الكلام على الحالة الأولى وهي أن يكون عالما غير جاهل مع الدليل حفظ
الشيخ : ضد العالم الجاهل فالجاهل لا يفطر والجهل نوعان جهل بالحكم وجهل بالواقع الجهل نوعان جهل بالحكم وجهل بالواقع فالجهل بالحكم أن يكون الصائم الذي تناول هذه المفطرات لا يدري أنها تفطر فنقول إذا كان لا يدري أنها تفطر فإنه لا يفطر بذلك كما لو كان رجل ناشئ في البادية بعيدا عن العلم وبعيدا عن الناس وظن أن الجماع لا يفطر فجامع زوجته في نهار رمضان وجاء يسألنا قال والله ما علمت أن هذا يفطر ولو علمت ما فعلت هل يفطر بذلك ولا لا ؟ لا لأنه جاهل ودعواه الجهل عندنا مقبولة لأن لديه قرينة تؤيد ما ادعاه وش القرينة ؟ أنه ناشئ في بادية بعيدا عن العلم أما لو ادعى ذلك رجل في البلد يعرف ويسمع من الناس وقال إنني ما علمت أن الجماع مفطر فهذا قد لا تقبل دعواه ونلزمه بما يقتضيه جماعه المهم الجاهل بالحكم لا يفطر ما هو الدليل ؟ الدليل عندنا على هذه المسألة نوعان دليل عام ودليل خاص، الدليل العام قوله تعالى : (( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )) (( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )) هل قال الله تعالى إلا الصوم ؟
السائل : لا.
الشيخ : طيب عام كل شيء من المحرمات يفعله الإنسان ناسيا أو جاهلا فهو غير مؤاخذ به وإذا كان غير مؤاخذ به لم يترتب عليه أحكامه لأنه معفو عنه. دليل آخر قوله تعالى : (( وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم )) هذا من القرآن أما من السنة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) أما الدليل الخاص وأنا قلت لكم أن الأدلة نوعان في هذا الباب : الدليل الخاص في الجهل بالحكم أن عدي بن حاتم رضي الله عنه أراد أن يصوم فقرأ قوله تعالى : (( كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر )) فجعل تحت وسادته عقالين العقالان ما هما ؟ حبلان تعقل بهما الإبل أحدهما أسود والثاني أبيض وجعل يأكل ويشرب ثم ينظر إلى العقالين حتى تبين له الأسود من الأبيض فأمسك فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستفتيه فيما وقع منه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما هو بياض النهار وسواد الليل ) وش يعني ببياض النهار ؟ الخيط الأبيض وسواد الليل الخيط الأسود هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما هو بياض النهار وسواد الليل ) هل أمره أن يعيد صيامه ؟ لا هذا الجهل الذي وقع من عدي بن حاتم رضي الله عنه جهل بالواقع ولا جهل بالحكم، بالحكم لأنه لم يعلم أن هذا مراد الله تعالى بالآية فجهل حكم الله في هذه المسألة كذلك إذا تناول الصائم شيئا من هذه المفطرات جاهلا بالواقع يعني يظن أنه ليس في نهار يظن أنه في الليل فصومه صحيح مثاله رجل قام من الليل فنظر إلى الساعة وإذا الساعة أربع وثلث لكن رآها ثلاثة وثلث قبل الفجر بساعة فقال الحمد لله اليوم قمت مبكر ثم قرب السحور وأكل وشرب حتى ملأ بطنه ثم خرج فإذا الناس قد خرجوا من الصلاة فجاء يسأل ماذا نقول له ؟
السائل : صيامك صحيح.
