سبب لحصول إجابته وإثابته ، فهو من التوسل به ، والتوجه به ، والتسبب به ، ولو قدر أنه قسم لكان قسما بما هو من صفاته ؛ لأن إجابته وإثابته من أفعاله وأقواله . فصار هذا كقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : " أعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك ، لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك " والاستعاذة لا تصح بمخلوق ، كما نص عليه الإمام أحمد وغيره من الأئمة ، وذلك مما استدلوا به على أن كلام الله غير مخلوق ، ولأنه قد ثبت في الصحيح وغيره ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه كان يقول " أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق " قالوا : والاستعاذة لا تكون بمخلوق ، فأورد بعض الناس لفظ ( المعافاة ) فقال جمهور أهل السنة : المعافاة من الأفعال ، وجمهور المسلمين من أهل السنة وغيرهم يقولون : إن أفعال الله قائمة به ، وأن الخالق ليس هو المخلوق ، وعلى هذا جمهور أصحاب أحمد والشافعي ومالك ، وهو قول أصحاب أبي حنيفة ، وقول عامة أهل الحديث ، والصوفية ، وطوائف من أهل الكلام والفلسفة .
القارئ : " وأما قوله في حديث أبي سعيد : (أسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي هذا ) فهذا الحديث رواه عطية العوفي، وفيه ضعف، لكن بتقدير ثبوته هو من هذا الباب، فإن حق السائلين عليه سبحانه أن يجيبهم، وحق المطيعين له أن يثيبهم، فالسؤال له والطاعة سبب لحصول إجابته وإثابته، فهو من باب التوسل به، والتوجه به، والتسبب به ". الشيخ : ومن هذا أيضاً قول بعض العامة إذا دعا قال : بحق لا إله إلا الله، بحق لا إله إلا الله، لا يريدون أن لا إله إلا الله لها حق، لكن يريدون بحق ثواب لا إله إلا الله، وثواب لا إله إلا الله من فعل الله عز وجل، فيكونون توسلوا بفعل الله سبحانه وتعالى. نعم. القارئ : " ولو قدّر أنه قسم لكان قسما بما هو من صفاته، لأن إجابته وإثابته من أفعاله وأقواله، فصار هذا كقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك ) والاستعاذة لا تصح بمخلوق ". الشيخ : إعادة الفعل هنا أعوذ أحسن من عدم الإعادة، ونحن نسمع كثيراً من الذين يقنتون بهذا الدعاء يقولون : أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك، والعامي لا يعرف ايش معنى بك منك، لكن إذا قال: أعوذ بك منك، فيستعيذ بالله من الله عز وجل، لأنه لا مفر منه إلا إليه. القارئ : " والاستعاذة لا تصح بمخلوق،كما نص عليه الإمام أحمد وغيره من الأئمة " الشيخ : هذا ليس على إطلاقه، لأنه جاءت الأحاديث الصحيحة بالاستعاذة بغير مخلوق كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فمن وجد معاذاً فليعذ به ) وقال : ( يعوذ عائذ بهذا البيت ) يعني مكة، وغير ذلك، فالاستعاذة كالاستعانة، والاستعانة بالمخلوق فيما يقدر عليه جائزة، والاستعاذة به فيما يقدر عليه جائزة أيضاً، فتقول مثلاً أعوذ بك من فلان، إذا كان المستعاذ به قادراً على منعه. نعم. القارئ : " وذلك مما استدلوا به على أن كلام الله غير مخلوق، ولأنه قد ثبت في الصحيح وغيره، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول ( أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ) قالوا : والاستعاذة لا تكون بمخلوق، فأورد بعض الناس لفظ المعافاة، فقال جمهور أهل السنة : المعافاة من الأفعال، وجمهور المسلمين من أهل السنة وغيرهم يقولون : إن أفعال الله قائمةٌ به، وإن الخالق ليس هو المخلوق، وعلى هذا جمهور أصحاب أحمد والشافعي ومالك، وهو قول أصحاب أبي حنيفة، وقول عامة أهل الحديث والصوفية وطوائف من أهل الكلام والفلسفة، وبهذا يحصل الجواب عما أوردته المعتزلة ".
كلام مهم حول قبول الحق ممن قاله ورد الباطل ممن قاله ولو كان المحق والمبطل مهما كان .
الشيخ : في سياق المؤلف رحمه الله لأقوال هؤلاء دليل على أن الحق مقبول من أي إنسان، كالصوفية وأهل الكلام والفلسفة إذا أتوا بكلام صحيح وجب قبوله، وهذا هو طريق القرآن والسنة، ففي القرآن قال الله تعالى : (( وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها )) فقال الله تعالى : (( قل إن الله لا يأمر بالفحشاء )) وسكت عن قولهم : (( وجدنا عليها آباءنا )) لأن هذا الكلام إيش ؟ الطالب : صحيح الشيخ : حق، فلا يمكن رده. وفي السنة قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة بعد أن حدثه الشيطان بأنه إذا قرأ آية الكرسي في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح، قال النبي لأبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم (صدقك وهو كذوب )، ( وقال عليه الصلاة والسلام لليهودي الذي قال إنا نجد يعني في التوراة أن الله يضع السموات على إصبع والأراضين على إصبع، ضحك النبي عليه الصلاة والسلام تصديقاً لقوله ) فالمهم يا إخواني إذا وجدت طائفة مذمومة من حيث الأصل وعلى ضلالة من حيث الأصل، وجاءت بحق فما الواجب ؟ الطالب : قبوله. الشيخ : قبوله، وإذا وجدت طائفة على العكس من ذلك سنية سلفية وقالت قولاً خطأ فالواجب رده. نعم.
القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وبهذا يحصل الجواب عما أوردته المعتزلة ونحوهم من الجهمية نقضا . فإن أهل الإثبات ، من أهل الحديث وعامة المتكلمة الصفاتية : من الكلابية والأشعرية والكرامية وغيرهم ، استدلوا على أن كلام الله غير مخلوق ، فإن الصفة إذا قامت بمحل ؛ عاد حكمها على ذلك المحل لا على غيره ، واتصف به ذلك المحل لا غيره ، فإذا خلق الله لمحل علما أو قدرة أو حركة ، أو نحو ذلك ؛ كان هو العالم به القادر به ، المتحرك به ، ولم يجز أن يقال : إن الرب المتحرك بتلك الحركة ، ولا هو العالم القادر بالعلم والقدرة المخلوقين ، بل بما قام به من العلم والقدرة . قالوا : فلو كان قد خلق كلاما في غيره ، كالشجرة التي نادى منها موسى ؛ لكانت الشجرة هي المتصفة بذلك الكلام ، فتكون الشجرة هي القائلة لموسى : { إنني أنا الله } ولكان ما يخلقه الله من : إنطاق الجلود والأيدي وتسبيح الحصى وتأويب الجبال في ، وغير ذلك ، كلاما له كالقرآن والتوراة والإنجيل ، بل كان كل كلام في الوجود كلامه ؛ لأنه خالق كل شيء ، وهذا قد التزمه مثل صاحب ( الفصوص ) وأمثاله من هؤلاء الجهمية الحلولية الاتحادية . فأوردت المعتزلة صفات الأفعال : كالعدل والإحسان ، فإنه يقال : إنه عادل محسن بعدل خلقه في غيره ، وإحسان خلقه في غيره ، فأشكل ذلك على من يقول : ليس لله فعل قائم به ، بل فعله هو المفعول المنفصل عنه ، وليس خلقه إلا مخلوقه . وأما من طرد القاعدة وقال أيضا : إن الأفعال قائمة به ، ولكن المفعولات المخلوقة هي المنفصلة عنه ، وفرق بين الخلق والمخلوق ، فاطرد دليله واستقام .
القارئ : " وبهذا يحصل الجواب عما أوردته المعتزلة ونحوهم من الجهمية نقضا. فإن أهل الإثبات من أهل الحديث وعامة المتكلمة الصفاتية من الكلابية والأشعرية والكُرامية وغيرهم". الشيخ : الكَرامية. القارئ : " والكَرامية وغيرهم استدلوا على أن كلام الله غير مخلوق، فإن الصفة إذا قامت بمحل عاد حكمها على ذلك المحل لا على غيره، واتصف به ذلك المحل لا غيره، فإذا خلق الله ". الشيخ : به ولا بها ؟ وش عندك يا سامح؟ به، يعني يجوز تؤول على أن به يعود على الحكم، عاد حكمها على ذلك المحل، واتصف به أي اتصف المحل به أي بذلك الحكم، وإلا فإن الأصل أن يقول: فإن الصفة، ثم يكون الكلام واتصفت به، واتصف بها ذلك المحل. القارئ : " فإذا خلق الله لمحِل علماً " الشيخ : غلط، لمحَل القارئ : غلط لمحَل؟ الشيخ : لمحِل، المحل وقت الحلول. القارئ : " فإذا خلق الله لمحَلٍ علماً أو قدرة ً أو حركةً أو نحو ذلك كان هو العالم به القادر به المتحرك به، ولم يجز أن يقال: إن الرب المتحرك بتلك الحركة، ولا هو العالم القادر بالعلم والقدرة المخلوقَين، بل بما قام به من العلم والقدرة. قالوا : فلو كان قد خلق كلاما في غيره، كالشجرة التي نادى منها موسى، لكانت الشجرة هي المتصفة بذلك الكلام، فتكون الشجرة هي القائلة لموسى : (( إنني أنا الله )) ولكان ما يخلقه الله من إنطاق الجلود والأيدي وتسبيح الحصى وتأويب الجبال وغير ذلك كلاما له كالقرآن والتوراة والإنجيل، بل كان كل كلام في الوجود كلامه، لأنه خالق كل شيء، وهذا قد التزمه مثلَ " الشيخ : مثلُ القارئ : " وهذا قد التزمه مثلُ صاحب الفصوص وأمثاله من هؤلاء الجهمية الحلولية الاتحادية. فأوردت المعتزلة صفات الأفعال : كالعدل والإحسان " الشيخ : ولهذا قال قائلهم: " وكل كلام في الوجود كلامه*** سواء علينا نثره ونظامه " لأنهم إذا قالوا: إن القرآن كلام الله مخلوق في الشجرة، لزم من هذا أن كل كلام يسمع فهو كلام الله، وهذا لازم لا بد منه ولا يمكن أن يحيدوا عنه إذ لا فرق، وكما سمعتم قول منشدهم : " وكل كلام في الوجود كلامه*** سواء علينا نثره ونظامه " فقول امرء القيس: " قفا نبكي من ذكرى حبيب ومنزل " هو كلام الله على قول هؤلاء. نعم. القارئ : " فأوردت المعتزلة صفات الأفعال، كالعدل والإحسان فإنه يقال : إنه عادل محسن بعدل خلقه في غيره، وإحسان خلقه في غيره، فأشكل ذلك على من يقول : ليس لله فعل قائم به، بل فعله هو المفعول المنفصل عنه، وليس خلقه إلا مخلوقه. وأما من طرد القاعدة وقال أيضا : إن الأفعال قائمة به، ولكن المفعولات المخلوقة هي المنفصلة عنه، وفرَّق بين الخلق والمخلوق، فاطرد دليله واستقام ". الشيخ : وهذا هو مذهب، مذهب من؟ الطالب : أهل السنة. الشيخ : مذهب من يا إخوان؟ الطالب : أهل السنة. الشيخ : إي نعم، مذهب السلف وأئمة المسلمين، أن الفعل غير مخلوق حتى في الإنسان، في فعل الإنسان، إذا كتبت فعل كتابتك هي المكتوب ؟ الطالب : لا. الشيخ : لا، الكتابة فعلك وحركتك، والمكتوب مفعولك، كذلك الرب عز وجل، خلقه غير مخلوقه. ولهذا يصح أن تضيف الشر إلى المخلوق ولا تضفه إلى الخلق، ففي الحديث الصحيح : ( أعوذ بك من شر ما قضيت ) وفي الصحيح أيضاً : ( والشر ليس إليك ) لأن الحديث الأول من شر ما قضيت ليس المعنى من شر قضاءك ولكن المعنى من شر الذي قضيته أي من شر المقضي، فيجب أن نفرق بين الفعل والمفعول. نعم.
القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " والمقصود هنا: أن استعاذة النبي صلى الله عليه وسلم بعفوه ومعافاته من عقوبته ، - مع أنه لا يستعاذ بمخلوق - كسؤال الله بإجابته وإثابته ، وإن كان لا يسأل بمخلوق . ومن قال من العلماء : لا يسأل إلا به ، لا ينافي السؤال بصفاته ، كما أن الحلف لا يشرع إلا بالله ، كما ثبت في الحديث الصحيح ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت " ، وفي لفظ للترمذي : " من حلف بغير الله فقد أشرك " قال الترمذي : " حديث حسن " ومع هذا ، فالحلف بعزة الله ، ولعمر الله ، ونحو ذلك مما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الحلف به ، لم يدخل في الحلف بغير الله ؛ لأن لفظ ( الغير ) قد يراد به المباين المنفصل "
القارئ : " والمقصود هنا: أن استعاذة النبي صلى الله عليه وسلم بعفوه ومعافاته من عقوبته - مع أنه لا يستعاذ بمخلوق - كسؤال الله بإجابته وإثابته، وإن كان لا يُسأل بمخلوق. ومن قال من العلماء : لا يُسأل إلا به، لا ينافي السؤال بصفاته، كما أن الحلف لا يُشرع إلا بالله، كما ثبت في الحديث الصحيح، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت )، وفي لفظ للترمذي : ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ) قال الترمذي : حديث حسن، ومع هذا ". الشيخ : انتبه إلى قوله لا ينافي السؤال بإيش؟ بصفاته، ولم يقل لا ينافي السؤال لصفاته، لأن سؤال الصفات شرك، لو أن الإنسان سأل الصفة لكن مشركاً حيث اعتقد أن الصفة شيء قائم بنفسه يجيب وينفع ويضر، وهذا هو الشرك. ففرق بين أن يُسأل الله بصفاته وأن تُسأل صفاته، وقد حكى شيخ الإسلام رحمه الله الاتفاق على أن سؤال الصفة شرك، وصدق رحمه الله الصفة ليست قائمة بنفسها تنفع وتضر. وأما ( يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث ) فهذا توسل إلى الله بالرحمة، يعني: من أجل أنك راحم أستغيث برحمتك، وليس المعنى أن الرحمة هي التي يستغاث بها، ولكن هذا من باب إيش؟ من باب التوسل، حتى الداعي يقول: برحمتك أستغيث هل يشعر حينئذٍ بأن الرحمة تغيثه، أو بأن الراحم ؟ بأن الراحم، لا شك . انتهى ؟ الطالب : وقت الأسئلة. الشيخ : لا ما جاء. القارئ : " وفي لفظ للترمذي : ( من حلف بغير الله فقد أشرك ) قال الترمذي : حديث حسن، ومع هذ فالحلف بعزة الله، ولعمر الله، ونحو ذلك مما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الحلف به، لم يدخل في الحلف بغير الله، لأن لفظ الغير قد يراد به المباين المنفصل ".
الشيخ : فؤاد. السائل : ... من طريقة شيخ الإسلام رحمة الله عليه بأنه يجوز للإنسان أحياناً إذا حدث بالحديث الضعيف أن لا حرج عليه إذا نبه عليه في موضع آخر لأنه أحياناً يحدث بأحاديث ويرويها ما يتعقبها بشيء، وفي موضع آخر ينبه عليها بأنها ضعيفة فهل هذا لا بأس به ؟ الشيخ : ليس على كل حال، قد يرى أن ضعفها ليس بشديد، وأنها يؤتى بها للاستشهاد، ولا يحضره مثلاً الكلام عليها، ويحضره الكلام عليها في موضع آخر. السائل : ... الشيخ : لا، الكلام نوعان، أما عند العامة لا تحدث بالحديث الضعيف أبداً، إلا إذا بينت ذلك بالصيغة، قلت: يُروى أو يُذكر. نعم .
