القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " ولم يذهب أحد من الصحابة إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره يستسقي عنده ولا به ، والعلماء استحبوا السلام على النبي صلى الله عليه وسلم ؛ للحديث الذي في سنن أبي داود عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما من رجل يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام " هذا مع ما في النسائي وغيره ، عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله وكل بقبري ملائكة يبلغوني عن أمتي السلام " . وفي سنن أبي داود وغيره عنه ، أنه قال " أكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة فإن صلاتكم معروضة علي " ، فقالوا يا رسول الله ، كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت ؟ -أي بليت - فقال : " إن الله حرم على الأرض أن تأكل لحوم الأنبياء " . فالصلاة عليه -بأبي هو وأمي- والسلام عليه مما أمر الله به ورسوله " حفظ
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
أما بعد : فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه ا لله تعالى في اقتضاء الصراط المستقيم : " ولم يذهب أحد من الصحابة إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره يستسقي عنده ولا به، والعلماء استحبوا السلام على النبي صلى الله عليه وسلم للحديث الذي في سنن أبي داود عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ما من رجل يُسَلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام ) هذا مع ما في النسائي وغيره عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الله وكل بقبري ملائكة يبلغوني عن أمتي السلام ).
وفي سنن أبي داود وغيره عنه، أنه قال ( أكثروا علي الصلاة ليلة الجمعة ويوم الجمعة، فإن صلاتكم معروضة علي. فقالوا: يا رسول الله، كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت ؟ -أي بليت - فقال : إن الله حرم على الأرض أن تأكل لحوم الأنبياء ). فالصلاة عليه -بأبي هو وأمي- والسلام عليه مما أمر الله به ورسوله "
.
الشيخ : قوله عليه الصلاة والسلام : ( إن الله حرم على الأرض أن تاكل لحوم الأنبياء ) فيه إضافة التحريم إلى ما لا يعقل، لأن توجه الخطاب يكون إلى من ؟ إلى من يعقل، لكن جميع الكائنات بالنسبة لخطاب الله هي عاقلة، ولهذا لما استوى إلى السماء وهي دخان (( فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين )) وهذا الوصف وصف لمن يعقل، ولهذا قالتا: (( أتينا طائعين )) بجمع المذكر السالم الذي لا يكون إلا للعاقل، لأنهما بتوجيه الخطاب إليهما وإجابتهما صارا بمنزلة العاقل.
كذلك تحريم أكل لحوم الأنبياء على الأرض من هذا الباب، وهذا يجب علينا الإيمان به، أن لحوم الأنبياء لا يمكن أن تأكلها الأرض.
غير الأنبياء الأصل أنها تأكل لحوم الإنسان الأرض، ولا يبقى إلا عجب الذنب، وعجب الذنب هو عبارة عن شيء صغير يبقى بإذن الله لا تأكله الأرض، يكون كالبذرة للجسم عند البعث، أما بقية الجسم يبلى.
وقد يبقى الجسم كرامة للإنسان، قد يبقى جسم الإنسان غير الأنبياء كرامة له.
وقد حدثنا كثيراً بعض الناس أنهم حفروا أساساً لسور البلد فوجدوا رجلاً ميتاً يابساً وشعره باقي، ولما انفتح اللحد فاح عليهم ريح أطيب من ريح المسك، الله أكبر، وجدوا الرجل على ما هو عليه لكنه يابس، حتى شعر وجهه باق، سبحان الله، وهذا مندثر من سنوات كثيرة، وتكلموا مع الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بابطين رحمه الله على ما نقل لي فأمرهم أن يردوه على مكانه وأن يصرفوا السور عنه إما أدخلوه أو أخرجوه.
فالمهم أن الذي نجزم به أن الأرض لا تأكل إيش ؟ أجساد الأنبياء، وأما غيرهم فقد لا تأكلهم كرامة لهم. نعم.
القارئ : " وقد ثبت في الصحيح أنه قال من صلى علي مرة "
الشيخ : وفي هذا دليل على مسألة مهمة في العقيدة، أن الصحابة رضي الله عنهم لا يفوتهم شيء من أمور الغيب يحتاج إلى بيان إلا استفهموا عنه، ولهذا قالوا: ( كيف يكون ذلك وقد أرمت ؟ ) فرد عليهم.
ونأخذ من هذه الفائدة أنه لا يجوز لنا أن نتكلم أو نتعمق في مسائل الصفات إذا لم يكن جاء عن الصحابة، لأنهم هم أحرص منا وأذكى منا وأعقل منا، لكنهم أهيب منا أن يتقدموا بين يدي الله ورسوله. نعم.