الشيخ : صومك صحيح وش الدليل ؟ الدليل الجهل (( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )) وأيضا في الحديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : ( أفطرنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في يوم غيم ثم طلعت الشمس ) إذا أفطروا في النهار ولا في الليل ؟ في النهار ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء ما الذي يدرينا أنه لم يأمرهم بالقضاء وإن كانوا قد يقول قائل أمرهم ولكن لم ينقل نقول لو أمرهم لنقل لأنه إذا أمرهم بالقضاء صار القضاء من شرع الله وإذا كان من شرع الله فلا بد أن يحفظ وينقل فلما لم ينقل علم أنه لم يكن ولما لم يكن علم أنه ليس من الشرع لأننا لم يوجب الله علينا إذا أخطأنا في غروف الشمس وأكلنا أو شربنا ثم تبين أن الشمس لم تغرب لم يوجب الله علينا أن نقضي هذا الصوم لأننا جاهلون ولكن على الإنسان ألا يتعجل أن يتحرى سألنا سائل وقال إنه في المنطقة الشرقية وسمع الأذان أذان الأمارات أنا قلت الأمارات أو الإمارات ؟
السائل : الأمارات.
الشيخ : أنا قلت بالفتح والصواب الكسر لأنه من الإمارة لا من الأمارة الأمارة بالفتح العلامة والإمارة بالكسر من الإمرة وهي الولاية طيب يقول سمعنا أذان الإمارات وأفطرنا ظننا أنه أذان المنطقة ثم بعد ذلك أذن المنطقة بعد ربع ساعة أو عشر دقائق وجاء يسأل هو يسأل فعلا وش نقول له عليك الإعادة ؟
السائل : لا.
الشيخ : ليش لأن جهل بالواقع والإنسان مأمور أن يبادر بالفطر في الحديث عن الله عز وجل في الحديث القدسي ( أحب عبادي إليّ أعجلهم فطرا ) فهو مأمور أن يبادر هذا الرجل سمع الأذان فبادر وفعل ما أمر به من المبادرة فتبين أنه لم تغب الشمس نقول صومك صحيح للجهل بماذا ؟ بالواقع طيب ذكرنا أنه لابد أن يكون عالما وضد العلم الجهل هذا الرجل مثال جديد نذكره رجل جامع زوجته وهو يدري أن الجماع حرام لكنه لا يدري أن عليه الكفارة وقال لنا حين جاء يستفتي أنا أدري أنه حرام لكن لم أعلم أن فيه هذه الكفارة المغلظة عتق رقبة فإن لم أجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم أستطع فإطعام ستين مسكينا ولو علمت فيه أن فيه صوم يوم واحد ما فعلت هل نعذره ؟
السائل : لا ما نعذره.
الشيخ : ليش ؟
السائل : ما يعذر بالجهل.
الشيخ : سمعت رجلا منكم يقول إن الكفارة تسقط عنه لأنه جاهل نعم هل هو جاهل بالواقع ما جهل بالواقع يعرف أنه حصل منه ذلك في النهار جاهل بالحكم ما جهل بالحكم يعلم أنه حرام لكنه جاهل بما يترتب على هذا الحكم عرفتم بالنتيجة وليس من شرط التفطير أن يكون عالما بالنتيجة والدليل على أن ذلك ليس بشرط أن الرجل الذي جامع أهله وجاء يستفسر الرسول صلى الله عليه وسلم هل كان يدري أن عليه كفارة ؟
السائل : لا.
الشيخ : ما يدري.
السائل : لا يعلم.
الشيخ : كيف ما يدري ؟
السائل : هو علم المسألة.
الشيخ : لا هو يدري أنه حرام لكن هل يدري أن عليه كفارة ما يدري ومع ذلك ألزمه النبي صلى الله عليه وسلم بها إذا فجهل الإنسان بما يترتب على فعله مع علمه بحكمه عذر ولا غير عذر ؟ غير عذر طيب لو أن رجلا زنا بامرأة وقال لا أدري أن الزنا حرام رجل نشأ ببادية بعيد عن الناس ولا يدري ولا يعرف أو رجل حديث عهد بإسلام ما علم أن الزنا محرم بالإسلام ففعل وجاء إلينا وقال أنا ما علمت أن الزنا حرام نقيم عليه الحد ؟
السائل : لا.
الشيخ : يعني نجلده.
السائل : لا.
