ما رأي فضيلتكم في الأحاديث الواردة في كتاب ما يكون بين يدي الساعة وكتاب الإذاعة وذلك على قرب أمارت خروج الإمام المهدي منها جفا ف بحيرة طبرية وخسوف الشمس والقمر وهل قطع مياه الفرات الآن عن سوريا والعراق في الوقت الحاضر مؤشرات ذلك ؟ حفظ
السائل : أحد الأفاضل يقول ما رأي فضيلتكم في الأحاديث الواردة في كتاب "الإشاعة لما كان ويكون بين يدي الساعة" وكتاب "الإذاعة" وذلك حول الأمارات الدالة على قرب خروج الإمام المهدي وعلامات خروجه وهي كما ذكرها جفاف بحيرة طبرية، انحسار نهر الفرات وجفاف مياهه عن جبل من ذهب، عدم إثمار نخل بيسان، انكساف الشمس في أول رمضان وانخساف القمر في ليلة النصف منه وهل قطع مياه الفرات الأن عن سوريا والعراق في الوقت الحاضر مؤشِّرات ذلك، أفيدونا أثابكم الله ... عن هذا الموضوع؟
الشيخ : أما القطع المذكور فليس له علاقة بأشراط الساعة فإنه خلاف سياسي قد يزول إن شاء الله أما كسوف الشمس والقمر فليس فيه حديث صحيح، أما سائر العلامات التي ذُكِرت في السؤال فهي ثابتة وأخيرا فليس هناك تحديد لوقت خروج المهدي ونزول عيسى عليهما السلام ولا أعتقد أن هذا الوقت هو، ففيه نظر وعلامات لتُمكِّننا من تحديد وقت خروج المهدي أو نزول عيسى عليه السلام، لا سبيل إلا ادعاء شيء من ذلك إلا على سبيل التظنّن والتخرّض وهذا لا يجوز في دين الله.
وأنا أقول بمثل هذه المناسبة أن كثيرا ممن ينتمي إلى العلم وإلى الدعوة إلى الإسلام قد يُنكر أحاديث نزول عيسى عليه السلام وخروج المهدي عليه السلام لأنها كواقع مع الأسف الشديد كانت سببا بسبب سوء فهم الأمة لهذه الأحاديث، كانت سببا لتواكل المسلمين وتقاعسهم عن القيام بواجب العمل لإعادة الإسلام حُكْما قائما في أرض الإسلام.
والواقع أن هذه الأحاديث لا تعني هذا المعنى المنحرف ومن المؤسف أن بعض الدعاة بديل أن يقوموا بواجب نشر هذه العقيدة لثبوتها في كتب السنّة ثبوتا متواترا من جهة ومن جهة أخرى بديل أن يُفهموا الأمة المقصد الأسمى من تبشير الرسول عليه الصلاة والسلام لهذه الأمة بخروج المهدي ونزول عيسى عليه السلام بدل النشر والتبشير والتفهيم ماذا فعلوا؟ لقد أنكروا هذه الأحاديث الصحيحة وأوجدوا بلبلة بين المسلمين الذين ليس عندهم من الوعي والتوعية تُمكّنهم من تمييز الأقوال الصحيحة من الأقوال الضعيفة.
يجب على كل مسلم أن يدرس الحديث على منهج علماء الحديث وليس على منهج علماء الرأي والفلسفة العقلية المحضة، فالفلسفة لا حدود لها وكلٌّ يرى ما يناسب هواه وما يناسب ثقافته وإنما الطريق لمعرفة ما صحّ عن الرسول وما لم يصحّ إنما هو طريق علماء الحديث منذ أن كانوا على وجه الأرض إلى أن تقوم الساعة وهو الرجوع إلى أسانيد الأحاديث وإلى تراجم رواتها.
وقد تبيّن لكل عالم بالحديث أن هذه الأحاديث أحاديث نزول عيسى وخروج المهدي أحاديث صحيحة لا يجوز إنكارها وإنكارها يُعرِّض منكرها ولا شك لمفسدتين أحلاهما مرّ، إما الكفر لأنه جحد ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بالتواتر أو الفسق إذا كان لم يَقُم بواجب البحث والتحقيق وهو عالم يستطيع القيام بذلك.
هذا هو الواجب الأول أن يُثبّت هذه الأحاديث لأنها صحيحة لا شك ولا ريب فيها، الواجب الثاني أن نُفهم الأمة أن هذه الأحاديث لا تعني أن الأمة ينبغي أن تتواكل وأن تنتظر خروج المهدي ونزول عيسى بل عليها كُلُّها أن تعمل لعزّة الإسلام ولتطبيق الإسلام وحينذاك سيشعرون بأن الأمة بحاجة إلى وحدة الكلمة قبل كل شيء ثم إلى رجل يقودهم إلى العز والمجد الغابر.
هذا الرجل قد يكون المهدي عليه السلام وقد يكون رجلا مُصلحا قبل خروجه هو لأن النبي صلى الله عليه وأله وسلم قد بشّر هذه الأمة بقوله ( إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يُجدد لها دينها ) فالمجدّدون والحمد لله موجودون ومتتابعون على رأس كل مائة سنة فقد يكون المهدي على رأس المائة السنة القابلة وقد يكون بعد مائتي سنة وقد وقد لأن هذا غيب لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى لكن المسلمين عليهم أن يعملوا واجبهم ثم قد ربنا عز وجل يرسل إليهم مصلحا يجمع كلمتهم ويقيم دولتهم وما ذلك على الله بعزيز، تفضل.