هل لفظة " لعمري " و " وأبيه " تعد قسما بغير الله ؟
السائل : بالنسبة للحلف بعمر أبيك؟ الشيخ : ايش؟ السائل : الحلف بعمر أبيك؟ فهل هذا يدخل في النهي؟ الشيخ : أما لعمرك، فهذا جاء في الحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام، وليس هذا هو القسم، القسم أن يأتي بحرف من حروف القسم، أما عمرك عمر أبيك، فهذا لا يعد من الإقسام بغير الله. السائل : باللام، لعمر أبيك. الشيخ : إي ولو كان باللام، نعم.
السائل : شيخ أحسن الله إليك، لو اختلفت طرق الاستدلال الشيخ : لو؟ السائل : لو اختلفت طرق الاستدلال على مسألة ما. الشيخ : طرق إيش؟ السائل : الاستدلال. الشيخ : طرق؟ السائل : الاستدلال على مسألة ما، والنتيجة واحدة، هل يقال إن هذا القول صحيح ؟ يعني: لو استدل المستدل على مسألة بدليل، لكن الاستدلال خاطئ. الشيخ : ما فهمت، الأحكام تثبت بدليل واحد، فإذا تعددت الأدلة صار هذا أقوى.
ما معنى قوله تعالى: " لا يمسه إلى المطهرون " وهل يستدل به على منع مسح المصحف لغير المتطهر ؟
السائل : مسألة مس المصحف الشيخ : ايش؟ السائل : مس المصحف القرآن الشيخ : نعم. السائل : بعضهم يستدل بقوله تعالى : (( لا يمسه إلا المطهرون )) يعني النتيجة واحدة أنه لا يُمس المصحف، لكن هل يقال أن هذا القول صحيح ؟ الشيخ : لا، ما يصح، لا يجوز أن نستدل بالقرآن على ما لا يدل عليه، حتى وإن كان الحكم واضحاً، فالضمير في (( لا يمسه )) يعود على الكتاب المكنون، وأيضاً يقول: (( إلا المطهرون )) ولم يقل إلا المطّهرون، فلا يجوز أن يحمل القرآن على شيء لا يدل عليه. نعم يا سليم.
السائل : عفا الله عنك يا شيخ، بعض الناس في الدعاء يقول اللهم إني أتوسل إليك بشهادة أن لا إله إلا الله؟ الشيخ : الأحسن أن لا يقولها، وإلا هي من العمل الصالح، من العمل الصالح يجوز، لكن قد يفهم المخاطب أن الشهادة شيء قائم بنفسه، لكن لو توسل بها فلا بأس، مثل (( ربنا إننا آمنا فاغفر لنا )). السائل : تعظيم يا شيخ؟ الشيخ : نعم؟ السائل : يقصد التعظيم لشهادة أن لا إله إلا الله. الشيخ : المهم لا بأس به. ما فيه بأس.
السائل : الحلف بالصفاة الفعلية الشيخ : إيش ؟ السائل : الحلف بالصفات الفعلية مثل بغضب الله. الشيخ : ايش؟ السائل : الحلف بالصفات الفعلية مثل بغضب الله؟ الشيخ : وش يقول؟ ماذا تقول؟ قل؟ السائل : يجوز أو لا الحلف؟ الشيخ : قلها؟ هات الصيغة؟ السائل : وبغضب الله. الشيخ : بغضب الله أن يغضب الله عليك، ولا وشلون؟ يعني ما تلقى ما تحلف به إلا صفة الغضب. السائل : وغيرها من الصفات الفعلية. الشيخ : بس صفات الرضى أولى، إذا أردت أن تحلف بالصفات، ثم أيضاً صفات القوة والقدرة والسلطان أولى. نعم. لاحظ أن هناك شيء عام وشيء خاص، يعني مثلاً الله خلق كل شيء، إذا قلت يا خالق كل شيء هذا صفة مدح، لكن أن تقول الله خالق الكلاب مثلاً أو الخنازير هذا ما يمكن أن تقوله إلا في مقابلة مجادل، يقول مثلاً: الخنازير ليست من خلق الله لأنها خبيثة والكلاب، فيجب تنزيه الله عن مثل هذه الأساليب التي قد توهم نقصاً، مع أنك تقول الله خالق كل شيء، وهو يخلق كل شيء، أليس كذلك؟ طيب، انتبهوا للقاعدة هذه فإنها من أفضل ما يكون.
القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " ومع هذا فالحلف بعزة الله ، ولعمر الله ، ونحو ذلك مما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الحلف به ، لم يدخل في الحلف بغير الله ؛ لأن لفظ ( الغير ) قد يراد به المباين المنفصل ، ولهذا لم يطلق السلف وسائر الأئمة على القرآن وسائر صفات الله ، أنها غيره ، ولم يطلقوا عليه أنها ليست غيره ؛ لأن لفظ ( الغير ) فيه إجمال ، قد يراد به : المباين المنفصل ؛ فلا يكون صفة الموصوف أو بعضه داخلا في لفظ : الغير . وقد يراد به : ما يمكن تصوره ، دون تصور ما هو غير له ؛ فيكون غيرا بهذا الاصطلاح . ولهذا تنازع أهل النظر في مسمى : ( الغير ) والنزاع في ذلك لفظي ، ولكن بسبب ذلك حصلت في مسائل الصفات من الشبهات ما لا ينجلي إلا بمعرفة ما وقع في الألفاظ من الاشتراك والإبهامات ، كما قد بسط في غير هذا الموضع . ولهذا يفرق بين قول القائل: الصفات غير الذات ، وبين قوله : صفات الله غير الله ، فإن الثاني باطل ؛ لأن مسمى اسم ( الله ) يدخل فيه صفاته ، بخلاف مسمى ( الذات ) فإنه لا يدخل فيه الصفات ، ولهذا لا يقال : صفات الله زائدة عليه سبحانه ، وإن قيل : الصفات زائدة على الذات ؛ لأن المراد أنها هي زائدة على ما أثبته المثبتون من الذات المجردة ، والله تعالى هو الذات الموصوفة بصفاته اللازمة ، فليس اسم الله متناولا لذات مجردة عن الصفات أصلا ، ولا يمكن وجود ذلك ، ولهذا قال أحمد رحمه الله في مناظرته للجهمية : لا نقول : الله وعلمه ، والله وقدرته ، والله ونوره ، ولكن نقول : الله بعلمه وقدرته ونوره : هو إله واحد .