الشيخ : لأنه جاهل بالحكم ورجل آخر جاءنا يقول إنه زنا وهو محصن قد تزوج وجامع زوجته وأحصن فرجه فجاء يسأل يقول إنه زنا وهو يعلم أن الزنا حرام لكن ما علم أن عقوبة زنا المحصن الرجم يقول ولو علمت أن عقوبته الرجم ما فعلت هل نرجمه ؟
السائل : لا.
الشيخ : ... ما علم أن حده الرجم وهو يعلم أنه حرام ويقول أنا أقرأ أن الزنا حرام (( ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا )) أعرف ذلك لكن لو علم أنه لو فعل لرجم بالحجارة حتى يموت ما فعله أبدا فهو يسأل الآن يرجم ؟ نعم يرجم لأن الجهل بما يترتب على الفعل ليس عذرا ما دمت تعلم حكم الفعل يترتب عليك الحكم فحينئذ نرجمه ولا لا نرجمه بخلاف الأول فإننا لا نرجمه لأنه لا يدري أن الزنا حرام فانتبهوا لهذا الفرق فالجهل بما يترتب على الفعل عذر إن أخطأت فعدلوا لي الجهل بما يترتب على الفعل عذر.
السائل : لا.
الشيخ : طيب الجهل بحكم الفعل عذر
السائل : عذر.
الشيخ : عذر طيب المرة الثانية ولنخرج عن قضية المفطرات الجهل بالحكم عذر إذا كان الشيء محظورا أي ممنوعا والجهل بحكمه إذا كان مأمورا ليس بعذر مرة ثانية طيب الجهل بحكم الشيء إذا كان مأمورا ليس بعذر والجهل بحكمه إذا كان محظورا عذر أنا لست أسألكم الآن أخبركم هذه قاعدة الجهل بحكم الشيء إذا كان مأمورا ليس بعذر والجهل بالحكم إذا كان محظورا عذر واضح طيب نضرب مثلا ليتبين لكم هذا رجل أصاب ثوبه نجاسة أصاب ثوبه نجاسة فصلى بثوبه ولكنه لم يعلم أن النجاسة تجب إزالتها عند الصلاة ما علم بهذا وجاءنا يسأل يقول أنا صليت في ثوب متنجس لكن ما علمت أن النجاسة تجب إزالتها نلزمه الإعادة ؟
السائل : لا.
الشيخ : ليش ؟ لا نلزمه لأن هذا محظور النجاسة هذه إزالتها من باب إزالة المحظور رجل آخر أكل لحم إبل ولم يتوضأ فصلى ثم جاءنا يقول أنا ما علمت أن لحم الإبل ينقض الوضوء ماذا نقول ؟ يعيد الصلاة يتوضأ ويعيد الصلاة لماذا لأن هذا الإنسان ترك مأمورا وهو الوضوء وهو الوضوء لا بد يتوضأ لكن الأول فعل محظورا وهو الصلاة بثوب متنجس انتبه لهذا يقال المرة الثانية الجهل بترك المحظور بترك المحظور عذر وبفعل المأمور ليس بعذر هذه قاعدة معروفة عند أهل العلم وفيها هذه الفوائد اللي ذكرت لكم لو جاءنا رجل يجهل أن إزالة النجاسة واجبة من الثوب وقد صلى به قلنا لا إعادة عليه ولو جاء رجل آكل لحم إبل وهو يجهل أنه ينقض الوضوء قلنا له إن عليك أن تتوضأ وتعيد تمام طيب رجلان أحدهما تلوث ثوبه بنجاسة ونسي أن يغسله فصلى ورجل أحدث ونسي أن يتوضأ فصلى ماذا نقول لهما ؟ أعيد السؤال رجل أصاب ثوبه نجاسة فنسي أن يغسلها وصلى وآخر أحدث يعني نقض وضوءه ونسي أن يتوضأ فصلى الأول لا يعيد والثاني يعيد الفرق لأن الأول من باب فعل المحظور ناسيا والثاني من باب ترك المأمور ولا يعذر فيه الإنسان طيب نرجع الآن بارك الله فيكم إلى شروط التفطير بهذه المفطرات قلنا أن يكون عالما.