شرح قول المصنف: " وهذا مأخذ كثير من المتأخرين من الكلابية وغيرهم لكن هذا المأخذ لم يعلم أن أحداً من السلف علل به وإنما كانوا يعللون بالمأخذ الثاني وهو: 2- أن الإيمان المطلق يتضمن فعل جميع المأمورات، وترك جميع المحظورات، وهذا لا يجزم به الإنسان من نفسه، ولو جزم لكان قد زكى نفسه وشهد لها بأنه من المتقين الأبرار، وكان ينبغي على هذا أن يشهد لنفسه بأنه من أهل الجنة وهذه لوازم ممتنعة " حفظ
الشيخ : يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وهذا مأخذ كثير من المتأخرين من الكلابية وغيرهم، لكن هذا المأخذ لم يعلم أن أحداً من السلف علل به، وإنما كانوا يعللون بالمأخذ الثاني وهو: أن الإيمان المطلق يتضمن فعل جميع المأمورات وترك جميع المحظورات ".
انتبه للمأخذ الدقيق، يقول : إنك إذا قلت أنا مؤمن أطلقت، فالإيمان المطلق يتضمن فعل المأمورات كلها وترك المحظورات كلها (( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون * الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا )) فهل أنت متصف بهذه الصفات؟ ها؟ إن شاء الله، لكن ما أجزم بأني متصف بها، أجزم بأن عندي أصل الإيمان، هذا لا شك عندي فيه، لكن أجزم بأني سأقوم أو بأني قائم بجميع المأمورات وترك المنهيات هذا أمر ها؟ لا يمكن، فأنا أستثني ملاحظا هذا المعنى. ويش هو المعنى؟ ها؟ أن الإيمان المطلق يتضمن فعل جميع المأمورات وترك جميع المحظورات وهذا شيء لا أجزم به لا أجزم بالقيام به، فأنا أستثني لهذا السبب. انتبه. فصار الاستثناء ملاحظا فيه ها؟
الطالب : ...
الشيخ : الأمر الاول قلنا ما أحد علل به من السلف.
ملاحظا فيه أن الإيمان المطلق يستلزم ها؟ فعل المأمورات وترك المنهيات، وهذا أمر لا يجزم به الإنسان من نفسه فهو يستثني لهذا السبب، واضح؟
أقول: إن شاء الله، لأني ما أجزم بأني قمت بكل واجب وتركت كل محرم، لا أجزم بذلك، فأقول إن شاء الله. طيب.
يقول : " وهذا لا يجزم به الإنسان من نفسه، ولو جزم به من نفسه لكان قد زكى نفسه ".
لو قال: أنا أجزم بأني فاعل لكل المأمورات تارك لكل المحظورات، فهذا تزكية للنفس، وقد قال الله تعالى : (( فلا تزكوا أنفسكم )).
وأيضا " وشهد لها بأنه من المتقين الأبرار، وكان ينبغي على هذا أن يشهد لنفسه أنه من أهل الجنة، وهذه لوازم ممتنعة " شرعا، لو أنك قلت أنا مؤمن بدون إن شاء الله وقصدت الإيمان المطلق المستلزم لفعل المأمورات وترك المحظورات لكنت قد شهدت لنفسك بأنك من أهل الجنة، لأن من كان هذا وصفه فلا بد أن يكون من أهل الجنة، وهذا حرام، ما يجوز الإنسان أن يقول أنه من أهل الجنة.
لو قال قائل : أنت من أهل الجنة؟ فقلت: نعم وجزمت، يجوز ولا لا؟ ما يجوز، تقول: إن شاء الله أرجو.
كذلك الإيمان الذي يراد به فعل المأمورات وترك المحظورات لا أحد يجزم به، فهذا مأخذ السلف في الاستثناء في الإيمان. انتبه. فإذا قيل لك: أنت مؤمن؟ فقلت: نعم، ولا قلت إن شاء الله صح، بناء على أصل الإيمان، لأن أصل الإيمان عندك معلوم ولا غير معلوم؟ معلوم جازم به.
فإذا قلت: إن شاء الله صح أيضا، كيف ذلك؟ باعتبار أنك تريد أن الإيمان عند الإطلاق ها؟ يتضمن فعل المأمورات وترك المحظورات، وهذا شيء لا أجزم به، فأقول إن شاء الله لهذا الغرض.
أما على قول بعض الكلابية الذين يقولون: تقول إن شاء الله لأنك لا تدري ماذا تموت عليه، فهذا ليس بصحيح، لأن الإنسان إنما يخبر عن نفسه الآن، أما المستقبل فالله به عليم.