وقد بسط هذا في غير هذا الموضع .
القارئ : " قد يراد به المباين المنفصل، ولهذا لم يطلق السلف وسائر الأئمة على القرآن وسائر صفات الله أنها غيره، ولم يطلقوا عليه أنها ليست غيره، لأن لفظ الغير فيه إجمال، قد يراد به : المباين المنفصل، فلا يكون صفةَ الموصوف أو بعضه داخلا في لفظ الغير " الشيخ : فلا تكون صفة الموصوف. القارئ : " فلا تكون صفة الموصوف أو بعضِه " الشيخ : أو بعضُه. القارئ : " فلا تكون صفة الموصوف أو بعضه داخلاً في لفظ الغير. وقد يراد به : ما يمكن تصوره، دون تصور ما هو غير له، فيكون غيراً بهذا الاصطلاح ". الشيخ : صفة الله تعالى بهذا المعنى تكون غيره أو لا ؟ إذا قلنا أن الغير ما يمكن تصوره بدون الغير الآخر ؟ يمكن تكون غيره، القدرة غير القادر، والعلم غير العالم. فالغير إذن نقول مثلاً : المخلوقات غير الخالق، فهذا مباين منفصل، فالمغايرة تامة. الصفة غير الموصوف يعني أنها تخالف الموصوف في حقيقتها ولكنها صفة له، فلا يجوز إطلاق أن صفات الله غيره ولا أنها ليست غيره، لأن فيه إجمال. " وقد يراد " أعد الجملة هذه. القارئ : " وقد يراد به: ما يمكن تصوره، دون تصور ما هو غير له، فيكون غيراً بهذا الاصطلاح. ولهذا تنازع أهل النظر في مسمى الغير، والنزاع في ذلك لفظي، ولكن بسبب ذلك حصلت في مسائل " الشيخ : لفظي، لأنه إذا فصلنا هذا التفصيل اتفقنا على هذا، إذا قلنا: إن أريد بالغير الشيء المباين لمغايره فهو إيش؟ غيره لا شك، الخالق غير المخلوق، والمفتاح غير القفل. وإذا أردنا بالغير ما يُتصور بدون ما هو مغاير له، فإن صفات الله غيره بهذا الاعتبار، أننا يمكن نتصور العلم والسمع والبصر أنه غير السميع وغير العليم وغير البصير. استمر. القارئ : " ولهذا تنازع أهل النظر في مسمى الغير، والنزاع في ذلك لفظي، ولكن بسبب ذلك حصلت في مسائل الصفات من الشبهات ما لا ينجلي إلا بمعرفة ما وقع في الألفاظ من الاشتراك والإبهامات، كما قد بُسط في غير هذا الموضع. ولهذا يُفرق بين قول القائل: الصفات غير الذات، وبين قوله: صفات الله غير الله، فإن الثاني باطل، لأن مسمى اسم الله يدخل فيه صفاته، بخلاف مسمى الذات فإنه لا يدخل فيه الصفات " الشيخ : لا تدخل. القارئ : " لأن مسمى اسم الله يدخل فيه صفاته، بخلاف مسمى الذات فإنه لا تدخل فيه الصفات، ولهذا لا يقال: صفات الله زائدة عليه سبحانه وإن قيل الصفات زائدة على الذات، لأن المراد أنها هي زائدة على ما أثبته المثبتون من الذات المجردة، والله تعالى هو الذات الموصوفة بصفاته اللازمة، فليس اسم الله متناولاً لذات مجردة عن الصفات أصلاً، ولا يمكن وجود ذلك، ولهذا قال أحمد رحمه الله في مناظرته للجهمية: لا نقول الله وعلمه، والله وقدرته، والله ونوره، ولكن نقول: الله بعلمه وقدرته ونوره هو إله واحد. وقد بسط هذا في غير هذا الموضع ".
القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وأما قول الناس : أسألك بالله وبالرحم ، وقراءة من قرأ : ( تساءلون به والأرحام ) فهو من باب التسبب بها ، فإن الرحم توجب الصلة ، وتقتضي أن يصل الإنسان قرابته ، فسؤال السائل بالرحم لغيره ، يتوسل إليه بما يوجب صلته : من القرابة التي بينهما ، ليس هو من باب الإقسام ، ولا من باب التوسل بما لا يقتضي المطلوب ، بل هو توسل بما يقتضي المطلوب ، كالتوسل بدعاء الأنبياء ، وبطاعتهم ، والصلاة عليهم . ومن هذا الباب : ما يروى عن عبد الله بن جعفر أنه قال : " كنت إذا سألت عليا رضي الله عنه شيئا فلم يعطنيه ، قلت له : بحق جعفر إلا ما أعطيتنيه فيعطينيه " أو كما قال . فإن بعض الناس ظن أن هذا من باب الإقسام عليه بجعفر ، أو من باب قولهم : أسألك بحق أنبيائك ، ونحو ذلك وليس كذلك ، بل جعفر هو أخو علي ، وعبد الله هو ابنه ، وله عليه حق الصلة ، فصلة عبد الله صلة لأبيه جعفر ، كما في الحديث : " إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي " ، وقوله : " إن من برهما بعد موتهما : الدعاء لهما ، والاستغفار لهما ، وإنفاذ عهدهما من بعدهما ، وصلة رحمك التي لا رحم لك إلا من قبلهما " . ولو كان هذا من الباب الذي ظنوه ؛ لكان سؤاله لعلي بحق النبي وإبراهيم الخليل ونحوهما ، أولى من سؤاله بحق جعفر ، فكان علي إلى تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبته وإجابة السائل به أسرع منه إلى إجابة السائل بغيره . لكن بين المعنيين فرق ، فإن السائل بالنبي ، طالب به متسبب به ، فإن لم يكن في ذلك السبب ما يقتضي حصول مطلوبه ، ولا كان يسأل ما به ، لكان باطلا . وإقسام الإنسان على غيره بشيء يكون من باب تعظيم المقسم للمقسم به ، وهذا هو الذي جاء به الحديث من الأمر بإبرار القسم ، وفي مثل هذا قيل : " إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره " ، وقد يكون من باب تعظيم المسؤول به . فالأول يشبه ما ذكره الفقهاء في الحلف الذي يقصد به الحض والمنع ، والثاني : سؤال للمسؤول بما عنده من محبة المسؤول به وتعظيمه ورعاية حقه .
فإن كان ذلك مما يقتضي حصول مقصود السائل ، حسن السؤال ، كسؤال الإنسان بالرحم وفي هذا سؤال الله بالأعمال الصالحة ، وبدعاء أنبيائه وشفاعتهم . وأما بمجرد الأنبياء والصالحين ، ومحبة الله لهم وتعظيمه لهم ، ورعايته لحقوقهم التي أنعم الله بها ، فليس فيها ما يوجب حصول مقصود السائل إلا بسبب بين السائل وبينهم ، إما محبتهم وطاعتهم فيثاب على ذلك ، وإما دعاؤهم له فيستجيب الله شفاعتهم فيه .
فالتوسل بالأنبياء والصالحين يكون بأمرين : إما بطاعتهم واتباعهم ، وإما بدعائهم وشفاعتهم . فمجرد دعائه بهم من غير طاعة منه لهم ، ولا شفاعة منهم له ، فلا ينفعه ، وإن عظم جاه أحدهم عند الله تعالى . وقد بسطت هذه المسائل في غير هذا الموضع . والمقصود هنا : أنه إذا كان السلف والأئمة قالوا في سؤاله بالمخلوق ما قد ذكر ، فكيف بسؤال المخلوق الميت ؟ سواء سئل أن يسأل الله أو سئل قضاء الحاجة ، ونحو ذلك ، مما يفعله بعض الناس ، إما عند قبر الميت ، وإما مع غيبته ، وصاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم حسم المادة وسد الذريعة ، بلعنه من يتخذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد ، وأن لا يصلى عندها لله ، ولا يسأل إلا الله ، وحذر أمته ذلك . فكيف إذا وقع نفس المحذور من الشرك، وأسباب الشرك ؟ وقد تقدم الكلام على الصلاة عند القبور ، واتخاذها مساجد .
القارئ : " وأما قول الناس : أسألك بالله وبالرحم، وقراءة من قرأ : (( تساءلون به والأرحامِ )) فهو من باب التسبب بها، فإن الرحم توجب الصلة، وتقتضي أن يصل الإنسان قرابته، فسؤال السائل بالرحم لغيره يتوسل إليه بما يوجب صلته من القرابة التي بينهما، ليس هو من باب الإقسام، ولا من باب التوسل بما لا يقتضي المطلوب، بل هو توسل بما يقتضي المطلوب، كالتوسل بدعاء الأنبياء وبطاعتهم والصلاة عليهم. ومن هذا الباب : ما يروى عن عبد الله بن جعفر أنه قال : ( كنت إذا سألت علياً رضي الله عنه شيئا فلم يعطنيه، قلت له : بحق جعفر إلا ما أعطيتنيه فيعطينيه ) أو كما قال. فإن بعض الناس ظن أن هذا من باب الإقسام عليه بجعفر، أو من باب قولهم : أسألك بحق أنبيائك ونحو ذلك، وليس كذلك، بل جعفر هو أخو علي، وعبد الله هو ابنه، وله عليه حق الصلة، فصلة عبد الله صلة لأبيه جعفر، كما في الحديث : ( إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي )، وقوله : ( إن من برهما بعد موتهما : الدعاء لهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة التي التي لا رحم لك إلا من قبلهما ". الشيخ : عندي وصلة رحمك. الطالب : ... الشيخ : هاه. الطالب : ... الشيخ : نسيتها. طيب. أشار إلى النسخة هذ: رحمك؟ القارئ : لا. الطالب : أنا عندي. الشيخ : رحمك؟ أشر إليها نسخة. القارئ : " وصلة رحمك التي لا رحم لك إلا من قبلهما، ولو كان هذا من الباب الذي ظنوه لكان سؤاله لعلي بحق النبي وإبراهيم الخليل ونحوهما أولى من سؤاله بحق جعفر، فكان علي إلى تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبته وإجابة السائل به أسرعَ منه إلى إجابة السائل بغيره. لكن بين المعنيين فرق، فإن السائل بالنبي طالب به متسبب به، فإن لم يكن في ذلك السبب ما يقتضي حصول مطلوبه، ولا كان مما يقسم به لكان باطلاً. وإقسام الإنسان على غيره بشيء يكون من باب تعظيم المقسِم للمقسم به، وهذا هو الذي جاء به الحديث من الأمر بإبرار القسم. وفي مثل هذا قيل: إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره، وقد يكون من باب تعظيم المسؤول به. فالأول يشبه ما ذكره الفقهاء في الحلف الذي يقصد به الحض والمنع، والثاني : سؤال للمسؤول بما عنده من محبة المسؤول به وتعظيمه ورعاية حقه. فإن كان ذلك مما يقتضي حصول مقصود السائل حسن السؤال، كسؤال الإنسان بالرحم، وفي هذا سؤال الله بالأعمال الصالحة " الشيخ : ومن هذا. الطالب : تصحيح؟ الشيخ : لا ... القارئ : " ومن هذا سؤال الله بالأعمال الصالحة وبدعاء أنبيائه وشفاعتهم. وأما بمجرد الأنبياء والصالحين ومحبة الله لهم وتعظيمه لهم، ورعايته لحقوقهم التي أنعم الله بها، فليس فيها ما يوجب حصول مقصود السائل إلا بسبب بين السائل وبينهم، إما محبتهم وطاعتهم فيثاب على ذلك، وإما دعاؤهم له فيستجيب الله شفاعتهم فيه. فالتوسل بالأنبياء والصالحين يكون بأمرين : إما بطاعتهم واتباعهم، وإما بدعائهم وشفاعتهم. فمجرد دعائه بهم من غير طاعة منه لهم، ولا شفاعة منهم له، فلا ينفعه، وإن عظم جاه أحدهم عند الله تعالى. وقد بسطت هذه المسائل في غير هذا الموضع. والمقصود هنا : أنه إذا كان السلف والأئمة قالوا في سؤاله بالمخلوق ما قد ذكر، فكيف بسؤال المخلوق الميت ؟ سواء سئل أن يسأل الله أو سئل قضاء الحاجة ونحو ذلك مما يفعله بعض الناس، إما عند قبر الميت، وإما مع غيبته، وصاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم حسم المادة وسد الذريعة بلعنه من يتخذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد، وأن لا يصلي عندها لله، ولا يسأل إلا الله، وحذر أمته ذلك. فكيف إذا وقع نفس المحذور من الشرك وأسباب الشرك ؟ وقد تقدم الكلام على الصلاة عند القبور واتخاذها مساجد ". الشيخ : المؤلف رحمه الله قال : " سواء سئل أن يسأل الله أو سئل قضاء الحاجة " وبينهما فرق، إذا سئل قضاء الحاجة فهذا شرك أكبر، وإذا سئل أن يسأل الله فهذا بدعة وضلال، لأن الميت إذا مات انقطع عمله، والدعاء من عمله، فكيف تسأله ما لا يمكن، لأنك لو قلت يا فلان ادع الله لي فإنه لن يدعو الله لك، ومن ذلك أن تقول عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله اشفع لي فإن هذا حرام وبدعة منكرة، لكن لو قلت: يا رسول الله أنجني من النار كان شركاً أكبر.
القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وقد تبين أن أحدا من السلف لم يكن يفعل ذلك ، إلا ما نقل عن ابن عمر " أنه كان يتحرى النزول في المواضع التي نزل فيها النبي صلى الله عليه وسلم والصلاة في المواضع التي صلى فيها ، حتى إن " النبي صلى الله عليه وسلم توضأ وصب فضل وضوئه في أصل شجرة " . ففعل ابن عمر ذلك " وهذا من ابن عمر تحر لمثل فعله ، فإنه قصد أن يفعل مثل فعله ، في نزوله وصلاته ، وصبه للماء وغير ذلك ، لم يقصد ابن عمر الصلاة والدعاء في المواضع التي نزلها . والكلام هنا في ثلاث مسائل : إحداها : أن التأسي به في صورة الفعل الذي فعله ، من غير أن يعلم قصده فيه ، أو مع عدم السبب الذي فعله ، فهذا فيه نزاع مشهور ، وابن عمر مع طائفة يقولون بأحد القولين ، وغيرهم يخالفهم في ذلك ، والغالب والمعروف عن المهاجرين والأنصار أنهم لم يكونوا يفعلون كفعل ابن عمر رضي الله عنهم وليس هذا مما نحن فيه الآن . ومن هذا الباب : أنه لو تحرى رجل في سفره أن يصلي في مكان نزل فيه النبي صلى الله عليه وسلم ، وصلى فيه ، إذا جاء وقت الصلاة ؛ فهذا من هذا القبيل . المسألة الثانية : أن يتحرى تلك البقعة للصلاة عندها من غير أن يكون ذلك وقتا للصلاة ، بل أراد أن ينشئ الصلاة والدعاء لأجل البقعة ، فهذا لم ينقل عن ابن عمر ولا غيره ، وإن ادعى بعض الناس أن ابن عمر فعله ، فقد ثبت عن أبيه عمر أنه نهى عن ذلك ، وتواتر عن المهاجرين والأنصار : أنهم لم يكونوا يفعلون ذلك ؛ فيمتنع أن يكون فعل ابن عمر - لو فعل ذلك - حجة على أبيه ، وعلى المهاجرين والأنصار .
والمسألة الثالثة : أن لا تكون تلك البقعة في طريقه ، بل يعدل عن طريقه إليها ، أو يسافر إليها سفرا قصيرا أو طويلا ، مثل من يذهب إلى حراء ليصلي فيه ويدعو ، أو يذهب إلى الطور الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام ليصلي فيه ويدعو ، أو يسافر إلى غير هذه الأمكنة من الجبال وغير الجبال ، التي يقال : فيها مقامات الأنبياء أو غيرهم ، أو مشهد مبني على أثر نبي من الأنبياء ، مثل ما كان مبنيا على نعله ومثل ما في جبل قاسيون ، وجبل الفتح ، وجبل طورزيتا الذي ببيت المقدس ، ونحو هذه البقاع . فهذا ما يعلم كل من كان عالما بحال رسول الله صلى الله عليه وسلم وحال أصحابه من بعده ، أنهم لم يكونوا يقصدون شيئا من هذه الأمكنة ، فإن جبل حراء الذي هو أطول جبل بمكة ، كانت قريش تنتابه قبل الإسلام وتتعبد هناك ، ولهذا قال أبو طالب في شعره : وراق ليرقى في حراء ونازل ...
القارئ : " وقد تبين أن أحدا من السلف لم يكن يفعل ذلك، إلا ما نقل عن ابن عمر أنه كان يتحرى النزول في المواضع التي نزل فيها النبي صلى الله عليه وسلم والصلاة في المواضع التي صلى فيها، حتى إن ( النبي صلى الله عليه وسلم توضأ وصب فضل وضوئه في أصل شجرة ). ففعل ابن عمر ذلك، وهذا من ابن عمر تحر لمثل فعله، فإنه قصد أن يفعل مثل فعله في نزوله وصلاته وصبه للماء وغير ذلك، لم يقصد ابن عمر الصلاة والدعاء في المواضع التي نزلها. والكلام هنا في ثلاث مسائل : إحداها " الشيخ : يعني كأن ابن عمر ما قصد المكان وإنما قصد فعل الرسول عليه الصلاة والسلام، وأما المكان فليس له مزية، لو صب في غير هذا المكان في غير هذه الشجرة، لصب ابن عمر في الشجرة التي صب فيها الماء وكذلك الصلاة. نعم. القارئ : " والكلام هنا في ثلاث مسائل : إحداها : أن التأسي به في صورة الفعل الذي فعله، من غير أن يعلم قصده فيه، أو مع عدم السبب الذي فعله، فهذا فيه نزاع مشهور، وابن عمر مع طائفة يقولون بأحد القولين، وغيرهم يخالفهم في ذلك، والغالب والمعروف عن المهاجرين والأنصار أنهم لم يكونوا يفعلون كفعل ابن عمر رضي الله عنهم، وليس هذا مما نحن فيه الآن. ومن هذا الباب : أنه لو تحرى رجل في سفره أن يصلي في مكان نزل فيه النبي صلى الله عليه وسلم وصلى فيه إذا جاء وقت الصلاة، فهذا من هذا القبيل. المسألة الثانية : أن يتحرى تلك البقعة للصلاة عندها من غير أن يكون ذلك وقتاً للصلاة، بل أراد أن ينشئ الصلاة والدعاء لأجل البقعة، فهذا لم ينقل عن ابن عمر ولا غيره، وإن ادعى بعض الناس أن ابن عمر فعله، فقد ثبت عن أبيه عمر أنه نهى عن ذلك، وتواتر عن المهاجرين والأنصار : أنهم لم يكونوا يفعلون ذلك، فيمتنع أن يكون فعل ابن عمر - لو فعل ذلك - حجة على أبيه وعلى المهاجرين والأنصار. والمسألة الثالثة : أن لا تكون تلك البقعة في طريقه، بل يعدل عن طريقه إليها، أو يسافر إليها سفرا قصيرا أو طويلا، مثل: من يذهب إلى حراء ليصلي فيه ويدعو، أو يذهب إلى الطور الذي كلم الله عليه موسى ليصلي فيه ويدعو " الشيخ : عندي: أو يسافر إلى غار ثور، عندك؟ أو يسافر إلى غار ثور ليصلي فيه ويدعو، أو يذهب إلى الطور، ألحقوها واجعلوها نسخة. القارئ : أي موضع؟ الشيخ :" من يذهب إلى حراء ليصلي فيه ويدعو، أو يسافر إلى غار ثور ليصلي فيه ويدعو " القارئ : " أو يسافر إلى غار ثور ليصلي فيه ويدعو، أو يذهب إلى الطور الذي كلم الله عليه موسى ليصلي فيه ويدعو، أو يسافر إلى غير هذه الأمكنة من الجبال وغير الجبال، التي يقال فيها مقامات الأنبياء أو غيرهم، أو مشهد مبني على أثر نبي من الأنبياء، مثل ما كان مبنياً على نعله، ومثل ما في جبل قاسيون، وجبل الفتح، وجبل طور زيتا الذي ببيت المقدس ". الشيخ : طور سيناء. القارئ : قال في ب و ج و د والمطبوعة: وجبل طَور سيناء الشيخ : طُور، طُور سيناء. القارئ : وجبل طُور سيناء، وما أثبته من أ و ط أرجح، لأن طور زيتا هو الذي ببيت المقدس وقريب من المسجد الأقصى، ويقال إن فيه قبور أنبياء كثيرين، وأما طور سيناء فليس بقريب من بيت المقدس. الشيخ : تمام، المؤلف يقول: طور، " وجبل طور زيتا الذي ببيت المقدس " القارئ : " وجبل طور زيتا الذي ببيت المقدس ونحو هذه البقاع. فهذا ما يعلم كل من كان عالماً بحال رسول الله صلى الله عليه وسلم وحال أصحابه من بعده ".